غياب شارون يخلط الاوراق في اسرائيل والمنطقة

حزب كديما هو حزب جديد يفتقر الى المؤسسات الحزبية والى آلية انتخاب وريث لحالة غياب الزعيم * "قوة حزب كديما بعد شارون ستتراجع وستتوزع المقاعد التي فاز بها"

غياب شارون يخلط الاوراق في اسرائيل والمنطقة
أجمعت كافة التحليلات في اسرائيل اليوم الخميس على ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون غاب عن الساحة السياسية الاسرائيلية بعد تعرضه لنزيف حاد في الدماغ بساعة متأخرة من مساء امس الاربعاء.

وتشير توقعات المحللين ايضا الى ان غياب شارون سيؤدي بالضرورة ايضا الى خلط الاوراق في الساحة السياسية الاسرائيلية الداخلية وفي المنطقة برمتها وخصوصا ما يتعلق بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

وكان قد اعلن المدير العام لمستشفى هداسا عين كارم في القدس البروفيسور شلومو مور يوسف ان الاطباء نجحوا صباح اليوم في وقف النزيف في دماغ شارون لكن حالته ما زالت حرجة.

وأضاف مور يوسف انه حتى لو تعافى شارون من هذه الازمة الصحية فان وضعه لن يسمح بعودته لمزاولة مهامه خصوصا ان العلاج في المستشفى سيستغرق وقتا طويلا.

وجاء التدهور الفجائي في صحة شارون في فترة تشهد فيها اسرائيل زلزالا سياسيا غير مسبوق تمحور حول شارون عشية الانتخابات العامة الاسرائيلية.

وكتب المراسل السياسي لصحيفة هآرتس آلوف بِن مقالا اليوم تحت عنوان "نهاية عصر شارون" جاء فيه انه "حتى لو تعافى شارون فانه سيواجه صعوبة كبيرة في اقناع الجمهور بقدرته على تولي منصبه اربع سنوات اخرى".

ويأتي غياب شارون في وقت كان فيه الرجل "يؤدي عرضا انفراديا" بحسب تعبير بن من ناحية ان فرص وصوله هو وحده دون غيره الى كرسي رئاسة الحكومة هي الأقوى.

فبعد انشقاقه عن الليكود واقامة حزب كديما جرف شارون وراءه كمية كبيرة من الأصوات وصلت الى 30% من اصوات الناخبين بحسب استطلاعات الرأي وكان سببا في اضعاف جميع الاحزاب في اسرائيل وتراجع شعبيتها.

وعلى اثر غياب شارون في اوج المعركة الانتخابية العامة في اسرائيل تشير التوقعات الى ان صراعات ستبدأ في حزب كديما.

ولم يسمِّ شارون وريثا له بين قيادة هذا الحزب رغم ان الصراع على المكان الثاني في قائمة كديما انحصر في شخصين هما القائم باعمال رئيس الوزراء ايهود اولمرت ووزيرة القضاء تسيبي ليفني.

الجدير بالذكر في هذا السياق ان حزب كديما هو حزب جديد لا يتعدى عمره الشهرين ويفتقر الى المؤسسات الحزبية وحتى الى آلية انتخاب وريث لحالة غياب الزعيم.

وطالما طالب خصوم شارون بان يعرض الاخير البرنامج السياسي لحزبه لكن شارون احتفظ دائما "بالاوراق قريبة من صدره".

رغم ذلك كتب محلل الشؤون الحزبية في هآرتس يوسي فيرطر ان الاستطلاعات الاخيرة اظهرت ان ثمة حياة لكديما بعد شارون.

لكن من سيترأس هذا الحزب الان "سيضطر الى استعادة نجاحات شارون وهذه مهمة صعبة للغاية لانه لم يكن هناك منذ وقت طويل سياسي يملك تجربة ومهارة ومؤهلات قيادية مثل ارييل شارون".

واشار فيرطر الى ان رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو ورئيس حزب العمل عمير بيرتس "اللذين لم يكونا حتى امس مرشحين واقعيين لرئاسة الحكومة اصبحا كذلك منذ اليوم بعد غياب المرشح المتقدم (شارون)".

وتشير التوقعات الى ان قوة حزب كديما بعد شارون ستتراجع وستتوزع المقاعد التي فاز بها هذا الحزب في الاستطلاعات بالاساس على حزبي الليكود والعمل ما يعني امكانية نشوء وضع تكون فيه هذه الاحزاب الثلاثة في حالة التساوي تقريبا.

وعلى ضوء هذا الاحتمال رفض المحللون السياسيون الاسرائيليون اصدار تكهنات حول من سيكون رئيس الوزراء الاسرائيلي القادم.

وتنعكس هذه الصورة المبهمة على الساحة السياسية في المنطقة وخصوصا ما يتعلق بمستقبل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

فحتى الامس كان واضحا بالنسبة للفلسطينيين حدود مخططات شارون بشكل او بآخر ونيته التوجه الى عملية سياسية وفقا لخارطة الطريق او الى انسحاب احادي الجانب من الضفة الغربية لكن في كلتا الحالتين كان الحديث عن ان الجدار العازل في الضفة الغربية هو الحدود الشرقية لاسرائيل بمنظور شارون.

وفي المقابل فان الليكود يعارض انسحاب اسرائيل الى حدود الجدار ويرفض اخلاء المستوطنات التي تقع خارج الكتل الاستيطانية الكبرى.

كذلك فان الليكود برئاسة نتنياهو يعارض الانسحابات الاحادية الجانب من الاراضي الفلسطينية وأكد دائما ان الانسحابات يجب ان تتم من خلال مفاوضات "لكي تحصل اسرائيل على مقابل" كما قال لدى تنفيذ خطة فك الارتباط.

لكن من الجهة الاخرى فان اسرائيل تتعرض لضغوط امريكية فيما يتعلق بالانسحاب من الضفة وحجم هذا الانسحاب.

وكان نتنياهو قد وقع اثناء توليه رئاسة الحكومة على اتفاق مع الفلسطينيين انسحب بموجبه من الجزء الاكبر من مدينة الخليل التي تعتبر مكانتها شبيهة الى حد كبير بمكانة مدينة القدس بالنسبة لاسرائيل.

ولا يزال نتنياهو يتعرض لانتقادات من جانب اليمين الاسرائيلي على توقيعه اتفاق الخليل حتى يومنا هذا.

من جهة اخرى فان حزب العمل رفض بعد اغتيال رئيس الوزراء الاسبق يتسحاق رابين تنفيذ الانسحاب من الخليل كما تعهد في اتفاق اوسلو وذلك بسبب ضغوط اليمين الاسرائيلي وعلى رأسه الليكود في حينه الذي خرج في مظاهرات كبيرة.

وتبين في السنوات الاخيرة ان حزب العمل لم يبادر الى مبادرات سياسية للتسوية مع الفلسطينيين وانما كان تابعا وداعما لخطة فك الارتباط التي بادر اليها شارون.

ولذلك اجمع المحللون الاسرائيليون على ان مستقبل العملية السياسية في المنطقة اصبح غامضا للغاية اليوم في ظل الضباب الكثيف الذي يلف الحلبة السياسية الاسرائيلية غداة غياب شارون.

التعليقات