هل تتجه مصر لحل عسكري لمواجهة أزمة سد "النهضة"؟

4 خيارات وصفها خبراء مصريون بالصعبة، ربما تفكر فيها القاهرة، كسبل لإدراك السباق الإثيوبي في الانتهاء من سد النهضة، الذي تتخوف مصر من تداعياته على حصتها المائية.

هل تتجه مصر لحل عسكري لمواجهة أزمة سد

سد "النهضة" (أ ف ب)

4 خيارات وصفها خبراء مصريون بالصعبة، ربما تفكر فيها القاهرة، كسبل لإدراك السباق الإثيوبي في الانتهاء من سد النهضة، الذي تتخوف مصر من تداعياته على حصتها المائية. 

وفق أحاديث منفصلة لوكالة "الأناضول" مع خبراء، فإن هذه الأوراق الأربعة التي قد تلعب مصر أيا منها، تجمع بين تدويل ملف المفاوضات، والضغط الدبلوماسي، والتوقيع على تعهد كتابي، وعدم استبعاد حل عسكري.

وذكرت إثيوبيا أن قواتها تصدت، الثلاثاء الماضي، لهجوم مسلح شنته حركة "قنبوت سبات" (حركة 7 مايو) المعارضة والمحظورة، ضد سد النهضة، بحسب مصادر سياسية وإعلان حكومي رسمي، وحذرت إريتريا من "الاستمرار في دعم المجموعات الإرهابية" دون أن توجه لها اتهاما صريحا.

وتنتظر مصر وإثيوبيا والسودان، وفق اتفاق تم في أيلول/ سبتمبر الماضي، نتائج مكتبين استشاريين فرنسيين متخصيين "بى آر إل" و"أرتيليا" يقومان بإعداد ملف كامل عن السد وأضراره، سيتم رفعه إلى دولتي المصب (مصر والسودان) ودولة المنبع (إثيوبيا) على أن تنتهي الدراسات في آب/ أغسطس المقبل. 

وتطالب دعوى قضائية رفعها في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير إبراهيم يسري، أمام محاكم بلاده، بوقف وإلغاء الاتفاق الثلاثي لسد النهضة، الموقع في آذار/ مارس 2015، لـ"مخالفته مواد الدستور وإضراره بمصالح مصر في المياه". 

أوراق مصرية لمواجهة "النهضة" 

لواء الجيش المتقاعد، طلعت مسلم، يرصد 3 أوراق تمتلكها مصر برأيه لمواجهة أي تداعيات بخصوص تأثيرات سد النهضة، قائلا: "لا تزال هناك فرص وحلول موجودة لأزمة السد، للمحافظة على حقوق مصر في المياه، من بينها الضغوط الدبلوماسية باستخدام الوساطات الدولية، أو اللجوء للدعاوى القضائية الدولية". 

أما ثالث ورقة، فهي الحل العسكري باستهداف السد مباشرة وبينما استبعد مسلم، اتخاذ هذا الحل فورا، أشار إلى أنه "غير مستبعد، في حال استنفاذ كافة الوسائل المتاحة سابقًا" خاصة مع ما تمثله المسألة من قضية أمن قومي كبرى بالنسبة لمصر. 

ورفض مسلم، ما أسماه بـ"الاتهامات الإثيوبية لمصر في أزماتها الداخلية مع الحركات المتمردة"، مشددًا على أن "السلطات المصرية ترفض فكرة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وعلى رأسها إثيوبيا". 

الحل العسكري... حياة أو موت 

واختلف نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، مختار غباشي، مع طرح مسلم "قليلًا" فيما يتعلق بالضغط على أديس أبابا بالوسائل التقليدية، مائلا أكثر إلى المعالجة العسكرية معتبرا أن الأمور التفاوضية مآلها الفشل. 

وقال غباشي للأناضول: "إذا فشلت هذه المفاوضات لا أعرف ما هو المطروح لأن المسألة صعبة فيما هو مرتبط باكتمال السد وآليات بنائه، وفيما هو مرتبط إذا ثبت حقيقيًا أن هذا السد سيتسبب في ضرر بالغ لمصر". 

غباشي قلل أيضًا من تأثير إمكانية لجوء مصر للتحكيم الدولي في أزمة بناء سد النهضة، مضيفًا: "بعيدًا عن اللجوء للمحاكم الدولية ومثل هذه السيناريوهات، فالتفاوض مآله فشل ونجاحه الأكبر أصبح في تقليل الضرر في وقت البناء أو تغيير مسار النيل". 

وتابع غباشي أن "الجانب الإثيوبي يذكرني في تفاوضه مع مصر بشأن سد النهضة، بتفاوض إسرائيل مع الفلسطينيين في مسألة الدولة الفلسطينية، فهو يماطل ويماطل بلا فائدة". 

وحول الحلول البديلة لعملية التفاوض، قال: "لا أستطيع أن أحسم خيار توجيه ضربة عسكرية مصرية للسد، لكني أتصور أنه من المفترض أن تكون كل الخيارات مفتوحة لأن الموضوع مرتبط بحياة أو موت بحسب التصريحات المحسوبة على القيادة السياسية". 

كما استبعد غباشي فكرة التحركات المخابراتية المصرية كدعم حركات التمرد في إثيوبيا، مستشهدا بتصريحات رسمية تؤكد أن "مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأنها لا تعزز تيار على آخر داخل أية دولة". 

وفي أكثر من مناسبة ردت مصر على اتهامات بدعمها حركات التمرد الإثيوبية، كان أبرزها ما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية، أحمد أبو زيد، إن "مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى". 

وفي نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في خطاب وقتها، إنه "لا أحد يستطيع العبث بحصة مصر في مياه النيل لأنها مسألة حياة أو موت"، وذلك في تحول واضح في لهجة الحديث من قبل الإدارة المصرية الحالية حول سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق. 

الورقة الرابعة... تعهد كتابي 

وعن الخيارات المتاحة أمام صانع القرار المصري، في حالة ما إذا كان تقرير المكتبين الاستشاريين لتقييم السد المنتظر خلال الأشهر القليلة القادمة يحمل تقييمات سلبية تضر بمصر أم لا، رأى الخبير المائي المصري وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، أن "الحل في تعهد كتابي يحفظ حقوق مصر من النيل". 

وأكد في حديثه أن "مصر ليس أمامها سوى توقيع اتفاقية كتابة وليس بالوعود مع إثيوبيا تتعهد فيها أديس أبابا بشرعية حصة مصر من مياه النيل، وأن تدفقات النيل الأزرق لن تقل عما كانت عليه قبل بناء السد". 

واستبعد نور الدين وجود خلاف في الوقت الراهن بين القاهرة وأديس أبابا حول بناء السد، مشيرًا إلى أنهما ينتظران تقرير المكتبين الاستشاريين، لدراسة تداعياته، وفيما إذا ما كانت ستغير إثيوبيا من نظام التشغيل في حالة إثبات التقارير تضرر مصر. 

وقال نور الدين: إن "النقطة الوحيدة التي يجب أن تصمم عليها مصر هي أن تتعهد إثيوبيا بالحفاظ على تدفقات النيل الأزرق المبني عليه السد عند نفس مستوياتها قبل بناء السد". 

وأضاف أن "الحكومة الإثيوبية دائما ما تؤكد أنها لن تضر مصر ولا السودان بشأن السد، لكنها تماطل وتتهرب حينما نطلب منها أن تضع ذلك بصورة رسمية، كما أصروا هم على أن يوقع الرئيس السيسي نفسه بشرعية سد النهضة في الخرطوم سنة 2014". 

وأشار نزر الدين إلى أن "النقطة الغائبة عن اتفاقيات سد النهضة طوال الأشهر الماضية، تتمثل في أن مصر حتى الآن لم تضمن حقها وتركت الأمر كله في يدي إثيوبيا". 

وتطرق نور الدين إلى إعلان إثيوبيا زيادة توربينين لتوليد الكهرباء، موضحًا "مؤخرًا، إثيوبيا أعلنت تعديلات للمرة الثانية في السد لتزيد من إنتاج الكهرباء من 6 آلاف ميجا وات إلى 6.450 ميجا وات وهو رقم ليس هينا، بدون تشاور مع مصر أو السودان، بعد أن أعلنت عن توليد 5250 ميجا وات". 

واعتبر أن "زيادة عدد التوربينات مؤخرًا يعني أنه سيتم توسعة تخزين المياه، دون الانتظار لقرار المكتبين الاستشاريين". 

وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، مصدر المياه الوحيد في مصر، بينما يقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعًا له، خاصة في مجال توليد الطاقة، ولن يمثل ضررًا على دولتي مصب النيل، السودان ومصر. 

وفي 22 أيلول/ سبتمبر 2014 ، أوصت لجنة خبراء وطنيين من مصر والسودان وإثيوبيا، بإجراء دراستين إضافيتين حول سد النهضة، الأولى: حول مدى تأثر الحصة المائية المتدفقة لمصر والسودان بإنشاء السد، والثانية: تتناول التأثيرات البيئة والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة على مصر والسودان جراء إنشاء هذا السد. 

التعليقات