المتظاهرون المصريون يقتحمون السفارة الاسرائيلية ويرفعون العلم المصري فوقها

جمعة "تصحيح المسار": المتظاهرون المصريون يحطمون سور سفارة إسرائيل بالكامل، وينزعون علم إسرائيل للمرة الثانية * 30 حركة وائتلافًا سياسيّا تشارك في التظاهرات * محتجون يحطمون شعار مبنى الداخلية، ويكتبون على مدخلها "يسقط المشير" * جورج إسحق (كفاية): "لماذا لم يشارك الإخوان؟" * الموقف التركي تجاه إسرائيل عزز المتظاهرين المصريين * تظاهرة اليوم تشكّل خصمًا لرصيد التيار الاسلامي

المتظاهرون المصريون يقتحمون السفارة الاسرائيلية  ويرفعون العلم المصري  فوقها

سيطر المنظاهرون المصريون على السفارة الإسرائيلية في القاهرة بعد اقتحامها وإنزال العلم الاسرائيلي ورفع العلم المصري مكانه، وشوهدت آلاف الأوراق والوثائق تتطاير في محيط البناية التي تقع فيها السفارة الاسرائيلية في الدور العشرين.

وقد شهدت تظاهرات جمعة "تصحيح مسار الثورة" تصعيدا، في شهدتها القاهرة ومعظم المحافظات المصرية تصعيدا ملحوظا أعاد ، الزخم للحركة الاحتجاجية التي شهدتها المحافظات المصرية منذ اندلاع الثورة المصرية في 25 يناير/كانون الثاني الماضي.
ويعتبر المتظاهرون الذين شاركوا في فعاليات اليوم، أنهم "أصحاب الثورة الحقيقيين"، وأنهم من تحملوا عبء إطلاقها "قبل أن يحاول التيار الاسلامي السطو عليها ونسب الفضل لنفسه في إطلاق شرارتها"، ويقولون إنهم مَن "واجه بصدور عارية حشود الداخلية وعناصرها الأمنية المدربة".

"يسقط يسقط حكم العسكر" و"واحد اتنين.. تسليم السلطة فين"

وبانتهاء صلاة الجمعة في ميدان التحرير، هتف أكثر من ألف متظاهر "يسقط يسقط حكم العسكر"، و"حكم العسكر باطل والمشير باطل"، و"شلنا مبارك جبنا مشير مش حاسين بالتغيير"، في إشارة إلى المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

كما ردد المتظاهرون أيضًا: "التغيير مشروع مشروع ضد الظلم وضد الجوع"، و"كلمة واحدة وغيرها مفيش.. السياسة مش للجيش"، و"واحد اتنين.. تسليم السلطة فين".

وقال مصريون كثيرون إنهم يشعرون بخيبة أمل إزاء أداء المجلس العسكري، الذي لم يتعقب أموالا عامة ضخمة، يقولون إن مسؤولين سابقين حصلوا عليها دون وجه حق.

كما يقولون إن المجلس توسع في محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، ويقول المجلس إنه يقدم فقط المتهمين بالبلطجة، والتحرش، والاغتصاب، للمحاكم العسكرية.

وقال خطيب الجمعة في ميدان التحرير، مظهر شاهين: "لن ينجحوا في أن ينسونا قضيتنا ولو قطعوا رقابنا."

وقال كامل إبراهيم (37 عاما)، أحد الذين احتشدوا في ميدان التحرير: "منذ 25 يناير للآن لا نشعر بأن هناك أي تغيير، وأضاف: "البلطجية واللصوص تضاعفوا، والمشير لم يفعل شيئا لتحسين الوضع."

30 حركة وائتلافًا سياسيّا تشارك في التظاهرات

ودعا عدد من الحركات والائتلافات الشبابية والسياسية، بلغ عددها الثلاثون، للتظاهر اليوم، في جمعة سمّوها "تصحيح المسار"، للمطالبة بإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، ووضع جدول زمني واضح لنقل الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة، وطرد السفير الاسرائيلي، وتعديل قانون الانتخابات، فيما أعلنت عدة تيارات اسلامية، أبرزها جماعة الاخوان المسلمين، والتيار السلفي، عن عدم مشاركتها في هذه المظاهرات.

وقال المشاركون إنهم لم يحتشدوا هذه المرة للمطالبة بالثأر لدماء شهداء الثورة التي سالت على يد قناصة جهاز أمن الدولة المرعب، صاحب السمعة السيئة فقط، بل نزلوا اليوم أيضًا "لأن دماء جديدة سالت هذه المرة على يد الاسرائيليين"، الأعداء التقليديين لمصر، برغم معاهدة السلام الموقعة بينهما.

وكان 5 جنود مصريين بينهم ضابط، قتلوا الشهر الفائت على الحدود بنيران غارة اسرائيلية، ويأخذ المتظاهرون على السلطة الحاكمة وهي الجيش، أنها لم تحرك ساكنًا ولم تتخذ الحد الأدنى من المواقف التي طالب الشعب بها، وهي سحب السفير المصري من تل أبيب.

متظاهرون يحطمون أجزاء من جدار السفارة الاسرائيلية "بالشواكيش"

هذا وتمكن المتظاهرون أمام السفارة الاسرائيلية، اليوم الجمعة، من تحطيم جزء من الجدار العازل المعد لحمايتها، وإسقاط 3 كتل خرسانية بالجدار باستخدام الشواكيش.

وقال شهود  في وقت سابق، إن أكثر من عشرة أشخاص استخدموا مطارق لتكسير الجدار المشيد من الخرسانة بالأساس، والذي أقامته السلطات المصرية بعد احتجاجات يومية الشهر الماضي، أثارها توتر بشأن مقتل خمسة من أفراد الامن المصريين في قصف اسرائيلي.

وقال الشهود إن رجال الشرطة والجنود أفراد الشرطة العسكرية والأمن المركزي الذين كانوا متواجدين خلف الجدار، حاولوا منع هدمه، إلى أن احتشد المتظاهرون مرددين "الله أكبر الله أكبر، والشعب يريد إزالة الجدار."

لم يتدخلوا، في حين كان النشطاء يضربون بالمطارق الجدار الذي يرتفع حوالي 2.5 مترًا، وقال مسؤولون مصريون إن الجدار يهدف لحماية سكان المبنى الذي يضم السفارة، وليس البعثة الاسرائيلية.

وكانت مسيرة قد خرجت من ميدان التحرير باتجاه الجيزة لمساندة المتظاهرين ودعمهم أمام السفارة، وأسفرت الساعة الأولى عن إصابة مواطن بمنطقة الرأس، وكسر ذراع مواطن آخر وجرح ثالث.

محتجون يحطمون شعار مبنى الداخلية، ويكتبون على مدخلها "يسقط المشير"

وحول الأحداث التي رافقت المظاهرات اليوم، قال شهود، إن مئات المحتجين حطموا شعار وزارة الداخلية المصرية واسمها من على مقر الوزارة، في وسط العاصمة، ورشقوا المبنى بالحجارة.

وصدرت تعليمات يوم الخميس لقوات الجيش والشرطة، بترك ميدان التحرير القريب من المبنى، ليتظاهر فيه النشطاء دون أي مواجهات مع الأمن.

وقال شاهد إنه لم يكن هناك وجود لقوات الجيش والشرطة أمام مبنى وزارة الداخلية، وأضاف أن محتجين نقلوا معدات التأمين التي كانت أمام مبنى الوزارة إلى ميدان التحرير، تابع أن جنديا نقل إلى خارج مبنى الوزارة للعلاج من إصابات لحقت به جراء الرشق بالحجارة فيما يبدو.

كما قال الشاهد إن المحتجين كتبوا على باب وزارة الداخلية شعارات منها: "الشعب هو الخط الأحمر.. يسقط مجلس الخونة"، و"الداخلية بلطجية"، و"يسقط المشير"، في إشارة إلى المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وكانت وزارة الداخلية قد قالت إنها سحبت قوات الشرطة من الميدان لمدة 24 ساعة، اعتبارا من منتصف ليل الخميس، للسماح لمظاهرات يوم الجمعة أن تمر بسلام، كما انسحبت من الميدان قوات الجيش.

وقال المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ خلع مبارك عن منصبه، في بيان بصفحته الرسمية على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، إنه سيسمح بالمظاهرات السلمية، لكنه أضاف أن "أي تجاوز ضد وحدات القوات المسلحة، أو معسكراتها، أو المنشآت الحيوية المصرية، هو تهديد للأمن القومي المصري، ولمصالح هذا الشعب العظيم، وسيتم التعامل معه بمنتهى الشدة والحزم، ومحاسبة مرتكبيه."

وقال النشطاء إنهم لن يعتصموا في الميدان بعد المظاهرة.

الألوف في الاسكندرية: "لا خشوع لا خشوع للمجلس تبع المخلوع"؛ والسويس تشهد احتجاجات غاضبة

وفي مدينة الاسكندرية الساحلية، هتف ألوف المتظاهرين أمام مقر المنطقة الشمالية العسكرية بسقوط المجلس العسكري؛ ومن هتافاتهم: "لا خشوع لا خشوع للمجلس تبع المخلوع"، في إشارة إلى المجلس العسركي والرئيس المخلوع حسني مبارك.

وقال مصدر أمني وفقا لرويترز، إن متظاهرين رشقوا نقطة شرطة بالحجارة خلال مسيرة إلى مقر المنطقة الشمالية العسكرية، مما أحدث تلفيات طفيفة بالنوافذ الزجاجية.

وأضاف: "تعليمات مشددة صدرت لأقسام ونقاط الشرطة في المدينة بتجنب الرد على المتظاهرين، أو الاحتكاك بهم."

وردد مئات المتظاهرين في مدينة السويس، شرقي القاهرة، هتافات منها "عدابدل الشهر ستة والفساد في كل حتة"، و"ادي مفهومهم للتغيير سجن صغير يبقى كبير."

وقال نشطاء إن قوات من الجيش ألقت القبض على أربعة من زملائهم، لكنها أطلقت سراحهم بعد فترة من الوقت؛ وقال ناشط إن القوات سحبتهم على الأرض، وإن إصابات طفيفة لحقت بهم.

وألقى عشرات من المتظاهرين الحجارة على قوات الجيش أمام ديوان عام محافظة السويس، وقال مصدر عسكري إن ضابطا ومجندا لحقت بهما إصابات طفيفة.

جورج إسحق (كفاية): "لماذا لم يشارك الإخوان؟"

وردد متظاهرون هتافات ضد جماعة الإخوان لعدم مشاركتها، تقول "اوزن اوزن بالميزان.. راهن دايما ع الكسبان.. هي دي سياسة الاخوان."

وقال الاخوان إنهم يريدون إعطاء الحكومة التي شكلها المجلس العسكري فرصة للعمل، لكنهم شعروا بخيبة أمل خلال الأيام الماضية لتأخر الانتخابات التشريعية التي يتوقعون أن يحصلوا فيها على عدد كبير من المقاعد في مجلسي الشعب والشورى.

وقال  محمد سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، الذي أسسه الاخوان لخوض الانتخابات البرلمانية، رأى أن الوقت لم يحن بعد لتنظيم المزيد من المظاهرات، لأن الاحتجاجات السابقة حققت بالفعل بعض النتائج، وأضاف أنه إذا لم تتحقق هذه المطالب، فحينها يعود الاخوان إلى الميدان.

وعبَّر جورج إسحق، مؤسس الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية"، في تصريح ليونايتد برس إنترناشونال، عن دهشته من عدم مشاركة جماعة الاخوان المسلمين بتظاهرة اليوم، بدعوى أن التيار العلماني الذي دعا للتظاهرة لم يوجِّه إليها الدعوة بشكل رسمي، متسائلاً: "منذ متى تحتاج المشاركة بالعمل الوطني إلى توجيه دعوة؟"

وقال إسحق، إن "المرشد العام للجماعة، الدكتور محمد بديع، أكد أنه لا يوجد خلاف بين القوى الوطنية إزاء أهداف الثورة، فلماذا لم يشارك الإخوان؟"

وأشار الى أن "فصيلاً أو جماعة ما لا يمكنها الحديث باسم التيار الإسلامي، فيوجد بتظاهرة اليوم آلاف المسلمين لكنهم لا ينتمون لجماعة دينية منظمة أو تيار معين".

ورأى إسحق أن محاولة إظهار القوى الليبرالية واليسارية بمظهر غير القادر على حشد التظاهرات الضخمة، دائمًا تبوء بالفشل، "فالقوى العلمانية دائمًا قادرة على حشد الوطنيين المدافعين عن هموم المواطن وقضاياه"، مشيرًا إلى أن أعداد المشاركين بتظاهرة "تصحيح مسار الثورة" اليوم، لا يقل عن أعداد المشاركين بتظاهرة "جمعة لم الشمل"، التي احتضنها ميدان التحرير في 20 يوليو/تموز الفائت.

وفي السياق ذاته، انتقد مؤسس "كفاية" عدم حياد عدد من الفضائيات العربية في تغطية أحداث تظاهرة "تصحيح مسار الثورة"، مثل قناة الجزيرة، التي "خالفت القواعد المهنية بزعمها أن عدد المشاركين بالتظاهرة محدود".

الموقف التركي تجاه إسرائيل عزز المتظاهرين المصريين

ويتسلّح المتظاهرون غير المنتمين للتيار الاسلامي، بعامل موضوعي آخر، وهو الموقف التركي الذي اتخذته حكومة حزب "العدالة والتنمية" تجاه إسرائيل، بطرد سفيرها وجميع الدبلوماسيين الذين هم أعلى من مستوى سكرتير ثان من أنقرة.

وقالت مصادر المتظاهرين وفقا ليونايتد برس إنترناشونال، إن مظاهرات اليوم بعثت برسالة مزدوجة، الأولى إلى المجلس الأعلى للقوات المسلّحة، ومفادها أنهم يعبرون عن الشعب، والأحق بقيادته من خلال مجلس رئاسي مدني "لا بأس إن ضم أحد العسكريين"، والثانية إلى التيار الاسلامي بشكل عام، تقول: "أليس (العدالة والتنمية) حزبًا ذا مرجعية اسلامية؟ فلماذا صدعتم رؤوسنا سنوات طوال بهتافكم الشهير خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود؟"

وأكد محمد عادل، عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 أبريل"، على أن "تظاهرات اليوم بلا شك تدعم المطلب المشروع للثوار بتولي مجلس رئاسي مدني السلطة في مصر، وتنفيذ الوعد الذي قطعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية على نفسه، بتسليم السلطة بعد 6 أشهر".

وأعرب عادل عن دهشته من عدم اتخاذ موقف تجاه إسرائيل، عقب قيام قواتها بقتل الجنود على الحدود، مشيرًا إلى أن "دولاً أقل قوة من مصر مثل فنزويلا، على سبيل المثال، اتخذت مواقف صارمة تجاه إسرائيل"، معتبرًا أن "المسألة ترتبط بالإرادة السياسية أكثر مما ترتبط بقوة الدولة".

في المقابل، يراهن الاسلاميون، خاصة جماعة الاخوان المسلمين والدعوة السلفية، على فشل الثوار الاشتراكيين، والقوميين، والليبيراليين، في حشد أعداد ضخمة تُعبِّر عن ثقلهم، ليس فقط بميدان التحرير، ولكن حتى على الساحة السياسية المصرية، فالقوة السياسية كانت قبل الثورة وستظل بعدها تقاس بحجم الأتباع وعدد المؤيدين، وحتى المريدين والمتعاطفين.

تظاهرة اليوم تشكّل خصمًا لرصيد التيار الاسلامي

ويرى مراقبون مصريون أن تظاهرة اليوم تشكّل خصمًا من رصيد التيار الاسلامي، صاحب الخبرة السياسية الطويلة في مواجهته، خلال الانتخابات النيابية المرتقب إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، للتيارات العلمانية الجديدة، صاحبة الخبرة الضئيلة التي بدأت تكتسبها مع نشوء الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" عام 1994، و"الجمعية الوطنية للتغيير"، و"حركة شباب 6 أبريل"، عام 2008.

وقال حزب الجبهة الديمقراطية، وهو حزب ليبرالي يضم نشطاء شاركوا في الثورة، إنه سيطالب المجلس العسكري بإعداد "جدول زمني شامل يحدد خطوات الفترة الانتقالية، ويبدأ بانتخابات الرئاسة."

وصرح محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمرشح المحتمل للرئاسة، بأن المصريين من حقهم التظاهر بشكل سلمي، خاصة وأن كثيرا من مطالبهم لم تتحقق بعد.

هذا ومن المقرر أن يشهد طنطاوي يوم الأحد، أمام المحكمة التي تحاكم مبارك بتهم تتصل بقتل المتظاهرين والفساد، في جلسة سرية، لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي كما قالت المحكمة.

وسيدلي بشهادات مماثلة الفريق سامي عنان، نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يشغل أيضا منصب رئيس الاركان.

وقال سائق طلب ألا ينشر اسمه مشيرا إلى طنطاوي "هذه فرصتك الأخيرة، إما أن تقول إن الشعب في قلبي أو تمشي."

التعليقات