مصالحة الإخوان والنظام المصري: "العودة إلى حضن الوطن"

يكثر الحديث في الإعلام المصري والعربي عن مصالحة محتملة بين النظام المصري والإخوان المسلمين بوساطة سعوديّة.

مصالحة الإخوان والنظام المصري: "العودة إلى حضن الوطن"

يكثر الحديث في الإعلام المصري والعربي عن مصالحة محتملة بين النظام المصري والإخوان المسلمين بوساطة سعوديّة.

وأرجع مراقبون للشأن المصري احتمال التوصل لمصالحة لعدّة بوادر، منها قرار القضاء المصري المفاجئ، أمس الثلاثاء، إلغاء الحكم بالسجن مدى الحياة الصادر ضدّ الرئيس المصري المعزول، محمّد مرسي، ومرشد جماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، في قضية 'التخابر مع حماس'.

وما زاد الجدل، هو 'اللقاء الحصري' الذي نشرته صحيفة 'الشروق' المصريّة، أمس الثلاثاء، مع 'مصادر قيادية بجماعة الإخوان المسلمين مقيمة في السعوديّة'، تحدّثت عن مساع للسعودية منذ فترة لحلحلة الواضع الحالي بين الحكومة المصريّة والإخوان.

واستعرضت 'الشروق' ما أسمته بنود اتفاق المصالحة، وهي 'تجميد الإخوان العمل السياسىي لمدة 5 سنوات، بحيث لا يشاركون خلالها في أي عمل سياسي حتى الإدلاء بأصواتهم في الاستحقاقات الانتخابية، ولا يقومون بأي عمل مناهض للسلطة الحالية، على أن يكونوا، في الوقت ذاته، غير مطالبين بتقديم اعتراف رسمي بها، مؤكدين أن الاتفاق يتضمن تجميد الموقف الحالي، وفي المقابل، يتم الإفراج عن السجناء وعودة المطاردين والمهجرين إلى منازلهم وأعمالهم السابقة'.

ولا زال من غير الواضح إن كان الإخوان سيقبلون بهذه الشروط، التي هي أشبه بمصادرة الحقوق السياسيّة والمدنيّة لملايين من المصوتين للجماعة، بالإضافة إلى الاعتراف بالوضع القائم، بل المحافظة عليه حتى خمس سنوات مقبلة، واشبه بما يسميه التلفزيون السوري بـ 'عودة المعارضين إلى حضن الوطن'، بعد عودتهم للعمل تحت ظل النظام في دمشق، مقابل مصادرة الحقوق السياسيّة، وهي مطالب لم يرتضيها الإخوان حتى بعيد الانقلاب العسكري.

وفي تعليق لهم على المبادرة المفترضة للمصالحة، قال نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إبراهيم منير، عند سؤاله عن أحاديث المصالحة المتتالية، خلال لقاء مع برنامج 'بتوقيت مصر' المعروض على 'التلفزيون العربي'، إنه 'لم يسمع شيئًا عن هذا الكلام'.

وأردف منير للبرنامج ذاته: 'كيف يتم اعتقال أشخاص وتعذيبهم لمدة ثلاثة أعوام، ثم يتم إطلاق صراحهم لأنهم لم يتورطوا في الدم؟' متسائلًا عن أسباب اعتقالهم بالأساس، واستطرد قائلًا إن 'الإشكالية في مصر ليست بين الإخوان والعسكر، وإنما بين الانقلابيين والشعب المصري بأكمله، الذي تم الانقلاب على تجربته الديمقراطية،' مؤكدًا أنه 'لا توجد بينهم وبين النظام العسكري وساطات أو تسويات،' ورأى أن 'هذه الأحاديث لا تهدف سوى إلى شغل الناس أو تبييض وجه الانقلاب العسكري'.

يأتي ذلك بعد يومين من مناشدة منير نفسه عبر موقع 'عربي 21'، 'حكماء شعبنا أو حكماء الدنيا أو من يرسم لنا صورة واضحة للمصالحة، نحن جادّون'.

يأتي ذلك بعد أقل من أسبوع على السماح لآخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، أحمد شفيق، بزيارة مصر والإعلان عن عودته قريبًا إلى مصر، وهو الأمر الذي فسره مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائيّة، سعد الدين إبراهيم، بأنه على وشك تولي رئاسة وزراء مصر للفترة المقبلة.

وتأتي أهميّة تصريحات إبراهيم في أنه أول من كشف من المصالحة المفترضة بين النظام والإخوان، قائلًا إنه المبادر إليها وإنها ستشمل الجميع 'حتى رموز نظام مبارك'، موضحًا أن أولى خطوات المصالحة ستتمثل في عقد مؤتمر عن المصالحة في تركيا، يشارك فيه بعض قيادات الإخوان بالإضافة إلى شخصيّات عامة ومستقلة ومحايدة 'لإثبات حسن نوايا التنظيم تجاه الدولة المصريّة'.

ومن غير المعروف إن كانت هذه التصريحات ضمن 'تكهّنات' السياسيين المصريّين أم من ضمن حراك سياسي واقعي، يسعى لمنع انفراط عقد الدولة المصريّة، خصوصًا بعد إعلان النائب العام المصري إحباط محاولتين لاغتيال السيسي والتدهور الاقتصادي الشديد في البلاد.

ومن أبرز نقاط التشكيك في جديّة المبادرة هي أنها تأتي بواسطة سعوديّة، إذ أن العلاقات بين القاهرة والرياض في أدنى مستوى لها منذ سنوات، وفق مراقبين، تجسّدت في إلغاء شحنات النفط السعودي للقاهرة وسط أنباء متواترة عن فشل وساطة إماراتيّة بين البلدين.

التعليقات