14/11/2011 - 16:29

تصاعد الجدل حول قانون تمويل الجمعيات؛ ودول اوروبية تهدد بوقف التعاون مع إسرائيل

يعكس القانونان حالة التطرف التي تجتاح المجتمع الإسرائيلي، ويهدفان إلى إضعاف المنظمات الأهلية العربية واليسارية التي تنتقد وتفضح وتعترض على السياسات الإسرائيلية، خاصة تلك التي تنشط في المحافل الدولية.

تصاعد الجدل حول قانون تمويل الجمعيات؛ ودول اوروبية تهدد بوقف التعاون مع إسرائيل


لا زال مشروع القانون الذي يفرض قيودا على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان، الذي اقرته لجنة وزارية يوم أمس، يثير جدلا صاخبا بين مؤيدين ناقمين على دور تلك المؤسسات في فضح السياسات الإسرائيلية، وبين معارضين يرون أن القانون يضر بصورة إسرائيل ومكانتها عالميا. وكشف مصدر إسرائيلي أن الاتحاد الأوروبي هدد بوقف الدعم الممنوح للمستشفيات والجامعات الإسرائيلية إذا ما اقر القانون نهائيا.

وقد اقرت لجنة القانون والدستور يوم أمس، وبرغم معارضة مكتب المستشار القضائي للحكومة، مشروعي قانون يفرضان قيودا على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان، الأمر الذي من شأنه أن يجفف منابع تمويل العديد مؤسسات حقوق الإنسان والجمعيات التي تعري السياسات العنصرية داخل الخط الأخذر وفي المناطق المحتلة عام 1967، لكن الوزراء حفظا لهم خط رجعة باشتراط إقرار القانونين بشكل نهائي بطرحهما مجددا على اللجنة قبل طرحهما في الكنيست.

وأعرب المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يهودا فينشتاين، عن معارضته لمشروع القانون الذي يفرض حظرا على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان من حكومات غربية، وقال إن القانون ينتهك حرية التعبير وحرية التجمع(التنظيم)، وتوقع أن لا يمر في المحكمة العليا حتى لو حظي على موافقة الكنيست. كما أعرب فينشتاين عن معارضته لمروع قانون آخر قدمه حزب يسرائيل بيتينو يفرض ضريبة مرتفعة على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان.
تلويح أوروبي بوقف التعاون
ونقلت صحيفة "معريف" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست أوفير أوكيانوس(ليكود)، ومشروع القانون الذي قدمه حزب يسرائيل بيتينو، الذان يفرضان قيودا على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان، من شأنهما أن يثيرا ردود فعل عالمية صاخبة تفوق ردود الفعل التي اعقبت قانون المقاطعة . واضاف المسؤول إن دولا أوروبية عديدة هددت بوقف الدعم لمؤسسات إسرائيلية كالمستشفيات والجامعات إذا ما اقر القانونان في الكنيست.

ويشهد الجدل حول مشروعي القوانين جدلا في دائرة صنع القرار الإسرائيلية، وحذر وزراء ومسؤولون كبار من تداعياته على صورة ومكانة إسرائيل. ووصلت حدة الجدل إلى حد التجاذب بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يؤيد القانون، وبين رئيس مجلس الأمن القومي، يعكوف عامي درور، الذي يرى، رغم أنه يصنف على اليمين المتطرف، بأن القانون يضر بمصالح إسرائيل.

ويفرض مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست أوفير أكونيس من حزب "الليكود" قيودا على حجم تمويل مؤسسات حقوق الإنسان من دول أجنبية، والتي غالبا ما تكون من الإتحاد الأوروبي، بعشرين ألف شيكل (حوالي 5500 دولار)، فيما يطالب مشروع القانون الذي قدمه حزب "إسرائيل بيتنا" بفرض ضريبة بنسبة 45% على التبرعات من دول أجنبية لمنظمات المجتمع المدني.
قانون يعكس حالة التطرف
ويعكس القانونان حالة التطرف التي تجتاح المجتمع الإسرائيلي، ويهدفان إلى إضعاف المنظمات الأهلية العربية واليسارية التي تنتقد وتفضح وتعترض على السياسات الإسرائيلية، خاصة تلك التي تنشط في المحافل الدولية.
وتصاعدت حملة أحزاب ومنظمات اليمين الإسرائيلية ضد مؤسسات حقوق الإنسان العربية واليسارية بشكل كبير عقب تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، "غولدستون" حول الحرب على غزة في نهاية العام 2008 وبداية العام 2009، التي ترأسها القاضي الجنوب أفريقي اليهودي ريتشارد غولدستون، واتهم إسرائيل بانتهاك القانون الدولي وقوانين الحرب وارتكاب جرائم حرب.
متطرفون يعترضون خوفا على صورة إسرائيل
أيد مشروع القانون في اللجنة الوزارية الإسرائيلية، 11 وزيرا وعارضه 5 وزراء وامتنع وزيران من حزب شاس عن التصويت، فيما لم يحضر وزير القضاء يعكوف نئمان الجلسة. أيد القانون ودافع عنه بشدة الوزراء ليمور ليفنات غدعون ساعر، غلعاد إردان، يولي أدلشتين، موشي كحلون، دانئيل هرشكوفيتش، يتسحاك أهرونوفيتش، يوسي بيليد، ستاتس مسيزنكوف، يوفال شطاينتس، وعارضه من منطلق أنه يضر بصورة إسرائيل الوزراء: بيني بيغين، دان مريدور، أوريت نوكيد، ميخائيل إيتان وشوالوم سمحون. وامتنع وزيرا شاس: يعكوف مرغي ومشولام نهاري.
واعتبر بيني بيغين أن للقانون تداعيات بعيدة المدى على مكانة إسرائيل، فيما قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب عميدرور، الذي شارك في الجلسة بدعو من بيغين وطلب من الوزراء، وبخلاف تعليمات نتنياهو، معارضة القانون، إن "الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والمانيا ابلغوه بأن إقرار القانون يمس بمكانة وصورة إسرائيل عالميا".
انتقادات دولية
من جابه أكد نائب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية المحامي أفي ليخت أن مشروع القانون "ليس دستوريا"، وقال "تلقينا جراء ذلك انتقادات دولية، والإتحاد الأوروبي احتج رسميا على مشروع القانون هذا".

ولفت ليخت إلى وجود مشاريع قوانين مشابهة ضد منظمات حقوقية في إريتريا وزمبابوي وروسيا البيضاء وباكستان، موضحا أن "المشكلة الدستورية هي بوجود نية لأخذ ميزانيات والمس بجانب واحد من الخطاب العام".
وكان ليخت يشير بذلك إلى التبرعات بمبالغ هائلة التي تصل من الولايات المتحدة ومنظمات وشخصيات يهودية في الخارج إلى منظمات اليمين الإسرائيلي والجمعيات الاستيطانية.

وقالت حركة "سلام الآن" الإسرائيلية إن "الحكومة صفعت مستشارها القانوني الذي اقر بشكل صريح أن مشروع القانون ليس ديمقراطيا، ومن الناحية العملية أقرت اليوم مشروع قانون هدفه إقامة نظام (رقابة على) الأفكار".\
وأضافت "يدير دولة إسرائيل الجهات والأشخاص الأكثر تطرفا بين أعضاء الليكود.. والديمقراطية في إسرائيل آخذة بالتفتت".
عدالة: قانون متطرف قد يعود بنتائج عكسية
وتعقيبا على هذا القانون، عقب مدير عام مركز "عدالة" حسن جبارين، بالقول إن اقتراح القانون يهدف للمس بمؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية، وبالذات التنظيمات التي تعمل على محورين متوازيين، حقوق الفلسطينيين داخل الخط الاخضر وحقوق الفلسطينيين في الاراضي المحتلة عام 1967، وما أزعج إسرائيل أكثر هو نشاط تلك المؤسسات الرامي لتدويل انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان.
وأضاف جبارين: يهدف القانون ايضا إلى إلى النيل من شرعية نضال تلك المؤسسات في مجال حقوق الإنسان، وتجفيف مواردها وتهديد وجودها، من خلال وضع مؤسسات حقوق الإنسان في خانة العمل السياسي، وبالتالي منع التمويل الخارجي عن هذا النشاط السياسي المفترض.
وقال جبارين: يبدو أن المشرّع الإسرائيلي يرفض فهم أصول التشريع في مجال حقوق الإنسان وتميزه عن العمل السياسي الحزبي.
وأضاف جبارين: في جنوب أفريقيا، في حقبة الأبرتهايد، كانت هناك ظاهرة عكسية، حيث بادرت مؤسسات حقوق الإنسان حينذاك إلى تهديد الاتحاد الأوروبي برفض تمويلها إذا لم تبادر لمقاطعة نظام الأبرتهاتيد.
واختتم جبارين حديثه بالقول: إن هذه القانون، إلى جانب سلسلة القوانين العنصرية الأخرى، وعلى عكس ما يصبو إليه المشرع الإسرائيلي، من شأنها أن تزيد من فضح وتعرية إسرائيل عالميا، مما يؤدي إلى تعزيز قوة مؤسسات حقوق الإنسان المناهضة لتلك السياسات، دوليا، وأن تكتسب قوة قد تمكنها من أن تحذو حذو مؤسسات المجتمع المدني في جنوب أفريقيا.



 

التعليقات