31/10/2010 - 11:02

اختراقات رقمية

بادرت وزارة القضاء الإسرائيلية، وبتوجيه من المستشار القضائي، إلى اقتراح قانون يمنح الشرطة إمكانيات تكنولوجية أسوة بجهاز الأمن العام (الشاباك). والإشارة هنا إلى إتاحة المجال لمتابعة وتحديد مكان شخص معين في أية لحظة، من خلال الحصول على معلومات من شركات

اختراقات رقمية

بادرت وزارة القضاء الإسرائيلية، وبتوجيه من المستشار القضائي، إلى اقتراح قانون يمنح الشرطة إمكانيات تكنولوجية أسوة بجهاز الأمن العام (الشاباك). والإشارة هنا إلى إتاحة المجال لمتابعة وتحديد مكان شخص معين في أية لحظة، من خلال الحصول على معلومات من شركات الاتصال وبضمنها الهواتف والهواتف النقالة والإنترنت.

ويعني ذلك أن الهواتف عامة، والنقالة بوجه خاص، ستصبح أجهزة تنصت ثابتة وأجهزة لتحديد المكان بشكل متواصل بالنسبة للشرطة والشاباك. فالهاتف النقال على اتصال مع الهوائيات القريبة منه ما يتيح تحديد المكان. والمكالمات التي تجرى منه يتم تسجيلها وبإمكان الجهات المعنية الوصول إليها في أية لحظة (في الولايات المتحدة كافة المكالمات الهاتفية توثق بدقة من قبل الأجهزة الاستخبارية بذريعة مكافحة الإرهاب)، ويمكن الوصول أيضًا إلى البلاغات القصيرة (إس إم إس) التي يتم تخزينها في حاسوب الشركة المزودة للاتصال. علاوة على ذلك، بإمكان الجهات المعنية الوصول إلى الشركات المزودة لخدمات الإنترنت والحصول على معلومات بشأن كل موقع يتم الدخول إليه، وكل ملف يتم إنزاله، وكل رسالة إلكترونية يتم إرسالها.

ولا تتوقف العملية عند هذا الحد، فهناك عدد لا يحصى من الكاميرات في شتى الأماكن، في الشارع وفي مكان العمل والمصارف والمحلات التجارية وغيرها (في بريطانيا يصل معدل الكاميرات إلى كاميرا واحدة لكل 14 شخصًا). كما لا تتوقف هذه العملية عند حدود مكافحة الجريمة كما قيل، لتسويغ منح الشرطة هذه الصلاحية، بل تطال فلسطينيي الداخل، والفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في أقل تقدير.

ربما يبدو للوهلة الأولى أن هناك فئة محدودة لها مواصفات خاصة تقع ضمن دائرة الاستهداف الاستخباري، سواء من قبل الشرطة أم الشاباك، ولكن في واقع الأمر ليس لذلك حدود، فهناك "مشتبهون"، وهناك من يُعتقد أنه على صلة بمشتبهين، وهناك من يُعتقد أن لديهم معلومات عن مشتبهين، أو يعرفون شيئًا عمن لديهم معلومات عن مشتبهين.. سلسلة طويلة لا تنتهي وتكاد لا تستثني أحدًا، وهذه السلسلة ليست من قبيل الابتذال، فقد سبق وأن أكد ذلك قبل 6 سنوات رئيس الشاباك في حينه، عامي أيالون، عندما عرض موقف الجهاز الذي يقف على رأسه من الفلسطينيين في الداخل في إطار محاضرة قدمت في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية.

وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد كتبت عن الموضوع تحت عنوان "لا نخاف من العرب"، أشارت فيه إلى قول أيالون "في مسألة الاختراق السياسي، وعدا عن الميل الطبيعي، الموجود بشكل بنيوي في التفكير الاستخباري لأي جهاز استخباري، فإن الجهاز يسأل نفسه؛ ما هو الحد المسموح به للمراقبة والمتابعة الاستخبارية. من الواضح أن المراقبة الاستخبارية تمس بالمواطن بدون معرفته، وبجزء من الحقوق الأساس التي يتمتع بها. وفي حال قررنا أن فلانًا هو هدف استخباري، نقوم بالتنصت عليه، ونتابعه، ونقوم بدراسته، ونستعين بالأجهزة المحوسبة من أجل دراسة ماضيه. هكذا يعمل كل جهاز استخباري في العالم. ومن الواضح أنه يوجد هنا مس خطير بحقوق الفرد".

وفي حينه وفي سياق عرضه للمتابعات والأهداف الاستخبارية، أشار أيالون صراحةً إلى التجمع الوطني الديمقراطي ود.عزمي بشارة بالقول "إنهم ضمن الفئة التي تسير على خط رفيع، فهم يثقفون على إلغاء الطابع اليهودي للدولة، ونواب التجمع ينتخبون على أساس هذا البرنامج السياسي".

وعلى مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، تجدر الإشارة إلى أنه قبل العدوان على لبنان، بعدة أيام كانت قد كتبت تقارير إسرائيلية تتناول مسألة إخلاء بعض المستوطنات في الضفة الغربية في إطار خطة "التجميع/الانطواء"، وفي حينه تمت الإشارة إلى أن الخروج المطلق لجيش الاحتلال يقتضي البدء ببناء شبكات استخبارية واسعة لجمع المعلومات، والتي تستغرق سنوات لإنجازها، لتتيح مواصلة السيطرة على المناطق التي سيتم إخلاؤها. ومن الواضح أن أقل استنتاج يمكن التوصل إليه من مثل هذه الحقيقة، أن مثل هذه الشبكة الاستخبارية الواسعة لجمع المعلومات قد سبق وأن تم تشكيلها في قطاع غزة قبل انسحاب الجيش منها.

التعليقات