26/06/2016 - 08:50

إسرائيل والاستفتاء البريطاني: لا تعليق

ينبع امتناع إسرائيل عن التعليق رسميا على نتائج الاستفتاء من أنها لا تريد أن تغضب طرفا داخل بريطانيا، ولأنها لم تحدد بعد أيهما أفضل بالنسبة لها، تبعات الخروج أم أفضلياته حيال سياستها ضد الفلسطينيين والصراع

إسرائيل والاستفتاء البريطاني: لا تعليق

وسط لندن أمس (أ.ف.ب.)

امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن التعليق على نتائج الاستفتاء الذي أجري في بريطانيا وأفضى إلى خروج الأخيرة من الاتحاد الأوروبي، واكتفى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بالتعبير عن أسفه حيال إعلان نظيره البريطاني، ديفيد كاميرون، عن استقالته بحلول تشرين الأول المقبل.

وينبع امتناع إسرائيل عن التعليق رسميا على نتائج الاستفتاء من أنها لا تريد أن تغضب طرفا داخل بريطانيا، ولأنها لم تحدد بعد أيهما أفضل بالنسبة لها، تبعات الخروج أم أفضلياته حيال سياستها ضد الفلسطينيين والصراع.

وكتب السفير الإسرائيلي السابق في لندن والأمم المتحدة، رون بروساور، بمقال في صحيفة 'يديعوت أحرونوت' اليوم، الأحد، أنه 'بما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل، يصعب تحديد تبعات هذه الخطوة. من جهة، مجرد خروج بريطانيا ستخسر إسرائيل قوة صديقة وعامل اعتدال داخل الاتحاد، الأمر الذي من شأنه أن يقود إلى مواقف أوروبية أكثر نقدية من الماضي. ومن الجهة الأخرى فإن بريطانيا، كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي وحلف شمال الأطلسي، بإمكانها أن تضع نفسها كقوة سياسية دولية وأن تتمتع بحرية أكبر من أجل انتهاج سياسة خارجية متحررة من قيود الاتحاد، حتى حيال مسألة العلاقات مع إسرائيل'.

نتنياهو اكتفى بالتعبير عن أسفه لاستقالة كاميرون (أ.ب.)

وفي مقابل أقوال بروساور الدبلوماسية، كتب المراسل السياسي في صحيفة 'هآرتس'، باراك رافيد، اليوم، تحليلا أعمق حول رؤية إسرائيل لنتائج الاستفتاء، واستعرض المعضلة الإسرائيلية حيالها.

وأشار رافيد إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة التي سبقت الاستفتاء، جرت في وزارة الخارجية الإسرائيلية مداولات عديد حول انعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بالاستعانة ببرقيات دبلوماسية ومحادثات مع مؤيدي ومعارضي هذه الخطوة.

وكان كاميرون قد التقى مع زعماء المجتمع اليهودي البريطاني، الأسبوع الماضي، وقال لهم إن بريطانيا 'صديقة إسرائيل الأكبر' تعارض من داخل الاتحاد المقاطعة وفرض عقوبات وسحب استثمارات ضد إسرائيل. وأضاف محذرا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني 'أنها خارج الغرفة وفاقدة لقوة التأثير على النقاش داخلها'. وعكس هذا الموقف رأي قسم من المسؤولين في الخارجية الإسرائيلية.

ونقل رافيد عن موظف إسرائيلي رفيع قوله إن 'الخط المركزي في التفكير الإسرائيلي قبل الاستفتاء كان أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يخدم المصلحة الإسرائيلية، خاصة بكل ما يتعلق بطبيعة ومدى التعامل الأوروبي مع القضية الفلسطينية'. فقد كان لبريطانيا في السنوات الأخيرة 'تأثير إيجابي' بالنسبة لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي.

وأضاف الموظف الإسرائيلي أنه 'من دون بريطانيا، ستصبح الدول المؤيدة أكثر للفلسطينيين، مثل مالطا وايرلندا والسويد وسلوفانيا، مؤثرة أكثر'.

واعتبر قسم آخر من المسؤولين بالخارجية الإسرائيلية أن ثمة أفضليات كبيرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأنه سيخدم المصلحة الإسرائيلية. إحدى هذه الأفضليات هي أن خروج بريطانيا سيضعف الاتحاد الأوروبي ومؤسساته بشكل كبير، وسيضر بتأثيره الدولي وسيخرج الزخم من قراراته، خاصة في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني.

'إسرائيل تفضل في هذه الأثناء السير بين القطرات في رد فعلها على الاستفتاء'

وبحسب ادعاء آخر، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستعزز العلاقات الثنائية بينها وبين إسرائيل، وسيمكن بريطانيا من القيام بمناورات سياسية من دون أن تكون متعلقة بالاتحاد ومواقفه.

وقال ادعاء ثالث أن خروج بريطانيا سيقود استقرار الاتحاد الأوروبي ويلزم مؤسساته والدول الأعضاء فيه ببذل جهد من أجل تكتل صفوفه على حساب الانشغال بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

واستدرك الموظف أنه من الجائز أن يحدث العكس تماما، بحيث 'يبحث الاتحاد الأوروبي عن مواضيع يوجد إجماع حيالها بين أعضاء الاتحاد من أجل توحيد صفوفه، والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو أحد أبرز هذه المواضيع'.

ولفت رافيد إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أعدت مسودة بيان للحكومة الإسرائيلية في أعقاب ظهور نتائج الاستفتاء، يوم الجمعة الماضي. ورغم أن البيان لم يتضمن موقفا واضحا حيال نتائج الاستفتاء، إلا أنه تقرر في نهاية الأمر عدم نشره.

ورأى رافيد أن الامتناع عن إصدار بيان لا يدل على عدم مبالاة إسرائيل تجاه نتائج الاستفتاء، 'لكن في هذه المرحلة ليس لديها سياسة مبلورة تجاه اليوم التالي'.

العلاقات لن تتضرر

وقال الموظف الإسرائيلي إن التقديرات في الخارجية الإسرائيلية تشير إلى أن العلاقات الإسرائيلية – البريطانية لن تتضرر، لكن إحدى المهمات الإسرائيلية في المرحلة المقبلة تقتضي دراسة الاتفاقيات التي ستوقع مع بريطانيا وفي مقدمتها اتفاقية التجارة الحرة.

وخلص رافيد إلى أن إسرائيل تفضل في هذه الأثناء السير بين القطرات في رد فعلها على الاستفتاء، فهي لا تريد إغضاب البريطانيين الذي أيدوا الخروج من الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن أحد زعماء هذا المعسكر، رئيس بلدية لندن السابق، بوريس جونسون، قد يصبح رئيسا لوزراء بريطانيا. ومن الجهة الأخرى فإن إسرائيل لا تريد إغضاب زعماء الاتحاد الأوروبي الغاضبون على بريطانيا، ولا إغضاب الولايات المتحدة التي سعت إلى إقناع البريطانيين بالبقاء في الاتحاد، وفشلت في ذلك.

اقرأ/ي أيضًا | نتائج الاستفتاء البريطاني تصدم العالم وتحصد آراء متباينة

التعليقات