اين تنشط الحركة الصهيونية بالبرازيل ( 3)/ جادالله صفا

-

اين تنشط الحركة الصهيونية بالبرازيل ( 3)/ جادالله صفا

بهذا الجزء من سلسلة مقالاتنا حول النشاط الصهيوني بالبرازيلي، سنتطرق الى بعض من الامثلة التي لها علاقة بالموقف الرسمي البرازيلي الحكومي والمؤسسات التشريعية البرازيلية، لنضع  القاريء والمتتبع للنشاط الصهيوني بجزء من صورة هذا النشاط، فالبرازيل تعتبر بالمرحلة الحالية قاعدة اقتصادية قوية ودولة لها مكانتها الدولية وايضا لها نفوذها  وتاثيرها على مستوى القارة.


 


لاشك اطلاقا ان الصوت البرازيلي الخاص بالقرار 181 قرار التقسيم، كان الصوت الحاسم والمقرر لتقسيم فلسطين الى دولتين كما ينص عليه القرار، ولا اعتقد ان هذا الموقف البرازيلي جاء عن طريق الصدفة، وانما جاء ليعبر عن موقف دولة وحكومة انحازت بشكل كامل الى الحركة الصهيونية بمشروعها الداعي الى اقامة دولة يهودية بفلسطين، بغض النظر عن المبرارات التي ادت الى اتخاذ هكذا موقف،  والسؤال الذي يطرح نفسه هو:  ما هي هذه المبرارات والاسباب التي اعتمدت عليها الحكومة البرازيلية للتصويت لصالح التقسيم؟ وما هو دور ممثلها Oswaldo Aranha  الذي كان يراس تلك الجلسة؟ فحسب دراسة وبحث للكاتب البرازيليFábio Koifman   حيث توصل الى  ما يلي:


 


1.     الفوائد التجارية والتمثيل الصناعي وما يتمتع به اليهود من قدرات على الصعيد العالمي وما يمكن ان تستفيده البرازيل من هذه الامكانيات والطاقات.


2.     كانت هناك اعتقادات عند الحركة الصهيونية بان Oswaldo Aranha كان معادي للسامية، عندما كان وزيرا للخارجية حيث وضع قيودا على الهجرة اليهودية للبرازيل، وكان هذا عامل مشجع من اجل استغلال هذا الاعتقاد للضغط من اجل اقرار التقسيم.


3.     كان Oswaldo Aranha متخوفا من الهجرة اليهودية للبرازيل، فرأى ان يكون لليهود وطنا يذهبون اليه بدلا من استيطان البرازيل.


4.     اما العامل الرابع وهو الاكثر اثارة واعجابا، بان اللوبي الصهيوني اكتشف ان Oswaldo Aranha  المندوب البرازيلي اعجب بجمال امرأة وارادها، فاوعده اللوبي الصهيوني بان تكون تلك المرأة الهدية المقدمة له بتلك الليلة بالفندق في حال كان صوته لصالح التقسيم.


 


هذا الجانب اعلاه سنتطرق له من خلال دراسة اكثر تفصيلا مستقبلا.


 


فالحركة الصهيونية والتجمعات اليهودية تنشط ايضا اثناء الحملات الانتخابية على كل المستويات، لتحصل على وعودا تتماشى مع التطلعات والاهداف الصهيونية بشكل عام، بما تخدم توجهاتها ورؤيتها الاستراتيجية، فاثناء الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية عام 1989، تمكنت الحركة الصهيونية من انتزاع وعدا من المرشح  Fernando Color  الذي تم انتخابه رئيسا للبرازيل بتلك السنة، بالغاء صوت البرازيل الذي يعتبر الصهيونية شكلا من اشكال العنصرية، حيث صرح  "ان البرازيل ارتكبت خطأ عندما صوتت بتاريخ 10/11/1975 باعتبار الصهيونية شكل من اشكال العنصرية، وانني سابذل جهدي من اجل تصحيح الموقف البرازيلي"،  وذلك اثناء لقاء له مع رئيس والسكرتير العام للمؤتمر اليهودي العالمي  ورئيس الكونفدرالية "الاسرائيلية" بالبرازيل ورئيس مجلس الحاخامات الاسرائيلين بولاية ساوبولو، واكد فيرناندو ايضا خلال هذا اللقاء للوفد اليهودي بعدم رفع التمثيل الدبلوماسي لممثلية منظمة التحرير الفلسطينية بالبرازيل، وفي تصريح للحاخام اليهودي هنري صوبل اثناء الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية عام 1989 قال:  "بان   Tancredo Neves  المرشح السابق للرئاسة البرازيلية لعام 1985 قدم وعده باعادة النظر بالصوت البرازيلي الذي يعتبر الصهيونية شكلا من اشكال العنصرية،  الا ان Tancredo توفي قبل ان يفي بوعده".


 


ايضا تنشط الحركة الصهيونية بالحملات الانتخابية من خلال ممارسة دورا يهدف الى الوصول الى مراكز القرار على مستوى البلديات والتاثير عليهم، حيث تشهد البرازيل اليوم حملات انتخابية على مستوى المدن والبلديات، وتنشط الحركة الصهيونية والجماعات اليهودية بالمدن الاساسية والرئيسية، للحصول على وعودا من المرشحين، وتجري لقاءات مع العديد من مرشحي الاحزاب الاساسية والرئيسية ببعض المدن،  والتي تهدف بالاساس الى التاثير على المرشحين بما يخدم التوجهات الصهيونية، من خلال اظهار الامكانيات والقدرات اليهودية والصهيونية، وعلى سبيل المثال ما يجري بمدينة ساوبولو كبرى المدن البرازيلية، حيث التقت قيادة "الفيدرالية الاسرائيلية"  بالمرشحين الثلاثة الرئيسيين، حيث مرشح الحزب الديمقراطي Gilberto Kassab، رئيس بلدية ساوبولو الحالي،  اكد باعتبار الاعياد الاساسية لمعتنقي الديانة اليهودية عطلة رسمية لهم مدفوعة الاجر، كما وتعمل الحركة الصهيونية للوصول الى كافة قيادة ومرشحي الاحزاب الاساسية واقامة علاقات معها، وما يلفت النظر ان بعض قيادي الاحزاب اليسارية  ومرشحيها بالعديد من المدن، كبورتو اليغري، ساوبولو، الريو دي جانيرو، اصبحت تقع تحت تاثير الحركة الصهيونية ونشاطات الجماعات اليهودية.


 


ومن جانب اخرى تسعى الحركة الصهيونية من الاستفادة من المؤسسات الشرعية، من خلال اقامة نشاطات لها علاقة بالصراع القائم، وعلى سبيل المثال عندما تقدم  النائب  Ibsen Pinheiro عن حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية بتاريخ 29/11/2007، بطلب لعقد جلسة برلمانية خاصة بمناسبة قرار التقسيم بمقر البرلمان البرازيلي، حيث كان يهدف هذا النائب الى الغاء النشاط الخاص الذي يقيمه البرلمان البرازيلي سنويا بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني ، حيث تدخلت الجالية الفلسطينية والسفارة الفلسطينية لمنع مثل هكذا نشاط بنفس اليوم، حيث تم تاجيل النشاط الى يوما اخر وتم التاكيد على الجلسة الخاصة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، كذلك هدفت الحركة الصهيونية والجماعات اليهودية ومؤسساتهم  من تكريم Oswaldo Aranha  بهذا النشاط من خلال دعوة احد احفاده.


 


اما من جانب اخر فالحركة الصهيونية والجماعات اليهودية ومؤسساتها تمكنت من الغاء نشاطات فلسطينية اخرى بمناطق اخرى كما حصل بالمجلس البلدي لمدينة بورتو اليغري، في نفس الوقت التي تنشط بتلك المدينة والولاية  بشكل رهيب، من خلال التغلغل بكافة المؤسسات التابعة للولاية والمدن الرئيسية، اضافة الى كسب العديد من الشخصيات الرسمية واصحاب النفوذ بولاية الريو غراندي دوسول، وعلى راسها شخصيات ورموز عمالية تابعة لحزب العمال الحزب الحاكم بالبرازيل الرئيس البرازيلي اناسيو سيلفا دا لولا مؤسسه الاول.


 


ولم يتوقف النشاط الصهيوني عند ما سبق، ففي ولاية الريو دي جانيرو فشلت الحركة الصهيونية والمؤسسات اليهودية من الغاء تدريس احدى الكراسات الخاصة بالسيرة الذاتية للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بالمدارس الحكومية بالولاية، حيث تصدت الجهات المناصرة للقضية الفلسطينية للضغوطات الصهيونية،  وكان للسفارة الفلسطينية ايضا دورا مشرفا بهذا الجانب.


 


تماشيا مع القرار الصادر عن الامم المتحدة الذي يعتبر يوم 27/01 من كل عام يوما "لاحياء ذكرى محرقة اليهود"، تعمل الجماعات اليهودية من اجل استصدار قرارات من المؤسسات التشريعية البرازيلية على صعيد الولايات والبلديات، تهدف بالاساس الى كسب عطف قطاعات واسعة رسمية وشعبية للتعاطف مع اليهود، وبالاساس مع دولة اسرائيل باعتبارها الملجأ الامن لليهود بالعالم، وصولا لتضليل الراي العام البرازيلي، لطبيعة الصراع بالشرق الاوسط، من خلال اعتبار ان اليهود هم ضحايا النازية والفاشية الاوروبية، وتبريرا لجرائم الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية التي ارتكبتها  بحق كافة شعوب العالم وقواها الوطنية والثورية، وعلى راسها الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني عندما قامت باجتثاثه من وطنه وطرده بقوة السلاح خارج فلسطين، حيث لم يسلم من جرائمهم نفس اليهود، الذين كانوا ببعض الحالات ضحايا الارهاب الصهيوني وكيانه، نعم، لقد تمكنت الحركة الصهيونية والجماعات اليهودية ومؤسساتهم من استقطاب العديد من ممثلي القوى اليسارية للتقدم بمشاريع بالمجالس التشريعية واقراراها باعتبارها قرارا دوليا صادرا عن الامم المتحدة.


 


ما تم ذكره اعلاه ما هو الا جانب بسيط من نشاط الحركة الصهيونية، وما هو الا مجرد عينة بسيطة، للتنبيه الى طبيعة النشاط الصهيوني، الذي يعمل بكل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمالية والاعلامية، تمهيدا لاقامة الحكومة اليهودية العالمية، التي تفرض سيطرتها على دول وشعوب العالم وتتحكم بكافة نواحي الحياة، تستغل وتنهب وتستعبد كافة الشعوب.


 


جادالله صفا


21/09/2008

التعليقات