31/10/2010 - 11:02

"إعلام" يرصد عدم انعتاق الصحافة الإسرائيلية من المؤسسة العسكرية..

-

أرسل مركز "إعلام" رسالة وجهها إلى ايدن وايت، رئيس الفدرالية الدولية للصحفيين، رصد فيها عدم انعتاق الصحفيين الإسرائيليين وكاتبي المقالة من أسر الفكر والمخططات العسكرية، مشيرا إلى أن عدم تضامن نقابة الصحفيين الإسرائيلية مع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية ضحية القتل والملاحقة والقصف والتدمير هو الوجه الآخر من تغطية إعلامية لا تلتزم بقواعد التغطية المنصفة، والكشف عن جميع المعلومات، حيث المعلومات الأساسية في أوقات كهذه هي عدد القتلى والدمار الإنساني الذي تحدثه عمليات الهجوم العسكرية، تستثنى من بعض تلك القواعد صحيفة "هآرتس".

وتأتي هذه الرسالة بعد هدد الصحفيون الإسرائيليون بالانسحاب من الفدرالية الدولية اثر استنكار الأخيرة القصف الإسرائيلي على قناة "المنار" وإصابة سبعة أشخاص، ثلاثة منهم جراحهم خطيرة، في الوقت الذي لم تنبس فيه نقابة الصحفيين الإسرائيلية ببنت شفة عندما يتعرض الصحفيون إلى قتل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي في المناطق المحتلة، وعندما تعرض طاقم الجزيرة خلال الأيام الحالية إلى 3 اعتقالات متكررة وغير مبررة من قبل الشرطة الإسرائيلية، هي بنفسها نتيجة مباشرة لتحريض على قناة "الجزيرة" من قبل إذاعة صوت إسرائيل، ووصف معاريف للجزيرة بال "البث المشبوه" دون أي استئناف على ملاحقة زملاء في المهنة، هو بمثابة مطالبة بملاحقة ومطاردة صحفييها. كما تصر النقابة على صمتها أثناء تعرض الإعلام الإسرائيلي في هذه الأيام لأوامر رقابة عسكرية "غير مبررة" و"غير منطقية" على حد تعبير بعض الصحفيين الإسرائيليين.

وجاء في الرسالة أن الإعلام الإسرائيلي سد تماما الأفق السياسي، وكان "كالصوت المتعطش للحرب"، وأبرز خطابا عسكريا واضحا ومؤيدا، ليس فقط للنزعات الحربية والعسكرية للجيش وللسياسة في إسرائيل بل أيضا لما سماه هو نفسه "السير إلى النهاية". نخبة كاتبي المقال كرسوا بلاغتهم وقدراتهم الفكرية لإعطاء الاستراتيجيات العسكرية دون غيرها مطلق الحرية.

خوف الإعلام الإسرائيلي لم يكن من استعمال غير عقلاني وغير أخلاقي للقوة العسكرية، أو لأية قوة أخرى، ولم يكن تحديد استعمال القوة ومحاسبة سوء استعمالها، ولم يكن فحص نجاعة الحلول العسكرية، ولم يكن فحص الأبعاد الإنسانية والسياسية من القتل والتدمير، بل كان التأكد من "قوة إسرائيل"، دون أن يسأل السؤال ماذا تفعل إسرائيل بتلك القوة، السؤال الذي نستطيع أن نعرفه كمبرر لوجود الإعلام، وكامتحان لمهنيته وأخلاقياته. بل وذهب الإعلام إلى أبعد من ذلك، إلى حد استفزاز الجيش والحكومة بالرد العنيف.

أحد أبرز كاتبي المقالة تحدث باحتفالية عن بدء الحرب، مذكرا بقارع طبول الحرب عندما هلل " دقت ساعة الحرب". و تكلمت معاريف عن ضعف الحكومة الإسرائيلية إذا لم ترد بقوة، وعن مطالبتها الحكومة بـ" الرد بقوة ". عمير رابابورت ذهب إلى حد وصف السلوك المقبول بل والواجب لإسرائيل بأنه "عربدة بشكل مدروس"، وطمأن محرر الصحيفة الجيش والسلطات السياسية بأن "الشعب في إسرائيل كما حكومته يستطيع امتصاص ضربات موجعة في الجبهة الداخلية!!

وحذر كاتبو المقالة من "أنه على القيادة أن تمتنع من أي اعتبارات خارجة عن الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية". واعترف البعض بوجود "منطق معدني وبارد (للجيش الإسرائيلي)، الذي يقتل وينتقم"، لكنهم لم يعترضوا على ذلك وحتى لم يتحفظوا ، بل اعترضوا على عدم مرافقة هذا المنطق المعدني والبارد بصوت يفسره!

نتيجة لامتناع الإعلام أيضا عن أي "اعتبارات خارجة عن الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية" يمتنع الإعلام عن إعطاء معلومات حول عشرات القتلى اللبنانيين يوميا، وعن تدمير قرى كاملة، وعن استهداف حافلات تقل النازحين الهاربين من الدمار والموت.

من جهة ثانية أرسل المركز رسالة إلى المستشار القضائي للحكومة ضد ملاحقات الشرطة الإسرائيلية لمراسلي الجزيرة الصحفي إلياس كرام ومدير مكتب القدس وليد العمري.

وجاء في الرسالة أن "الجزيرة" قامت بتصوير أماكن سقوط قذائف الكاتيوشا كما تتطلب منها مسؤوليتها الصحفية، وأنها قامت باستعمال حقوقها وحريتها في التنقل والعمل ليس إلإ، كما انتهجت جميع وسائل الإعلام ذلك، إلا أنها تميزت عن غيرها بسرعة الوصول للمعلومة، وبعدم اعتماد النهج الدعائي والعاطفي في التغطية، وفي نجاحها في بوصولها إلى ملايين المشاهدين العرب الأمر الذي تفتخر به أي مؤسسة إعلامية، والأمر الذي ربما أثار حفيظة السلطات الإسرائيلية. ويعتبر المركز "الجزيرة" نموذجا مغايرا في الإعلام الإسرائيلي والغربي معا، لأنه الإعلام الوحيد الذي يخضع للميدان وما يحدث من وقائع حية على الأرض، دون أن يسقط في اعتبارات دبلوماسية القوة وسياسة القوة التي تعبث في أيامنا هذه.

التعليقات