ماذا بعد تهديد السيسي بالتدخل العسكري المباشر في ليبيا؟

هدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أن تقدم القوات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق المدعومة من تركيا والأمم المتحدة، نحو الشرق سيدفع بلاده إلى التدخل المباشر في ليبيا.

ماذا بعد تهديد السيسي بالتدخل العسكري المباشر في ليبيا؟

الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي (أ ب)

هدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أن تقدم القوات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق المدعومة من تركيا والأمم المتحدة، نحو الشرق سيدفع بلاده إلى التدخل المباشر في ليبيا.

وأصبحت ليبيا مسرحًا لمعارك عديدة تشارك فيه أطراف متعددة بينها مجموعات قبلية وجهاديون ومرتزقة مدعومة من أطراف خارجية عدة، منذ إطاحة الديكتاتور معمر القذافي ومقتله في العام 2011.

وأدلى السيسي بتصريحاته عقب هزائم مني بها حليفه في شرقيّ ليبيا المشير خليفة حفتر عندما حاول التمدّد غربًا والاستيلاء على العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها حكومة مناوئة له ولحلفائه.

وانهار هجوم حفتر الذي استمر 14 شهرًا بعد أن ألقت تركيا خلال الأشهر الأخيرة بثقلها العسكري خلف حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.

وبمساندة أنقرة، حققت حكومة طرابلس انتصارات عسكرية وأجبرت الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر على الانسحاب وهي تسعى الآن إلى التوجه شرقًا نحو مدينة سرت، المدخل الرئيسي لآبار النفط في شرقيّ ليبيا.

أردوغان والسراج (أ ب)

وقال السيسي، يوم السبت إن سرت قاعدة الجفرة الجوية "خط أحمر" وأن بلاده قد تضطر "للتدخل المباشر" في حال تعرضهما لأي تهديد.

لكنه في ذات الوقت دعا الطرفان إلى وقف إطلاق النار والتفاوض للتوصل إلى تسوية للنزاع بينهما. وحظي موقف السيسي بدعم رئيس البرلمان الليبي المتمركز في الشرق عقيلة صالح وكذلك الإمارات والسعودية والأردن، واستبعد المحللون اندلاع حرب شاملة بين مصر وتركيا.

وقال الخبير في مركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط، يزيد صايغ إنه "لن يكون هناك حرب شاملة تشارك فيها القوات المصرية في ليبيا". ورأت من مجموعة الأزمات الدولية، كلوديا غازيني أن مصر وحلفاءها العرب ليس لديهم "وهم أنهم سيعيدون الجيش الوطني الليبي إلى طرابلس. إن موقفهم بالأحرى دفاعي".

واقترحت في مطلع حزيران/ يونيو، مصر مبادرة للسلام أطلقت عليها "إعلان القاهرة" داعية إلى وقف إطلاق النار وتفكيك المجموعات المسلحة وانسحاب المرتزقة، ورفضت حكومة الوفاق الوطني وتركيا هذه المبادرة.

وقالت مصر مرارًا أن حدودها الغربية الطويلة مع ليبيا التي تمتد لمسافة 1200 كيلومتر مصدر قلق أساسي بالنسبة لها، وأكدت القاهرة أن اعتداءات وقعت داخل الأراضي المصرية خطط لها جهاديون تسللوا عبر الحدود مع ليبيا.

ليبيا إثر قصف جوّي (أ ب)

وقال صايغ إن مصر "لا تثق في حكومة الوفاق وتنظر للتدخل التركي كتهديد جاد". مضيفًا أن دعمها لحفتر "يرجع بالأساس إلى أنها تأمل أن يتمكن من تأمين الحدود المشتركة".

وتدهورت العلاقات بين القاهرة وأنقرة بشكل كبير منذ أطاح الجيش في العام 2013 الرئيس المصري المُنتخب محمد مرسي الذي كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدعمه.

والآن تخشى مصر من أن تتمكن المجموعات الموالية لتركيا من التسلل عبر حدودها. واعتقدت غزوني أن "الخوف الأكبر من احتمال تقدم القوات الموالية لحكومة الوفاق شرقا هو أن يصبح عدو مصر جار على الأرض".

ويرى المحللون أن السيناريو الأوقع هو أن تتدخل مصر لمساعدة حفتر على الاحتفاظ بالأراضي التي يسيطر عليها. وذكر صايغ أن "تدخلًا مباشرًا سيساعدهم (قوات حفتر) كثيرا بتأمين ظهرهم وبالتالي سيتمكنون من إعادة نشر جزء من قواتهم في وسط ليبيا وسيؤدي كذلك إلى رفع روحهم المعنوية".

وقال يزيد صايغ "إن احتمال تدخل مصر بشكل مباشر يتزايد رغم أنني أعتقد أن إدارة السيسي لا تفضل ذلك وستلجأ إلى ذلك كخيار أخير".

وتملك مصر أحد أكبر الجيوش في الشرق الأوسط كما أنها تحصل على أكبر نصيب من المساعدات الخارجية العسكرية الأميركية (1.2 مليار دولار سنويًا). وفي أيار/مايو الماضي، وافقت الولايات المتحدة على صفقة مروحيات هجومية لمصر قيمتها 2.3 مليار دولار .

وكانت فرنسا وإيطاليا وألمانيا وروسيا من بين أبرز الدول التي أمدت مصر بالسلاح خلال السنوات الأخيرة.

ليبيا (أ ب)

ولم يوضح السيسي طبيعة التدخل المباشر الذي تحدث عنه ولكنه دعا القوات المصرية ، أثناء زيارة لقاعدة سيدي براني الجوية القريبة من الحدود مع ليبيا، إلى الاستعداد لأي مهمات "داخل أو خارج الحدود المصرية". كما أبلغ ممثلي القبائل الليبية أن مصر على استعداد لدعم وتسليح وتدريب شبابها.

ولكن يبقى أن أي تدخل عسكري سيشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على اقتصاد البلاد الذي بدا يتعافى خلال العامين الأخيرين بعد أزمات متتالية بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي أعقب إسقاط حسني مبارك عام 2011. واعتبرت غزاني أنه إذا قررت مصر بالفعل التدخل "ستكون مبادرة محفوفة بمخاطر كبيرة".

ولكن الموقف المصري قد يؤدي إلى "مأزق استراتيجي ما نأمل أن يدفع إلى جهود دبلوماسية أكثر جدية من المجتمع الدولي لتحقيق تسوية سياسية دائمة للنزاع الليبي".

التعليقات