عمليات داعش الانتحارية... هروب من فشل الميدان؟

حوّل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في ليبيا، "العمليات الانتحارية" إلى سلاح أخير يلجأ إليه لتحقيق أهداف عسكرية متعددة، في المعارك التي يخوضها مع القوات الليبية، منذ العام 2015.

عمليات داعش الانتحارية... هروب من فشل الميدان؟

سيارة مفخخة استخدمتها داعش (رويترز)

حوّل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في ليبيا، 'العمليات الانتحارية' إلى سلاح أخير يلجأ إليه لتحقيق أهداف عسكرية متعددة، في المعارك التي يخوضها مع القوات الليبية، منذ العام 2015.

وإضافة إلى كون هذه العمليات، التي استهدف آخرها، الخميس الماضي، الجيش الليبي التابع للحكومة المؤقتة، في مدينة بنغازي (شرقي البلاد) وأسفر عن مقتل 12 جنديًا، باتت مؤشرًا على قرب هزيمة مقاتلي التنظيم في المعارك، فهو يستخدمها للانتقام من القوات الليبية، وإيقاف توغلها، وصدمتها، ما يمكّنه من تحقيق تقدم على الأرض، إضافة إلى أنه ينفذها ليمنع وقوع أسرى من عناصره.

وسجّل داعش أول ظهور له على الأرض الليبية مطلع العام 2014، خلال ندوة نظمها أنصاره في مدينة درنة (شرقي)، دعوا خلالها إلى مبايعة أمير التنظيم أبو بكر البغدادي، ليسيطر بعدها على كامل المدينة.

ودلل داعش على أن تنفيذ العمليات الانتحارية بشكل متسارع، يمثل مؤشرًا قويًا على قرب هزيمته في عدة معارك، كان أبرزها عندما أطلقت قوات حفتر، المنبثقة عن مجلس النواب المنحلّ وتنظيم 'مجلس شورى مجاهدي درنة'، في 10 يونيو/ حزيران 2015، عملية عسكرية، ضد التنظيم، في درنة.

وقبل أن تنتهي المعارك بين الطرفين في نيسان/أبريل 2016، بإعلان 'مجلس شورى مجاهدي درنة' هزيمة داعش، والسيطرة الكاملة على المدينة، لجأ التنظيم إلى تنفيذ خمس عمليات انتحارية متتالية، أوقعت ضحايا عسكريين ومدنيين في ليبيا، بينهم رئيس المجلس المحلي لمدينة درنة، حسام النويصري، (حاكم المدينة المحلي).

وأثبت التنظيم بتلك العمليات التي كان يتبناها على الفور، أنه خسر المعركة في درنة، وهو ما تكرر في منطقة 'الهلال النفطي'، التي حاول التنظيم السيطرة عليها لتعويض خسارته في درنة، ولإيجاد مصدر تمويل لنشاطاته في البلاد.

وكانت بداية معارك الهلال النفطي عندما شن داعش هجمات على المنطقة، التي تضم أكبر مواني النفط في ليبيا وأهمها وأكثرها إنتاجا، لتعلن قوات الجيش الليبي المتمثلة في حرس المنشآن النفطية (كانت تتبع لمجلس نواب طبرق، قبل أن تعلن، مؤخرا، تبعيتها لحكومة الوفاق)، في 5 يناير/ كانون الثاني 2016، حالة النفير والحرب على التنظيم.

ولكن قوات الجيش الليبي خسرت في بداية المعارك عدة مناطق، قبل أن تتمكن من مباغتته بهجمات استعادت خلالها المناطق التي خسرتها، ليلجأ التنظيم، مرّة أخرى، إلى سلاح الهجمات الانتحارية، بعد أن أيقن أن الهزيمة ستكون نهاية تواجده في 'الهلال النفطي'.

وقتلت هجمات التنظيم الانتحارية العديد من قوات حرس المنشآت النفطية، إلا أن تلك القوات تمكنت في 30 أيّار/مايو الماضي، من تحرير كامل منطقة الهلال النفطي من سيطرة التنظيم.

كما استخدام داعش العمليات الانتحارية كوسيلة للانتقام، فقد قالت مصادر عسكرية تقود حاليًا عملية عسكرية ضد التنظيم، في مدينة سرت إن مقاتلي داعش استهدفوا مدينة مصراتة بعدد من هذه العمليات، العام الماضي، عندما كانت 'الكتيبة 166'، التابعة للمدينة تقاتل التنظيم في سرت، خلال نيسان/أبريل 2015.

ورأى المسؤولون العسكريو، في العمليات الانتحارية التي نفذها التنظيم في تلك الفترة بأنها 'انتقامية' من المدينة التي ترسل المقاتلين، وهي كذلك بمثابة 'رسالة تصعيدية' مفادها أن الحرب مفتوحة وفي كل مكان ولا تقتصر على جبهة القتال فقط. وكانت هذه الهجمات، بحسب المسؤولين، من أساليب الضغط على الأهالي ليتوقفوا عن إرسال أبنائهم لمحاربة التنظيم.

اقرأ/ي أيضًا | "داعش بمظهره الجديد أكثر شبهًا بالقاعدة"

استخدم تنظيم داعش الهجمات الانتحارية، أيضًا، لصدم خصومه، ففي بداية أيّار/مايو الماضي، سيطر التنظيم على بلدة بوقرين، الواقعة جنوب مدينة مصراتة، بعد ساعات قليلة من القتال. وأفاد شهود عيان أن السيطرة تمت بعد أن هاجمت عدد من المركبات المفخخة التابعة للتنظيم البوابات الأمنية للبلدة، والأماكن التي تتواجد فيها قوات عسكرية، ما أدى لوقوع عدد كبير من القتلى والجرحى، وفي ظل أجواء الصدمة التي تحققت بعد هذه العمليات، بدأ مقاتلو التنظيم هجومهم وتمكنوا، آنذاك، من السيطرة على البلدة.

وتفيد شهادات ميدانيّة من عناصر بالقوات الليبيّة، التي تشارك، حاليًا، في عملية عسكرية ضد التنظيم في سرت، أن مقاتلي داعش يرتدون أحزمة ناسفة أثناء الاشتباكات، وهذه الأحزمة، آخر سلاح يلجأون إليه عندما يدركون أنهم سيقتلون أو سيقعون في الأسر، الأمر الذي يجعل الاشتباك معهم دائما عن بعد، وهو ما يعيق تقدم القوات المهاجمة.

التعليقات