العاصفة الثلجية في لبنان تفاقم أزمة لاجئي سوريا

العاصفة الثلجية التي قدمت لبلاد الشام صبيحة اليوم، جلبت معها الشقاء والمعاناة الكبيرين للاجئين السورييين المتواجدين على الأراضي اللبنانية، إذ خلفت قسمًا لا بأس به منهم دون خيم، بعد اقتلاع العاصفة لها، ملتفحين العراء دون أي دعم جاد يذكر

العاصفة الثلجية في لبنان تفاقم أزمة لاجئي سوريا

المشهدُ السوريّ الدّامي منذ أكثرَ من أربع سنوات، يأبى التوّقّف عن تصدير المفارقات الصّارخة حدَّ الإيلام، فها هي العاصفة الثّلجيّةُ التي قَدِمَت بلادَ الشّام، تصنعُ هي الأخرى مفارقةً بفضلِ المشهدِ السّوريِّ السورياليِّ، فبدلاً من أن تكونَ خيرًا على المواطنينَ ونعمةً للسكّان، ها هي تشكّلُ عبئًا ومعاناة لأكثرَ من نصفِ الللاجئينَ السوّريينَ الموزّعينَ في العالم، والمتواجدينَ على الأراضي اللبنانيَّةِ، حيثُ يقطنُ بالخيام التي نصبتها وكالاتُ الغوث المختلفة، وعلى رأسها الأمم المتّحدة، أكثرَ من مليون وثلاثمائة ألف لاجئ سوريّ، يذوقون مرارةَ الحياة بشكلٍ روتينيٍّ يوميٍّ، إلاَّ أنَّ مثل هذه العاصفة تكسرُ الموازينَ إلى أبعد الحدود.

لم تكن التّجمّعاتُ السّكنيّة لللاجئين السّوريّينَ المقيمينَ على الأراضي اللبنانيّة، مهيّئة لطقسٍ ماطرٍ عاديٍّ، فكيف حين تقدمُ عاصفة ثلجيَّةٌ تقلعُ الخيامَ وتجعلُ اللاجئينَ يلتحفونَ العراءَ اللامتناهي من بردٍ وعدمٍ، يهربُ منه الحيوانُ، فكيفَ الإنسان.

أزمة اللاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي السورية فاقمت إلى حدٍّ كبير الأوضاعَ الاقتصاديّة والاجتماعيّة داخلَ الدولة اللبنانيّة، التي أثقلها عبء اللاجئينَ، الذينَ تشكِّلُ نسبتهم من مجمل السّكّان اللبنانيّينَ، الرّبعَ، ما يجعلُ هذا المعطى أعلى نسبةً في اللاجئينَ بالعالم قاطبة، مقارنة بعدد سكّان الدولة المُحْتَضِنَة.

أدّت العاصفةُ إلى قطعِ طرقٍ رئيسيَّةٍ كاملةٍ، ما جَعَل من مئاتِ الآلافِ من اللاجئينَ، منقطعينَ بشكلٍ شبه تامٍّ عن العالم.

هذا المشهدُ السورياليُّ الخانق، يستحضرُ تلقائيًّا بيت الشعر التالي:

'وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتِكَ، فكِّر بغيرِكَ

لا تنس شعبَ الخيامْ

وأنتَ تنامُ وتحصي الكواكب، فكِر بغيرك

ثمَّةَ من لم يجدْ حيِّزًا للمكان'

الأزمةُ تحتدمُ، والحيِّزُ يضيقُ، على أمل أن يجلب عام 2016 في طيّاته بشرى للمشرّدين السّوريين، من رحم المأساة.

التعليقات