أسرار المفاوضات الإسرائيلية الأردنية (2/3)

-

أسرار المفاوضات الإسرائيلية الأردنية (2/3)
"الخيمة عابرة ولكن السلام ثابت"

منذ هذه اللحظة تقدمت الأحداث بشكل سريع. وفي 18 يوليو ظهر رئيسا وفدي المفاوضات الأردني والإسرائيلي في وادي عربة للإعلان عن بدء مفاوضات السلام بين البلدين. عقد الاجتماع في خيمة أقيمت على الحدود على بعد 17 ميلا شمال العقبة. وقال روبنشتاين في خطابه الافتتاحي إن «الخيمة مؤقتة ولكن السلام دائم».

وبعد يومين عقد بيرس ، المجالي وكريستوفرـ اجتماعا علنيا في فندق في الجانب الأردني للبحر الميت. وتباحث المجتمعون حول خطط لإنشاء قناة بين البحر الأحمر والبحر الميت، وتوحيد شبكات الكهرباء للدولتين، وتحويل الصحراء القاحلة في العربة إلى "وادي للسلام" يشمل مشاريع زراعة متطورة ومراكز صناعية وسياحية.

"الرحلة الجوية إلى هنا استغرقت 15 دقيقة فقط"، قال بيرس وأضاف "ولكنها جسرت فجوة 46 عاما من الكراهية والحرب". كان للقاء أهمية رمزية عظيمة، وساهم في تهيئة الرأي العام الأردني للقاء أكثر دراماتيكية، بين ملكهم وبين رئيس وزراء إسرائيل في البيت الأبيض. أديرت المفاوضات وصياغة الوثيقة، التي عرفت بـ "إعلان واشنطن" على يد حسين ورابين عن طريق قناة سرية بمساعدة أمناء سرهمان علي شكري وافرايم هليفي.

أصر حسين على فرض السرية المطلقة، وعلى إبعاد وزيري خارجية البلدين والخارجية الأمريكية عن المحادثات. وأديرت المفاوضات حتى اللحظة الأخيرة حسب الخطة ولم يكشف نص البيان على الأمريكيين حتى مساء اليوم الذي سبق المراسم الاحتفالية. المراسم نفسها التي حظيت على تغطية إعلامية واسعة والتي أجريت في حديقة البيت الأبيض في 25 يوليو/ تموز 1994.

قرأ كلينتون نص البيان ووقعه مع ضيفيه. وبذلك أنهى "إعلان واشنطن" حالة الحرب الرسمية بين إسرائيل والأردن، وتعهدت الدولتان فيه بالسعي إلى السلام العادل، الشامل، والدائم حسب قراري مجلس الأمن 242 و 338.

وتعهدت إسرائيل بشكل رسمي باحترام المكانة الخاصة للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن المقدسة للإسلام في القدس، ومنح اولوية لهذه المكانة في المفاوضات مع الفلسطينيين. وشكل هذا البند ضربة قاسية لعرفات الذي رأى أن السيادة على الأماكن المقدسة في القدس هي حق فلسطيني وطالب بالقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.

كما أُعلن عن عدة خطوات ثنائية، من بينها تشغيل خطوط هاتف مباشرة، توحيد شبكتي الكهرباء، فتح معابر حدودية جديدة، منح حرية العبور للسياح من دول أخرى، والتعاون بين قوات الشرطة من الجانبين في التصدي للإجرام وتجارة المخدرات.

ألقى القادة الثلاثة خطابات بليغة في حديقة البيت الأبيض على الساحة الخضراء، ولكن خطاب حسين كان الأكثر تأثيرا. لم يقرأ صيغة مكتوبة، وتحدث بإسهاب عن السلام كتحقيق حلم. وتعامل بحكمة كبيرة مع التغيير المطلوب في الوعي من أجل تحقيق السلام الحقيقي. "أحسست في الماضي القريب بأنه يتعين على الكثيرين منا في هذا الجزء من العالم، في الأردن وإسرائيل على حد سواء، أن يبدأوا في التأقلم النفسي الحتمي، بعد سنوات طويلة جدا من إنكار حقنا في العيش حياة طبيعية جنبا إلى جنب والبدء في البناء والتقدم. وكما قلت في السابق، لسوء الحظ ، مع مرور الوقت، تحول غير الطبيعي إلى طبيعي ؛ هذه هي حقا الأوضاع التراجيدية.

تصريح حسين الواضح وغير المتحفظ بأن حالة الحرب وصلت إلى نهايتها، حظي بتصفيق تلقائي، وتصدر التغطيات الإعلامية للمراسم الاحتفالية. بعد الحفل اجتمع الجانبان في غرفة الكابنيت. وبما أن اللقاء بينهما هو الثاني تفاجأ كلينتون من مدى معرفتهما واحدا بالآخر. "منذ متى تعرفان بعضكما؟" سأل. "21 عاما سيدي الرئيس" رد رابين. ولكن حسين صوب أقوال رابين بابتسامة بريئة "فقط 20 عاما". وبلهجة أكثر جدية أكد حسن على الحاجة لأن يتذوق الشعب الأردني الثمار الملموسة للسلام. وشرح كلينتون لرابين بأن الكونغرس وحده يمكنه شطب ديون الأردن، وطلب مساعدته من أجل إقناع أعضاء الكونغرس على إقرار ذلك. "نعم سيدي الرئيس"، رد رابين ببطء " سنقوم بكل ما بوسعنا". وأحس حسين حينذاك بامتنان وعرفان عميقين لرابين.

حسين شعر بامتنان عميق لرابين

ومن الحديث الذي دار لمس الاردنيون الحاضرون عمق العلاقة المميزة بين إسرائيل وأصدقائها في تلة الكابيتول(البرلمان الأمريكي). وفي المساء أقيمت وليمة على شرف الزعيمين ومرافقيهما. وكال كلينتون المديح لحسين على شجاعته والتزامه، وشبهه بجده الملك عبد الله. وبالنسبة لحسين لم يكن ثمة إطراء أكبر من ذلك، وكان كلينتون يعرف ذلك. من جانبه كال رابين ايضا المديح لحسين، وكان حديثه أكثر نثرية ويروم إلى المستقبل. ولم يخف حسين انفعاله.

في اليوم التالي، يوم 26 يوليو/ حزيران، حضر حسين ورابين جلسة خاصة للكونغرس. واستقبلت الخطابات بالتأييد. وصور حسين في خطابه رؤيته للسلام الشجاع. وتحدث عن والد جده الذي قاد التمرد العربي، وعن الملك عبد الله، الذي سقط على أبواب المسجد الأقصى: "كان رجل سلام ضحى بحياته على قربان مثله العليا. طوال حياتي سعيت لتحقيق حلمه". وبدا حسين في خطابه إنسانا يتفهم مخاوف جيرانه ويطمح للعيش إلى جانبهم بسلام.

وفي نهاية خطابه تطرق حسين لدور الولايات المتحدة وتأييدها الذي أتاح للجانبين الانتقال من حالة الحرب، لسلام بين الدولتين. فوقف الجمهور وصفق له. لم تكن أية من الدول العربية المجاورة للأردن تقبل ادعاءات حسين حينما هدد اتفاق أوسلو أمن مملكته. وها هو الآن قد وجد في اسحق رابين صديقا حقيقيا وحليفا يتفهم مخاوفه أفضل من أي حاكم عربي ويرغب في مساعدته.

حسب أقوال طاهر المصري، أحس حسين بالامتنان العميق لرابين لأنه طرح مطالبه في واشنطن ورتب له الدعوة التي يتوق إليها، إلقاء خطاب أمام الكونغرس. واعتقد المصري أن العلاقة الشخصية التي توثقت بين حسين والزعيم الإسرائيلي القوي، هي المفتاح لفهم قرارات ونشاطات الملك منذ تلك المرحلة فلاحقا.
بعض مساعدي الملك تحفظوا من العجلة في التقدم نحو إبرام اتفاق رسمي مع إسرائيل. وكان المصري الذي كان حينذاك رئيسا للبرلمان الأردني قد حذر حسين من أن الاستعجال للتطبيع قد يكون مضرا.

اعتاد الشعب الأردني سنوات طويلة أن يرى في إسرائيل عدوا، والانقلاب السريع الذي قاده حسين نحو إسرائيل لم يكن واقعيا. يجب ان يكون التغيير تدريجيا كي لا يعود بالضرر. واعترض المصري أيضا على بند القدس في إعلان واشنطن. ولم يتسن للمصري رؤية النص إلا قبل ساعات قليلة من نشره. ورأى المصري أنه من الخطأ الطلب من إسرائيل الاعتراف بمكانة خاصة للأردن في القدس، لأن إسرائيل قوة احتلال لذلك فهي لا تتمتع بشرعية في هذا الشأن.

عدنان أبو عودة الذي كان حينذاك ممثل الأردن الدائم في الأمم المتحدة، رأى أنه ينبغي أن يتقدم حسين باتجاه إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل. إلا أنه اعترض هو أيضا على بند القدس في إعلان واشنطن، لأنه يُفهم منه أن إسرائيل تسيطر على القدس بشكل قانوني. واعتقد أيضا أن البند سيثير المشاكل بين الموظفين الأردنيين والفلسطينيين، لأنه يمنح الأردنيين أولوية في إدارة الأماكن المقدسة في القدس. لكن الملك حسين لم يكن سعيدا بسماع مثل هذه الانتقادات.

وعزز الدعم الإسرائيلي الذي حظي به حسين في واشنطن القناعة لديه بأنه ينبغي التقدم بسرعة. ولعب رابينوفيتش دورا مركزيا في جهود إقناع الكونغرس بشطب ديون الأردن، وقدر حسين جهوده كثيرا.

المواضيع الأكثر صعوبة كانت الأراضي والمياه

عقدوا عدة جلسات في فندق الفصول الأربعة وفي منزل حسين خارج واشنطن. وأرجأ هليفي عودته إلى إسرائل خمسة أيام، بطلب من حسين، من أجل مساعدته في إقناع الكونغرس على شطب ديون الأردن. وغادر هليفي واشنطن في الطائرة الملكية. وخلال الرحلة كان حسين مبتهجا ومعنوياته مرتفعة. فقد أحرز تقدما باتجاه شطب ديون الأردن، وسيحصل جيشه على قطع الغيار والعتاد المتطور اللازم له، بما في ذلك طائرات إف-16، كما أنه أصلح علاقاته مع الدولة العظمى، الولايات المتحدة.

واتصل حسين من هاتف الطائرة الذي يعمل بالأقمار الصناعية، على مسمع هليفي، بعدد من الأشخاص ليشكرهم، ومن بينهم رابينوفيتش، ورابين.
كان حسين، بطبعه، يعمل أحيانا بترو، وأحيانا أخرى بشكل متسرع. وكانت الملكة نور قلقة من ن يتعرض لخذلان، ربما بسبب المشاكل الصحية التي عانى منها في تلك الفترة. لقد مرا بتجارب فاشلة كثيرة، إلا أنهما حافظا على تفاؤل حذر. ووصف زوجها لها علاقته مع رابين بانها علاقة بين عسكريين تحاورا بشكل مباشر، وبشكل صاخب أحيانا.

بعد أسبوعين من التوقيع على إعلان واشنطن توجهت الأسرة الملكية إلى العقبة للإعداد لافتتاح أول نقطة عبور بين الأردن وإسرائيل. وصل وورن كريستوفر إلى مكان الاحتفال بصحبة عدد من موظفيه. وأوفدت إسرائيل وفدا كبيرا ضم رابين وبيريس وقادة عسكريين وصحافيين. وافتتحت خطوط الهاتف التي دعا إعلان واشنطن لإقامتها بين البلدين، ودشَّنها الملك حسين بمحادثة هاتفية مع الرئيس الإسرائيلي عيزر فايتسمان.

وشرع قفريقان من الخبراء من الجانبين في العمل على القضايا الحساسة كتوزيع حصص المياه، وترسيم الحدود ومسائل الأمن المتبادل. وقد عقدت معظم هذه الاجتماعات في منزل الأمير حسن في العقبة. وضم الوفد الأردني، أحد مستشاري الأمير حسن؛ وقائد سلاح الجو السابق اللواء إحسان شردم ؛ وخبير المياه، صعب المراس د. منذر حدادين ؛ وعون الخصاونة ، رئيس الديوان الملكي – ورجل قانون كبير عين بعد ذلك قاضيا في المحكمة الدولية في لاهاي.

وضم الأردنيون إلى وفدهم خبيرا في القانون الدولي، وهو البروفيسور جيمس كراوفورد، من جامعو كمبردج، وهو من مواليد النمسا. كراوفورد هو معلم الخصاونة في جامعة الكمبردج، وخبير من الدرجة الأولى في قضايا اللاجئين. وكان موضوع اللاجئين معقد بشكل خاص، كون معظمهم كانوا فلسطينيين وليسوا أردنيين من الضفة الشرقية. والتقى كراوفرد وخصاونة برابينوفيتش، وشرح الخصاونة له بأن الأردن لا يمكنه التوقيع على اتفاق سلام يتجاهل قضية اللاجئين.

وتحدث الخصاونة طوال 18 دقيقة، وحينما أنهى قال كراوفورد لتلميذه السابق: " كانت تلك الدقائق الثمانية عشرة الأكثر دراماتيكية في حياتي المهنية، بما في ذالك ظهوري أمام محكمة العدل الدولية". في نهاية المطاف تم التوصل إلى تسوية، رغم أنها لم تكن ترضي الأردنيين بشكل تام، ولكنها أتاحت للأسف التطرق للاجئين في الاتفاق.

كانت المداولات حول الموضوع مكثفة وعندما استطاع المفاوضون تقريب وجهات النظر أبلغوا رؤساءهم بأنه آن الأوان لعقد لقاء على أعلى مستوى. وعقدت القمة في العقبة يوم 29 سبتمبر وكانت أكثر الموضوعات صعوبة هي الأراضي والمياه. كانت إسرائيل قد استولت عقب نزاع عام 1967 على أراض أردنية جنوب البحر الميت وأقامت مستوطنات زراعية تخصصت في زراعة الأزهار. ولتزويد هذه المزارع بالمياه حفرت إسرائيل آبارا داخل الأراضي الأردنية.

رابين والملك اتفقا حول كافة القضايا الحدودية

وكانت إسرائيل قد سيطرت على ما يزيد عن 380 كم مربعا، أي ما تصل مساحته إلى مساحة قطاع غزة تقريبا. وطالب الأردن باسترجاع هذه الأراضي وإنهاء استغلال ثرواته من المياه، بينما اقترح رابين في الاجتماع أن تعترف إسرائيل بالسيادة الأردنية على كل المنطقة مقابل استئجارها للمستوطنات الزراعية. لم يرفض حسين المقترح بشكل قاطع وبدا وكأنه يود المساومة لكن علي شكري وصل في اليوم التالي إلى القدس بطائرة مروحية وسلّم رئيس الوزراء رسالة عاجلة من الملك تحمل رفضا مطلقا لمقترحه.

وأعلن حسين بانه إذا لم يتسلم كامل مساحة المنطقة البالغة 380 كيلومترا مربعا فانه لن يستطيع التوقيع على اتفاقية سلام. وبدا في البداية كأن كل شيء قد انهار، لكن روبنشتاين وهاليفي أُوفدا لإجراء جولة محادثات مكثفة وأخيرا توصلا إلى معادلة أنقذت الوضع.

وتم تبني التسوية التي تم التوصل إليها من قبل الملك حسين ورابين في اجتماعهما بقصر الملك في غرب عمان في 12 أكتوبر. وأكد رابين لمضيفه انه لا ينوي الاحتفاظ بشبر واحد من الأراضي الأردنية أو بقطرة ماء أردنية واحدة.

واتفق الزعيمان على إجراء تعديلات حدودية طفيفة في وادي عربة بتبادل أراض بنفس المساحة. وحسب الاتفاق تحتفظ إسرائيل بأراضي مستخدمة للزراعة في المنطقة الحدودية وتمنح الأردن مساحة أراضي مماثلة غير مستخدمة. وتطرق الجانب الآخر للاتفاق إلى حصص المياه.

في اليوم التالي عاد الأمير حسن للعقبة وأبلغ مساعديه بنتائج القمة. ولم يكن منذر حدادين راضيا من توزيع المياه، وعبر عن ذلك بشكل واضح. عاد الإسرائيليون إلى العقبة مساءا لاستئناف المفاوضات، ولم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق بشأن آبار المياه في منطقة العربة. أراد الإسرائيليون ضمها، وحدادين الذي كان حادا أكثر من أي أحد آخر من أعضاء طاقم المفاوضات الإسرائيلي، رفض التخلي عن أي أرض أردنية. وتفجرت المفاوضات دون اتفاق، واشتكى رابين للأمير حسن قائلا إنه يبدو أن الدكتور حدادين غير معني بالسلام. ومرة أخرى، في المرة الأخيرة تم استدعاء رابين وحسين من أجل حل المشاكل العالقة.

وعاد الوفدان والتقيا مرة أخرى في قصر الملك بصحبة عدد كبير من مساعديهم مساء 16 أكتوبر وعملوا طوال الليل. وراجع رابين وحسين الاتفاق بندا تلو الآخر وحلا المشاكل التي أثيرت. وحينما طرح موضوع الحدود جثا الاثنان على يديهما ورجليهما للتمعن في خريطة كبيرة فتحت أمامهما. ورسما معا الخط الحدودي الذي يمتد من إيلات والعقبة في الجنوب حتى الحدود السورية في الشمال.

وحل الزعيمان بدقة عسكرية كافة مواضيع ترسيم الحدود وتبادل الأراضي. واتفقا على إجراءات خاصة في مطقة "نهرايم" الواقعة شمال غور الأردن ومستوطنة "تسوفير" في منطقة العربة. وفي أماكن أخرى استجاب حسين بنبل يميزه وسمح للمزارعين الإسرائيليين بمواصلة فلاحة الأرض حتى بعد انتقالها إلى السيادة الأردنية. وبشأن المياه، وافقت إسرائيل على تزويد الأردن بـ 50 مليون متر مكعب سنويا.

كان ذلك ربحا صافيا بالنسبة للأردن. واتفق أيضا أن تتعاون إسرائيل والأردن من أجل إيجاد مصادر لتزويد نهر الأردن بـ 50 مليون متر مكعب إضافية من مياه الشرب. وتعهدت الدولتان بمواجهة النقص بالمياه عن طريق تطوير مصادر جديدة للمياه، ومنع تلويث المياه، والتقليل من إهدارها. وفي الجنوب سمح لإسرائيل بالاستمرار باستخدام الآبار التي تعاد لسيادة أردنية

التعليقات