وسائل قتالية صغيرة جداً تعمل إسرائيل على تطويرها سراً بواسطة النانوتكنولوجيا../ كتب: هاشم حمدان

-

وسائل قتالية صغيرة جداً تعمل إسرائيل على تطويرها سراً بواسطة النانوتكنولوجيا../ كتب: هاشم حمدان
عملية الإغتيال المتطورة هذه لم تحصل حتى الآن على أرض الواقع، إلا أنها لا تزال في مقام "الحلم الإسرائيلي" الذي يدغدغ خيال دولة العسكر عامة، وخيال شمعون بيرس بوجه خاص. ومع الأخذ بعين الإعتبار انبهاره القديم بنتائج التفجيرات الذرية في هيروشيما ونغزاكي، وسعيه في حينه إلى التقرب من شارل ديغول، لتحصل إسرائيل على أول مفاعل نووي لتبدأ إنتاج القنابل الذرية والرؤوس النووية والقنابل الهيدروجينية.. مع الإشارة إلى المفارقة في كونه حاصلاً، لسخرية القدر، على جائزة نوبل للسلام والتي منحته ثياب حمل وديع.. كل ذلك يضعه في مصاف أحد أشد الخطرين على وجه الأرض، والذين يشكل القتل والتدمير هاجسهم وديدنهم.. وتصبح حقوق الإنسان بالنسبة له نكتة قديمة أو شعاراً للاستهلاك..

وفي حال نجحت الخطة التي يقوم بتطويرها القائم بأعمال رئيس الحكومة، بيرس، فلن يكون بعيداً ذلك اليوم، بحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الجمعة الماضية، الذي يخرج فيه الجيش الإسرائيلي إلى الحرب وجنوده مسلحون بوسائل قتالية نراها اليوم فقط في أفلام الخيال العلمي.

يتحدث بيرس في كل فرصة تتاح له حول النانوتكنولوجيا، وهو حقل علمي يعمل على بناء أجسام من لبنات أساسية، يصل طول كل واحد منها إلى نانومتر واحد فقط- جزء من مليون من الميللميتر.

ويقول بيرس بحماس:" لقد أثبتت حرب لبنان أننا بحاجة إلى وسائل قتالية صغيرة جداً.. فمن غير المعقول أن نرسل طائرة تصل كلفتها إلى أكثر من 100 مليون دولار لملاحقة مقاتل انتحاري واحد. وبواسطة النانو سنركب وسائل قتالية مستقبلية".

حصل بيرس على ضوء أخضر من المتباهي بقتل الفلسطينيين، رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، في اختيار 15 خبيراً- من أفضل الأدمغة في الأجهزة الأمنية ومن عالم الهايتك والأكاديميا. وتم تقسيمهم إلى طواقم. ويعكف هؤلاء الخبراء في الأسابيع الأخيرة على تطوير وسائل مستقبلية تستخدم النانوتكنولوجيا من أجل الأمن.

وحتى الآن كان يجتمع هؤلاء الخبراء في مكتب بيرس أو في مختبرات خاصة أو حكومية. وفي الوقت نفسه يجري إقامة مكتب خاص لهم يحتوي على كل المعدات المطلوبة من أجل مواصلة عملهم. وفي حال أثمرت جهودهم، فسوق يزودون إسرائيل بالرد على مختلف التهديدات، مثل القسام والانتحاريين والصواريخ بعيدة المدى والأسلحة غير التقليدية.

وقد كشف بيرس مؤخراً في عدد من المحاضرات المفتوحة عن جزء بسيط من هذه الأجهزة السرية التي يعمل هؤلاء الخبراء على تطويرها:

• "جواهر ذكية": أجهزة تتألف من مجسات صغيرة يمكن نثرها في مناطق العدو

• "الدبور الآلي- البيوني": الروبوط الأصغر، وهو مزود بمحرك صغير، وبإمكانه العمل كطائرة بدون طيار، والتسلل إلى أزقة ضيقة في مناطق العدو وتشويش أجهزة الإتصال وتصوير أهداف إستخبارية وقتل مسلحين بواسطة إطلاق النار أو التفجير.

• "قبضات آلية": لا يزال من غير الواضح كيف ستعمل هذه الفكرة المثيرة، إلا أن هدف الباحثين هو تطوير قبضات على شكل قفازات تزيد من قوة الجندي في الضرب واقتحام الأبواب ورفع أوزان ثقيلة. وبشكل نظري، يمكن أيضاً تطوير حذاء آلي يعمل بشكل مماثل، أو بدلة كاملة تزيد من قوة الجسم عامة.

• "الغلاف المدرع": غلاف يبنى من جزيئات نانومترية من مواد خفيفة، لحماية الجندي من الرصاص والشظايا. وبشكل مماثل يمكن توفير غلاف خاص لوسائل النقل والمدرعات لحمايتها من الصواريخ.

• "مجسات ضد الإنتحاريين": مجسات صغيرة جداً يمكن تركيبها في أماكن عامة، وتستطيع أن تشخص الانتحاري عن بعد، عن طريق بارامترات مختلفة مثل رائحة المواد المتفجرة أو الحرارة أو الوزن.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنه في حالات محددة من الممكن استكمال النماذج الأولى لكل واحد من هذه الوسائل القتالية خلال 3 سنوات.

وكان بيرس قد أجرى جولة في ما يسمى "سلطة تطوير الوسائل القتالية- رفائيل"، من أجل الوقوف عن كثب على التطورات الأخيرة في مجال النانوتكنولوجيا. وخلال جولته تلك جرى الحديث عن التعاون بين "طاقم بيرس" وبين "رفائيل".

وينوي بيرس تجنيد مئات الملايين من الدولارات من كافة أنحاء العالم من أجل تمويل هذه الدراسات الأمنية. وكان بيرس قد عرض بعد هذه الأفكار على كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية من أجل إثارة اهتمامهم وصولاً إلى التعاون مع إسرائيل في هذا المجال.
تكنولوجيا النانو هي تكنولوجيا مستحدثة، وكلمة النانو مشتقة من كلمة نانوس الإغريقية وتعني القزم. ويتعامل العلماء والمهندسون مع المادة في هذا المقياس على مستوى دقيق جدا أي على مستوى الذرات والجزيئيات النانومترية، ليس لبناء أجهزة نانومترية فحسب، بل لخلق مواد جديدة ذات ترتيبات وتجمعات وخصائص مبتكرة وغير موجودة طبيعيا، تفتح آفاقا جديدة في العلوم والتكنولوجيا، وتؤدي إلى تطبيقات حياتية مختلفة، بالإضافة إلى إمكانية تحريك الذرات والجزيئيات بدقة لإحداث تفاعلات كيماوية، مما يؤدي إلى تصنيع أو تعديل بعض الجزيئيات الإحيائية المهمة. وتتمثل قاعدة التقنيات النانومترية العلمية في مسألتين، الأولى بناء المواد بدقة من لبنات صغيرة، والحرص على مرحلة الصغر يؤدي إلى مادة خالية من الشوائب ومستوى أعلى جدا من الجودة والتشغيل. والثانية أن خصائص المواد قد تتغير بصورة مدهشة عندما تتجزأ إلى قطع أصغر وأصغر، وخصوصا عند الوصول إلى مقياس النانو أو أقل، عندها قد تبدأ الحبيبات النانومترية إظهار خصائص غير متوقعة ولم تعرف من قبل أي غير موجودة في خصائص المادة الأم.

بواسطة "إعادة ترتيب" الجزيئات والذرات في مواد موجودة، تسعى النانوتكنولوجيا إلى خلق مواد جديدة، يمكن بواسطتها إنتاج ما لا نهاية من المنتجات. وقد أثمر اليوم البحث النانوتكنولوجي عن سلسلة من المنتجات الجديدة؛ بدءاً من غلاف شفاف للزجاج يمنع الإتساخ وثياب عسكرية تحمي الجندي من القنابل، وأقمشة جديدة لا يمكن أن تتسخ، وروبوط صغير يمكنه أن يتجول في شرايين الجسم لتنظيفه من بقايا الدهنيات التي تؤدي إلى النوبات القلبية.

وأحد أهم المواد التي أنتجتها النانوتكنولوجيا هي "أنبوب الكربون"، وهو مادة خفيفة جداً ومرنة، ويمكن بواسطته إنتاج كوابل تستخدم لـ"مصعد فضائي" ليصل إلى المحطة الفضائية على ارتفاع 36 ألف كيلومتر من الأرض، وتتيح لرواد الفضاء أن يواصلوا منها رحلاتهم إلى كواكب أخرى.

وتعتبر الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وإسرائيل من الدول الرائدة في هذا المجال، وتستثمر الكثير من الموارد من أجل تطوير هذا الحقل.هل يذكر أحد الفكرة الجهنمية التي عرضت في أحد الأفلام الأمريكية والتي تتيح السيطرة على البشر بأسهل الطرق وأقلها كلفة وجهداً.. الفكرة باختصار تتمثل في زرع أطواق ألكترونية متفجرة على أعناق البشر وتنفجر بمجرد محاولة نزعها.. وهذه الأطواق مرتبطة بمركز يحتوي على حاسوب مبرمج على تفجير الأطواق في حال تجاوز بعد معين عن المركز حتى لا يهرب المطوّق، أو في حال الاقتراب من المركز أكثر مما ينبغي من أجل حماية المركز من المطوّق.. كما من الممكن تفجير أي طوق عن طريق جهاز التحكم عن بعد..

باختصار الفكرة تتيح السيطرة على حركة البشر ضمن منطقة محدودة لا يمكن تجاوزها، وبدون الحاجة إلى قوى بشرية وأسلحة وطائرات وصواريخ ودبابات وأجهزة رؤية ليلية وجدران فاصلة وسياجات حدودية وحرس حدود وقصاصي أثر وعملاء..

ومما لا شك فيه أن مجرد التفكير بتطوير وسائل قتل وتدمير شيطانية على هذا النحو، وعقلية السعي نحو القوة القصوى والتفوق الأقصى والسلاح الفائق.. جدير بأن يثير مخاوف البشرية جمعاء.. ويجعل مسألة انهيار القيم الأخلاقية والإنسانية محتملة، ويضع العالم بأسره على أبواب عصور ظلمة لم يشهد التاريخ مثلها من قبل..

التعليقات