هل زُوّرت معطيات إسرائيل؟ اتهام مسؤولة بالبنك الدولي بتعديل معطيات الصين

تحقيق مستقل يتهم مديرة صندوق النقد الدولي بأنها عدّلت لدى عملها بالبنك الدولي معطيات حول الصين لعدم إغضابها* صحيفة إسرائيلية تشير إلى تقدم إسرائيل حينها بـ21 مرتبة خلال عامي 2018 و2019

هل زُوّرت معطيات إسرائيل؟ اتهام مسؤولة بالبنك الدولي بتعديل معطيات الصين

غورغييفا، الاسبوع الماضي (أ.ب.)

اتهم تحقيق مستقل مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، بأنها خلال عملها السابق في البنك الدولي مارست ضغوطا على موظفين من أجل تعديل تقرير سعيا لتجنب إغضاب الصين، فيما تساءلت صحيفة إسرائيلية اليوم، الجمعة، ما إذا تم تزييف معطيات حول إسرائيل.

وبناء على نتائج التحقيق، أعلن البنك الدولي، أمس، إنه سيوقف فورا تقرير "دوينغ بيزنس" (ممارسة أنشطة الأعمال) بعدما كشف التحقيق عن مخالفات في تقريري 2018 و2020.

ورفضت غورغييفا، وهي بلغارية تولت رئاسة صندوق النقد الدولي في تشرين الأول/أكتوبر 2019، نتائج هذا التقرير. وقالت في بيان إنه "لا أتفق بشكل أساسي مع نتائج وتفسيرات ’التحقيق في مخالفات البيانات’ من حيث صلتها بدوري في تقرير ’دوينغ بيزنس’ الصادر عن البنك الدولي العام 2018".

ويمكن لتلك الاتهامات أن تضر بسمعتها، وتوفر مادة للأميركيين الذين لطالما انتقدوا المنظمات المتعددة الأطراف ومعاملتها للصين. وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان "إنها استنتاجات خطرة" مؤكدة أنها بصدد "تحليل التقرير"، وأضافت أن "مسؤوليتنا الأساسية هي الحفاظ على نزاهة المؤسسات المالية الدولية".

وذكرت صحيفة "ذي ماركر" أن إسرائيل برزت في تقريري البنك الدولي في العامين 2018 و2019، واللذين تحول فيهما التقدم في التدريج إلى "أشبه بمهمة قومية" بنظر رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو.

وأشارت الصحيفة إلى تقدم إسرائيل في التدريج بصورة كبيرة، إذ تقدمت 14 مرتبة من المرتبة 49 إلى المرتبة 35 بين 190 دولة، في العام 2019، وفي العام 2018 كانت إسرائيل في المرتبة 54. وتساءلت الصحيفة "هل تم تزوير معطيات إسرائيل؟".

وقال جاستن ساندفور من "مركز التنمية الدولية"، والذي كتب كثيرا عن المشكلات التي تعاني منها المنهجية المعتمدة في التقرير، إنه "يجب أن نسمع روايتها (غورغييفا) للأحداث، لكن الأمور لا تبدو جيدة في الوقت الحاضر".

وأضاف "الاتهامات بضلوع رئيس صندوق النقد في التلاعب ببيانات اتهامات خطرة جدا" مضيفا بأن "ذلك يبدو مثل ضربة قوية للمصداقية".

والتقرير المهم يصنف الدول بناء على قوانين الانشطة التجارية والإصلاحات الاقتصادية، وقد تسبب بتنافس بين حكومات على مراتب أعلى لجذب المستثمرين.

وبحسب التحقيق، فإن بكين اشتكت من تصنيفها في المرتبة 78 على قائمة العام 2017، وتقرير العام التالي كان يفترض أن يظهر بكين في مرتبة أدنى.

وكان فريق البنك الدولي، ومقره واشنطن، يحضر تقرير العام 2018 فيما كانت قيادته منخرطة في مفاوضات حساسة لزيادة رأس مال الإقراض، الأمر الذي كان يتوقف على اتفاق مع الصين والولايات المتحدة.

في الأسابيع الأخيرة قبل صدور التقرير، أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2017، طلب مدير البنك الدولي آنذاك جيم كيم، وغورغييفا التي كانت الرئيسة التنفيذية للبنك، من موظفين النظر في تحديث المنهجية فيما يتعلق بالصين، بحسب التقرير الذي أجرته مؤسسة ويلمر هيل القانونية.

وناقش كيم التصنيف مع مسؤولين صينيين كبار أبدوا استياء إزاء تصنيف بلدهم، وأثار مساعدوه سبل تحسينه، بحسب ملخص للتحقيق نشره البنك الدولي.

ومن أبرز إنجازات كيم توصله لاتفاق لزيادة موارد البنك الدولي بمقدار 13 مليار دولار. وتطلبت الصفقة دعما من الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، الذي عارض تقديم إقراض ميسر للصين، ومن بكين التي وافقت على دفع المزيد للحصول على قروض.

ووسط ضغوط من الإدارة العليا، عدّل موظفو البنك بعضا من البيانات التي رفعت تصنيف الصين في 2018 سبع مراتب وصولا إلى المرتبة 78، أي نفس المرتبة التي كانت تحتلها العام السابق، وفق التحقيق الذي حلل 80 ألف وثيقة وأجرى مقابلات مع أكثر من 30 موظفا حاليا وسابقا في البنك.

وحسب التحقيق، وبّخت غورغييفا مسؤولا رفيعا المستوى في البنك الدولي "لإساءته إدارة علاقة البنك مع الصين والإخفاق في تقدير أهمية التقرير ’دوينغ بيزنس’ للبلد". وبعد إجراء التعديلات شكرته "لقيامه بدوره في سبيل التعددية".

واستقال بول رومر، الحائز جائزة نوبل وكان كبير خبراء الاقتصاد في البنك الدولي آنذاك، في كانون الثاني/يناير 2018، بعدما أبلغ صحافيا بأن المنهجية المعتمدة في التصنيف تم تعديلها بشكل قد يعطي الانطباع بأن اعتبارات سياسية أثرت على النتائج، وخصوصا بالنسبة لتشيلي. في ذلك الوقت نفى البنك الدولي بشدة أي تأثيرات سياسية على التصنيف.

وقال رومر لوكالة فرانس برس، أمس، إنه وأثناء عمله في البنك الدولي، لم يكن مدركا بأن غورغييفا كانت تضغط على موظفين من أجل الصين، رغم أن "شكوكا" ساورته كما قال. وبالنسبة للتصنيفات، قال إنه عندما طرح تلك التساؤلات "دبرت كريستالينا وسيلة للتغطية على ذلك، للتستر".

وأضاف رومر "كان مدرائي أشخاص يفتقرون للنزاهة، كان أمرا لا يُحتمل" مضيفا إن "نوع الترهيب الذي يصفه هذا التقرير كان حقيقيا".

ووجد التحقيق "تغييرات غير سليمة" في تقرير 2020 أثرت على تصنيف السعودية والإمارات وأذربيجان.

وأشادت رئيسة مكتب أوكسفام انترناشونال في واشنطن ناديا دار، بقرار وقف التقرير معتبرة أن المؤشر "يشجع حكومات على اعتماد سياسات مدمرة من شأنها أن تفاقم انعدام المساواة".

التعليقات