كتاب إسرائيلي جديد: أميركا وعرب وأوروبيون حثوا إسرائيل على ضرب سورية في حرب تموز

-

كتاب إسرائيلي جديد: أميركا وعرب وأوروبيون حثوا إسرائيل على ضرب سورية في حرب تموز
قال كتاب صدر في إسرائيل مؤخرا إن الإدارة الأميركية ودولا عربية معينة وجهات أوروبية حثّت إسرائيل على توجيه ضربات عسكرية لسورية خلال حرب لبنان الثانية في تموز الماضي.

والكتاب الذي صدر تحت عنوان "أسرى في لبنان - الحقيقة عن حرب لبنان الثانية" هو من تأليف عوفِر شيلَح، المحلل العسكري والسياسي في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ويوآف ليمور، المحلل والمراسل العسكري للقناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي.

وكتب شيلح وليمور إنه في السنوات التي سبقت الحرب على لبنان وعمليا منذ أن بلور الرئيس الأميركي جورج بوش منظوره بشأن "محور الشر"الذي يضم إيران وسورية وحزب الله وحركة حماس "أوضحت الولايات المتحدة بطرق عديدة لإسرائيل بأنها ستكون مسرورة جدا إذا وجهت إسرائيل ضربة لسورية في إطار ترتيب الوضع في لبنان وأوضحت للأسد (الرئيس السوري بشار الأسد) تبعات نهجه المعادي لأميركا عند حدود سورية - العراق، وأن تسهم إسرائيل بقسطها لاجتثاث علاقة طهران - دمشق - بيروت".

وأضاف المؤلفان أن مسؤولين إسرائيليين اجتمعوا في السنوات الماضية مع نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني ووزير الدفاع الأميركي، دونالد رامسفيلد، خرجوا بشعور واضح مفاده أن"الولايات المتحدة تكاد تطلب من إسرائيل إيجاد ذريعة لتضرب سورية" وأن "الصقور في البيت الأبيض ووزارة الدفاع عرضوا هذه المهمة على أنها بمثابة مهمة يتوجب على إسرائيل تنفيذها، بصفتها حليفة الأميركيين في المنطقة البالغة الإشكالية بالنسبة للإدارة الأميركية".

وكشف الكتاب الإسرائيلي الجديد أنه "في الأيام الأولى لحرب لبنان تجددت هذه الرسائل (الأميركية) بقوة أكبر".

ونقلت جهات أمنية إسرائيلية في واشنطن إلى القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تقارير مفادها أن الأميركيين يريدون"أن نقحم سورية" في الحرب.

ونقل سفير إسرائيل لدى واشنطن داني أيالون أقوالا بروح مشابهة لرئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت.

كما استمع رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعالون، الذي تواجد في حينه في واشنطن بصفة شخصية، إلى أقوال مشابهة من مسؤولين في قيادة الإدارة الأميركية جاء فيها "إذا احتجتم إلى أية مساعدة فإننا سنهتم (بتزويدكم) بكل شيء من معلومات استخباراتية وسلاح وكل ما تحتاجونه".

وأشار المؤلفان إلى أقوال الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي ايه) جيمس وولسي في "مؤتمر هرتسليا" الذي يعقد في إسرائيل في نهاية كل عام واعتبر فيها أن "إسرائيل أخطأت بعدم مهاجمة سورية في الصيف الأخير" أي أثناء حرب تموز في الصيف الماضي.

وأكدا على أن أقوال وولسي عبرت بشكل صريح عما قيل خلال الحرب في الغرف المغلقة.

وقال المؤلفان في كتابهما إن الولايات المتحدة لم تكن وحدها التي حاولت دفع إسرائيل إلى مواجهة مع سورية، فقد "مررت دول عربية معينة، شعرت مهددة من جانب المحور الإيراني - السوري، رسائل إلى إسرائيل جاء فيها أن توجيه صفعة لدمشق ستقابل بالترحاب".

كذلك انضمت جهات أوروبية غاضبة على سورية منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري إلى "جوقة التشجيع" من وراء الكواليس.

من جهة أخرى كان هناك خلاف في الآراء في إسرائيل حيال هذه الضغوط لضرب سورية إضافة إلى وجود موقف صاغه الجيش الإسرائيلي مفاده أن "أحد أهداف القتال هو أن تبقى سورية خارج الحرب". وقد أكد وزير الدفاع عمير بيرتس على هذا الموقف عدة مرات خلال الحرب في اجتماعات الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون السياسية والأمنية.

كذلك فإن "التعليل الأساس لمعارضة رئيس هيئة الأركان (دان حالوتس) لعملية عسكرية برية أوسع (في جنوب لبنان) هو خطر اندلاع مواجهة مع سورية" فيما أيد نائب رئيس هيئة الأركان موشيه كابلينسكي ضرب سورية وقال في مداولات عسكرية داخلية في يوم 12 تموز، أي يوم اندلاع الحرب، إنه قد "تنشأ فرصة" لضرب سورية وإذا كانت نشأت فرصة كهذه فعلا فإنه يتوجب استغلالها.

كذلك أيد رئيس الموساد مائير داغان في 12 تموز مهاجمة أهداف سورية وتحدث في اجتماع لدى أولمرت، سبق اجتماع الحكومة الإسرائيلية بعد هجوم حزب الله وأسر الجنديين الإسرائيليين في صبيحة اليوم ذاته، عن "هجمات انتقائية في سورية".

وبعد ذلك بيومين وخلال اجتماع السباعية، الذي يضم أولمرت ونوابه ووزير الأمن الداخلي آفي ديختر، وتقرر فيه قصف ضاحية بيروت الجنوبية تحدث ديختر عن إمكانية مهاجمة سورية.

وبحسب الكتاب فإن أولمرت، الذي كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تكيل له المديح خلال الأيام العشرة الأولى للحرب، أخذ يفكر في إمكانية مهاجمة سورية، ورغم أنه لم يتحدث في الموضوع في اجتماعات رسمية لكن مقربين منه أكدوا أن الفكرة بدأت تعجبه، لكن قسما من هؤلاء المقربين حذروه من الإقدام على تنفيذ ذلك وطالبوه بعدم الانصياع للمطالب الأميركية.

ويبدو، بحسب الكتاب، أن ما حسم الأمر لصالح عدم مهاجمة سورية هي حالة الجيش الإسرائيلي المتردية وعدم قدرته على مواجهة سورية.

ففي اليوم الأول للحرب طالب قائد الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أودي آدم بتجنيد لواء في قوات الاحتياط للدفاع عن هجوم محتمل لوحدات كوماندو سورية، لكن بدلا من ذلك تم إرسال كتيبة نظامية تم نشرها من جبل الشيخ والمناطق الواقعة غربه الأمر الذي أفقد هذا القطاع من الجبهة أية أهمية دفاعية فيما تم تجنيد لواء احتياط فقط في 17 تموز بعد ورود معلومات عن حالة استنفار في صفوف قوات الكوماندو السورية، أمّا قوات الاحتياط المدرعة الإسرائيلية التي كانت غايتها الدفاع عن الجولان لم يتم تجنيدها بتاتا سوى في وقت متأخر وتم توجيه معظمها للجبهة اللبنانية.

وشكل حالوتس طاقما برئاسة قائد شعبة التنصت أودي شاني وكلفه بإعداد تقرير حول وضع الجيش واستعداده لحرب مع سورية، لكن نتيجة التقرير كانت واضحة للغاية وجاء فيها أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا لتطور كهذا.

كذلك اتضح بعد الحرب أن سلاح الجو الإسرائيلي ما كان بمقدوره مهاجمة أهداف كثيرة في سورية بسبب انشغاله المفرط في الغارات ضد لبنان، إضافة إلى أن الذخيرة التي تستخدمها المقاتلات الإسرائيلية أخذت تنقص في مخازن الجيش.

وفي موازاة كل ذلك بعثت الحكومة الإسرائيلية برسائل تهدئة لسورية عبر قنوات أجنبية تفيد بأنه لا توجد لدى إسرائيل نوايا بمهاجمة سورية.

لكن الأميركيين لم يكونوا راضين عما اعتبروه "ترددا إسرائيليًا" ونقل الكتاب عن مسؤولين أميركيين كبار قولهم لمندوبين إسرائيليين "يبدو أنكم تخافونهم" أي من السوريين، و"كان الشعور في واشنطن أن إسرائيل أظهرت ضعفا سيكون له تأثير بالغ في أماكن مؤلمة للغاية بالنسبة للأميركيين وعلى رأسها العراق".

التعليقات