31/05/2018 - 14:58

تحليلات: إسرائيل تتعامل مع حماس كـ"شريك" مسؤول

محلل إسرائيلي: كلما بنيت في غزة المزيد من محطات توليد الطاقة، منشآت التحلية أو مشاريع لإنقاذ المجاري والصرف الصحي، ستكون حكومة حماس أكثر انضباطا. وهو يواجه الحجة التي تقول إن حماس ستستغل المساعدة فقط كي تبني المزيد من الأنفاق

تحليلات: إسرائيل تتعامل مع حماس كـ

(أ ب)

يرى محللون إسرائيليون أن جولة التصعيد العدوانية التي شنتها إسرائيل مؤخرًا على قطاع غزة ورد المقاومة الفلسطينية بإطلاق قذائف صاروخية باتجاه البلدات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع المحاصر، قد انتهت إثر الجهود المصرية التي كادت أن تفشل، وأن إسرائيل بذلك تعاملت مع حماس على أنها "شريك" فعلي فيما يتعلق بالمشهد الفلسطيني حتى وإن لم تتفاوض مع ممثلي الحركة بشكل مباشر، فيما رجّحوا أن تكون الجولة المقبلة من المواجهة العسكرية في القطاع المحاصر قريبة حدًا، حتى بعدم وجود رغبة عند جميع الأطراف بالتصعيد، إلا أن ذلك حتميًا.

وأرجع المحللون ذلك إلى التدهور المستمر في الأوضاع الحياتية بغزة والتي تشارف على كونها كارثة إنسانية في ظل الحصار المفروض على القطاع للعام الـ12 على التوالي، وتوقف الكهرباء وقطع الأجور ونقص المواد الطبية وتلوث المياه وكافة الأمور الحياتية الضرورية الأخرى.

وبحسب معلق الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي برئيل، اليوم، الخميس، فإن عودة إسرائيل لخطوط وقف إطلاق النار حسب الاتفاقية التي أعقبت العدوان على غزة عام 2014، دون التوصل لاتفاق إطلاق نار رسمي بين إسرائيل وقطاع غزة، يعبر عن التعامل الإسرائيلي مع حماس كأنها لاعب أساسي و"شريك" حقيقي مسؤول في القطاع، وذلك تجاوزًا للسلطة الفلسطينية التي قادت في السابق كل الاتفاقات مع الجانب الإسرائيلي والتي تتعلق بوقف إطلاق النار بالقطاع.

وأشار إلى أن الجولة الأخيرة في القطاع وأسلوب وقف إطلاق النار وإنهاء التصعيد رسّخ حماس باعتبارها مسؤولة عن أي تطور يحصل في قطاع غزة، سواء كان ذلك إثر تحركات من طرفها أو بالنيابة عن المنظمات والفصائل الأخرى مثل الجهاد الإسلامي أو اللجان الشعبية أو المنظمات السلفية، حتى لو لم تجر حوارًا مباشرًا معها.

وقال إن الإجراءات الإسرائيلية في غزة وسياساتها التي تتجاوز فكرة وجود السلطة الفلسطينية في غزة، عملت لصالح توسيع هوة الانقسام الفلسطيني بين حماس وفتح وتوسيع الهوة بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وذلك لتحقيق المصالح السياسية للقادة الإسرائيليين في وقف المفاوضات وتأجيل ما يسمى بـ"عملية السلام"، على اعتبار أنه طالما لا تسيطر السلطة الفلسطينية على قطاع غزة، فلا فائدة من إجراء مفاوضات سياسية معها.

واعتبر برئيل، أن "حماس والجهاد الإسلامي، رغم الفجوة الأيديولوجية بينهما، تتفقان على المسائل التي تتعلق بالمصالحة الفلسطينية وقضية الرعاية المصرية"، واستبعد أن "يؤثر الخلاف بين قادة الجهاد الإسلامي حول طبيعة العلاقة مع إيران على تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها، والتي تشمل، ضمن أمور أخرى، استبعاد قطر وتركيا من أي تدخل في قطاع غزة".

وشدد برئيل "على الشراكة الدائمة والمتواصلة بين إسرائيل والسلطات المصرية التي أثبتت أنها على قدر عال من الجاهزية والإرادة في التوصل لاتفاقات جوهرية تتعلق بقطاع غزة"، معتبرًا أن الشراكة والتفاهمات بين الجانبين (الإسرائيلي والمصري) ارتفع إلى حد كبير ووصل إلى مراحل متقدمة منذ بدء الجيش المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي لحملته العسكرية في سيناء".

وقال إن إسرائيل التي سارعت إلى إعلان النصر عقب جولة التصعيد الحالية، لم تحقق ذلك فعلًا، حيث لم تحدث تحولا في الوضع القائم الذي كان قبيل التصعيد، مؤكدًا أن صخرة الردع الإسرائيلية التي حققها عدوان 2014، تفتت أمام مسيرات العودة السلمية في القطاع، والتي انطلقت منذ 30 آذار/ مارس الماضي، وأن سياسة الحصار لن تحقق المصالح الأمنية الإسرائيلية في القطاع.

فيما كتب الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الجنرال غيورا آيلاند، في مقال نشرته "يديعوت أحرونوت"، اليوم، أن على إسرائيل تغيير إستراتجيتها في التعامل مع قطاع غزة وحركة حماس، معتبرًا أن المصلحة الإسرائيلية في غزة ليست إقليمية أو اقتصادية أو سياسية، وإنما مصلحة سياسية للاحتلال قد تتحقق عندما تعترف إسرائيل بأنها تحادي دولة مستقلة تسمّى غزة، الحكم فيها انتخب بشكل ديمقراطي نسبيا، وأنه على إسرائيل أن تشجع دول الغرب والدول العربية على الاستثمار في إعمار غزة، بإشراك حكومة حماس وليس من خلف ظهرها.

ويقدر الجنرال آيلاند، أنه كلما بنيت في غزة المزيد من محطات توليد الطاقة، منشآت التحلية أو مشاريع لإنقاذ المجاري والصرف الصحي، ستكون حكومة حماس أكثر انضباطا. وهو يواجه الحجة التي تقول إن حماس ستستغل المساعدة فقط كي تبني المزيد من الأنفاق، بحجة مضادة مفادها أن هذا هو بالضبط ما يحصل في السنوات الأخيرة، في ظل عدم التعامل مع حماس وتقديم الأموال والإمكانيات لها بشكل مباشر.

واعتبر آيلاند أن كل المزاعم الإسرائيلية أن الفلسطينيين في غزة أسرى لدى سلطات حماس القامعة، محض افتراء، حيث إن الحركة تحظى بحاضنة شعبية ومساحة تأييد واسعة في القطا

العكس هو الصحيح برأي آيلاند، إذ أن حماس ستستثمر أكثر في البنى التحتية المدنية، إذا ما اعترف بها كدولة بحكم الأمر الواقع وإذا ما أبرمت معها الاتفاقات التي تتطلب رقابة مشددة على الإسمنت وعلى باقي المساعدات التي تدخل إلى القطاع، كما يقول.

ويرى الجنرال آيلاند أن لإسرائيل لا توجد أي مصلحة في تحويل الضفة وغزة إلى نوع من الدولة الواحدة، ومن الأفضل لها أن تستعمل سياسة العصا والجزرة تجاه الكيان السياسي المستقل في غزة، من أن تهدد بالعصا فقط وتأمل أن تحرص مصر أو أبو مازن على إعمار القطاع معتبرًا أن الطرفين (المصري والسلطة الفلسطينية) لا مصلحة لديهم بإعمار غزة كورقة ضغط على حركة حماس في مساومة على فقدانها لحاضنتها الشعبية.

وأضاف آيلاند أن على إسرائيل أن تغيير من إستراتيجيتها تجاه القطاع لناء على ثلاثة مبادئ وهي "اعترافها بأنها تتعامل مع دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع، السماح بتطبيق كل الجهود التي تبذل لإعادة الإعمار في القطاع وإن كان ذلك بتنسيق مباشر على حماس، ثلاثًا أن تتيح إسرائيل لحماس الحصول على كل المساعدات الاقتصادية اللازمة في مقابل أن تقبل حكومة الحركة في القطاع بإجراءات رقابية إسرائيلية للمحافظة على مصالحها الأمنية".

التعليقات