فرنسا تشن أول غاراتها في سوريا

لكن عددا من الخبراء يشككون في فعالية الغارات الفرنسية، ويرون فيها بعدا سياسيا يتوجه إلى الرأي العام الفرنسي، ووسيلة لاستعادة المكانة في اللعبة الدبلوماسية، عشية الجمعية العامة الـ70 للأمم المتحدة، التي تنطلق الإثنين في نيويورك.

فرنسا تشن أول غاراتها في سوريا

مقاتلات رافال الفرنسية

شنت فرنسا، الأحد، أولى "ضرباتها الجوية" على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في سوريا باسم "الدفاع المشروع عن النفس"، وبعد أسبوعين من عمليات التحليق الاستطلاعية فوق الأراضي السورية.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان أن فرنسا "شنت ضربات في سوريا"، وأضافت أن هذه العملية "جرت على أساس معلومات جمعت خلال العمليات الجوية التي بدأت قبل أكثر من أسبوعين".

ولم يوضح البيان هدف أو موقع هذه الضربات الجوية، الأولى لفرنسا في سوريا.

اقرأ أيضًا | فرنسا تتراجع عن إصرارها على رحيل الأسد

وأضافت أن الضربات "جرت في إطار احترام استقلالية تحركنا بالتنسيق مع شركائنا في المنطقة" وتؤكد التصميم على "مكافحة التهديد الإرهابي الذي تمثله داعش" أو تنظيم الدولة الإسلامية.

وأكدت الرئاسة الفرنسية "سنضرب كلما بدا أمننا القومي مهددا".

وصرح رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، أن الغارات الفرنسية الأولى نفذت باسم "الدفاع المشروع عن النفس" واستهدفت "مخابئ لداعش يتم فيها تدريب العناصر الذين يكنون العداء لفرنسا".

وكانت فرنسا امتنعت، حتى الآن، عن التدخل عسكريا في سوريا خوفا من أن يخدم ذلك مصلحة الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تطالب باريس برحيله وتعتبر أنه المسؤول الرئيسي عن الحرب في بلده.

لكن "المعطيات تغيرت، ولم يعد بوسعنا أن نسمح بأن تبقى سوريا، معقل داعش الرئيس، بقعة محجوبة في سياستنا في المشرق"، على ما أكد وزير الدفاع الفرنسي، جان ايف لودريان، في منتصف أيلول/سبتمبر لتبرير هذا التغيير الاستراتيجي في الموقف.

وبدأت باريس في الثامن من أيلول/سبتمبر طلعات استكشافية فوق سوريا. وتشارك فرنسا منذ عام في حملة جوية للعراق المجاور حيث شنّت 215 ضربة دمر خلالها 344 هدفًا حسب رئاسة الأركان، ووسعت عملياتها على الأرض السورية.

وقالت فرنسا، التي استبعدت أي عملية تدخل بري، إن هذه الضربات في سوريا هدفها منع أعمال إرهابية في أوروبا ومبررة بالدفاع عن النفس. وستستهدف بشكل محدد مراكز للقيادة ومعسكرات تدريب والوسائل اللوجستية للجماعة الجهادية.

وكان الإعلان عن الطلعات الأولى فوق الأراضي السورية، جرى في أوج أزمة المهاجرين السوريين في أوروبا، بينما يؤكد عدد من المسؤولين السياسيين أن عمليات القصف ضد تنظيم الدولة الاسلامية قد تساعد في وقف تدفق اللاجئين.

فمنذ عام وحتى 22 أيلول/سبتمبر، نفذ التحالف الدولي بقيادة أميركية حوالي 7000 ضربة (4444 في العراق و2558 في سوريا) بحسب أرقام القيادة الأميركية، ونفذ سلاح الجو الأميركي أكثر من 80% من هذه الضربات.

حتى الآن، ما زالت الحملة الجوية للتحالف بعيدة عن تحقيق النتائج المرجوة، ففي العراق لم تتمكن القوات الحكومية، بعدُ، من استعادة أي مدينة مهمة. وفي سوريا، ولو تم احتواء التنظيم الجهادي في المنطقة الكردية على طول الحدود الكردية، سيطر الجهاديون على مدينة تدمر في أيار/مايو وتقدموا مؤخرا في منطقة حلب، وباتوا يشكلون خطرا على طرق التموين مع تركيا، التي تعتمدها مجموعات معارضة أخرى. ويبدو أن مخططا أميركيًا آخر لدعم وتدريب عشرات المعارضين السوريين قد يبوء بالفشل.

دبلوماسيا، بعد أربع سنوات على بدء النزاع الدامي الذي قتل حوالي 24 ألف شخص ما زالت الطريق مسدودة. فبين التردد الغربي والدعم التركي والسعودي والقطري لجماعات معارضة سنية في مواجهة نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، بالرغم من إنهاكه البارز، يحظى النظام أكثر من أي وقت مضى بدعم إيران وروسيا، على الأخص، التي يتصاعد نفوذها في الساحة السورية.

وعززت موسكو مؤخرًا قدراتها العسكرية، لا سيما الجوية، في منطقة اللاذقية غرب سوريا. ويستعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لإعلان خطة واسعة لسوريا، تشمل تشكيل تحالف موسع مهمته الرسمية مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، وسيؤدي إلى إعادة الرئيس السوري إلى اللعبة، حيث أنه منبوذ حاليا من المجتمع الدولي بسبب العنف الفظيع الذي تعرض له شعبه.

والأحد، رأت الرئاسة الفرنسية، التي رفضت سابقا أي تسوية مع الأسد، أنه "يجب إيجاد رد شامل على الفوضى السورية"، فيما يرى كثيرون في الغارات الفرنسية في سوريا اصطفافا، لا بل حتى تغييرا واضحا في موقف فرنسا لصالح دمشق.

وتابعت الرئاسة "يجب حماية المدنيين من كل أشكال العنف، عنف داعش والمجموعات الإرهابية وكذلك عمليات القصف القاتلة التي يشنها بشار الأسد".

وأكدت أن "انتقالا سياسيا يبدو ملحا اليوم أكثر من أي وقت مضى"، مشيرة إلى أن تنفيذ هذا الانتقال سيشرك "عناصر من النظام والمعارضة المعتدلة" وفرنسا "ملتزمة به" مع كل الأطراف المشاركة دعما للموفد الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا.

لكن عددا من الخبراء يشككون في فعالية الغارات الفرنسية، ويرون فيها بعدا سياسيا يتوجه إلى الرأي العام الفرنسي، ووسيلة لاستعادة المكانة في اللعبة الدبلوماسية، عشية الجمعية العامة الـ70 للأمم المتحدة، التي تنطلق الإثنين في نيويورك.

ووصل الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، إلى نيويورك، الأحد، ومن المقرر أن يلقي وغيره من رؤساء الدول كلمة أثناء الجمعية، تتطرق إلى الأزمة السورية، حيث يترقب الجميع كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

التعليقات