السودان: الجيش يحل مجلسي السيادة والوزراء ويعلن حالة الطوارئ

خرجت مواكب في جميع أنحاء السودان، رفضا للانقلاب العسكري الذي بدأ صباح اليوم، الإثنين، مع قيام قوات من الجيش باعتقال معظم وزراء الحكومة، وبعض أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني، وصولاً إلى اعتقال رئيس الحكومة وأسرته.

السودان: الجيش يحل مجلسي السيادة والوزراء ويعلن حالة الطوارئ

تظاهرات في الخرطوم رفضا للانقلاب العسكري (أ ف ب)

أعلن القائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، اليوم، الإثنين، حالة الطوارئ العامة في جميع أنحاء البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء وإعفاء الولاة وتعليق العمل بمواد في الوثيقة الدستورية، وذلك في أعقاب اعتقال معظم وزراء الحكومة، وبعض أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني، وصولاً إلى اعتقال رئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، بعد ساعات من فرض الإقامة الجبرية عليه في منزله.

واعتبرت وزارة الإعلام السودانية عبر صفحتها على "فيسبوك"، أن إعلان البرهان يمثل "استيلاءً على السلطة بانقلاب عسكري، وحل مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء، وولاة الولايات ولجنة تفكيك التمكين"، مؤكدة أن البرهان "جمد عمل اللجنة المستقلة في مجزرة فض اعتصام القيادة".

وبعد أن أشار إلى "انقسامات تنذر بخطر وشيك يهدد أمن الوطن"، قال البرهان إن "القوات المسلحة ستتولى إكمال المرحلة الانتقالية" إلى حين تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة. وأضاف أنه سيتم تشكيل "حكومة كفاءات" تحل محل حكومة حمدوك.

وشدد البرهان على "التزام" بلاده بـ"الاتفاقات الدولية الموقعة"، بعد أن أعلن حالة الطوارئ في البلاد وحلّ مجلسي السيادة والوزراء، وهما المؤسستان المؤلفتان من عسكريين ومدنيين واللتان كانتا تتقاسمان السلطة خلال المرحلة الانتقالية في البلاد.

وأضاف البرهان لذي كان يتولى رئاسة مجلس السيادة قبل الإعلان عن حله، أنه سيتم تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تحكم البلاد حتى موعد إجراء الانتخابات في تموز/ يوليو 2023.

البرهان خلال إلقاء بيانه (تصوير شاشة)

وتابع أن "التحريض على الفوضى من قوى سياسية دفعنا للقيام بما يحفظ السودان، ما تمر به البلاد أصبح يشكل خطرا حقيقيا". واعتبر أن "الانقسامات شكلت إنذار خطر يهدد السودان".

وادعى أن "المرحلة الانتقالية ستتواصل وصولا إلى حكومة منتخبة، وأن القوات المسلحة ماضية قدما بالتحول الديمقراطي".

تظاهرات رفضا للانقلاب العسكري في السودان ودعوات للعصيان المدني

وخرجت مواكب في جميع أنحاء السودان، رفضا للانقلاب العسكري الذي بدأ صباح اليوم، فيما دعت هيئات وأحزاب سودانية، إلى العصيان المدني والخروج إلى الشوارع، رفضا لما وصفوه بـ"الانقلاب العسكري" والاعتقالات التي طاولت قيادات سياسية وتنفيذية بالبلاد.

وأصيب عدد من المتظاهرين السودانيين، إثر استهدافهم بإطلاق النار من قبل "قوى عسكرية" في محيط مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم، وفق وسائل إعلام محلية؛ وأفادت التقارير بأن قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية، أطلقت الرصاص تجاه متظاهرين أمام مقر القيادة، فيما تمكن المتظاهرون من اقتحام الحواجز المحيطة.

ووجهت نقابة الأطباء السودانيين "نداء للأطباء والكوادر الطبية التوجه للمستشفيات والطوارئ لعلاج المصابين والحالات الطارئة". وطلبت النقابة على حسابها على "تويتر" التوجه خصوصا إلى "المستشفيات القريبة من القيادة العامة لعلاج الإصابات وسط الثوار".

وأوضحت وزارة الإعلام السودانية على صفحتها على "فيسبوك" أن "قوات عسكرية أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين الرافضين للانقلاب العسكري أمام القيادة العامة للجيش وأوقعت عددا من المصابين".

ودعا مكتب رئيس الوزراء السوداني، حمدوك، الذي اعتقل فجر الإثنين مع زوجته وتم اقتيادهما إلى مكان مجهول، الشعب إلى التظاهر "لاستعادة ثورته".

وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان "تمّ اختطاف رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك وزوجته فجر اليوم الإثنين... من مقر إقامتهما بالخرطوم، وتم اقتيادهما لجهة غير معلومة من قبل قوة عسكرية"، محمّلا "القيادات العسكرية في الدولة المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة رئيس الوزراء وأسرته".

وفي وقت سابق، طلب حمدوك، في رسالة من مقر إقامته الجبرية، من السودانيين، التمسك بالسلمية واحتلال الشوارع للدفاع عن ثورتهم.

وتشهد الخرطوم، منذ ساعات الصباح، تحركات عسكرية للانقلاب على الحكومة الانتقالية، وسلسلة اعتقالات طاولت وزراء في الحكومة الانتقالية وقيادات من قوى "إعلان الحرية والتغيير"، فضلا عن فرض الإقامة الجبرية على حمدوك وتشديد الحراسة عليه.

وأكدت مصادر حكومية أن قوة من الجيش السوداني اعتقلت حمدوك، ونقلته إلى جهة مجهولة، "بعد رفضه تأييد الانقلاب"، بحسب ما أفادت وزارة الثقافة والإعلام السودانية عبر صفحتها على "فيسبوك".

واقتحمت قوات عسكرية سودانية مشتركة، مقر الإذاعة والتلفزيون الرسمي في أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، واحتجزت عددًا من العاملين فيه، بحسب وزارة الثقافة والإعلام السودانية.

وقطع رجال بزي عسكري الطرق التي تربط وسط العاصمة السودانية بكل من خرطوم بحري وأم درمان، المدينتين المحاذيتين للعاصمة.

يأتي ذلك فيما أعربت واشنطن والاتحاد الأوروبي، عن "قلق عميق" إزاء التقارير التي تتحدث عن استيلاء المكون العسكري في المجلس السيادي، على الحكومة الانتقالية، داعية لإعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح.

بدورها، دعت منظمات مدنية وأحزاب سياسية، من بينها "تجمع المهنيين السودانيين" وأحزاب "المؤتمر" و"الأمة القومي" و"الشيوعي"، المواطنين، للعصيان المدني والخروج للشوارع بعد اعتقال حمدوك ووزراء وسياسيين.

وقال "تجمع المهنيين السودانيين"، في تغريدة عبر "تويتر"، إن "جماهير الشعب السوداني ترفض وتقاوم الانقلاب العسكري". وأضاف: "ثائرات وثوار بري وشرق النيل داخل محيط القيادة العامة عنوةً واقتدار".

وكانت صفحة وزارة الثقافة والإعلام السودانية قد ذكرت، في وقت سابق، أن القوات العسكرية المشتركة التي تحتجز حمدوك داخل منزله، تمارس عليه ضغوطات لإصدار بيان مؤيد للانقلاب.

وفي ساعات الصباح، حاصرت قوة عسكرية سودانية مجهولة، منزل حمدوك، في حين ألقت قوة أخرى القبض على أربعة وزراء في الحكومة وعضو مدني في مجلس السيادة الحاكم، وسط حديث عن انقلاب عسكري في السودان.

وطاولت الاعتقالات كل من وزير الصناعة، إبراهيم الشيخ، ووالي الخرطوم، أيمن نمر، ووزير الإعلام حمزة بلول، ووزير الاتصالات، هاشم حسب الرسول، ورئيس حزب البعث العربي الاشتراكي، علي الريح السنهوري، والمستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السوداني، فيصل محمد صالح.

وقطعت شبكة الإنترنت في السودان، كما تأثرت الاتصالات في بعض المناطق بالعاصمة الخرطوم، وقام محتجون بالخروج إلى الشوارع حاملين علم البلاد وحرقوا إطارات مطاطية احتجاجا على الاعتقالات والتحركات العسكرية؛ فيما تشهد العاصمة السودانية انتشارا أمنيا مكثفا لعناصر الجيش وقوات الدعم السريع، إضافة إلى إغلاق الجسور والطرق في أنحاء المدينة.

وأشارت تقارير صحافية إلى أن الهواتف المحمولة أصبحت تستقبل الاتصالات فقط ولا يمكن إجراء أي مكالمات من خلالها. وبدأ التلفزيون الرسمي السوداني، في بث أغان وطنية، من دون أي تغطية لما يجري في البلاد.

ودعا حزب "المؤتمر" السوداني "جماهير الشعب السوداني قاطبة وفي كافة ربوع السودان للخروج إلى الشوارع فورًا، مهيبًا بقوى الثورة جميعًا ولجان المقاومة في كافة أحياء وقرى وأرياف ومحليات ومدن السودان، للاصطفاف صفًا واحدًا منيعًا، ومقاومة هذا الانقلاب العسكري كيفما تسربل وتحت أي مسمّى كان، أو من الذي يقف خلفه".

وأعلنت نقابة أطباء السودان، الإضراب السياسي العام في كل مستشفيات السودان ما عدا الحالات الطارئة، والانسحاب من كلّ المستشفيات العسكرية.

وقالت في منشور على "فيسبوك": "ها نحن نعايش انقلاب المكون العسكري على السلطة المدنية، ولذلك نحن في المكتب الموحد للأطباء نطالب كل القطاعات المهنية ولجان المقاومة بالتصعيد الثوري والخروج إلى الشارع، وإعلان الإضراب السياسي العام والعصيان المدني".

وقال تجمع المهنيين السودانيين إن هناك أنباء عن تحرك عسكري يهدف "للاستيلاء على السلطة"، ودعا جماهير الشعب السوداني للاستعداد لمقاومة أي انقلاب عسكري.

ووجه تجمع المهنيين في البيان الذي نشر على صفحة التجمع على "فيسبوك" نداء "لجماهير الشعب السوداني وقواه الثورية ولجان المقاومة في الأحياء بكل المدن والقرى والفرقان، للخروج للشوارع واحتلالها تماما، والتجهيز لمقاومة أي انقلاب عسكري بغض النظر عن القوى التي تقف خلفه".

وأضاف التجمع في بيان "نتوجه بندائنا لجماهير الشعب السوداني وقواه الثورية ولجان المقاومة في الأحياء بكل المدن والقرى والفرقان، للخروج للشوارع واحتلالها تماما، والتجهيز لمقاومة أي انقلاب عسكري بغض النظر عن القوى التي تقف خلفه".

"قلق" دولي حيال التطورات في السودان

وتعليقا على الأحداث في السودان، أعرب الاتحاد الأوروبي، عن "قلقه البالغ" إزاء التطورات، داعيا لإعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح.

وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في تغريدة على "تويتر": "نتابع بقلق بالغ الأحداث الجارية في السودان".

وأضاف: "الاتحاد الأوروبي يدعو جميع المعنيين والشركاء الإقليميين لإعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح".

من جانبها، أعربت الولايات المتحدة، عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن "استيلاء عسكري" على الحكومة الانتقالية للسودان، قائلة إن هذا "مخالف للإعلان الدستوري"، بحسب ما نقل مكتب الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية الأميركية عن المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الإفريقي، جيفري فيلتمان.

وقال فيلتمان إن "الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث عن استيلاء عسكري على الحكومة الانتقالية". وأضاف: "هذا مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني وغير مقبول بتاتا".

وهددت واشنطت بقطع مساعداتها عن السودان في حال الإقدام على أي "تغييرات على الحكومة الانتقالية بالقوة".

وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، إنه "قلق جداً بشأن التقارير حول انقلاب جارٍ ومحاولات لتقويض عملية الانتقال السياسي في السودان".

واعتبر أن "الاعتقالات التي طالت بحسب ما أفيد رئيس الوزراء والمسؤولين الحكوميين والسياسيين غير مقبولة"، داعيا الى "الإفراج الفوري" عنهم. كما "حث جميع الأطراف على العودة فورًا إلى الحوار والمشاركة بحسن نية لاستعادة النظام الدستوري".

الجامعة العربية تدعو للتقيد باتفاقات الفترة الانتقالية

من جانبها، أعربت الجامعة العربية، في بيان، عن "بالغ قلقها" إزاء تطورات الأوضاع في السودان، داعية جميع الأطراف إلى الالتزام باتفاقات الفترة الانتقالية في البلاد.

وأفاد البيان بأن "الجامعة العربية تعرب عن بالغ القلق إزاء تطورات الأوضاع في السودان، وتطالب جميع الأطراف السودانية بالتقيد الكامل بالوثيقة الدستورية التي تم توقيعها في آب/ أغسطس 2019، واتفاق جوبا للسلام لعام 2020".

وقال الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، وفق البيان: "من المهم احترام جميع المقررات والاتفاقات التي تم التوافق عليها بشأن الفترة الانتقالية، وصولاً إلى إجراء الانتخابات". ودعا أبو الغيط إلى ضرورة "الامتناع عن أية إجراءات من شأنها تعطيل الفترة الانتقالية أو هز الاستقرار في السودان"، حسب البيان ذاته.

التعليقات