"صراع العروش غذى جنون العظمة والتهور لدى بن سلمان"

"يكمن صراع السلطة داخل العائلة السعودية الحاكمة، الذي ساعد على تغذية جنون العظمة والتهور لدى ولي العهد محمد بن سلمان، وراء القتل الوحشي للصحافي جمال خاشقجي"، هذا ما خلص إليه الكاتب الأميركي، ديفيد إغناسيوس، في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست"

"يكمن صراع السلطة داخل العائلة السعودية الحاكمة، الذي ساعد على تغذية جنون العظمة والتهور لدى ولي العهد محمد بن سلمان، وراء القتل الوحشي للصحافي جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده بإسطنبول، مطلع الشهر الماضي، هذا ما خلص إليه الكاتب الأميركي، ديفيد إغناسيوس، في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست"، مؤكدًا أن الصراع الذي أشار إليه بدأ في العام 2015، مشبها إياه (الصراع) بالسلسلة الدرامية الشهيرة "صراع العروش.

وأضاف في المقال الذي نشر اليوم الأربعاء، "في نهاية المطاف، أدى هذا الصراع داخل البلاط الملكي إلى مقتل وتقطيع أوصال صحافي في واشنطن بوست".

محمد بن سلمان وأعضاء مجلس الشورى

ولفت إلى "أولى مشاهد هذا الصراع بدأت في كانون الثاني/ يناير 2015، في جناح كبار الشخصيات بمستشفى الحرس الوطني في الرياض، بينما كان الملك عبد الله على فراش الموت".

ووفقًا لسعودي كان موجودًا بالمستشفى في ذلك الوقت، فإن أبناء الملك عبد الله تعمدوا تأخير إبلاغ الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الخليفة المنتظر للعرش آنذاك، بأن الملك وافته المنية، وربما كانوا يأملون في السيطرة على خزائن المال بالديوان الملكي، وإجراء ترتيبات للحفاظ على مواقع قوية لجناح الملك عبد الله، بحسب المقال.

واعتبر إغناسيوس المكائد التي حيكت داخل عائلة آل سعود على مدار السنوات التالية لوفاة الملك عبد الله تتطابق تمامًا مع سلسلة "صراع العروش".

ولفت إلى أن تداعيات الصراع وتنافس أقوى جناحين في العائلة الملكية (جناح عائلة الملك عبد الله وجناح عائلة الملك سلمان) على السلطة امتدت إلى الولايات المتحدة والصين وسويسرا ودول أخرى.

وأضاف: "مع تصاعد حدة التوتر، تجرأت الحاشية التي تحيط بمحمد بن سلمان، الابن المفضل للملك الجديد، حتى على محاولة اختطاف عضو من الأسرة المالكة من فصيل عبد الله في بكين في آب/ أغسطس 2016 في عملية تبدو كأنها فصل من فيلم تجسس". ورأى إغناسيوس أن بن سلمان أصبح أكثر قلقًا تجاه أولئك الذين يعتبرهم أعداء.

وابتداء من ربيع 2017، حسب الكاتب الأميركي، "بدأ فريق من عملاء الاستخبارات السعودية في تنظيم عمليات خطف للمنشقين في الخارج وفي الداخل"، وفقًا لخبراء أميركيين وسعوديين.

وأضاف إغناسيوس أن المعتقلين احتجزوا في مواقع سرية، واستخدم السعوديون "أساليب استجواب قاسية؛ لجعلهم يتحدثون بكل ما لديهم من معلومات، كما أُجبروا على توقيع تعهدات بأنه في حال كشفوا عما حصل معهم، فسيدفعون ثمنًا باهظًا".

وأوضح أن "هذه الدراما الواقعية استقى تفاصليها عبر سلسلة من المقابلات أجراها مع سعوديين بارزين وخبراء أميركيين وأوروبيين، في الولايات المتحدة والخارج، خلال الأسابيع الثلاثة التي تلت مقتل خاشقجي".

وقال إن تلك المعلومات تفسر دوامة الغضب والخروج على القانون التي انعكست في نهاية المطاف في جريمة خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

كوشنر وبن سلمان

وورد في المقال، أيضًا، أن الولايات المتحدة كانت تراقب عن كثب هذا الصراع داخل البلاط الملكي السعودي؛ فصهر الرئيس ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، أصبح مقربًا من بن سلمان.

فقد زار كوشنر بن سلمان، أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2017، في رحلة سرية، لم يكشف تفاصيل عنها، لكن من المحتمل أن يكونا ناقشا المؤامرات المتعلقة بالعائلة المالكة.

وبعد أسبوع من زيارة كوشنر، حسب إغناسيوس، وكان ذلك في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، قام بن سلمان بما يشبه "انقلابًا داخليًا"، حيث اعتقل أكثر من 200 أمير ورجل أعمال سعودي، واحتجزهم في فندق "الريتز كارلتون" بالرياض، وتم إعداد خطط الاعتقالات بعناية فائقة من قبل أقرب المقربين من ولي العهد السعودي في الديوان الملكي.

(أ ب)

وذكّر الكاتب الصحافي في "واشنطن بوست"، أيضًا في مقاله، إن الأمير تركي بن عبد الله، الابن الطموح للملك الراحل، "تصدر قائمة أعداء بن سلمان، الذين احتجزهم في الريتز كارلتون، ولا يزال محتجزًا".

وكان الأمير تركي "أجرى اتصالات في وقت سابق مع جهات صينية وأميركية أبلغهم فيها عن مخاوفه بشأن قرارات بن سلمان العشوائية"، حسب كاتب المقال.

ولدى تدهور صحة الملك، تم نقله بمروحية من منتجعه في روضة خريم إلى جناح الشخصيات الرفيعة في مستشفى الحرس الوطني بالرياض، محاطًا بأبنائه ومساعديه.

وبعد دخول الملك في غيبوبة حاول الديوان الملكي، وفق إغناسيوس، إبقاء أمر إصابته بالسرطان سرًا ريثما يتم الإعداد لخطة خلافته؛ حيث كان من المحتمل أن يصبح الأمير متعب بن عبد الله رئيس الحرس الوطني، آنذاك، ملكًا على السعودية.

وعندما جاء الأمير سلمان، ولي العهد في ذلك الوقت، لزيارة أخيه في المستشفى، يوم 23 كانون الثاني/ يناير 2015، وسأل عن أخيه، أخبره خالد التويجري، رئيس الديوان الملكي، أن الملك توفي، وفق ما أكده مصدر سعودي طلب عدم ذكر اسمه كان حاضرًا لهذا المشهد في المستشفى.

وحينها غضب الأمير سلمان ووجه صفعة قوية للتويجري سمع صداها على امتداد الممر الذي يقع فيه جناح الملك المتوفي، حسب الكاتب الأميركي.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، تم اعتقال التويجري في فندق الريتز كارلتون بالرياض، وهو الآن تحت الإقامة الجبرية، حسب ما ذكرت مصادر سعودية لـ"واشنطن بوست".

 

التعليقات