31/10/2010 - 11:02

إنتصارات؟ لا يوجد شيء كهذا

-

إنتصارات؟ لا يوجد شيء كهذا
علاوة على أكوام الجثث في الجانبين، والحزن والثكل لدى الشعبين، ومن خلال أصوات زعماء إسرائيل المكسّرة، يمكن استشعار المرارة. طعم تفويت الفرصة القتالية القادمة. منذ حرب الأيام الستة لم ننتصر أبدا. استطعنا أن نفلت من مصيبة في الـ 73، تورّطنا لكننا نجونا في الـ82، ولا تنقص الأمثلة الأخرى. لماذا يحدث هذا؟ لماذا تنتهي حروبنا بنغمة ضبابية ثابتة؟

أعتقد أنه لا يمكن بعد الإنتصار في الحروب. ليس فقط أننا لا نستطيع، وإنما لا يستطيع الغرب كله. من الصعب أن أتذكّر حربا واحدة في الستين عاما الأخيرة انتصرت فيها الولايات المتحدة نصرا مبينا. فقد تمّ قضم درزدن وبرلين بشكل حاد، وأبيدت هيروشيما ونيكازاغي، ومنها خرج الغرب إلى سبيل جديد.

لقد تخلت أوروبا بشكل تام تقريبا عن إمكانية الحرب. فهي لا تحارب وعليه لا يمكن فحص قدرتها على النصر في الحروب. في المقابل، أخذت الولايات المتحدة على عاتقها مهمة المسؤول الأساس عن العنف السياسي الغربي. فهي تملك جيشا كبيرا، وتعرف أفضل من الآخرين تنظيم قواتها في نقاط الإنطلاق، لكن من هناك وصاعدا يتعثّر أمر ما دائما. أمريكا ايضا لا تنتصر. فكوريا لم تكن نصرا باهرا، وانتهت حرب فيتنام بالخزي والعار، بينما لا يمكن تعريف حروب الخليج على أنها انتصارات عسكرية باهرة.

هنالك على ما يبدو في الحمض النووي الغربي أمر ما لا يتيح له الإنتصار في الحروب "مثلما كان سابقا". لا يمكن للحضارة الغربية بعد أن تشنّ حربا أحد أهدافها الإبادة. لا أخلاقيا، ولا على مستوى جنودها لتنفيذ أعمال هي جرائم في عالم قيمهم المدنية.

لقد منحت حروب القرن الفائت، بما فيها الكارثة – اليهودية – الغرب عظات واستنتاجات أهمها أخلاقية فنّ الحرب: من إبادة العدو وإهانته، إلى الحفاظ على قدرته لترميم ذاته، وإلى حفظ كرامته لكي يتحول من خصم إلى شريك. فقد تم استيعاب الخطأ الذي حصل بالنسبة إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى حيث تحوّلت ألمانيا إلى مركّب اساسي في التشكيلة الغربية الجديدة. لم تمسّ كرامة اليابان، وها هي حليفة أمينة للغرب الديمقراطي. هناك بدأت طريق الإنتصار من النوع الجديد. الذي لا يقضي على إمكانية النقاش مع خصوم الأمس.

هنالك على ما يبدو علاقة فيما بين عمق التزام المجتمع بحقوق الإنسان، كرامته وحريته، وما بين استعداد الجندي الذي يبعثه المجتمع إلى المعركة لإبادة الإنسان الآخر تماما. كلما تعمّق مفهوم الحريات كلما ضعف الإستعداد لقطع رأس العدو.

من هنا يطرح السؤال، كيف يحارب مجتمع العدالة أعداءه الذين لا يدينون بقيمه، وكيف يعرّفون مجدّدا ما هو النصر؟

أعتقد أنه إذا كانت إبادة العدو هي الهدف، فإنّ مصير هذه الحرب الفشل. ولأسباب ندركها جيدا، لا يمكن إبادة شعوب بعد أو، قمع طموحها للإستقلال. ولأسباب ليست أقل أهمية، نأمل أن لا يكون لدينا جنود على استعداد لأن يبيدوا لأجل الإبادة فقط. فهدف الحرب الحديثة يجب أن يكون خلق ظروف لنقاش. وإذا لم يتم نقاش مع العدو، فإنه الفشل.

عليه، يبدو أن القيادة الإسرائيلية ستفشل باسمنا، تماما مثل القيادة الدينية الفلسطينية التي تقود شعبها إلى فشل أساسه تجاهل التحوّل في مفهوم الإنتصار: من الحسم إلى النقاش، من القتل إلى بناء الجسور. مثل الجسور التي أقيمت أخيرا من على المياه بين بيرل هاربر وهيروشيما، درزدن ولندن، دابلين الكاثوليكية وتلك البروتستانتية، هنالك جسر من سديروت إلى غزة. من لا يسير عليه فإنه يقود شعبه إلى فشل في جميع حروبه.

التعليقات