آلاف السوريين ينزحون مع دخول معركتي الغوطة وعفرين الحسم

واصل آلاف المدنيين الفرار من مناطق محاصرة في سوريا، اليوم الجمعة، مع دخول معركتين كبيرتين في الحرب المتعددة الأطراف مراحل حاسمة ووجود مئات الآلاف محصورين في طريق الهجومين.

آلاف السوريين ينزحون مع دخول معركتي الغوطة وعفرين الحسم

(أ.ب.)

واصل آلاف المدنيين الفرار من مناطق محاصرة في سوريا، اليوم الجمعة، مع دخول معركتين كبيرتين في الحرب المتعددة الأطراف مراحل حاسمة ووجود مئات الآلاف محصورين في طريق الهجومين.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن ضربات جوية قتلت عشرات الأشخاص في الغوطة الشرقية، بينما استمر تدفق السكان المنهكين سيرا على الأقدام لليوم الثاني مع تكثيف القوات الحكومية بدعم روسيا حملتها للسيطرة على آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق.

وعلى جبهة قتال أخرى، أفاد المرصد أن قوات تركية ومقاتلين متحالفين معها من المعارضة السورية قصفوا بكثافة مدينة عفرين الخاضعة للأكراد في الشمال مما أدى إلى مقتل 18 شخصا على الأقل وإجبار 2500 على الفرار.

وقالت وحدات حماية الشعب الكردية التي تدافع عن عفرين، إنها تخوض معارك ضد القوات التركية والمقاتلين السوريين المتحالفين معها الذين يحاولون اقتحام المدينة من الشمال.

وأظهر الهجومان، اللذان تدعم روسيا أحدهما وتقود تركيا الآخر، كيف تعيد الفصائل السورية وحلفاؤها من الخارج إعادة رسم خريطة السيطرة في سوريا بعد أن سقطت العام الماضي دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية.

ودخلت الحرب السورية عامها الثامن هذا الأسبوع وأزهقت حتى الآن أرواح نصف مليون شخص وأدت لنزوح أكثر من 11 مليونا عن منازلهم، بينهم ستة ملايين تقريبا فروا إلى خارج البلاد في واحدة من أسوأ أزمات اللجوء في العصر الحديث.

وبدأت قوات النظام السوري هجومها على الغوطة الشرقية قبل نحو شهر، وبدأت تركيا حملتها عبر الحدود في عفرين في كانون الثاني/ يناير. وهناك مئات الآلاف من المدنيين محاصرين بسبب الهجومين.

مقتل 57 في ضربات جوية، وفرار مدنيين

بدعم من روسيا وإيران، توغلت قوات الحكومة السورية في الغوطة الشرقية وقسمت المنطقة إلى ثلاثة جيوب منفصلة. وتعتقد الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 400 ألف شخص محاصرون في المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية والتي تضم مزارع وبلدات على مشارف العاصمة، دون إمكانية للحصول على الغذاء أو الدواء.

ولأول مرة منذ أن بدأت قوات النظام هجومها على الغوطة، الذي يعد أحد أسوأ الهجمات في الحرب، يفر السكان بالآلاف حاملين أطفالهم ومتعلقاتهم سيرا على الأقدام للخروج من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى مواقع حكومية.

وقال المرصد السوري إن ضربات جوية بالغوطة الشرقية أدت إلى مقتل 47 شخصا في قرية كفر بطنا ومقتل عشرة آخرين في سقبا اليوم الجمعة. وأضاف أن طائرات روسية شنت هذه الضربات.

وبث التلفزيون الرسمي التابع للنظام السوري لقطات لرجال ونساء وأطفال يسيرون على طريق مترب قرب حمورية يحمل أكثرهم حقائب للفرار من مناطق المعارضة. ولوح بعضهم للكاميرا وقالوا إن المعارضة منعتهم من الرحيل.

وقالت وكالات أنباء روسية إن نحو 3300 شخص خرجوا صباح اليوم الجمعة. وقال ضابط بالجيش في قرية حوش نصري، حيث تجمع مئات الأشخاص، لرويترز إن من المتوقع مغادرة المزيد يوم الجمعة.

وقال جاسم المحمود رئيس بلدية عدرا إن حوالي خمسة آلاف شخص يحتمون في البلدة ومن المتوقع أن يصل كثيرون آخرون يوم الجمعة.

وبدأ النزوح الجماعي يوم الخميس بفرار آلاف من الطرف الجنوبي بالغوطة. وقالت روسيا إن أكثر من 12 ألف شخص غادروا يوم الخميس.

وفي حملات لاستعادة مناطق أخرى سيطرت قوات النظام على أراض عن طريق توفير ممر آمن لمقاتلي ونشطاء المعارضة للتوجه إلى مناطق خاضعة للمعارضة على الحدود مع تركيا. وعرضت روسيا ممرا آمنا مماثلا لمقاتلي المعارضة للخروج من الغوطة الشرقية لكنهم رفضوا حتى الآن.

وعقد وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا اجتماعا في آستانة عاصمة قازاخستان لمناقشة الوضع في سورية. واتفقت الدول الثلاث العام الماضي على احتواء الصراع على عدة جبهات من خلال إقامة مناطق” عدم التصعيد“مع مواصلة كل دولة أهدافها العسكرية الخاصة في سورية.

وتريد تركيا سحق وحدات حماية الشعب التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا على أراضيها. وتعتبر الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب شريكا مهما في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وقالت متحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن المفوضية تلقت تقارير” مقلقة جدا“من عفرين بشمال غرب سورية عن سقوط قتلى ومصابين بين المدنيين بسبب ضربات جوية وقصف بري، بالإضافة لتقارير عن منع القوات الكردية للمدنيين من مغادرة مدينة عفرين.

وقال بروسك حسكة المتحدث باسم وحدات حماية الشعب في عفرين إن القوات التركية ومقاتلي المعارضة السورية المتحالفين معها يحاولون اقتحام عفرين من الشمال يوم الجمعة.

وتشن وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة التابعة لها معارك ضد تلك القوات.

وقال حسكة عبر الهاتف إنهم يقصفون المنطقة من أجل اقتحام عفرين، مضيفا أن القصف أسفر عن مقتل 18 شخصا، فيما يعتقد أن آخرين محاصرون تحت الأنقاض.

وقال متحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن تركيا تتوقع أن تطهر قواتها وحلفاؤها المقاتلون المدينة من المسلحين” قريبا جدا“.

بالمقابل، أكد المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، أن الهدنة في الغوطة الشرقية هشة وذلك على الرغم أن الأمم المتحدة لمست نتائج الهدنة النسبية في الغوطة لدمشق بين روسيا ومختلف الفصائل المسلحة هناك.

وقال دي ميستورا في تقريره إلى مجلس الأمن حول الأوضاع في سورية، "الجهود الإيجابية مرحب بها على الدوام، ولطالما طال انتظارها. المدنيون بحاجة للمزيد من الإمدادات الطبية وإعادة تزويد المياه الصالحة للشرب وحرية الحركة".

وأضاف، "من خلال ما تناقلته وسائل الإعلام التي أجرت المقابلات مع المدنيين الذين تمكنوا من الخروج من مناطق سيطرة المسلحين في الغوطة، فالوضع مأساوي للغاية هناك".

وشدد المبعوث الأممي على أن جميع الجهود الدولية تصب في مصلحة تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار يكون بشكل "مستقر ودائم"، وقال: "بوصلتنا الوحيدة هي مساعدة الشعب السوري"..."هناك قصف من الغوطة على مناطق مختلفة في دمشق. بعض السكان يطلبون من الأمم المتحدة والأطراف المعنية والمؤثرة الضغط باتجاه وقف القصف المتبادل بين الطرفين – الحكومة والمسلحين".

وفيما يتعلق بالوضع في مدينة عفرين، أشار دي ميستورا، إلى أن "الوضع في المدينة السورية مقلق للغاية"، مشددا على "ضرورة توفير ممرات آمنة لخروج المدنيين".

ونبه المسؤول الأممي إلى أن "هناك تقارير عن وجود عشرات الآلاف من النازحين، فضلا عن نقص حاد في موارد المياه في عفرين".

 

التعليقات