31/10/2010 - 11:02

"الإعلام الإسرائيلي ناطق بلسان الجيش الإسرائيلي"

تقرير "كيشيف" تناول 135 تقريرًا في "يديعوت احرونوت" و"معريف" و"هآرتس" والقنوات التلفزيونية الثلاث، ويؤكد أن مقتل فلسطيني بنيران الجيش الإسرائيلي ليس خبرًا، إلا إذا كان مقتله أثناء عملية "تصفية" *

أعدّ مركز "كيشف" (مركز حماية الديمقراطية في إسرائيل ) تقريرًا رسميًا تحت عنوان "بيع بالتصفية"، والذي وصلت نسخة عنه إلى موقع "عرب 48". تبين منه أن الإعلام الإسرائيلي "ينطق بلسان الجيش الاسرائيلي" من حيث التغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وقد قام بالتحقيق وكتابة التقرير كل من: شيري ايرام، ميخال هرئيل، غوفر فلودفسكي، كارمي لاكار وشمري تسميرت، بتمويل من "الاتحاد الأوروبي".

ويقول مركز "كيشف" إنّ "الإعلام الإسرائيلي يعطي اهتمامًا قليلا للأحداث التي يتم خلالها قتل فلسطينيين من نيران قوات الأمن الإسرائيلية؛ وغالبيتها لا يتم نشرها بتاتًا؛ وحوادث "التصفية" يتم تناولها ضعفي حوادث القتل الأخرى؛ وتصريحات الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي هي القاعدة الأساسية لغالبية التقارير، ولا يتم بتاتًا انتقاد التصفيات إلا نادرًا".

وتناول تقرير "كيشف" الجديد التقارير الإعلامية في الصحافة العبرية حول قتل الفلسطينيين بايدي الجنود الإسرائيليين. وتناول التحقيق التقارير الصحفية في "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" و"معاريف" وكل نشرات الأخبار في القناة الأولى والثانية والعاشرة في شهر ديسمبر-كانون الأول 2005، حيث تم فحص 135 تقريرًا.

ونستشف من التقرير أن الإعلام العبري قلما ينشر تفاصيل حول مقتل فلسطينيين بايدي الجيش الإسرائيلي، إلا في حالة ما يسمى "التصفية". ويقول التقرير إنّ 75% من التقارير في الإعلام العبري حول نشاطات القتل التي قام بها الجيش تأخذ بتصريحات الجيش فقط، وحتى لو تم تناول تصريحات من مصادر فلسطينية، فإن هذه التصريحات لا يتم وضعها في أماكن مركزية في التصريحات الصحفية.

ويقول التقرير إنّه منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية قُتل أكثر من 3000 فلسطيني بيد الجيش الإسرائيلي، وفي نفس الفترة قُتل ألف إسرائيلي بايدي فلسطينيين. وفي الفترة الممتدة بين 24 أغسطس/ آب وحتى 1 ديسمبر-كانون الأول من العام 2005، قتل الجيش الإسرائيلي 60 فلسطينيًا. ولكن صحيفة "معاريف" نشرت عن 22 حالة قتل، وفي "يديعوت احرونوت" نشروا عن 14 حالة قتل، في حين نشرت "هآرتس" عن جميع حالات القتل، ما عدا أثنتين.

ويكشف تقرير المركز النقاب عن أن "80% من حالات "التصفيات" تم نشرها في الصحف وفي نشرات الأخبار التي تم فحصها، مقابل 46% من حالات القتل الأخرى. ما يعني أن كل حالة قتل ليست عملية "تصفية" لناشط فلسطيني، تم النشر عنها في الصحافة الإسرائيلية أقل مرتين من الحوادث التي سميت عمليات "تصفية"".
ويضرب التقرير عدة أمثلة حول كيفية نشر التقارير في الصحافة العبرية، ويؤكد أن النشر يأخذ بأقوال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بصورة خاصة، ويضيف: "على سبيل المثال نشرت "يديعوت أحرونوت" تقريرًا في الـ14 من ديسمبر عن عمليات الجيش الإسرائيلي في نابلس على صفحتها الثالثة، تحت عنوان: "المحاربون خرجوا لعمليات في نابلس، والمستوطنون خرقوا اطارات جيباتهم العسكرية". ومن التقارير التي نشرت حول العملية في وسائل إعلام أخرى اتضح أنه كانت هناك مظاهرات ضد قيام الجيش الإسرائيلي باعتقالات، وقام الجنود بقتل فلسطيني وجرحوا الكثيرين. في "هآرتس"، نشروا تقريرًا في الصفحة السادسة، كتبوا فيه: "في مواجهة أخرى في مدينة نابلس قتل حسام صقر، ابن 22 عامًا، خلال مواجهات قاسية بين متظاهرين فلسطينيين وقوة من الجيش الإسرائيلي الذي دخل أمس إلى نابلس للقيام بحملة اعتقالات".

أما في تقرير مصوّر بث الدقيقة الثامنة من نشرة الأخبار في القناة الثانية، في الـ13 من ديسمبر، فقال نير دفوري: "... ويقول الفلسطينيون إنّه لم يكن مسلحًا. سيارات إسعاف أخلت أكثر من 20 جريحًا فلسطينيًا". في "يديعوت أحرونوت" اختاروا أن يشطبوا من تقريرهم حقيقة مقتل شاب فلسطيني، في حين اختاروا عدم ذكر هذه العملية بتاتًا في "معاريف" والقناة العاشرة الإسرائيلية.

ويؤكد معدو التقرير أنه في حالة عدم الحديث عن "تصفية" فان ذكر مقتل فلسطينيين يتم بصورة هامشية، وفقط من يجد في البحث يعثروا عن حقيقة مقتل إنسان فلسطيني. ففي الثالث من ديسمبر-كانون الأول 2005 قتل الجيش الإسرائيلي الصياّد الفلسطيني زياد اسماعيل، وماذا كتبت الصحافة الإسرائيلية حسب التقرير: "العنوان الرئيسي في نشرة أخبار القناة العاشرة كان "مواجهات بحرية في قطاع غزة؛ في جيش الدفاع يتخوفون من قوارب مفخخة".

أما حقيقة أنه تم قتل فلسطيني فجاءت على لسان شاهد عيان فلسطيني، في عمق التقرير، حيث قال: "البحر مغلق بالنسبة لنا. سفن الدبور الإسرائيلية تطاردنا وتطلق النار علينا كل الوقت. الدبور طاردته وقتلته في البحر". حقيقة القتل جاءت في كلمة واحدة في الترجمة العبرية للتصريحات العربية التي أدلى بها شاهد العيان الفلسطيني. وفي تقرير مشابه للصحفي ألون بن-دافيد، تحدث عن مقتل فلسطيني كأمر عادي في نشرة أخبار القناة العاشرة في 22 من ديسمبر/ كانون الثاني، بعد تقرير تناول حماية القواعد العسكرية من إطلاق صواريخ القسام".
ويكشف مركز "كيشف" النقاب عن أنه بكل ما يتعلق بالتقارير التي تتناول حوادث قتل فلسطينيين، تميل وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى نقل البيان الإعلامي للمصادر الأمنية الرسمية فقط. في 75% من التقارير الصحفية عن أحداث يقتل فيها فلسطينيون (35 من أصل 48)، فإن المصدر الوحيد الذي ينقل ما حدث في المكان هو مصدر عسكري أو أمني، والذي تم أخذه وكأنه حقيقة واقعية. ولم يتم مواجهة هذه البيانات مع بيانات لمصادر فلسطينية أو مصادر إسرائيلية أخرى ولم يقوموا بأي تحقيق شخصي حول ما جرى لفحص حقيقتها.

ويلخص معدو التقرير بالقول: "الإعلام الإسرائيلي يميل إلى عدم إعطاء أهمية للحوادث التي يقتل فيها فلسطينيون من نيران الجيش الإسرائيلي، ولا تقوم بالنشر عن غالبيتها، وحين تنشر عنها فهي تعتمد بالأساس على مصادر أمنية إسرائيلية ولا تعطي للمشاهدين أو القراء تحقيقات أو بيانات أخرى".

وينتقد التقرير بشدة سياسة التحرير في الإعلام العبري واستعمال مصطلحات مخففة لقتل فلسطينيين من قبل جنود إسرائيليين، والتي تتلاءم والنظرة الرسمية الأمنية في إسرائيل. ويؤكد مركز "كيشف" أن هذه التقارير تؤكد أن الإعلام الإسرائيلي يخطئ في تنفيذ مهمته المركزية في مجتمع ديمقراطي، وهو أن ينقل التقرير وينتقد، وأن يبذل الجهد في منح الجمهور الصورة الكاملة من الأحداث المركزية".

ويتابع التقرير أيضًا عمليات "التصفية" التي قام بها جيش الاحتلال في شهر شباط/ فبراير من العام الحالي، حيث استشهد 11 فلسطينيًا في أسبوع، وحول انتقاد الأمين العام للأمم المتحدة لهذه العمليات التي هي عمليات إعدام بدون محاكمة. وقد اختارت كل من "يديعوت احرونوت" و"معاريف" ابراز تصريحات عنان على صفحاتها الأولى، في حين لم تعرها كل من "هآرتس" والقنوات التلفزيونية الثلاث أي اهمتام!

التعليقات