كيف ساهمت إسرائيل في بناء المفاعل النووي الإيراني..

يكشف خبير إسرائيلي عمل رئيسا لطاقم خبراء عملوا في إيران في سبعينات القرن الماضي عن مدى التعاون الوثيق بين إسرائيل وإيران. ويكشف أنه عمل في مشاريع في المنشآت النووية..

كيف ساهمت إسرائيل في بناء المفاعل النووي الإيراني..
انفردت صحيفة معريف وموقعها الالكتروني في الكشف عن المساهمات الإسرائيلية في بناء المفاعل النووي الإيراني ونظم الدفاع المحيطة به. وأجرت مقابلة مع من وقف قبل 30 عاما على رأس طاقم إسرائيلي عمل في إيران، وتعرض صورا ومقاطع فيديو نادرة تعود إلى حقبة السبعينات من القرن الماضي التي شهدت علاقات وثيقة بين إسرائيل وشاه إيران.

ويعرض الخبير الإسرائيلي، موطي بلوخ، الذي يبلغ من العمر 73 عاما صورا لأبراج رادارات، وللمنشآت في بوشهر ، ولمبنى قبة المفاعل النووي ولقواعد اتصالات كان قد التقطها أثناء عمله في إيران. واحتفظ بلوخ بالصور التي توثق المهمات التي قام بها هو وطاقمه وما زال يحيط بالسرية ببعض المهام التي نفذها. ويقول أن دافعه للكشف عن مهماته هو العناوين المتكررة حول الخطر النووي الإيراني.

ويقول أنه حينما يسمع في الأخبار عن أصفهان وبوشهر يستعيد بذاكرته البنى التحتية التي أقامها هناك في إطار عمله كخبير إسرائيلي ورئيسا لطاقم التقنيين الذين رافقوه. ويقول بلوخ أن في نهاية فترة عمله التقى مع خبراء ألمانيين وصلوا إلى إيران واستقى منهم معلومات عن الهدف الحقيقي لتلك المنشآت ولكن تلك المعلومات لم تثر حفيظة المسؤولين الإسرائيلين. ويكشف أن الجهة التي أرسلته إلى إيران هي شعبة تبادل المعلومات التابعة للموساد. وأنه كان على اتصال دائم بممثل الموساد. .في عام 1968، كان بلوخ يبلغ من العمر 33 عاما، وتلقى عرضا للعمل في إيران من قبل شركة خاصة تعمل في مجال الاتصال والرادارات كانت تمثل شركات أمريكية كبيرة كشركة "يوز"، واتفق أن يبدأ بلوخ عمله بعد سنتين. وفي هاتين السنتين، اللتين شهدتا حرب الاستنزاف مع مصر، عمل في مجال خبرته في شركة تعمل في مجال الرادارات والاتصال.

وطُلب من بلوخ ذات يوم للحضور إلى تل أبيب، وقيل له أنه سيسافر إلى إيران خلال ثلاثة ايام. وحينما حاول الاستفسار عن الجهة التي ترسله قيل له: "إن من وراء الموضوع يقف بنيامين هل هذا يكفيك". والحديث هو عم بنيامين بلومبرغ الذي حظي على مكانة رفيعة في أوساط الاستخبارات الإسرائيلية ولدى المسؤولين عن المفاعل النووي في ديمونا. وكان ضابطا رفيعا في أجهزة الأمن وعينه شمعون بيرس، مدير عام وزارة الأمن، حينذاك، مسؤولا عن أمن المفاعل النووي في ديمونا. ورغم أن بلوخ لم يلتق ببلومبرغ إلا أنه كان يسمع به.

ويكشف بلوخ أنه تواجد في إيران مبعوثا من قبل شعبة تبادل المعلومات ليس فقط لمساعدة الإيرانيين بل أيضا لجمع المعلومات، ويقول: " رغم أنها غير موجودة الآن، تجلت عظمة شعبة تبادل المعلومات في أنها عرفت كيف تشغل ألناس لجمع المعلومات خارج البلاد. لقد كانوا متعطشون للمعلومات وقالوا لنا أن نكون متيقظين".

وبعد ذلك تعرف على مشغليه المدنيين، وجلس لساعات طويلة في مكاتب شركة "فيلكبورت" من أجل دراسة مهمته، ومن ثم أرسل إلى إيران من قبل شركة "سريك إيران" بعد ثلاثة أيام من تلقيه الاتصال وحضوره اللقاء في تل أبيب. ويقول: "خرجت بجواز سفر إسرائيلي، وفي إيران اعتبرونا موظفين في الشركة الفارسية".

وانضم إلى بلوخ لاحقا طاقما مكونا من 15 تقنيا إسرائيليا، وجندوا للعمل 750 إيرانيا. ويقول: كان العمل الأساسي إقامة أنظمة إنذار بحيث تمنح الحماية الجوية لكل مساحة فارس". موضحا أنه أقام 14 موقع اتصالات وكل موقع شمل قبتي رادار، وأربع هوائيات ، وبرج اتصال واحد على الأقل. وانتشرت المواقع من الحدود الجنوبية مع باكيستان، مرورا ببندر عباس في الخليج وبوشهر ومركز إيران- شيراز، أصفهان، حتى طهران..ويقول بلوخ أن الشركات الإسرائيلية كانت تنشط في إيران، كشركة "كور آسيا" و"سوليل بونبه". ويضيف: إلا أن عملنا كان يتم في الظل، ولم نكشف للأضواء، لم يعرفنا أحد، كان عملنا ذا طابع أمني قدمنا مساعدة أمنية، فقد عملنا على تركيب أنظمة عسكرية".

ويقول بلوخ أن التعاون الأمني تطور بخطى حثيثة وباعت إسرائيل لإيران سياج ألكتروني، وطلبت إيران أن نبني جدارا يحيط ببئر نفط كخطوة أولى؟
وفيما بعد منحت شركة نورتروب الأمريكية التي زودت إيران بطائرات مقاتلة من طراز إف14، شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية أعمال الصيانة لتلك الطائرات. ويقول بروح إن شركة نورتروب أدخلت إسرائيل من الباب الخلفي". ويضيف: " خططنا وأقمنا مبنى الصناعات الجوية في طهران، ونفذنا مشاريع في المطار الرئيسي في إيران الذي يقع في مهرباد".

ويتابع: حصلت على تصريح مرور خاص للتنقل بين القواعد الإيرانية وكان التنقل في المنشآت الحساسة سهلا جدا. كنت أسافر باستخدام الطائرة بين المواقع بحرية لم يحظ عليها باقي الإسرائيليين، وكنت أعرف في أي ساعة تخرج أي طائرة من أي قاعدة".

ويتذكر بلوخ أن قاعدة بوشهر كانت تحظى على اهتمام الإيرانيين بشكل خاص. ويقول: "اقيمت القاعدة على بعد 20 كيلو مترا من المدينة غربي الخليج. وبخلاف باقي المواقع تجول هناك أناس من كثير من دول العالم. وحينما رأيت عام 1973 البنى التحتية والحفريات، أدركت ما الذي يتم الإعداد له هناك. كنت ألتقي المسؤولين وبعد زجاجة بيرة أو اثنتين فهمت منهم ما الذي سيجري في بوشهر".

ويضيف: "في عام 1974 وقعت إيران مع الشركة الألمانية "كريفت" عقدا لإقامة مفاعلين نوويين. وكان هذا واضحا بالنسبة لي من البنى التحتية التي أقيمت. وفي تلك الفترة كان أعداء إيران هم أعداؤنا – العراق وسوريا، ومع مصر كان هناك مشاكل.".ويقول بلوخ أن الحكومة الإسرائيلية وصلها تقارير حول ما يحصل هناك إلا أنها فضلت التجاهل. ويضيف: " في عام 1973 عرفنا أنه يقام هناك مفاعلين نوويين. ومن لم يعلم حينذاك فقد نام أثناء الحراسة".

وأشار بلوخ على وجود تبادلية في المصالح بين إيران وإسرائيل قائلا: " بنفس النسبة التي ساهمت فيها إسرائيل ببناء الصناعة الأمنية الإيرانية، ساهمت إيران في تأسيس التطوير االتكنولوجي في إسرائيل".

ويقول: "كانت إيران الدولة المسلمة الوحيدة التي اعترفت بنا. كان هناك الكثير من المشاريع التكنولوجية التي لم يتوفر لها التمويل في البلاد، وفي إيران ثمة أموال طائلة. حصلوا على معدات ما زالت تستخدم في المطار، ومنحت الصفقات المشتركة دفعة للتطوير التكنولوجي في البلاد. ويضيف: "بلغت العلاقات الوثيقة إلى ذروتها حينما زار الجنرال الإيراني توفينيان البلاد، والتقى مع وزير الأمن، عيزر فايتسمن، وحضر، حسب تقارير غربية، تجربة إطلاق صاروخ. ووقعت إيران مع إسرائيل، في أعقاب ذلك، صفقة لشراء صواريخ أرض أرض إسرائيلية".

ويضيف: إذا صدقت التقارير فإن الصفقة لم تخرج إلى حيز التنفيذ، إذ بعد عدت أشهر حدثت الثورة الإيرانية، ولكن حتى عام 1979 كانوا في إسرائيل متفائلون من العلاقة مع الفرس".
إلا أن بلوخ يوضح أنه كان أقل تفاؤلا إذ كان يحس بحنق الشعب الإيراني على النظام الحاكم. ويشير أيضا إلى رفض الإيرانيين وحتى عسكريين منهم حينذاك لعدوان إسرائيل عام 1967 ونتائجه.


ويضيف أن في عام 1975 تلقت الشركة التي يعمل فيها والتابعة إلى شركة فرنسية، تعليمات بوقف العمل ووقف كل الصفقات التجارية في إيران، وأوقفوا تمويل الفرع الإيراني لشركة "سريك".
ويقول: ربما لم يدركوا أن الأعمال التي كنا نقوم فيها كانت تغطية لمساعدات أمنية، إلا أنهم كانوا يخشون أن تضر تلك العلاقات مع العالم العربي. ويقول: طرت إلى باريس ولم يكن من الممكن إقناعهم بالعدول، وكان لديهم إحساس أنه غرر بهم. فعلى ما يبدو طلبت دولة ما منهم وقف التعاون مع إسرائيل.



التعليقات