شهادات لمجندات في جيش الاحتلال تؤكد أن التنكيل بالفلسطينيين هو النمط السائد في تعامل جيش الاحتلال

العنف والتنكيل الذي يتعرض له الفلسطينيون على يد جنود الاحتلال هو نهج ونمط سلوك متعارف عليه وواقع يومي وليست استثناء كما تحاول الدعاية الإسرائيلية أن تروجه

 شهادات لمجندات في جيش الاحتلال تؤكد أن التنكيل بالفلسطينيين هو النمط السائد في تعامل جيش الاحتلال
نشرت جمعية "نكسر الصمت" تقريرا يتضمن شهادات لمجندات إسرائيليات خدمن في المناطق المحتلة عام 1967، وتؤكد الشهادات أن العنف والتنكيل الذي يتعرض له الفلسطينيون على يد جنود الاحتلال هو نهج ونمط سلوك متعارف عليه وواقع يومي وليس استثناء كما تحاول الدعاية الإسرائيلية أن تروج له، وأن الاستهتار بالفلسطيني والكراهية له هما السمة الغالبة في التعامل معه.

يعتمد التقرير على شهادات لشرطيات في حرس الحدود ومجندات خدمن على الحواجز وفي نقاط التماس والقواعد العسكرية في المناطق المحتلة عام 1967، ويلقي الضوء على ممارسات الجيش الذي يزعم قادته بأنه «الأكثر أخلاقية في العالم».

وتشير الشهادات إلى أن النساء الفلسطينيات والأطفال يتعرضون أيضا للتنكيل والعنف كالرجال، وأنه يتم التعامل مع الفلسطينيين بوجه عام بازدراء. وتؤكد مجندة أن التعليمات المتعلقة بإطلاق النار في المظاهرات وغيرها لا يؤخذ بها. ورغم التعليمات الواضحة بإطلاق النار على ساقي المتظاهرين، إلا أن ما هو متداول ومقبول هو إطلاق النار على البطن.

وتتحدث مجندة في الشرطة العسكرية عن طفل فلسطيني قام الجنود بكسر يديه ورجليه بطريقة بشعة. وقالت: كان الطفل مرارا يستفز الجنود بإلقاء الحجارة وما شابه ذلك. وذات مرة استطاع أن يبث الذعر في جندي فوقع عن برج المراقبة وكسرت رجله. ولكن الرد لم يتأخر. لا أعرف من وكيف، ولكنني أعرف أن جنديين اثنين أدخلاه إلى الجيب العسكري. وبعد أسبوعين من الحادثة رأيت الطفل وقد لفت يداه ورجلاه بالجبس.. وتحدثوا عن ذلك كثيرا في القاعدة، وتحدثوا ببساطة كيف أجلسوا الطفل ووضعوا يده على الكرسي وكسروها.

وتحدثت شرطية حرس حدود خدمت في مناطق التماس عن عنف الجنود تجاه الأطفال الفلسطينيين. وتقول: أمسك الجنود بطفل في الخامسة من عمره لا أذكر السبب.. وجهوا له عدة ضربات فبدأ الطفل في البكاء، وحينما حاول أحد الجنود تهدئته ابتسم الطفل.. فضربه الجندي بقبضته على بطنه قائلا: أتضحك في وجهي". وتقول الشرطية أن الضربة كانت شديدة بحيث أنها لا يمكنها توجيهها لشخص قوي.

وحسب عدد من الشهادات، يختلق الجنود أحيانا أسبابا وهمية لتبرير العنف ولإشباع رغبتهم. وتقول شرطية في قوات حرس الحدود خدمت في منطقة جنين: إذا كان لديك شعور بأنك بحاجة لممارسة العنف، وتشعر بالملل.. ببساطة تختلق حادثة. كأن تقوم بالاتصال بالقيادة وإبلاغهم بأنك تعرضت للرشق بالحجارة، وبعد ذلك توقف شخصا وتستجوبه.

وتتابع: ذات مرت شعرت مجندة بالملل.. فقالت تعالوا نبتدع قصة بأنهم يرشقوننا بالحجارة. واتصلت بدورية وأبلغتها.. فسألوها من؟ فردت قائلة: لا أعرف.. اثنان يلبسان قمصانا رمادية، لم أرهم جيدا". فأوقف جنود الدورية شخصان يلبسان قمصانا رمادية وأوسعوهما ضربا..

وتقول ضابطة تربية من شرطة حرس الحدود خدمت في منطقة غزة، إنها أخذت جنود الكتيبة صباحا لعرض مسرحي في تل أبيب. وبعد أن وصلوا بعد الظهر إلى القاعدة في قطاع غزة، ذهلت من عمق المفارقة - ففي الصباح صفقوا في المسرح، وبعد ذلك تصرفوا كالحيوانات. وتشرح: بعد أن عبرنا الحاجز، كأننا انتقلنا إلى عالم آخر.. كان يسافر فلسطينيون على جوانب الطريق بواسطة عربات تجرها البهائم.. فتناول أفراد شرطة حرس الحدود بقايا الطعام، والخضروات التالفة، وبدأوا يلقونها عليهم.. كانت تلك تجربتي الأكثر ترويعا في المناطق". وتقول الضابطة إنها حاولت التعبير عن احتجاجها، إلا أن الضباط أسكتوها، وأنها حينما حاولت التوجه للقيادة العليا، كان الحل إرسالها فورا للالتحاق بدورة ضباط.

وعن العنف ضد النساء، تقول شرطية في قوات «حرس الحدود» في شهادتها: إنها تعرف مجندتين كانت لديهن رغبة دائمة في صفع النساء الفلسطينيات. وتشير إلى أن «الجنود أيضا لم يكن لديهم مشكلة في توجيه الصفعات للنساء إذا رفعن صوتهن». وتؤكد أن «العنف ضد الفلسطينيين هو نهج سائد». وتقول إنه « ثمة رجال شرطة لم يقوموا بذلك.. ولكن الجميع يعرفون».

وتقول مجندة إسرائيلية خدمت في حاجز إيريز، إن أعمال العنف اتجاه الفلسطينيين هي جزء من الروتين اليومي. وتشرح: قبل أن يطلق سراح فلسطيني ما إلى قطاع غزة من المعتاد أن يتم اقتياده إلى خيمة قريبة وتوجيه الضربات له. وتؤكد أن ذلك يتم بمشاركة الضباط.

وتضيف قائلة: حينما يتم إطلاق سراح المتواجدين بشكل غير قانوني من القاعدة العسكرية، يتوقف الجنود في موقع عسكري.. يشربون القهوة ويدخنون سيجارة، فيما يقوم حراس الموقع بتوجيه الضربات للفلسطيني الذي يقتادونه. وتلخص: حينما يتم إطلاق سراح فلسطيني يمر في جحيم حتى يصل الجانب الآخر".

وتحدثت عدة شهادات عن حالات تخريب متعمد لممتلكات الفلسطينيين، وعن حالات سرقة. وتحدثت مجندة عن سلب الطعام من الفلسطينيين على حاجز إيريز. فيما تحدثت شرطية حرس حدود عن قيام الجنود بسرقة أشياء كثيرة من البائعين الفلسطينيين كالعاب الأطفال، وبطريات كهربائية، وسجائر. وتقول إنها متأكدة بأنهم كانوا أيضا يسرقون المال. وتقول إنه ذات مرة صور طاقم تلفزيوني عملية سرقة، فتفجرت القضية وأحدثت ضجة كبيرة. وبعد ذلك جمعنا قائد الكتيبة ووبخنا قائلا: كيف لم تفكروا أنهم يمكن أن يرونكم". وتؤكد أن أحدا لم يحاسب. وتقول أن الأجواء السائدة توحي بأنه يمكن توجيه الصفعات، والضرب والإهانة".

وتقول مجندة خدمت في الخليل عن هواية جنود من وحدتها، وتسمى "مسدس اللعب"، حيث يصوبون بنادقهم على أطفال فلسطينيين ويطلقون النار. وتحدثت عن قيام صحفية بتصوير حادثة من هذا النوع، فأرسلت دورية إلى بيت الصحافية وعادت مع الصور. وتقول الجندية إنها لا تعرف إذا ما كانوا دفعوا مالا للصحافية أم هددوها. وأكدت أن الصور أبيدت بعد وقت قصير، وأن قائد الكتيبة قال لهم: "يا ويلنا لو وصلت الصور إلى مكتب المتحدث باسم الجيش".

عدد من المجندات تحدثن عن اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين أمام أنظار الجنود في الخليل، وأكدت إحداهن أن هذه الاعتداءات مقبولة على الجنود، وتحدثت عن قيامها بالبصق على فلسطيني في الشارع. وتقول: لم يقم الرجل بأي شيء. ولكنه الأمر الوحيد الذي أستطيع القيام به. لا يمكنني التباهي بأنني ألقيت القبض على مخرب، ولكن يمكنني أن أبصق عليهم والاستهتار بهم والضحك عليهم".

وتحدثت مجندة أخرى أيضا عن تنكيل المستوطنين بالفلسطينيين في الخليل، والغطاء الذي تحظى به ممارساتهم من قبل جنود الاحتلال، وسردت حادثة اعتداء طفلة مستوطنة عمرها ثماني سنوات تصفها بأنها «شقراء مدهشة»، على رجل فلسطيني وضربه بحجر. وتقول المجندة: "قفزت الطفلة فجأة باتجاه الرجل وضربته بحجر على رأسه.. ثم بدأت تصرخ .. مقرف، دمه لطخني".

وتضيف المجندة: الرجل الفلسطيني نظر إلى الطفلة بغضب، الأمر الذي فسره أحد الجنود على أنه تهديد، فتقدم من الفلسطيني وضربه بقبضته، فوضع العربي يده على الجرح وهرب".

كما تسرد حادثة أخرى مع نفس الطفلة، وتقول إنها كانت تجر عربة فيها طفل صغير.. وكانت تعطيه حجارة وتقول له أضرب العرب.

شرطية من قوات «حرس الحدود» في منطقة جنين ، تحدثت عن حادثة وقعت مع طفل فلسطيني (9 أعوام) حاول تسلق جدار الفصل ولم ينجح ففر هاربا فأطلق الجنود عليه النار واردوه قتيلا. وتقول الشرطية: "أطلقوا النار عليه، كما يقولون- في هواء الرئتين.. (جملة دارجة بين الجنود بدل إطلاق النار في الهواء) حينما كان في الجانب الآخر من الجدار ولم يشكل أي خطر. أصيب الطفل في منطقة البطن، وادعى الجنود أنه كان يركب دراجة هوائية لذلك ولم يكن هناك مجال لإصابته في ساقيه".

وتضيف الشرطية إنها ذهلت مما حصل بعد ذلك بين الجنود الأربعة المتواجدين، وتقول: في تلك اللحظة نسقوا شهادتهم. وأجروا تحقيقا. في البداية قالوا أن القتل كان غير مبرر.. ولكن في النهاية ادعوا أن الطفل كان يفحص طريقا لتسلل المخربين.. وبذلك أغلقوا الملف".

جندية في الاستخبارات خدمت في منطقة مستوطنة "عتسيون" تحدثت عن قيام قناصة إسرائيليين بإطلاق النار على فتى فلسطيني اشتبه بأنه ألقى زجاجة حارقة. وتؤكد أن في هذه الحادثة أيضا نسق الجنود شهاداتهم بعد الجريمة، وتحدثت الجندية عن أجواء الفرح في أوساط الجنود بعد عملية القتل، وقالت إنه: في وقت لاحق سُجل في سجل في سجل تقييم الأوضاع، بأن الهدوء سيسود من الآن فصاعدا، فقد كان ذلك أفضل ردع ممكن". وقالت جندية أخرى خدمت في الخليل إنها قامت بإطلاق النار على فلسطيني في بطنه دون أن يشكل أي خطر عليها. وتم التغاضي عن الجريمة، ولم تحاسب.

ضابطة خدمت في غزة، قالت إنها كانت شاهدة مرارا على إطلاق النار وقذائف المدفعية على فلسطينيين اقتربوا من السياج الحدودي، و تقول: " كأننا في حرب، وفي الحرب لا يوجد قوانين. وهذا هو الجو العام".

وتحدثن الجنديات عن الحاجة لإثبات أنهن مقاتلات للمحيطين بهم وخاصة الرجال الذين يشجعونهم على العنف. وتقول شرطية في حرس الحدود إن قيام فتاة بتوجيه صفعة لرجل فلسطيني فيه الكثير من الإهانة. وتقول إنها ذات مرة أوقفت مجموعة من الفلسطينيين وصفعت واحدا منهم فارتبك وابتسم، فضحك المحيطين به، فقال لها الضابط: هل ستسكتين على ذلك، انظري كيف يضحكون عليك، وأردفت قائلة: "أحسست أنني بحاجة لاستعادة كرامتي، فأمرتهم بالجلوس وقلت له تعال واقتربت منه كثيرا ووجهت له ضربة قويه على خصيتيه. وتتابع: ضربته على خصيتيه، رفعت قدمي ووجهت له ضربة بحذائي العسكري، كانت الضربة مؤلمة، فتوقف عن الضحك في وجهي. وبعد ذلك اقتدناه إلى محطة الشرطة، واعتقدت أنني تورطت، فبإمكان الرجل أن يقدم شكوى ضدي ، ولكنه لم ينبس ببنت شفة .. ماذا سيقول فتاة ضربتني.. الحمد لله مرت ثلاث سنوات على تلك الحادثة ولم أسال عنها.

وتحدثت شرطية في قوات حرس الحدود عن ملاحقة من تسميهم متواجدين بشكل غير شرعي والتنكيل بهم. وتقول:" يوقفونهم صفا ويجبرونهم على إنشاد الأغنية المعروفة «واحد حمص واحد فول أنا بحبك مشمار غفول(حرس الحدود))»، ويجبرونهم على الغناء والقفز. وإذا ما ابتسم أحد، أو قرروا أنه ابتسم، يوسعونه ضربا بقبضاتهم. وتضيف: يمكن أن يستمر ذلك ساعات، والأمر متعلق بمدى الملل لدى الجنود. وردية العمل هي ثماني ساعات ، ويجدب تمريرها بأي شكل".

التعليقات