تقرير: خبراء عسكريون روس يتحدثون عن الهجوم الأميركي في سورية

ترامب بحاجة إلى القيام بخطوات في السياسة الخارجية من شأنها أن تجلب له الاحترام في الداخل. وبهذه الخطوة كأنه لم يفعل شيئا. هذا لم يكن قراره.

تقرير: خبراء عسكريون روس يتحدثون عن الهجوم الأميركي في سورية

* منظومة الدفاع الجوي الروسية في سورية تحمي فقط المنشآت الروسية

* تم سحب القوات مسبقا ونقل المعدات من القاعدة. وهذا ليس دليلاً على قوة موقفنا، طعمها مرير جدا

* الضربة التي نفذتها إسرائيل مؤخرا يمكن اعتبارها بروفة مسبقة واختبارا لقياس رد الفعل الروسي

* الهجوم الصاروخي وضع النهاية لآمال موسكو بتطبيع مبكر في العلاقات مع واشنطن


الضربات الصاروخية الأميركية 'أحرجت' موسكو وانعكس ذلك في أداء 'النخب' السياسية والإعلامية. حالة  من 'الخذلان' هي التي هيمنت على المشهد العام 'الإعلامي' المحلي، وعبرت عنه تصريحات السياسيين والخبراء والمحللين التي تناقلتها وسائل الإعلام الروسية، طوال يوم أمس. وعلى ما يبدو، ستستمر على هذا المنوال، إلى أن يصدر، أولاً عن الكرملين، ما هو مخالف لذلك.

وفي هذا السياق، أجرت صحيفة 'إزفستيا' الروسية، حواراً مع عدد من الخبراء العسكريين الروس والمحللين السياسيين، تطرق فيه المتحدثون إلى مجموعة من المسائل المتعلقة بالهجوم الصاروخي الأميركي وتداعياته في سورية وعلى مستوى العلاقات بين واشنطن وموسكو. ننشر أدناه أهم ما جاء فيه:

عودة 'شرطي العالم'

'السؤال الأكثر أهمية، يقول العضو المراسل في أكاديمية العلوم العسكرية في روسيا، سيرغي سوداكوف، الذي يبحث الجميع عن إجابة عليه هو لماذا لم تسقط منظومة الدفاع الجوي الروسية هذه الصواريخ. يظن العامة أنه كان ينبغي فعل ذلك، وبالتالي كان سيتم صد العدوان. ولكن، في المحصلة الأخيرة، لو أننا بدأنا بإسقاط هذه الصواريخ، لكان من الممكن أن لا نستيقظ هذا الصباح. كان من الممكن أن يحدث ما يسمى 'نزاعا نوويا'. أن يحدث تصادم بين قوتين نوويتين على أراضي طرف ثالث. وهو ما لم يحدث، فقط بسبب برودة أعصاب القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية (بوتين). لقد اقترب دونالد ترامب من حالة 'الحرب الساخنة'، ولولا برودة أعصاب القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية، لكان أمر 'إسقاط  توماهوك' قد صدر، وهذا يعني بداية الحرب'.

وبحسب سوداكوف، 'ترامب بحاجة إلى القيام ببعض الخطوات في مجال السياسة الخارجية التي من شأنها أن تجلب له الاحترام في الداخل. وأعتقدُ أنه بهذه الخطوة كأنه لم يفعل شيئا على الاطلاق. فهذا لم يكن قراره، وإنما قرار مستشاريه، وهذا خطأ كبير. لا تعد المرات التي انتهكت فيها الولايات المتحدة مبادىء الأمم المتحدة، وغزت واستباحت سيادة دول، ولكن ما نراه الآن، هو عدوان على مستوى آخر; نُفّذ ضد حلف بين اثنين من المعارضين الجديين بما فيه الكفاية، روسيا وإيران'.

وأضاف 'هذا العمل العدواني للولايات المتحدة، يرمي إلى الوراء إمكانية إجراء مفاوضات كاملة، حتى في إطار مجموعة 'العشرين الكبار'، حيث كان من المقرر خلاله عقد اللقاء بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. وبدلا من بناء علاقات طبيعية مع روسيا، ترامب إلغى فجأة هذه العلاقة. ما جرى أعاد جميع العلاقات، من منظور القانون الدولي، إلى بداية القرن العشرين، نرى عودة 'شرطي العالم' الذي يريد بالقوة أن يفرض إرادته'.

طعمها مرير

المحلل العسكري، فلاديسلاف شوريغين، كشف للصحيفة عن أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية في سورية تقوم بتغطية المنشآت العسكرية الروسية فقط، 'وما عدا ذلك سراب، لا علاقة له بالواقع'، قال الخبير الروسي، وأضاف، 'ولهذا تقوم إسرائيل وتركيا بعمليات قصف في سورية. نحن نحمي مطارنا ومنشآتنا. وأعتقد أنه تم اتخاذ قرار سياسي بعدم إسقاط هذه الصواريخ لتجنب نزاع بين الولايات المتحدة وروسيا على مستوى منظومة الدفاع الجوية'.

وأوضح أن 'الولايات المتحدة الأميركية نبهت من خلال القنوات الدبلوماسية أنهم 'ذاهبون لتوجيه ضربات جوية'، وروسيا حذرت السوريين أيضا، وتم إبعاد القوات ونُقلت المعدات من القاعدة. ولكن هذا ليس دليلاً على قوة موقفنا. طعمها مرير جدا'، ختم المحلل الروسي.

تشابه الضربات

بدوره، كشف كبير الخبراء في مركز السياسات الآنية، فيكتور أوليفيتش عن أن سلاح الجو الاسرائيلي قصف قاعدة حربية في سورية، رغم التواجد الروسي فيها، 'قبل نحو أسبوع، تعرضت قاعدة سورية فيها تواجد لسلاح الجو الروسي لهجوم نفّذه سلاح الجو الإسرائيلي، وبين هذه الهجمات أوجه تشابه لم تنل بعد الاهتمام الجدير بها، ولكنها تستحق ذلك. إسرائيل هي حليفة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتتخذ مواقفها في المسألة السورية بشكل وثيق مع الموقف الأميركي. وهذه الضربات التي نفذتها إسرائيل، تذكرنا جزئيا بقصة اليوم. ويمكن اعتبارها، إن لم تكن بروفة مسبقة، اختبارا لقياس رد الفعل الروسي. روسيا فضلت أن تؤجل رد الفعل، وسوف تقوم بالرد بالمثل على نحو كاف'.

وحول تبعيات الهجوم الأميركي وارتدادته على العلاقة مع موسكو، قال أوليفتش 'إذا كان القصف الأميركي للقوات السورية في محافظة دير الزور في سبتمبر 2016 قد وضع حدا للاتفاقات التي تم التوصل إليها في سويسرا لحل الأزمة السورية، فإن الهجوم الصاروخي اليوم، وضع النهاية لآمال موسكو بتطبيع مبكر للعلاقة مع واشنطن. التغيرات في الكوادر التي أجراها ترامب قبل العدوان العسكري ضد سورية، (على سبيل المثال، إقالة مايكل فلين، الذي شغل موقفا معتدلا في الموضوع السوري)، يُظهر أن ترامب غير قادر على مقاومة 'المؤسسة' الأمريكية. استبدال لاعبين رئيسيين في إدارته غير المرضي عنهم من قيادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري; الرئيس يتخذ الآن الخطوات التي تروق 'للمؤسسة' وللأجهزة الأمنية'.

ضربة لعملية السلام في سورية

'هي ضربة كبيرة للعلاقات الأميركية الروسية. من الواضح أنه عُقدت الآمال على الرئيس الجديد، وعلى أن العلاقة معه ستكون أفضل مما سبقها. بالإضافة إلى ذلك، هذه ضربة لعملية السلام في سورية، وهي التي تسير بصعوبة كبيرة. أما الآن فهي تحت الخطر'، يعتقد رئيس تحرير نشرة 'إيران اليوم'، نيكيتا سماغين.

وأضاف 'الآن نحن بحاجة إلى انتظار رد فعل الولايات المتحدة. إذا كان 'لمرة واحدة' هذه مشكلة كبيرة، ولكن يمكن أن تستمر المفاوضات. أما في حال كانت الولايات المتحدة تعتزم مواصلة الضربات، هنا قصة أخرى، والعواقب قد تكون أكثر خطورة'.

التعليقات