15/02/2017 - 09:13

نتنياهو يبحث عن "صورة انتصار" بالبيت الأبيض و"تسوية إقليمية"

لطالما تميزت زيارات نتنياهو إلى واشنطن خلال فترة الرئيس أوباما بالدراما والتوتر وأزمات الثقة، بيد أن الزيارة الحالية تبدو مغايرة من حيث الترقب والأجواء والمضمون الدبلوماسي والانطباعات التي تركتها على الرأي العام بأميركا وفي إسرائيل.

نتنياهو يبحث عن "صورة انتصار" بالبيت الأبيض و"تسوية إقليمية"

يعود رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن بعد غياب أستمر عام وثلاثة أشهر وبعد ثمانية أعوام من الفتور بالعلاقات مع البيت الأبيض خلال ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، حاملا في جعبته مقترحات لتنسيق مواقف بين إسرائيل والرئيس دونالد ترامب، بكل ما يتعلق بالملف النووي الإيراني والفلسطينيين، وذكرت صحيفة 'هآرتس' أنه سيكرر طرح فكرة تسوية إقليمية مع الدول العربية، على أمل أن يسعى ترامب إلى تجنيد الأردن ومصر والإمارات والسعودية لهذه المهمة.

ولطالما تميزت زيارات نتنياهو إلى واشنطن خلال فترة الرئيس أوباما بالدراما والتوتر وأزمات الثقة، بيد أن الزيارة الحالية تبدو مغايرة من حيث الترقب والأجواء والمضمون الدبلوماسي والانطباعات التي تركتها على الرأي العام بأميركا وفي إسرائيل.

نتنياهو الذي يلتقي ترامب على وقع قضايا عالقة وملفات شائكة ومواضيع أمنية وسياسية، يقول موفد صحيفة 'هآرتس' إلى واشنطن، باراك رافيد، 'يبحث عن صورة انتصار، وإلى الآن يسعى البيت الأبيض جاهدا لمساعدة رئيس الحكومة الإسرائيلية لتحقيق هذا الهدف'، إذ تم استضافة نتنياهو خلال الزيارة في فندق رسمي لاستقبال كبار الضيوف التي أوصدت أبوابه بوجه نتنياهو خلال ولاية أوباما.

وبحسب رافيد، فإن جهود البيت الأبيض وحفاوة الاستقبال والانطباع الإيجابي للزيارة وللضيف لا تتوقف عند ذلك، وخلافا للعادة والمتبع في الزيارات الرسمية، ذكر موفد 'هآرتس' أن الرئيس ترامب وبرفقة الحرس الرئاسي سيقوم باستقبال نتنياهو وحاشيته لحظة خروجه من السيارة، ويتبع ذلك مباشرة تصريحات لترامب ونتنياهو للصحافيين والتقاط الصور معا، وبعد جلسة العمل مرة أخرى سيخرج الرئيس ترامب ورئيس الحكومة نتنياهو لمؤتمر صحافي مشترك.

سبق هذه الزيارة تنسيق غير مسبوق بين تل أبيب وواشنطن، حيث زار رئيس الموساد، يوسي كوهين، ونائب مستشار الأمن القومي، يعقوب نيجل، أميركا والتقيا سرا بمستشاري الرئيس ترامب، من أجل مواصلة تنسيق المواقف والسياسات ما بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية الجديدة.

جولة اللقاءات التنسيقة الأولى بين طاقم ترامب ونتنياهو كانت في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بينما الجولة الثانية كانت في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، حيث شارك باللقاءات التي أتت لتمهد للقاء ترامب ونتنياهو سفير إسرائيل بواشنطن رون درمير.

وتمحورت اللقاءات حول تنسيق السياسيات بين البلدين من القضية الفلسطينية، وكذلك بحث آخر المستجدات بالملف السوري والاتفاق النووي الإيراني، وشملت المباحثات تبادل الأفكار والآراء بقضايا مختلفة متعلقة بالشأن الفلسطيني منها حل الدولتين والاستيطان.

رغم  حفاوة الاستقبال التي حظي بها نتنياهو، إلا أن التوجس والشكوك ما زالت قائمة، إذ أختار نتنياهو الاجتماع بمستشاريه في السفارة الإسرائيلية في واشنطن وليس بمقر إقامته، وذلك خوفا من عمليات التنصت على فحوى المشاورات والتنسيق الإسرائيلي.

على غرار اللقاء الأول الذي جمعه بالرئيس أوباما في أيار/مايو 2009، حيث طرح نتنياهو على أجندة اللقاء والمباحثات النووي الإيراني، يأتي نتنياهو للقاء الأول بالرئيس ترامب حاملا ذات الملف لكن برؤية توافقية مع البيت الأبيض، حيث لا يطرح نتنياهو على الطاولة إلغاء اتفاق النووي كونه يدرك أن ترامب لا يحمل هذا الطرح وأن إثارة الموضوع على هذا النحو لا يخدم المصالح الإسرائيلية.

وبحسب 'هآرتس'، فإن نتنياهو يريد تصعيد وتشديد اللهجة الحالية للرئيس الأميركي الذي يتجه نحو تكثيف الضغوطات على طهران، فخلال جلسة المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (كابينيت) التي بحثت جوهر القضايا التي سيبحثها رئيس الحكومة مع الإدارة الأميركية الجديدة، اقترح الوزير أريه درعي على نتنياهو عدم إدراج النووي الإيراني على طاولة البحث كمطلب إسرائيلي كون ترامب يصعد بهذا الملف ويمارس الضغوطات على إيران، بيد أن نتنياهو رفض عرض الوزير درعي.

ومن المتوقع أن يطالب نتنياهو الرئيس ترامب تشديد الرقابة والعقوبات الأميركية والدولية بكل ما يتعلق في تطبيق وتنفيذ طهران لشروط اتفاق النووي، وتكثيف الرقابة الدولية على المنشآت والأنشطة الإيرانية المتعلقة بالمشروع النووي، وفرض عقوبات على طهران لدورها التوسعي في العراق وسورية ولبنان ودعمها لما يعتبره نتنياهو منظمات 'إرهابية'، وسيتحدث نتنياهو مع ترامب أيضا عن ما بعد انتهاء سريان الاتفاق، أي بعد ثمانية، ماذا سيحصل؟، وماذا ستكون السياسة الأميركية والإسرائيلية حيال النووي الإيراني؟.

يلتقي نتنياهو وترامب بالنظرة والرؤية الإستراتيجية حيال إيران أكثر من ما كان سائدا بين نتنياهو والرئيس السابق أوباما، لكن ثمة من يعتقد أن الرئيس ترامب ما زال يظن أن إسرائيل  بمثابة لاعب ثانوي بالملف النووي الإيراني مقارنة مع الدول العظمى والدول التي وقعت اتفاق النووي مع إيران وعلى رأس هذه الدول روسيا، وعلى خطى الرئيس السابق، ترامب يريد الاستماع إلى وجهة النظر الإسرائيلية من النووي الإيراني، ولكنه أيضا ينتظر من نتنياهو عرض أفكاره ومقترحات جديدة بكل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومفاوضات السلام والبناء الاستيطاني.

بما يخص الملف الفلسطيني، نتنياهو لن يدرج خلال اللقاء بالرئيس ترامب أفكار وأجندة حزب 'البيت اليهودي' ورئيسه الوزير نفتالي بينيت، فمقترحات وأفكار ضم المستوطنات أو التخلي عن حل الدولتين والتراجع عن خطاب بار إيلان لن تكون على جدول أعمال اللقاء في البيت الأبيض.

 نتنياهو، بحسب رافيد، يعي جيدا أنه لا بد من تنسيق المواقف مع الإدارة الأميركية الجديدة بكل ما يتعلق بسياسة الاستيطان والتوسع الاستيطاني والسبل لتجديد المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث انتدب نتنياهو لواشنطن مطلع الأسبوع مبعوثه الخاص للمهام الخارجية يتسحاق مولخو، للقاء جارد كوشنير مستشار ترامب والذي سيشرف على ملف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وأيضا للقاء وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي سيكون له الدور المركزي في تحريك مفاوضات السلام.

مبادرة سلام إقليمية

مهد نتنياهو من خلال انتداب مولخو إلى واشنطن إلى تحضير الأجواء وتسويق الأفكار لدى الرئيس الأميركي الجديد لفكرة ابرام اتفاق سلام إقليمي بالشرق الأوسط ومبادرة سلام إقليمية وعدم اقتصار المفاوضات على الجانب الفلسطيني، ويسعى لتنجيد ترامب لهذه المبادرة بعد أن فشل بذلك مع الرئيس السابق أوباما الذي بدا على قناعة أن نتنياهو ليس شريكا لأي مبادرة سياسية، فحتى وزير الخارجية السابق، جون كيري، الذي أبدى حماسه بفكرة وطرح نتنياهو، فضل طرح مبادرة بديلة ومنافسة.

 يأمل نتنياهو أن ينجح في اقناع ترامب بمبادرة السلام الإقليمية وأن يساعده الرئيس الأميركي في تجنيد الدول العربية لهذه المبادرة لمؤتمر إقليمي للسلام بمشاركة جميع الدول العربية وعدم اقتصار الحضور والشراكة  على مصر والأردن، خاصة وأن ترامب وطاقمه ما زالوا يدرسون الملف الفلسطيني والصراع الإسرائيلي الفلسطيني دون التوصل إلى الآن لصياغة رؤية إستراتيجية وأجندة تتعلق بهذا الملف، علما أن مستشار الرئيس كوشنير رحب بفكرة مؤتمر السلام الإقليمي بالشرق الأوسط التي عرضها المبعوث مولخو.

التعليقات