تقرير فينوغراد لم يطلق الزلزال المتوقع ..

-

تقرير فينوغراد لم يطلق الزلزال المتوقع ..
رمت «لجنة فينوغراد» لفحص إخفاقات الحرب على لبنان بالكرة إلى ملعب الجمهور الإسرائيلي ليقرر مصير رئيس حكومته ايهود اولمرت بعد ان تفادت تحميله وحده مسؤولية الفشل في الحرب "التي شكلت اخفاقاً كبيراً وخطيراً وكشفت ثغرات خطيرة على أعلى مستويات الهرمية السياسية والعسكرية» وفي "عجز أكبر جيش في الشرق الأوسط عن هزم تنظيم صغير شبه عسكري (حزب الله)". وتحدثت بشكل عام عن الإدارة الفاشلة للمستوى السياسي وعن قصورات شديدة للجيش وفشل قادته وضباطه الميدانيين على حد سواء.

وفي قراءة سريعة للتقرير، الذي تلا رئيس اللجنة القاضي الياهو فينوغراد أهم خلاصاته يمكن القول إن الزلزال السياسي المتوقع لم يحصل نظراً لاعتماد فينوغراد نبرة معتدلة في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد ساعة من تسليمه التقرير الى رئيس الحكومة ايهود اولمرت، وهي نبرة أخف بكثير من تلك التي ميزت التقرير المرحلي قبل تسعه شهور. كما حمّلت اللجنة الجيش المسؤولية الأكبر عن الفشل في الحرب.

ونقل عن أوساط اولمرت ان الأخير تنفس الصعداء بعد ان استمع إلى القاضي فينوغراد يبعد عنه شبهات الدوافع الشخصية وراء قراره شن العملية البرية في الأيام الأخيرة من الحرب التي كبدت الجيش 33 قتيلاً، بل قوله إن قرار شن المعركة البرية كان معقولاً مهنياً وسياسيا بل كان شبه ضروري". وكانت التوقعات بأن أي تلميح من اللجنة إلى أن اولمرت أقر العملية البرية ليحسن وضعه في الرأي العام الإسرائيلي ستكلفه الإطاحة الفورية.

«لم يقع «الزلزال»إذاً، فقناعة اللجنة بأن القرارات في المجالين السياسي والعسكري التي اتخذها رئيس الحكومة ايهود اولمرت وإن اتسمت بعدم الرؤية الواسعة وبعدم التخطيط الاستراتيجي إلا أنها لم تكن بدوافع ضيقة، شكلت خشبة الخلاص لاولمرت رغم إدانته بالفشل العام في إدارة الأمور بشكل عام.

وقالت اللجنة إنها تترك الحكم للجمهور وللساحة الحزبية. وأوصت بتغيير جذري في آلية اتخاذ القرارات وبتغيير منهجي وعميق في طرق العمل على المستويين السياسي والعسكري ونقطة التماس بينهما سواء في الأيام العادية او في أوضاع الطوارئ. واضاف القاضي فينوغراد ان إسرائيل لن تكون قادرة على البقاء في المنطقة بسلام من دون أن يقتنع غيرنا بقدراتها العسكرية التي تمنحها الردع، ما يمكن فهمه بأن على إسرائيل أن تستعيد "هيبتها المفقودة" بحرب جديدة يتم الإعداد لها بشكل أفضل. وأضاف أن محاولات التوصل إلى سلام أو تسوية يجب أن تأتي من منطلق القدرات العسكرية التي تمنحها الردع ومن المناعة الاجتماعية والسياسية والقدرة والاستعداد للقتال من أجل الدولة والمحافظة على قيمها وعلى أمن مواطنيها.

ورأى معلقون أن اولمرت استفاد من عدم تضمين التقرير النهائي توصيات شخصية تتعلق بكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين تنفيذاً لتعهد اللجنة أمام المحكمة العليا. وكبّل هذا التعهد أعضاء اللجنة وحال دون تضمين تقريرهم استنتاجات شديدة اللهجة كالتي حفل بها التقرير الجزئي.

وستكون معركة اولمرت الأساسية على الجبهتين السياسية الداخلية والإعلامية، في الأولى سيحاول اولمرت الحفاظ على ائتلافه وإقناع ايهود باراك بعدم الانسحاب فيما يجب الالتفات الى موقف الإعلام العبري النافذ في حجم الرد الشعبي والذي لا يوليه اولمرت إلى الآن اهتماماً خاصاً.

ويبقى المفتاح في يد باراك الذي تحدثت أوساطه عن تخبطاته في اتخاذ القرار المناسب. ونقلت وسائل الإعلام عن أحد قياديي حزب «العمل» أن باراك لا يعرف حقاً ما عليه أن يفعل. وأضاف آخر أن باراك بتعهده لناخبيه بالانسحاب إنما أوقع نفسه في شرك ليس سهلاً الخروج منه وأنه لم يكن يعني ما يقول.

وأشار إلى أن وزير الدفاع يدرك اليوم أن انسحابه من الحكومة لا يمنحه أو يمنح حزبه شيئاً ايجابياً على ضوء استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن «العمل» سيلقى الهزيمة أمام «ليكود» في الانتخابات المقبلة وعندها سيتهم باراك بأنه ساعد اليمين المتشدد على الإمساك بالحكم.

ونقلت وسائل الإعلام عن أولمرت ارتياحه لخلاصات تقرير اللجنة، معتبراً أنها جاءت أكثر اعتدالاً من التقرير الأول الذي صدر الربيع الماضي. وقال إن «الانتقاد الوارد في التقرير أكثر اعتدالاً من التقرير الأول. ونحن راضون. اللجنة تجنبت تحميل مسؤوليات شخصية، إلا أن هذا لا يعني أنها غير موجودة».

وقال مكتب أولمرت في بيان إنه يعتزم تنفيذ توصيات لجنة التحقيق. وأكد أنه يأخذ النتائج التي توصلت اليها اللجنة مأخذ «الجد الكامل»، وان حكومته ستبدأ خلال أيام «عملية تنفيذ التوصيات» الواردة في التقرير النهائي للجنة.

أبرز الخلاصات

اعتبر تقرير فينوغراد ان حرب لبنان صيف 2006 شكلت "اخفاقا كبيرا وخطيرا". وجاء في التقرير" لقد كشفنا وجود ثغرات خطيرة على اعلى مستويات الهرمية السياسية والعسكرية" معتبرا ان العملية البرية التي شنها الجيش الاسرائيلي داخل الاراضي اللبنانية خلال الايام الاخيرة من الحرب "لم تحقق اهدافها".

واضاف التقرير "ان الدخول في الحرب من دون وضع استراتيجية للخروج شكل ثغرة خطيرة" مشيرا الى ان "ادارة الحرب كانت متعثرة على المستويين السياسي والعملاني وخصوصا على مستوى القوات البرية". وتابع التقرير ان "اللجنة تجنبت تحميل مسؤوليات شخصية الا ان هذا لا يعني انها غير موجودة".

واعتبر التقرير ايضا ان "الجيش اخفق في ادارته للحرب ولم يقدم للقيادة السياسية نتائح يمكن الاستفادة منها على المستوى السياسي" موضحا ان الجيش لم يتمكن من وقف اطلاق صواريخ حزب الله على اسرائيل.

التعليقات