سورية: النصرة وداعش تحشدان قواتهما بانهيار وقف إطلاق النار

يعمل جبهة النّصرة وداعش في سورية، ومقاتلو تنظيم القاعدة على حشد قوّاتها من جديد، لشنّ حرب شاملة على الرّئيس بشّار الأسد، بالاستفادة من انهيار محادثات التّسوية السّياسيّة خلافًا للمعارضة الوطنيّة المنافسة التي وافقت على هدنة متعثّرة.

سورية: النصرة وداعش تحشدان قواتهما بانهيار وقف إطلاق النار

يعمل جبهة النّصرة وداعش في سورية، ومقاتلو تنظيم القاعدة على حشد قوّاتها من جديد، لشنّ حرب شاملة على الرّئيس بشّار الأسد، بالاستفادة من انهيار محادثات التّسوية السّياسيّة خلافًا للمعارضة الوطنيّة المنافسة التي وافقت على هدنة متعثّرة.

ولم تشارك 'جبهة النّصرة'، ذراع تنظيم القاعدة في سورية، في وقف إطلاق النّار الذي أصبح ساري المفعول في شباط/فبراير وفي محادثات التّسوية السّياسيّة التي تبعته. وانهارت المحادثات الشّهر الماضي، وتبادلت الحكومة السّوريّة وخصومها الاتّهامات بالمسؤوليّة عن التّصعيد العسكريّ.

فبعد أن كان نشاط 'جبهة النّصرة' محدودًا في الأيّام الأولى من تطبيق الهدنة قال قادة فيها ومعارضون آخرون، إنّ الجبهة عاودت الظّهور في ساحات المعارك مع انهيار المساعي الدّبلوماسيّة وقادت هجمات في الآونة الأخيرة على ميليشيات إيرانيّة مؤيّدة للحكومة، قرب حلب.

وفي أحدث مظاهر هذا التّطوّر أحيت الجبهة وجماعات أخرى 'جيش الفتح' الذي يمثّل تحالفًا عسكريًّا لجماعات إسلاميّة متباينة حقّقت انتصارات كبيرة على القوّات الحكوميّة في العام الماضي.

ومن المحتمل أن تؤدّي عودة 'جبهة النّصرة' للظهور إلى إضعاف جماعات المعارضة التي يدعمها الغرب والتي وافقت على اتّفاق الهدنة وشاركت في مباحثات السّلام بما يقنع الحكومة السّوريّة وحلفاءها من الرّوس والإيرانيّين بالمضيّ في الحرب التي وجّهوا فيها ضرباتهم للمعارضة بكلّ أطيافها.

وقال أحد قادة 'جبهة النّصرة' واسمه أبو شيماء، من محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، عن إحياء التّحالف الإسلاميّ المعارض 'عاد جيش الفتح لكنّه عاد قويًّا هذه المرّة، وهدفنا هو الانتشار على الجبهات الرّئيسيّة في سورية.'

وأضاف زاهر أبو حسّان، مسؤول العلاقات العامّة في هيئة الفتح الإعلاميّة المرتبطة بجيش الفتح في إدلب 'نسأل الله أن تعود الانتصارات بعودة جيش الفتح.'

وما زالت المعارضة الإسلاميّة تواجه تحدّي التّغلّب على منافسيها.

وقال مصدر كبير في المعارضة إنّه رغم عودة جيش الفتح في إحدى المناطق فما زالت المحادثات تجري لإعادة إطلاق التّحالف على نطاق أوسع.

وأضاف 'في خان طومان وجبهة الرّيف نعم ضمن هذه الجبهة صار في غرفة عمليّات لكن الطموح (تكرارها) على كلّ الجبهات المشتعلة.'

حملة تجنيد

يشارك في الانتفاضة على حكم الأسد مجموعة متباينة من الجماعات المتّصلة بتنظيم القاعدة أو التي تستلهم فكر التّنظيم والجماعات ذات الأهداف الوطنيّة التي تحارب تحت راية الجيش السّوريّ الحرّ. وقد حصلت بعض هذه الجماعات على مساعدات عسكريّة من الولايات المتّحدة وتركيا والسّعوديّة.

أمّا تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) الذي خرج من عباءة تنظيم القاعدة، فيحارب جماعات المعارضة الأخرى والحكومة السّوريّة في إطار دفاعه عن دولة الخلافة التي أعلنها في سورية والعراق.

وقد فقد تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) مساحات من الأراضي الخاضعة لسيطرته في الشّهور الأخيرة، لكنّه ما زال يسيطر على جانب كبير من شرق سورية وشمالها.

وفي العام الماضي نحَّت الفصائل الإسلاميّة، التي تشكّل 'جيش الفتح'، خلافاتها جانبًا، لإخراج قوّات الحكومة السّوريّة من محافظة إدلب قبل اختراق مناطق قرب الجبال السّاحليّة التي تشكّل قلب الطّائفة العلويّة التي ينتمي إليها الأسد.

وساهم هذا التّطوّر في تحفيز روسيا على اتّخاذ قرار إرسال قوّة جويّة لقصف الأهداف لحساب الأسد، الأمر الذي أدّى إلى قلب ميزان القوى لصالحه، بمساعدة تعزيزات إيرانيّة على الأرض.

وروت مصادر المعارضة روايات مختلفة للمدى الذي ذهبت إليه جماعات 'جيش الفتح' في إحياء تحالفها وبصفة خاصّة مدى مشاركة 'جماعة أحرار الشّام' القويّة التي يعتقد على نطاق واسع أن تركيا تدعمها في التّحالف.

وكانت 'أحرار الشّام' من العناصر المهمّة في التّحالف العام الماضي، وأيّدت المسار السّياسيّ لكنّها نأت بنفسها شيئًا فشيئًا عن المساعي الدّبلوماسيّة التي تقودها الأمم المتّحدة، والتي فشلت في ضمان وقف الضّربات الجويّة بالكامل أو إتاحة مساعدات الإغاثة الكافية أو إطلاق سراح المعتقلين.

وقد وحّدت 'أحرار الشّام' و 'جبهة النّصرة' اللّتان تتمتّعان بوجود قويّ في شمال غرب سورية صفوفهما في هجوم أسفر عن السّيطرة على مدينة علويّة كانت تخضع لسيطرة الحكومة في محافظة حماة في 13 أيار/مايو رغم أن ذلك لم يتمّ تحت راية 'جيش الفتح'.

ونسب الفضل صراحة في انتزاع السّيطرة على بلدة خان طومان، جنوبيّ حلب في السّادس من أيّار/مايو من أيدي فصائل إسلاميّة مؤيّدة للحكومة، من بينها قوّات إيرانيّة إلى 'جيش الفتح' وقال معارضون إنّ من القوى الرّئيسيّة في تلك العمليّة 'جبهة النّصرة' وجماعة أخرى اسمها جند الأقصى.

وقالت مصادر المعارضة إنّ 'جبهة النّصرة' وحلفاءها نشروا قوّاتهم جنوبيّ حلب من محافظة إدلب المجاورة التي تعدّ أحد معاقلهم، وذلك للحيلولة دون تقدّم القوّات الحكوميّة التي هدّدت بتقسيم المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى شطرين.

من ناحية أخرى أطلق الدّاعية الإسلاميّ المتشدّد عبد الله المحيسني سعوديّ الجنسيّة، حملة تجنيد جديدة في إدلب. وفي أحد التّجمّعات الجماهيريّة التي نشر مقطع منها على يوتيوب دعا كلّ الذّكور فوق سن  عامًا 15 إلى المشاركة في القتال.

وقال أحد سكّان المنطقة التي عقد فيها هذا اللقاء الجماهيريّ إنّ 300 شابّ تطوّعوا للقتال في ذلك اليوم وسيتمّ توجيههم إلى فصائل 'جيش الفتح'.

كما تدخّل أيمن الظواهريّ، زعيم تنظيم القاعدة، برسالة صوتيّة انتقد فيها العمليّة السّياسيّة وحثّ الإسلامويّين على توحيد صفوفهم. وفسّر البعض تصريحاته بأنّها توجيه للجماعة لتركيز اهتمامها بدرجة أكبر على سورية.

'مؤشّر خطير'

وتقول جماعات 'الجيش السّوريّ الحرّ' التي لعبت دورًا بارزًا في العمليّة السّياسيّة التي أطلقت بمباركة من الولايات المتّحدة وروسيا، هذا العام، إنّها ما زالت لها اليد العليا على 'جبهة النّصرة' في مناطق مهمّة من أبرزها مدينة حلب نفسها ومناطق في جنوب سورية، قرب الحدود مع الأردن.

وتحارب فصائل 'الجيش السّوريّ الحرّ' تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) على الحدود التّركيّة في الأسابيع الأخيرة، وقال رئيس المكتب السّياسيّ لتجمّع 'فاستقم'، زكريا ملاحفجي، إنّ هذه الفصائل صدّت في الوقت نفسه ثلاث هجمات من جانب القوّات الحكوميّة إلى الشّمال من حلب مباشرة.

وتقول الفصائل إنّها لن تعود إلى محادثات التّسوية السّياسيّة حتّى يتحسّن الوضع على الأرض. وممّا يعكس ضعف احتمالات نجاح المساعي الدّبلوماسيّة أنّه لم يتحدّد موعد للمحادثات في اجتماع دوليّ عقد يوم الثّلاثاء.

وقال قائد آخر في 'الجيش السّوريّ الحرّ' إنّ الدّور البارز الذي لعبته 'جبهة النّصرة' في المعارك الأخيرة 'مؤشّر خطير' لمسار الحرب إذا فشلت الدّبلوماسيّة بالكامل.

وقال القائد الذي طلب عدم الكشف عن هويّته، إنّ 'جبهة النّصرة' استغلّت الظّروف في إظهار مدى قيمتها للانتفاضة وكذلك فشل الدّبلوماسيّة.

وأضاف 'يدور حديث على إعادة هيكلة جيش الفتح، خاصّة بعد الانتصار الذي حقّقوه في خان طومان لأنّ غياب أفق الحلّ السّياسيّ والمساعدات وأيّ شيء مريح للناس سوف يراجع نسبة فرص تشكيل جيش الفتح والتّحالف مع جبهة النّصرة.'

وقال المحلّل الكبير لدى مجموعة الأزمات الدّوليّة، نواه بونزي، إنّ عودة 'جيش الفتح' مؤشّر على المناخ السّياسيّ في المعارضة وإدراكها أنّ وقف القتال ليس قابلًا للاستمرار.

وأضاف أنّ استئناف القتال في صالح 'جبهة النّصرة' وقال إنّه 'يمنحهم مصداقيّة في حين أن وقف القتال يقلّص من مصداقيّتهم، فيما يبدو ويسلّط الضّوء على خلافات حقيقيّة بين النّصرة وبقية المعارضة.'

اقرأ/ي أيضًا | سورية: المعارضة تقتل 19 وتحتجر العشرات بقرية علوية

وقال إنّ قطاعًا كبيرًا من المعارضة يعتقد 'أنّ النّظام والميليشيات التي تدعمها إيران استطاعا الاستفادة منها وأنّها بحاجة للانضمام إلى النّصرة في إعادة تأكيد الضّغط الهجوميّ'.

التعليقات