09/08/2017 - 10:07

لقاءات سرية إسرائيلية أميركية روسية قبل اتفاق وقف إطلاق النار في سورية

إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا أجروا لقاءات سرية، في مطلع تموز/يوليو الفائت، في عمان وفي إحدى العواصم الأوروبية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار جنوبي سورية، وإقامة منطقة عازلة على الحدود بين إسرائيل وسورية والأردن

لقاءات سرية إسرائيلية أميركية روسية قبل اتفاق وقف إطلاق النار في سورية

قال مسؤولون إسرائيليون ودبلوماسيون غربيون إن إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا أجروا لقاءات سرية، في مطلع تموز/يوليو الفائت، في عمان وفي إحدى العواصم الأوروبية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار جنوبي سورية، وإقامة منطقة عازلة على الحدود بين إسرائيل وسورية والأردن.

ونقلت صحيفة "هآرتس"، اليوم الأربعاء، عن المسؤولين الإسرائيليين والدبلوماسيين الغربيين، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم بذريعة "الحساسية السياسية"، قولهم إنه في اللقاءات، التي عقدت قبل أيام معدودة من إعلان موسكو وواشنطن عن اتفاق وقف إطلاق النار، عرضت إسرائيل تحفظات كثيرة، وأوضحت أن موسكو وواشنطن لا توليان أهمية كافية لإخراج القوات الإيرانية من سورية.

وأشاروا إلى أنه شارك في المحادثات دبلوماسيون وجهات أمنية من الدول الثلاث.

وجاء أن الطاقم الإسرائيلي كان يتألف من مسؤولين في وزارة الخارجية ووزارة الأمن والموساد والجيش، في حين ترأس الطاقم الأميركي مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون سورية والتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، مايكل راتني وبريت ماكغورك. أما الطاقم الروسي فقد كان يترأسه مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون سورية، ألكسندر لافرينتييف.

وعلم أنه في اليوم الذي جرى فيه اللقاء في عمان بين الممثلين الإسرائيليين والروس والأميركيين، عقد لقاء ثلاثي آخر شارك فيه ممثلون عن إسرائيل والولايات والمتحدة والأردن. وتناول اللقاء الأخير أيضا اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان يجري العمل على بلورته. وعرضت إسرائيل مواقفها في اللقاء الأول، في حين عرضت كل من إسرائيل والأردن موقفيهما في اللقاء الثاني، وكانا متماثلين، أمام المبعوث الأميركي.

كما جاء أنه بعد بضعة أيام من اللقاءات التي جرت في عمان، عقد لقاء آخر مماثل بين ممثلي إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا في إحدى العواصم الأوروبية. وبحسب مسؤول إسرائيلي فقد شارك في اللقاء في أوروبا مسؤولون على مستويات أعلى مقارنة باللقاءات في الأردن. وفي هذا اللقاء عرضت إسرائيل أيضا تحفظاتها من اتفاق وقف إطلاق النار.

ونقلت "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الخلافات المركزية في جولات المحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا كانت تتصل بالطريقة التي ينظر بها الطرفان إلى المشكلة في سورية، حيث أن واشنطن وموسكو تنظران إلى وقف إطلاق النار في جنوبي سورية وإقامة منطقة عازلة على أنهما وسيلة عملية وتكتيكية للمدى القصير حتى المتوسط، وذلك بهدف خلق وضع يمكن فيه التركيز على القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وخفض مستوى القتال في سورية.

في المقابل، بحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإن إسرائيل تعتقد أنه يجب النظر إلى اتفاق وقف إطلاق النار بصورة إستراتيجية وبعيدة المدى، والتركيز على مسألة كيف ستكون سورية بعد انتهاء الحرب، ومدى النفوذ الإيراني فيها.

كما تعتقد إسرائيل أن اتفاق وقف إطلاق النار يجب ألا يوفر الرد على التواجد الإيراني في المنطقة الواقعة على بعد 20 كيلومترا من الخط الحدودي مع إسرائيل فقط، وإنما في باقي سورية أيضا. وقال مسؤول إسرائيلي إن الرسالة لموسكو وواشنطن كان مفادها أنه يجب وضع مطلب واضح أمام الإيرانيين وهو أنه "يجب إخراج قوات حرس الثورة وحزب الله والميليشيات الشيعية من سورية"، بحسبه.

وأضاف المسؤول نفسه أن إسرائيل حذرت الروس والأميركيين في لقاءات الأردن وأوروبا من أن عدم مغادرة إيران لسورية من شأنه أن يحولها إلى قاعدة صواريخ تهدد إسرائيل والأردن، بشكل مماثل للوضع في لبنان وقطاع غزة.

وادعت إسرائيل أيضا أن "تواجد القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية في سورية من شأنه أن يغير الواقع الديمغرافي فيها بما يؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين الشيعة والسنة في المنطقة كلها، وزعزعة الاستقرار في الدول السنية المجاورة".

يذكر أنه بعد أيام من اللقاءات المشار إليها، أعلنت موسكو وواشنطن في الثامن من تموز/يوليو، عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوبي سورية، وشددتا على أن الاتصالات بشأن تفاصيل الاتفاق ظلت مستمرة. وبعد أن تسلمت إسرائيل مسودة الاتفاق، بعد عدة أيام، فوجئت باكتشاف أن روح الاتفاق وتفاصيله لا تتماشى مع المواقف التي عرضتها على موسكو وواشنطن.

ونقلت "هآرتس" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن خيبة الأمل كانت نابعة من حقيقة أن الاتفاق لم يأت على ذكر إيران أو حزب الله، وإنما تطرق بشكل ضبابي إلى الحاجة لمنع دخول جهات مسلحة من "كيانات أجنبية" إلى داخل المنطقة العازلة على الحدود بين سورية وبين الأردن وإسرائيل. كما لم يتضمن الاتفاق أي تطرق، ولو بشكل عام، للتواجد الإيراني في باقي أنحاء سورية. وكانت تفاصيل مسودة الاتفاق هي التي دفعت رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى مهاجمة الاتفاق بشكل علني خلال زيارته لباريس في 16 تموز/يوليو، وادعى أن الاتفاق يديم التواجد الإيراني في سورية.

يذكر أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر كان قد ناقش الاتفاق للمرة الأولى، الأسبوع الماضي، وأبلغ الوزراء بأن الحديث عن "اتفاق سيئ لا يأخذ بالحسبان المصالح الأمنية لإسرائيل".

تجدر الإشارة إلى أن مهاجمة إسرائيل للاتفاق، دفعت وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إلى التصريح، قبل أسبوعين، بأن روسيا ستعمل على الأخذ بالحسبان الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية في إطار الاتفاق.

وقبل أسبوع، أعلن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أن الشرط الأميركي للتعاون مع روسيا في سورية هو إخراج القوات الإيرانية. وقال في مؤتمر صحفي، الأربعاء الماضي إنه "يجب على قوات الجيش الإيراني أن تغادر وتعود إلى إيران. وليس من المهم ما إذا كان الحديث عن حرس الثورة أو ميليشيات المرتزقة التي جلبتهم إيران إلى سورية للقتال"، على حد تعبيره.

التعليقات