لم يشفع له أنه أمضى أكثر من نصف عمره في العمالة../ كتب: هاشم حمدان

-

لم يشفع له أنه أمضى أكثر من نصف عمره في العمالة../ كتب: هاشم حمدان
رغم حركاته الإسرائيلية وتحدثه العبرية بطلاقة، ورغم أنه أمضى نصف عمره في إسرائيل، وفي خدمة أجهزتها الأمنية والإستخبارية، ورغم أنه استغل من قبل الأجهزة الأمنية وهو لا يزال قاصر، إلا أنه غير قائم هنا، وحتى بطاقة الهوية الشخصية التي منحت له تم سحبها.. وهو، أي جاكي (اسم مستعار) درزي لبناني (31 عاماً)، بدون أي مكانة مدنية حتى في بلده منذ 15 عاماً. ولا يختلف مصيره في ذلك عن مصير الكثير من العملاء الذين "انتهت مدة صلاحيتهم"، ولم تعد ترجى منهم أية منفعة لمشغليهم.

وصل البلاد في العام 1992، وعبر الحدود من لبنان. وكان والده من بين أوائل من "استقبل" الجيش الإسرائيلي في غزوه للبنان في العام 1982، ولاحقاً انضم إلى "جيش جنوب لبنان". في سنوات التسعينيات تعاون جاكي مع الاستخبارات الإسرائيلية، وكان يقوم بتسليم المعلومات التي يجمعها إلى مشغليه في المحطات المركزية في حيفا وتل أبيب.

وفي مقابل خدماته لم يتلق راتباً أو امتيازاً، بل كان يحصل على تصريح بالدخول إلى إسرائيل، وانتهى مفعول التصريح الأخير في العام 1999. ومنذ ذلك الحين يتنكر له مشغلوه، وبقي هنا، بدون أن يكون بإمكانه العودة إلى لبنان، حيث ستتم محاكمته بتهمة الخيانة.

وتشير التقارير الإسرائيلية إلى العميل المذكور أمضى بعض الوقت يعيش على الشاطئ. وفي العام 2000، ومع انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان وتفكك جيش جنوب لبنان، انتقل العميل المذكور إلى الفندق الذي استضاف عدداً منهم في عسقلان، وعمل فيه حينه على التنسيق بينهم وبين المؤسسة الإسرائيلية.

ونقلت المصادر ذاتها عن رئيس هيئة أركان الجيش في حينه، شاؤل موفاز، قوله للعميل جاكي، بعد أن عمل الأخير مدة أربعة أيام متواصلة بدون نوم، إنه "من المتوقع أن يكون له مستقبل كبير في إسرائيل".

إلا أن آماله خابت، وحتى بطاقة الهوية الشخصية التي منحت له تم سحبها منه، ومنذ ذلك الحين وهو يتنقل بدون بطاقة هوية، وبدون رخصة قيادة مركبة، وبدون تأمين صحي. وهو يحايد دخول الأماكن التي تتطلب بطاقة تشخيص. رغم أنه يواصل الحديث باللغة العبرية، وبات يفكر باللغة العبرية، وتعلم القراءة والكتابة أيضاً.

ويخشى العودة إلى لبنان، حيث سيتم تقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانة، على حد قوله. ولا يستطيع الاتصال بعائلته خشية أن تتعرض للملاحقة في لبنان.

تم استغلاله، وهو قاصر، في خدمة الأجهزة الأمنية. وفي المقابل فإن وزارة الداخلية ترفض طلباته، وتقول إنه لا يستوفي معايير الحصول على المواطنة.

وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن وزير الداخلية السابق، روني بار- أون كان قد كتب في رسالة موجهة إلى عضو الكنيست ران كوهين (ميرتس)، يقول فيها إنه إذا كان "جاكي" يرغب بالحصول على مكانة دائمة، فعليه أن يتوجه إلى مشغليه في الأجهزة الأمنية من أجل تقديم طلب إلى لجنة خاصة تابعة لوزارة الأمن بشأن الذين يتعرضون للتهديد، إلا أن وزارة الأمن قالت بأن "جاكي لا يستحق اهتمام دائرة جهاز الأمن العام (الشاباك) الخاصة بالعملاء. في حين رفضت الشرطة، التي تقوم بتفعيل وحدات استخبارات، التعليق.

وكان عضو الكنيست ران كوهين (ميرتس) قد توجه مؤخراً إلى وزير الداخلية مئير شطريت، ووزير الأمن إيهود براك، بشأن جاكي. وبحسبه (بالأحرى بحسب أخلاقيات "اليسار" الإسرائيلي) فإن "إسرائيل مدينة أخلاقياً لهؤلاء، حيث أنها استغلت جيش جنوب لبنان وعائلات الجنود، بدون أن تدفع الثمن"، على حد قوله.

التعليقات