بحث إسرائيلي: "لا يمكن حث إسرائيل للسلام بدون عنف"

الحكومة الإسرائيلية تعرف جيدًا إنه لا يمكن التوصل إلى اتفاقية سلام مع سوريا بدون التنازل عن هضبة الجولان وهي غير مستعدة لدفع هذا الثمن في غياب ضغط حقيقي"

بحث إسرائيلي:
استنتج الباحث الإسرائيلي شلومو باروم، في النشرة الصادرة هذا الشهر عن مركز "يافه" للأبحاث الإستراتيجية في جامعة تل أبيب، أن "سياسة حكومة إسرائيل تقوّي الرأي السائد أنه بدون عنف لا يمكن حث إسرائيل للتوصل إلى إتفاقية سلام مع الدول العربية".

وأضاف الباحث ان "الحكومة الإسرائيلية تعرف جيدًا إنه لا يمكن التوصل إلى اتفاقية سلام مع سوريا بدون التنازل عن هضبة الجولان وهي غير مستعدة لدفع هذا الثمن في غياب الضغط الحقيقي على إسرائيل للقيام بهذا التنازل، لأن الوضع في الحدود الشمالية هادىء نسبيًّا، وعمليات حزب الله محدودة وممكن أن تكون مقبولة بهذا الشكل، وهناك هدوء في هضبة الجولان".

وأكد الباحث في دراسته بعنوان "مفاوضات مع سوريا: حسنات وسلبيات"، ان أمام إسرائيل خيارين، فإما أن تنتظر حتى تقوم الولايات المتحدة باضعاف النظام السوري، وإما أن تبدأ الآن المفاوضات لاتفاقية السلام، مع العلم بالثمن الذي ستدفعه، وهو "التنازل" عن هضبة الجولان، على حد تعبيره.
ويستعرض موقع "عرب 48" ما ورد على لسان الباحث الإستراتيجي الإسرائيلي، بما في ذلك استعماله لمصطلح "إرهاب" في وصفه للمقاومة الفلسطينية واللبنانية (حزب الله) والعراقية، وكذلك تسمية الرئيس السوري بشار الأسد بإسمه الشخصي "بشار".

كتب شلومو باروم في مقال الغلاف للنشرة الإستراتيجية الأخيرة، "في الأشهر الأخيرة بادر الرئيس السوري، بشار الأسد، ببعض التوجهات لتجديد المفاوصات حول إتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل. حظيت هذه التوجهات بصورة عامة باستقبال فاتر من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، وهدف الدراسة جاء لتحليل المراحل التي أدت إلى طرح المبادرة السورية وإمكانيات العمل الممكنة لإسرائيل".

ويضيف الباحث الإسرائيلي، "إن العلاقات في مثلث إسرائيل-سوريا-لبنان متأثرة بثلاثة حوادث تمت خلال السنوات الأربع الأخيرة: الإنسحاب الأحادي الجانب لإسرائيل من جنوب لبنان، والإنتفاضة الثانية ونتائج أحداث الـ11 من سبتمبر، خاصة الحرب في العراق. أما فيما يتعلق بالعلاقات بين إسرائيل من جانب وسوريا ولبنان من جانب آخر، فإن الإنسحاب أحادي الجانب من جنوب لبنان كان ايجابيًا لإسرائيل. فقد أنهى الإنسحاب شرعية المقاومة الداخلية والخارجية ضد إسرائيل لمنظمة حزب الله، وأنهى حججه بالنضال ضد المحتل الأجنبي من أجل التحرر الوطني الشرعي. فالمجتمع اللبناني الذي حظي بالهدوء والاستقرار والازدهار الاقتصادي النسبي بعد سنوات من الحرب الأهلية والتواجد المستمر للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، لا يدعم استمرار النضال العنيف ضد إسرائيل، والمجتمع الدولي لا يرى في الحدود الحالية بين إسرائيل ولبنان، خط حدود شرعي لا يستحق صراع عسكري. حزب الله يستعمل اليوم مزارع شبعا (هار دوف بالمفهوم الإسرائيلي) ومشكلة الأسرى كحجة واهية جدًا لاستمرار نشاطاته. ومؤخرًا خسر حجة الأسرى اللبنانيين الموجودين بأيدي إسرائيل بعد صفقة تبادل الأسرى. إن ضعف الشرعية لنشاطات حزب الله تظهر في حجم عملياته الضئيلة وفي إمكانية وقفها حين تكون إمكانية للتصعيد.

ويضيف باروم في تحليله الإستراتيجي، "هذا التطور وضع سوريا وحزب الله في موقف صعب، حيث خسرت سوريا آلية الضغط الوحيدة التي مكنتها من الضغط على إسرائيل من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات واستعادة السيادة على هضبة الجولان. من جهة واحدة، فقدت منظمة حزب الله شرعية استمرايتها، فإذا كانت هذه الحركة ليست حركة مقاومة لبنانية ضد الإحتلال الإسرائيلي فإنها بقيت فقط كحزب سياسي، يمثل المصالح لمجتمع سكاني واحد، هو الشيعة، وهي مجموهة من بين العديد من المجموعات العديدة ذات المصالح في لبنان، وهو يتنافس على هذا التمثيل مع حركات سياسية أخرى، مثل حركة "أمل".

"إن الإنتفاضة الثانية عام 2000 سهلت الأمور على سوريا وحزب الله لأنها فتحت آفاق جديدة يمكن بواسطتها استغلال الغضب القومي الناتج عن الإنتفاضة في العالم العربي لأهدافهم وكذلك ضد إسرائيل. باستطاعة سوريا تجديد ضغطها على إسرائيل من خلال دعمها للمنظمات الفلسطينية، خاصة المنظمات الإسلامية كالجهاد الإسلامي وحماس، حيث تمنح قادتها ملجأ في دمشق، وتمكنها من استعمال أراضيها والأراضي اللبنانية للإرشاد ونقل الأوامر والوسائل للفلسطينيين، كما أنها تمكن من نقل ايران للأموال والوسائل للتنظيمات الفلسطينية".

ويردف الباحث الإستراتيجي، "منظمة حزب الله مستمرة في نشاطها ضد إسرائيل، وذلك للحفاظ على خاصيتها الايديولوجية مقابل المجموعات الأخرى الناشطة في لبنان، حيث تقوم بذلك من خلال دعمها للمنظمات "الإرهابية" الفلسطينية وتحاول بناء بنية "ارهابية" خاصة بها في الأراضي الفلسطينية. وبصورة تتعارض مع مصالحها، فإن منظمة حزب الله تقوم باستغلال الوضع البائس للحركة الفلسطينية العلمانية، حركة فتح. إنها تستغل ضعفها وتفككها إلى جماعات عنيفة على أساس محلي وناجح، بواسطة الدعم المالي بالأساس، وذلك للسيطرة على بعض هذه المجموعات وتوجيه نشاطاتها. هكذا تستمر سوريا وحزب الله بالحفاظ على ضغطها على إسرائيل.
"وضعت أحداث الـ 11 سبتمبر سوريا وحزب الله مرة أخرى في موضع صعب. حزب الله هو تنظيم "ارهابي" إسلامي صاحب تاريخ دموي من عمليات ضد الولايات المتحدة وبنية "ارهابية" عالمية نفذت عمليات في عدة مناسبات، وكان من الخطر بمكان أن يتم تشخيصه من قبل الولايات المتحدة في إطار حربها ضد الارهاب.
"وسوريا تستجيب لكل مركبات دولة "محور الشر": إنها تدعم الارهاب، صاحبة نظام اضطهادي متسلط، وتملك سلاح دمار شامل. الولايات المتحدة لم تضعها رسميًا على قائمة دول "محور الشر" لأن الحكومة الأمريكية اعتقدت انه بامكانها تطوير التعاون مع سوريا والتأثير على سياستها كما كان وقت حرب الخليج عام 1991، وشأنها ليس كشأن دول "محور الشر" الثلاث الأخرى. لقد كان لسوريا مصلحة حقيقية بعد 11 سبتمبر، بأن لا يتم ربطها بتنظيم "القاعدة" وبدول "محور الشر"، وبالتالي تعاونت مع الولايات المتحدة ضد "القاعدة".

"كل ذلك – يردف الباحث – تغير في أعقاب الحرب في العراق، حيث عمل بشار الأسد قبل الحرب على تحسين علاقات سوريا بالعراق، كونه لم يعان من العلاقات المتوترة التي كانت لوالده مع صدام حسين، وأعتقد أن تحسين العلاقات مع العراق سيثمر من الناحيتين الإستراتيجية والإقتصادية، فبامكان العراق أن يكون جبهة استراتيجية لسوريا المنعزلة والعلاقات الاقتصادية قد تحسن الوضع الاقتصادي السيء لسوريا. بشار (الأسد) سمح للعراق بتصدير النفط بواسطة الحدود السورية ما أدى إلى خرق قرار الأمم المتحدة المتعلق بالغذاء مقابل النفط، وتلقى مقابل ذلك اموالاً طائلة. قبل الحرب سمح بشار (الأسد) بتهريب الأسلحة للعراق من خلال استعلال إسم سوريا وأراضيها، وخلال الحرب سمح بانتقال المتطوعين العرب للعراق ليشاركوا في الحرب ضد الولايات المتحدة، وفي نهاية هذه الحرب منح ملجأ في سوريا لرجالات النظام المخلوع، وهناك شبهة، غير مؤكدة بعد، بأن سلاح الدمار الشامل تم تهريبه من العراق إلى سوريا".

وحول ما آلت إليه سوريا بعد الإحتلال الأمريكي للعراق، يكتب الباحث: "نتائج الحرب أدت إلى تدهور الوضع الإستراتيجي لسوريا، التي لم تكن في وضع جيد قبلها. بعد تفكك الإتحاد السوفييتي فقدت سوريا القوة العظمى التي كانت تساندها، والتوازن العسكري بينها وبين إسرائيل أصبح يسوء يومًا بعد يوم، ووضعها الإقتصادي أصبح سيئًا بالإضافة إلى معاناتها من العزلة الإستراتيجية. واليوم فقدت سوريا الأمل بالاستمتاع من الجبهة الاستراتيجية التي كانت تمنحها لها العراق وبسبب تصرفها قبل الحرب وخلالها فإنها اصبحت هدفًا لغضب الدولة العظمى الوحيدة، الولايات المتحدة، الموجودة في وضع تنتشر فيه قواتها في دولة مجاورة".

"لقد فهم بشار الأسد وضعه السيء مقابل الولايات المتحدة، حيث يعتبر ذلك تهديدًا استراتيجيًا على نظامه، وبالتالي بحث عن وسائل لمصالحة الولايات المتحدة. وتحت هذا الضغط الأمريكي أعلن بأنه أغلق مكاتب التنظيمات الفلسطينية "الارهابية" في دمشق وبعدها أعلن عن رغبته بتجديد المفاوضات السلمية مع إسرائيل. وقد ألمح بواسطة السفير السوري بالولايات المتحدة بأنه مستعد لتجديد المفاوضات حتى لو لم تقبل إسرائيل شرط بداية المفوضات من النقطة التي توقفت عندها في لقاء الرئيس حافظ الأسد والرئيس كلينتون بجنيف عام 2000".
وللوقوف عند فرص تجديد المفاوضات مع إسرائيل ونهايتها الايجابية، يعرض الباحث مواقف الطرفين الإسرائيلي والسوري، فيقول: "اما في الجانب السوري فالسؤال الذي يطرح نفسه، هل باستطاعة بشار الأسد اتخاذ القرارات الحقيقية، منها ما يمكن أن تشذ عن مواقف والده؟ فيحيط بشار (الأسد) مجموعة من القيادة القديمة التي كانت بجوار والده، والبعض يقول انهم يتحكمون به بالفعل. حتى الآن لم يتحقق اي من وعود الإصلاح أو التغيير التي قطعها الأسد على نفسه. الاصلاح الداخلي توقف بعد أن كانت بعض المصطلحات حول حرية التعبير والتنظيمات السياسية لا تتوافق وتطلعات القيادة القديمة. الوعود التي قطعها على نفسه باغلاق مكاتب التنظيمات اتضحت أنها فارغة. لقد امر رجال التنظيمات بالتوقف عن الظهور على الملأ ولكن فيما عدا ذلك لا يوجد أي تغيير في نشاطاتهم بدمشق. الولايات المتحدة تشتبه بأن سوريا لا تتعاون بصورة كاملة لمنع تهريب المساعدات للقوات في العراق التي تدير حرب "ارهابية" ضدها. قضية أخرى هي موقف (الرئيس) بشار (الأسد) نفسه من إسرائيل، حيث لا توجد أي دلالة على أن موقفه غير منسجم وموقف والده، ويمكننا أن نقول بأن موقفه من إسرائيل أسوأ من موقف والده وهذا ما يمكن فهمه من تصريحاته القاسية ضد إسرائيل، وعلاقاته الوطيدة بحزب الله"."أما في الجانب الإسرائيلي – يضيف الباحث – لا توجد رغبة حقيقة لتجديد المفاوضات مع سوريا. وقد تم إعطاء تفسيرين في إسرائيل حول عدم الرد الايجابي لتوجهات بشار: الأول، أنه إنسان غير جدي، وهو غير جاد بالتوصل إلى إتفاقية مع إسرائيل، وكل هدفه هو إرضاء الولايات المتحدة والحد من الضغط عليه، ومن هنا لا يوجد لإسرائيل أي سبب للتعاون معه ومساعدته على التخلص من الضغط الأمريكي. ليس هذا فحسب، بل من الأفضل لإسرائيل أن يستمر الضغط الأمريكي على سوريا، ما يؤدي إلى تغيير تصرفها من ناحية دعمها للإرهاب أو في مجال نشاطها في مجال أسلحة الدمار الشامل. الثاني، حكومة إسرائيل لا تستطيع علاج مسارين في الوقت نفسه، الفلسطيني والسوري. المسار الإسرائيلي الفلسطيني ينتج عنه عبء سياسي إضافي على الحكومة خاصة على خلفية تصريحات رئيس الحكومة حول نية تنفيذ حظه الانفصال من طرف واحد، ما يؤدي إلى عدم تمكنه من تحمل عبء آخر. أجل، لقد سمعنا تصريحات إسرائيلية أخرى، ووزير الخارجية سيلفان شالوم، أعلن عن رغبته في فحص صدق النوايا السورية، ولكن يبدو أن الموقف الأكثر جدية هو عدم الإستجابة للتوجهات السورية".

ويردف الباحث قائلاً، "السؤال الحقيقي بالنسبة لإسرائيل يجب أن يكون، ما هي أهدافها من المفاوضات مع سوريا. إذا كان الهدف الأساسي هو الحفاظ على هضبة الجولان كجزء من الحدود الإسرائيلية، إذن فإن استراتيجية عدم القيام بأعمال قد تمس بسيطرة إسرائيل على هضبة الجولان من خلال المفاوضات مع سوريا، هي استراتيجية صحيحة. المفاوضات مع سوريا في فترة رابين، نتنياهو وبراك أوضحت بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاقية سلام معها بدون "التنازل" عن هضبة الجولان. هذه الاستراتيجية ستحاول بالمقابل تقليص محاولات سوريا بالضغط على إسرائيل والتسبب لها بأضرار على أمل أنه في نهاية المطاف ستوافق سوريا على بقاء هضبة الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية. من المتفق عليه بأن سوريا لن توافق على هذا الأمر، ومع كل ذلك فإن هذه العملية ستطول لسنوات، مع العلم أن وضع سوريا الحالي لا يمكن القيام بخطوات تصب في هذه الإستراتيجية. هذا بالإضافة إلى كون الوضع السوري الآني يمكن إسرائيل من عدم الاستجابة لتوجهاتها لتجديد المفاوضات واستعمال الضغط الأمريكي على سوريا لتغيير تصرفها بكل ما يتعلق بدعم "الارهاب" ضد إسرائيل وتطوير أسلحة الدمار الشامل".

ويقول الباحث ان استراتيجية إسرائيل يجب أن تتغير في حالة كانت جادة في التوصل إلى اتفاقية سلام مع سوريا، وهذا وضع أكثر تعقيدًا حسب رأيه، مفسرًا "لا يمكن في هذه الحالة أن نلتفت بجدية إلى التفسير الأول ضد تجديد المفاوضات مع سوريا، لأنه يلغي مقدمًا كل مفاوضات للسلام مع دولة عربية. ففي كل الأحوال، حتى اليوم، لم تأت المفاوضات من منطلق كون الدولة العربية قررت فجأة دعم وجود إسرائيل والإعتراف بصدق فكرة الحركة الصهيونية، بل بعد استنتادها أن المفاوضات مع إسرائيل تخدم مصالحها الإستراتيجية. هكذا كان حين وصل السادات إلى استنتاج بأن لمصر مصلحة في تغيير نظرتها وتقربها للولايات المتحدة، وأن الطريق لتعجيل ذلك هي من خلال السلام مع إسرائيل. في اماكن عدة في العالم يعرفون – بحق أو بغير وجه حق – أن الطريق إلى واشنطن تمر عبر القدس. هذا الأمر يخدم مصالح إسرائيل وينتج فرص تستطيع استغلالها. حكومات سابقة استطاعت استغلال هذه الفرص والتوصل إلى سلام مع مصر والأردن. السؤال يتحول في هذه الحالة إلى سؤال تكتيكي: ما هي أكثر الاوقات الملائمة لتجديد المفاوضات، وهل فرص نجاح المفاوضات ستكون أفضل إذا انتظرت إسرائيل حتى تثمر الضغوط الأمريكية على سوريا؟ وهل ستخف حدة الضغوط الأمريكية على سوريا في حالة تجديد المفاوضات؟ وهل هناك جدوى من التوصل إلى اتفاقية مع نظام في مرحلة ضعف؟".
ويقول الباحث في مركز "يافه" للدراسات الإستراتيجية، ""سوريا ليست ليبيا وبالتالي من غير المتوقع أن الضغط الأمريكي سيؤدي إلى تغييرات في تصرفاتها بصورة أكبر من أن تكون تغييرات شكلية. الطريق الوحيدة للتغيير العميق في تصرفاتها تجاه إسرائيل هي طريق المفاوضات وإتفاقية السلام. إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فهناك فائدة من الرد الايجابي لتوجه سوريا لفحص فيما إذا كان بالامكان التوصل إلى اتفاقية مع (الرئيس) بشار الأسد، والضرر الذي سيتسبب من تخفيف الضغط على سوريا، لن يكون كبيرًا. لا يوجد اي ضمان للتوصل إلى اتفاقية بصورة اسهل مع نظام آخر يمكن أن يستبدل النظام الحالي لبشار (الأسد)، ومن المفضل أن يتم التغيير في النظام حين يكون السلام مع إسرائيل أمرًا واقعيًا، وبالتالي كل تغيير سيحدث سيكون له ثمن".

ويلخص الباحث استنتاجاته على الدائرة السياسية الإسرائيلية، فيقول، "صحيح ان إدارة المفاوضات في مسارين (سوري وفلسطيني) قد ينتج عنها عب تنظيمي وسياسي على الحكومة، ولكن هذا العبء يكبر خاصة حين تكون حاجة لاتخاذ قرارات وتنفيذها في هذين المسارين في نفس الوقت. لرئيس الحكومة (الإسرائيلي) توجد سيطرة أكبر على ايقاع وتوقيت اتخاذا القرارا. إنه يستعمل التوقيت لهذه القرارات طبقًا للجدول الزمني السياسي خاصته. ومن الناحية الفعلية لا توجد مفاوضات على المسار الفلسطين. القرارات أحادية الجانب وتوقيتها هو تحت سيطرة كاملة لرئيس الحكومة (الإسرائيلي). كذلك الأمر على الجانب السوري، فإذا تجددت المفاوضات يستطيع رئيس الحكومة السيطرة على زمام الأمور والتقدم في المفاوضات. للعمل في هذين المسارين هناك حسنات أيضًا. إنها تمكن اللعب بينهما، حيث ما يحدث على مسار واحد يؤثر على المسار الآخر. يوجد لذلك الأمر ايجابيات معينة من منطلق الرأي العام الإسرائيلي. المفاوصات على المسارين يمكن استعادة الحلم بالسلام الشامل مع العالم العربي، ومن السهل أيضًا أن نشرح للجمهور أن اتفاقية مع سوريا ستؤدي إلى فصل الفلسطينيين وتسهيل المواجهة معهم".

ويؤكد الباحث باروم ان هذا التحليل يؤدي إلى اعتقاد بأن السبب الرئيس وراء الرد "الفاتر" للتوجهات السورية هو عدم وجود رغبة حقيقية لحكومة إسرائيل للتوصل إلى اتفاقية سلام مع سوريا، خاصة كون الحكومة الإسرائيلية تعرف جيدًا أن إسرائيل "بحاجة إلى عنف" لإعادة هضبة الجولان المحتلة – أو كما يسميها الباحث "التنازل عن هضبة الجولان" – إلى السيادة السورية. ويختتم الباحث قائلاً، "الحكومة لا تؤمن أيضًا بامكانية التوصل إلى تفاهم كامل مع العالم العربي، خاصة مع استمرار المواجهات مع الفلسطينيين، والتي لا ترى لها حلاً، وبالتالي لا توجد إغراءات لموازنة الثمن بالتناول عن هضبة الجولان. المشكلة هي أن هذه السياسة لحكومة إسرائيل تقوّي الرأي السائد في المنطقة، أنه بدون استعمال العنف لا يمكن اجبار اسرائيل على تنفيذ خطوات من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام".

التعليقات