تقرير مدى الكرمل: المجتمع الإسرائيلي أكثر عنصرية وأقل تمسكا بالديمقراطية

"النزعة اليمينيّة القائمة في المجتمع الإسرائيلي تعكس حالة إجماع جديد، صهيوني متجدد، يركز على الجامع الديني العشائري-قبلي ويؤيد المواقف اليمينية المتطرفة، واستعمال القوة لفرض شرعية إسرائيل على المنطقة كدولة يهودية"

تقرير مدى الكرمل: المجتمع الإسرائيلي أكثر عنصرية وأقل تمسكا بالديمقراطية
يشير تقرير الرصد السياسي الثالث عشر، الصادر عن مركز "مدى الكرمل"، إلى تصاعد النزعة العنصرية ومعاداة السلام لدى المجتمع الإسرائيلي وتراجع ولائه-تأييده للقيم الديمقراطية والإنسانية. كما يؤكد التقرير وبناء على دراسات مختلفة واستطلاعات الرأي، أنه ومنذ بداية التسعينيات تشكل اجماع صهيوني جديد يقوم على أسس العداء والكراهية تجاه الفلسطينيين، الفصل العنصري ومعاداة القيم الديمقراطية.
 
ويتضح من التقرير أن هوس الحفاظ على يهودية الدولة، الذي يترجم منذ الانتخابات الأخيرة باقتراحات قوانين وقوانين وسياسات تجاه السكان الفلسطينيين، يعكس مواقف المجتمع الإسرائيلي كما يتّضح من نتائج استطلاعات الرأي. فقد بلغت نسبة المواطنين اليهود الذين يؤيدون الترانسفير في العام 2009 قرابة 60% (وهي أعلى نسبة منذ العام 1996، وتشابه النسبة التي كانت في العام 1992).
 
كما تُبيِّن النتائج ارتفاع أهمّـيّة الحفاظ على أغلبيّة يهوديّة في إسرائيل من جهة، وانخفاضًا في أهمّـيّة قيمة السلام كقيمة عليا. ففي العام 1992، قال 40% من المستطلَعين إن السلام هو أهم قيمة يجب بلوغها، مقابل 28% لقيمة الحفاظ على أغلبيّة يهوديّة، أما في العام 2009 فاعتبر 33% أنّ الحفاظ على أغلبيّة يهوديّة هي أهمّ قيمة مقابل 36% اعتبروا قيمة السلام أهمّ قيمة، على الرغم من أنّ السلام المقصود هو السلام الذي يتّفق مع المفاهيم الإسرائيليّة.
 
كما تؤكد مراجعة نتائج استطلاعات الرأي منذ عام 1992 على ارتفاع حاد في نسبة تأييد إدارة شؤون البلاد العامة وفقاً لتقاليد الشريعة اليهوديّة. ففي عام 1992 أيد ذلك 30% من المجتمع اليهودي، أما في عام 1996 فارتفعت النسبة إلى 53%، وفي عام 2009 وصلت إلى 46%.
 
هذا ويحذر التقرير من تفشي الفاشية في المؤسسة والمجتمع الإسرائلييين، حيث يقول التقرير " بات المجتمع الإسرائيليّ متطرفا سياسيا، وأكثر تدينا، ويوافق على تهجير العرب وعلى إدارة شؤون الدولة وَفقًا للشريعة اليهودية. هذا الدمج بين التطرف السياسي والتدين والتركيز على القيم العشائرية الجامعة من شأنه أن يخلق مجتمعًا فاشيًّا يميل إلى استعمال القوّة لحلّ المسائل العالقة بدل المناورة السياسيّة والدبلوماسيّة".
 
مواقف المجتمع الإسرائيلي لم تنشأ بالفراغ، بل هي انعكاس مباشر لمواقف وسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، تتغذي منها وتغذيها. فمعظم القوانين التي أقرتها الكنيست الحالية موجهة على نحو مباشر أو غير مباشر للمس بالمواطنين العرب، وتعمل على قمع الهوية والانتماء القومي، وترمي إلى تحديد العمل السياسي، وتقليص هامش الحقوق السياسية، المقلَّصة أصلاً، إلى أدنى الدرجات. من بين تلك القوانين: قانون منع إحياء ذكرى النكبة الفلسطينيّة؛ قانون "لجان القبول" الذي يهدف -في ما يهدف- إلى منع المواطنين العرب من السكن في بلدات يهوديّة صغيرة في الجليل والنقب؛ قانون لتغريم أصحاب منازل يجريهدمها بدفع تكلفة الهدم، وقانون سحب مخصَّصات التقاعد من الكنيست لعضو الكنيست السابق عزمي بشارة -على الرغم من عدم صدور أيّ قرار محكمة ضدّه. 
 
كنا قد رصدنا في تقارير سابقة نداءات رجال الدين بمنع بيع أو تأجير مساكن للعرب في مدن يهودية أو مدن مختلطة. في هذا التقرير، نرصد ترجمة لسياسات الفصل العنصري التي طُرحت بصورة مباشرة أو غير مباشرة في عدة قوانين، في تصرفات فئات اجتماعية إسرائيلية ومؤسسات غير حكومية، خاصة الفصل بين اليهود والعرب في أماكن العمل. منذ بداية العام الحالي بدأت منظّمة "لاهافاه - لمنع الانصهار في أرض المَقدس" بحملة لإصدار شهادات "مصالح خالية من العمّل العرب". وَفقًا لهذه الحملة، تَمنح المؤسّسة شهادات لأصحاب المحال والمتاجر والمصالح الاقتصادية اليهودية التي يُثبت أصحابها أنهم لا يشغِّلون ولا يوظِّفون عمالاً عربًا.
 
وعلى صعيد مشابه فقد أصدرات شبكة مقاهي "أروما" في تل أبيب تعليمات مكتوبة لمشغِّلي الفروع بأنّ على العاملين العرب عدم التحدث بالعربية أمام زبائن المقهى، على الرغم من أن عددًا كبيرًا من العاملين في شبكة المقاهي الإسرائيلية هم من الشباب العرب. وقد قال عاملون عرب في فرع تل أبيب إنّهم تلقَّوا تعليمات بعدم التحّث باللغة العربية أمام الزبائن والتحدث باللغة العبريّة فقط. وكانت إدارة الشبكة قد أقرت ذلك وقالت "لأنّنا نعيش في دولة إسرائيل؛ واللغة المستعملة والمقبولة فيها هي العبريّة". وزعمت الإدارة أنّها تلقّت شكاوى من زبائن بهذا الشأن.
 
معد التقرير، الباحث إمطانس شحادة يقول إنه وبناء على المعطيات المختلفة والمتعاقبة يمكن القول إن "الجمهور الإسرائيلي في العام 2011، على غرار القيادة الإسرائيلية، غير مهيأ لقبول مبدأ السلام العادل مع الشعوب العربية، وغير مهيأ لعملية مصالحة مع شعوب المنطقة ولا حتى مع الفلسطينيين من سكّان إسرائيل.
 
ويضيف أن هذه المواقف توضح أن السياسات الحكومّة تعكس رغبة المجتمع الإسرائيلي إلى حد بعيد، أو على الأقل تعكس السقف الأدنى من الإجماع القائم في المجتمع الإسرائيلي. لذلك يمكن الادعاء أن النزعة اليمينيّة القائمة في المجتمع الإسرائيلي تعكس حالة إجماع جديد، صهيوني متجدد، يركز على الجامع الديني العشائري-القبلي ويؤيد المواقف اليمينية المتطرفة، واستعمال القوة لفرض شرعية إسرائيل على المنطقة كدولة يهودية -بمن في ذلك المواطنون الفلسطينيون".

لقراءة التقرير كاملا، الرجاء الضغط  هنا

التعليقات