31/10/2010 - 11:02

صوت صارخ في صحراء الإعلام الإسرائيلي..

-

صوت صارخ في صحراء الإعلام الإسرائيلي..
نشر موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الالكتروني بالعبرية (واينت) مقابلة خاصة مع رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، النائب د.عزمي بشارة، حول موقفه من العدوان الاسرائيلي على لبنان.

وشدّد بشارة من خلالها على أنَّ العدوان الاسرائيلي يجري بأدوات أمريكية، مؤكداً على أنَّ "حزب الله لن يهزم في هذه الحرب".

ويذكر أنَّ بشارة لا يكثر من المقابلات لوسائل الإعلام العبرية في الآونة الأخيرة، خاصة وأنَّ الاعلام العبري يتجنب بحث آرائه بشكل عقلاني، سواء كان حول المجتمع الإسرائيلي، أم الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، واللبناني مؤخرًا.

وثمة مقاطعة معلنة وغير معلنة له من قبل الوسائل الاعلام العبرية، حيث اقتصرت الانباء الصحفية عنه على تصريحات قصيرة او أخبار تدخل في سياق التحريض عليه بعيون اسرائيلية. وهو، من جهته، رفض الظهور في برامج ثرثرة رخيصة يعتقد ان الظهور فيها يضر ولا ينفع.

ولعل أبرز ما ميّز المقابلة التي أجراها د. بشارة في "واينت" هو الكم الهائل من الردود التي فاقت الألف ومائة رد يندرجون بأغلبيتهم ضمن التحريض المعلن والأرعن ضد بشارة والأقلية الفلسطينية في الداخل، وتم تزييف ردود فعل باسم عرب وفبركتها باسماء مغايرة ضد بشارة وحزب الله. كما كانت هنالك بعض القليلة جدا المؤيدة لمواقفه.

وكان من بين الردود: "جنوب لبنان ينتظر عرب اسرائيل"؛ "لم ننس لقاءك مع نصر الله قبل اربع سنوات"؛ "كيف تمنحون الخوميني منصة في موقعكم"؛ "يجب ادخال هذا المجرم إلى السجن"؛ "كموا أفواه بشارة وأمثاله"؛ "أنت مخرب"؛ "اذهب الى غزة، سنحاسبك بعد الحرب"؛ "بعد الانتهاء من حزب الله يجب ان نتفرغ لك" "لماذا لا يقتل الموساد أمثال بشارة وهم صغار؟ كان يفعل ذلك في السابق"...

ويذكر أيضًا أن الاجواء السائدة في اسرائيل هي أجواء تحريض، تصل درجة التحريض الدموي، الى درجة تعميم ضابط الكنيست ووحدة حراسة الشخصيات تكثيف الاجراءات الامنية حول نواب عرب، منهم النائب بشارة، والطلب منهم ان يبلغوا عن اماكن تحركاتهم!!

وجاء في مقدمة المقابلة التي منحها بشارة لـ "واينت": "أن الفضائيات العربية المختلفة، في سوريا ولبنان ومصر والأردن والجزيرة تكثر من استضافة المفكر د. عزمي بشارة، وتنشر مقالاته الفكرية والتحليلية في صحف عربية، لكنه يرفض أو يتحاشى غالبًا الظهور في وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث لا يقبل تحول النائب العربي العربي فيها، بحسب ما يقول، الى "كيس رمل للملاكمة التحريضية".

ولم يخف د. بشارة من خلال نفس المقابلة ما يقوله دائمًا في الإعلام العربي، ومن على المنابر الاعلامية العربية والاجنبية على حد سواء، مشدّدًا هذه المرة وبالعبرية على "أن آراءه التي يهاجم نتيجتها هي الآراء التي تحظى بتأييد غالية العالم، لا يشمل الولايات المتحدة" وهذا ما قاله أيضًا في مقابلة منحها لصحيفة "هآرتس" الاسرائيلية ( الترجمة عن العبرية):

يتعرض النواب العرب الى هجوم غير مسبوق لمواقفهم من العدوان الإسرائيلي على لبنان التي تتفق لدى جميعهم على التنديد والإستنكار، لكن الهجوم الأكبر برز ضد مواقف النائب بشارة لما اعتبرها هؤلاء مواقف تفوق في حدتها "مواقف العدو ذاته"!

واعتبر د. بشارة العدوان الحالي واستمرار المعارك على بلاد الأرز مجازر بقوله إن "إسرائيل تنفّذ مجازر ضد لبنان وعملية إبادة مجتمع ضد الشيعة" في لبنان..

أما بخصوص الهجمة الشرسة على النواب العرب وأجواء الحقد على العربي في الكنيست، يقول بشارة: "هناك تشويه وتحريض ضد النواب العرب في الكنيست في الآونة الأخيرة. فهنالك أعضاء كنيست يهود جدد، لا أعرف أسماءهم، يشاركون في الحملة ويوجهون الينا تهما كأننا طابور خامس. إن ذلك دون مقامي ولن أرد عليهم كي لا يحظوا بشهرة إعلامية".

وقال بشارة: "ليس لدي مشكلة في أن يتحدّثوا ضدي وحتى أن يحرّضوا ضدي، لكن يجب أن يرتكزوا على حقائق وليس على أكاذيب. هنالك من ادّعى مثلا أني أتجسّس لمصلحة حزب الله وهذه افتراءات. لكنهم يقولون ذلك لأنهم تعوّدوا على العربي الذي ينافق لهم أو يشتمهم، هؤلاء الناس لا يمكنهم حتى أن يفهموا بعض الكتب التي أكتب والأفكار التي أطرح. لذا فهم مضطرون الى تصغيري".

أما عن تعبير "طابور خامس"، قال بشارة: "لو أن هؤلاء الأشخاص كانوا أدركوا التاريخ اليهودي، لم يكونوا ليجرؤوا على استعمال التعبير "طابور خامس". فلو أنهم درسوا لكانوا لاحظوا أنهم استعملوا هذا الإصطلاح واصطلاح الخنجر في الظهر في ألمانيا وفرنسا في أيام الحرب العالمية الأولى ".
واعتبر بشارة من خلال المقابلة العدوان على لبنان حربا أمريكية بأدوات إسرائيلية، قائلاً:" لا أفهم لماذا يدّعون أن آراءنا ضد الجمهور؟.. ماذا، هل هذا سيئ أنني لا أريد أن يقتل أبناء وبنات لأجل الولايات المتحدة؟ وهل هو أمر سيء أنني ضد الحرب؟.. وبالمجمل، التهديد الذي رسموه من جانب حزب الله، ففي رأيي جميع العواصم العربية معرضة لتهديد إسرائيلي مباشر أكثر بكثير من تهديد حزب الله لإسرائيل. ولقد قرروا في لبنان أن يكون لديهم أسلحة رادعة لإسرائيل، لكن من الذي أوصلهم الى وضع استعمال هذا السلاح"؟..

ووجّه بشارة إصبع الإتهام الى الولايات المتحدة، التي تدعم ممارسات إسرائيل في لبنان بقوله: " ثمة التقاء مصالح في هذه الحرب ما بين الأجندة الأمنية الإسرائيلية وما بين الأجندة السياسية الأمريكية. حتى أن أولمرت لم يخف ذلك إذ قال إنه يحظى بدعم أمريكي وعربي للاستمرار في العمل. وهكذا، خرجت قيادة جديدة وغير مجربة مع الجيش الى الحرب – خرجوا الى حرب ضد منظمة، علما أن لا احتمالات لهم بالإنتصار. ولذا فهم يحاربون المجتمع اللبناني ويحاولون جباية الثمن منه. ماذا يعني 750 ألف لاجئ؟.. إنهم يقصفون شعبًا كاملاً ويحرثون قراه بالقذائف والصواريخ. لا شك في أن الحرب لم تندلع بسبب اختطاف جنديين، إنما الرؤية الأمريكية ورعونة عمير بيرتس، الذي يعترف بأن المنطقة ستكون أفضل بعد هذه الحرب. هل ولد كل هذا في ليلة واحدة؟!!

وتطرق د. بشارة الى مجزرة قانا التي ذهب ضحيتها عشرات المواطنين اللبنانيين من الأطفال والنساء، فأكّد على أنه بالرغم عمّا يدّعون" فإن إسرائيل تضرب المدنيين يقصد في مرات عديدة. إنه تقليد الـ - 101 – كما حدث في قبية وفي الكثير من الحالات الأخرى والذي يحصل هذه المرة أيضا.. ينفذون هنا إبادة مجتمع للشيعة، والأمر طبيعي أن نستنكر هذه الخطوة. بل في رايي لم يقال ما قيل حول هذه المذابح بالحدة الكافية"..

وحول ما يعتقده بشارة فيما يتعلق بمسؤولية حزب الله عمّا يجري في لبنان أجاب: " إذا قلت إنهم يتحملون مسؤولية فهذا يعني أن هنالك ذريعة تتحوّل الى سبب للحرب. لقد دخلت الحكومة الجديدة هنا في ضغط، وتورّطت في غزة ولبنان، إتخذت قرارات مخطوءة بدعم أمريكي، فهل تريدون مني أن أمنحها الذريعة؟.. مهمتي أن أقول إن هذا مشروع سياسي أمريكي، ولو أن أمريكا أرادت لكانت وفّرت السلّم لإسرائيل للنزول عن الشجرة (تعبير عبري لمن قام بخطوة اكبر منه وتورط)".

بحسب بشارة، "لا يمكن التسليم بوضع تستمر فيه إسرائيل بالتدخّل كل الوقت بما يجري في جنوب لبنان. لقد راكم حزب الله قوة وأقام بنى تحتية من أجل ألا يكون سهلا على إسرائيل الدخول اليها كما حصل عام 1982وهذا ما ترونه بالفعل. ولقد عزز هذا لدى اللبنانيين ما يقوله حزب الله منذ عام ونصف – أن الأمر هو استراتيجية دفاعية. وبالمناسبة، فإن شعبية حزب الله في العالم العربي ما فتئت تسجل أرقاما قياسية غير مسبوقة. في رأيي، لن تنجح إسرائيل أن تحقق إنجازات عسكرية، وحتى لو حصل هذا فإنها لن تفلح أن تترجمها إلى انجاز سياسي لأنها لن تجد لها شريكا في لبنان. ستتورط إسرائيل في لبنان ولذا عليها أن تبحث عن أول سلم للنزول عن الشجرة، بدل أن تنفذ الأجندة التي لم تكن منذ البداية في رأس متخذي القرارات هنا. فلن يهزم حزب الله"..

يمكن الإتفاق أو الإختلاف مع إدّعاءات بشارة، لكن من الصعوبة بمكان تفنيد إدعاءاته ضد طريقة ممارسة الديمقراطية الإسرائيلية، فهو يقول إن "الديمقراطية الحقيقية تعني أنه لا يمكن أن يكون فيها إجماع. ويصح هذا في أوقات السلم وفي أوقات الحرب. إن من يعارض الحرب لا يحمل رأيا محتملا فقط وإنما من الواضح أنه قد يكون على حق. فالتاريخ مليء بالأمثلة عن حروب ليست عادلة نشبت من خلال إجماع قومي، آخر هذه الأمثلة الحرب الأمريكية في العراق. إن الحرب على لبنان هي حرب اختيارية ولا شك لدي بذلك"..

وأشار بشارة الى أن الوقت هو "موسم التحريض على النواب العرب.. فما العمل، ونحن منفتحون على عالم آخر، العالم العربي. فاللغة العبرية هي لغة خمسة ملايين وأكثر قليلا، فيما اللغة العربية هي لملايين أكثر قليلا!!... وما يعتبرونه هنا آراءً متطرفة هو في العالم العربي رأي وسطي ومعتدل"...

التعليقات