ليبيا: الأحياء السكنية تبطئ إحكام السيطرة على سرت

وحققت القوات الحكومية تقدمًا سريعًا في عملياتها العسكرية، الأسبوعَ الماضي، تحت غطاء الضربات الجوية والمدفعية الثقيلة، حيث تمكنت من استعادة السيطرة على المطار والميناء.

ليبيا: الأحياء السكنية تبطئ إحكام السيطرة على سرت

الدمار في سرت الليبية (أ.ب)

تواجه قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية في مدينة سرت مقاومة شرسة من قبل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية – داعش، لمحاولتها اقتحام المناطق السكنية التي يسيطر عليها التنظيم في وسط المدينة الساحلية.

وحققت القوات الحكومية تقدمًا سريعًا في عملياتها العسكرية، الأسبوعَ الماضي، تحت غطاء الضربات الجوية والمدفعية الثقيلة، حيث تمكنت من استعادة السيطرة على المطار والميناء.

لكن هذا التقدم بدا يتباطأ مع وصول قوات حكومة الوفاق إلى مشارف المنطقة السكنية الممتدة من وسط مدينة سرت إلى شمالها، لتتحول المعركة إلى حرب من منزل إلى منزل في مواجهة قناصة داعش والعبوات التي زرعها في الأحياء.

ويتحصن مقاتلو التنظيم المتطرف في المنازل، ويعتمدون بشكل رئيسي على السيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون وتنطلق من الأحياء السكنية مستهدفة تجمعات القوات الحكومية.

وشن التنظيم، الأحد، ثلاثة هجمات انتحارية بسيارات مفخخة، استهدفت تجمعين للقوات الحكومية ومستشفى ميدانيًا، قتل فيها عنصر واحد على الأقل، وأصيب أربعة آخرون بجروح.

وفي أعقاب هذه الهجمات، حاولت مجموعة من القوات الحكومية التقدم نحو المنطقة السكنية من جهتها الغربية، وخاضت مواجهات عنيفة مع عناصر التنظيم، قبل أن تعود وتنسحب مع بداية المساء.

وشاهد المصور أربع جثث لمقاتلين ارتدوا ملابس عسكرية ملقاة على الطريق بين أولى المنازل في الجهة الغربية قرب مستديرة الزعفرانة، قالت القوات الحكومية إنها تعود إلى عناصر في التنظيم، قتلوا في مواجهات عنيفة معها، فيما أصيب أحد عناصر القوات الحكومية برصاص قناص خلال العملية، وجرى نقله إلى خارج المنطقة السكنية.

وقال أحد المقاتلين 'قواتنا من المشاة ستتقدم رغم الصعوبات'.

القوات الحكومية تتقدّم لكن ببطء (رويترز)
القوات الحكوميّة تتقدّم ببطء (رويترز)

مقاتلون أجانب

وانطلقت عملية 'البنيان المرصوص'، الهادفة إلى استعادة مدينة سرت المتوسطية من أيدي داعش، قبل شهر بطلب من حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي. وتتبع القوات التي تقاتل التنظيم قيادة مشتركة مقرها مدينة مصراتة.

وقتل في العملية العسكرية منذ انطلاقها نحو 140 من عناصر قوات حكومة الوفاق الوطني وأصيب حوالي 500 عنصر بجروح، وفقا لمصادر طبية في مصراتة.

وتتشكل القوات التي تقاتل داعش في سرت من جماعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، أبرزها مصراتة، التي تضم المجموعات الاكثر تسليحًا في البلاد، إذ تملك طائرات حربية من نوع ميغ ومروحيات قتالية.

ونشأت هذه الجماعات المسلحة في العام 2011، خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي. لكن هذه الجماعات احتفظت بأسلحتها وأصبحت اللاعب العسكري الأبرز في ليبيا والأكثر تأثيرًا في أمنها.

كما تخوض قوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق معارك مع التنظيم شرق سرت. ونجحت في استعادة قرى وبلدات من التنظيم، الأسبوع، الماضي وبلغت بلدة هراوة على بعد 70 كلم شرق سرت.

في مقابل ذلك، يضم تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يبلغ عدد عناصره في ليبيا نحو خمسة آلاف عنصر، مقاتلين أجانب في سرت، يحملون جنسيات شمال أفريقية وخليجية، بحسب ما يفيد سكان المدينة.

مقاتلون تابعون للحكومة داخل مدينة سرت (أ.ف.ب)

آخر حصون الجهاديين

وتضم مدينة سرت ميناء يطل على البحر المتوسط، ومطارا دوليا وقاعدة عسكرية، كما تضم مجمع قاعات هو الأكبر في شمال أفريقيا، يسمى بمركز واغادوغو. وهذا المركز يعتبر حاليًا أهم حصون تنظيم الدولة الإسلامية في المدينة.

ويعبر مدينة سرت شارعان حيويان، طريق الشط والشارع الرئيسي، وتتفرع منهما شوارع أخرى على امتداد الاحياء السكنية، المقسمة في معظمها إلى مربعات.

وحظيت مدينة سرت لأكثر من أربعة عقود، بين عامي 1969 و2011، بمكانة مميزة على اعتبار أنها مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، الذي أقام فيها مقرات حكومية وحاول أكثر من مرة أن ينقل الاجتماعات الحكومية الرئيسية إليها.

لكن سرت تعرضت خلال الانتفاضة الشعبية ضد النظام السابق لدمار كبير. وفي هذه المدينة اعتقل القذافي عام 2011، وقد لجأ إليها بعد سقوط طرابلس بأيدي الثوار في نهاية آب/اغسطس من العام ذاته. وقد شهدت هذه المدينة لحظاته الأخيرة قبل أن يقتله الثوار.

ودفعت سرت، التي كانت آخر المدن الموالية للقذافي، ثمن دعمها للزعيم السابق غاليًا. فقد تحولت شوارع بأكملها، عقب انتهاء المعارك، إلى مبان مهدمة، بينما ظل سكانها ينتقدون السلطات الجديدة ويتهمونها بتهميشهم والانتقام منهم، حتى باتوا يطلقون على مدينتهم اسم 'المنسية'.

وفي حزيران/يونيو 2015، تحولت المدينة إلى ملاذ لمقاتلي تنظيم داعش، الذي جعل منها قاعدة خلفية له تستقطب المقاتلين الأجانب الذين يجري تدريبهم على شن هجمات في الخارج.

اقرأ/ي أيضًا | ليبيا: ميناء سرت يتحرر من قبضة داعش

وفي شوارع هذه المدينة المتوسطية، التي تبعد نحو 300 كلم عن السواحل الأوروبية، قطعت الأيادي وأعدم الناس بشكل علني على مدى عام وفرض على السكان أداء الصلاة في مواعيدها ومنعت النساء من مغادرة منازلهن من دون محرم.

التعليقات