31/10/2010 - 11:02

أردوغان يواصل توجيه الانتقادات الحادة ؛ وإسرائيل تحاول احتواء الأزمة

أردوغان وجه خلال اجتماع مع رجال دين أتراك انتقادات شديدة لإسرائيل. وقال إن «العالم والإنسانية جلسوا على أرائك مريحة وشاهدوا القنابل الفوسفورية التي ألقيت على أطفال أبرياء في غزة».

 أردوغان يواصل توجيه الانتقادات الحادة ؛ وإسرائيل تحاول احتواء الأزمة
أثارت تصريحات رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، التي جدد فيها اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة ردود فعل إسرائيلية متباينة، ومحاولات رسمية لاحتواء التوتر. ويأتي ذلك بعد يومين من أزمة عصفت بالعلاقات بين الجانبين على إثر قرار تركيا رفض مشاركة إسرائيل في مناورات جوية بمشاركة الولايات المتحدة ودول أوروبية في الأجواء التركية.

وأبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية تصريحات أردوغان التي أوردتها صحيفة "الصباح" التركية. وذكرت الصحيفة التركية أن أردوغان وجه خلال اجتماع مع رجال دين أتراك انتقادات شديدة لإسرائيل. وقال إن «العالم والإنسانية جلسوا على أرائك مريحة وشاهدوا القنابل الفوسفورية التي ألقيت على أطفال أبرياء في غزة». وأضاف: " في قسم من دول العالم يتلقى الأطفال التعليم المتقدم وتخصص لهم مراكز طبية حديثة. ولكن في أماكن أخرى هناك يأس وجرائم حرب. والإنسانية تنظر إلى ذلك من مجالسها الوثيرة".

وعقب نائب رئيس الحكومة، سيلفان شالوم، على تصريحات أردوغان بدعوة تركيا إلى تدارك الأمور. وقال إن «التدهور في العلاقات مع تركيا الذي شهدته الأيام الأخيرة ليس في مكانه». وأضاف أن «تركيا هي دولة إسلامية هامة ولديها علاقات استراتيجية مع إسرائيل. آمل أن يتدراك الأتراك الأمور ويدركوا أن العلاقات بين الدولتين هي مصلحة لتركيا ولنا بنفس القدر». وتابع قائلا: "أيدناهم ودعمناهم كثيرا في الماضي وسنواصل القيام بذلك في المستقبل".

وقال مسؤول سياسي إسرائيلي إن «إسرائيل تبذل جهودا كبيرة لإعادة علاقات العمل مع تركيا إلى مسارها، ولكن التصريحات التي تصدر من أنقرة لا تشير إلى أرادة مماثلة». وأضاف أن «ثمة شعور أن هناك في تركيا من يدفعون باتجاه إبقاء أجواء التوتر بين البلدين».

من جانبه، حاول وزير الأمن الإسرائيلي التخفيف من حدة التوتر مع تركيا، ووصف تركيا بأنها دولة هامة ومركزية في المنطقة، وقال إن "لإسرائيل علاقات استراتيجية معها منذ عشرات السنين". وأضاف خلال لقائه مع رئيس الوزراء التشيكي، يان فيشر، أنه "رغم المد والجزر في العلاقات ولكنها هامة لنا وللأتراك لهذا لن تتضرر". وقال عن « المناورات التي كان يجب أن تجرى بمشاركة سلاح اجو الإسرائيلي لم تلغ بل أرجأت».

وتطوعت رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني لجهود ترميم العلاقات مع تركيا. وقالت في مقابلة مع التلفزيون التركي الرسمي "TRT" إن العلاقات مع تركيا ذات طابع إستراتيجي ودعت تركيا إلى الوقوف إلى جانب «معسكر المعتدلين ضد الإرهاب»، وأكدت على أهمية دفع العلاقات بين تركيا وإسرائيل باتجاه التعاون وتحقيق المصالح المشتركة. ودافعت ليفني عن العدوان على غزة الذي أثار ردود فعل تركية غاضبة وزعمت أن الحرب كانت تستهدف الصواريخ ومطلقيها. وجددت المزاعم الإسرائيلية التي تتهم المقاومة باستخدام السكان كدروع بشرية.
وكانت وزارة الخارجية التركية دعت القادة الإسرائيليين إلى التعقل في تصريحاتهم بعد استبعاد تركيا لإسرائيل من مناورات جوية ما سبب توتراً في العلاقات الثنائية.

وقالت الخارجية التركية في بيان نقلته وكالة الأنباء الفرنسية: "إن تصريحات وتعليقات عدد من المسؤولين الإسرائيليين نشرتها الصحف بشأن إلغاء مناورات "نسر الأناضول" غير مقبولة ولذلك ندعو السلطات الإسرائيلية إلى التعقل في موقفها وتصريحاتها".

وأوضح البيان "أن المرحلة الدولية للتمارين السنوية التي أطلق عليها اسم "نسر الأناضول" وكان مقرراً أن تشارك فيها إسرائيل من 12 إلى 23 تشرين الأول في تركيا، أرجئت بعد مشاورة جميع الدول المعنية".

وكانت الخارجية الإسرائيلية عقد يوم أول أمس اجتماعا طارئا لبحث «الأزمة الحادة» في العلاقات الإسرائيلية التركية، التي شهدت عدة هزات كان آخرها رفض تركيا مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في مناورات جوية مشتركة على الأراضي التركية.

وتفيد صحيفة "هآرتس"بأنه ثمة توجهين متناقضين في دائرة صنع القرار الإسرائيلية حيال العلاقات مع تركيا، الأول يرى أن تركيا لم تعد معنية بالعلاقات الإستراتيجية مع إسرائيل وأنه ينبغي إعادة النظر في تلك العلاقات، في حين يرى أصحاب الرأي الآخر أنه يمكن إصلاح العلاقات وإعادتها إلى مسارها.

ويقول مسؤول سياسي إن "تعريف العلاقات بأنها إستراتيجية أصبح من جانب واحد، وباتت القيادة التركية وخصوصا رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، غير معنية بعلاقات إستراتيجية مع إسرائيل. ويضيف: "ربما تغيرت الظروف. وببساطة انتهت العلاقات الإستراتيجية التي اعتقدنا أنها قائمة. وربما يتعين علينا أن نكون نحن المبادرين لإعادة النظر بتلك العلاقات واتخاذ خطوات". ويعتقد أصحاب الرأي الأول أنه من بين الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل تعتبر تركيا إحدى الدول المعادية لإسرائيل إن لم تكن أكثرهم عداء.

من جانب آخر وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العلاقات بين الجيش التركي والإسرائيلي، وبين وزارة الأمن الإسرائيلية ووزارة الدفاع التركي بأنها ما زالت علاقات ممتازة. ولكن الصحيفة تشير إلى أن رفض مشاركة إسرائيل في المناورات الجوية ينضم إلى سلسلة من الخطوات التركية من بينها إلغاء مشروع مشترك مع الصناعات الجوية الإسرائيلية، وإلغاء زيارة وزير الخارجية التركي بعد أن رفضت إسرائيل السماح له بدخول قطاع غزة، وإعلان تركيا أنها ستطلب طرح تقرير "غولدستون" على طاولة مجلس الأمن الدولي، والفتور في العلاقات الأمنية- الاستراتيجية بين الجانبين.

وتنقل "يديعوت أحرونوت" عن صحيفة "ميلييت" التركية أنها ترجح أن إلغاء المناورات المشتركة هي رسالة تمهد لزيارة رئيس الوزراء أردوغان لإيران، والحوار الاستراتيجي المزمع مع سوريا.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي أن «أردوغان يقود ثورة هادئة تهدف إلى إعادة تركيا إلى مجدها كإمبراطورية إسلامية». ويرى أن ثمة «مؤشرات مقلقة على أن أردوغان يقود تركيا إلى النموذج الإيراني».
وتنقل عن وزير رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية قوله:" تتولد مشكلة مع تركيا آخذة في التفاقم، تبدو كقرار سياسي من أردوغان الذي استطاع أن يفرض على الجيش تبريد العلاقات الساخنة جدا مع إسرائيل".

وتقول صحيفة "هآرتس" إنه حسب المعلومات التي بيد إسرائيل فإن قرار رفض مشاركة تركيا جاء بتعليمات من رئيس الوزراء أردوغان. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن أردوغان «هو من يؤجج التوتر ويقود نزعة حادة ضد إسرائيل». وأضافو أن «التوجه السلبي لأردوغان حيال إسرائيل بدأ بعد الحملة العسكرية على قطاع غزة».

كما ترى الخارجية الإسرائليية أن أردوغان "بدأ يتخذ مواقف وصفتها بأنها «متطرفة» حيال المشروع النووي الإيراني. حيث دعا لرفع كافة العقوبات المفروضة على إيران. علاوة على ذلك دعا إلى تركيز الجهود الدولية على المشروع النووي الذي قال عنه أنه أشد خطورة وهو المشروع النووي الإسرائيلي".

رغم ذلك ترى المنظومة الأمنية الإسرائيلية أن «التعاون العسكري بين الجيش التركي والإسرائيلي سيتواصل، ولكنه سيكون في الفترة القريبة أقل بروزا». وحسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية فإن المناورات المستقبلية «ستجرى في سماء تركيا دو الإعلان عنها». وتشير الصحيفة إلى أن «تركيا قد شاركت في مناورات بحرية مشتركة أعقبت الحملة العسكرية على قطاع غزة قبالة سواحل أنطاليا».


التعليقات