30 عاما من الإرهاب اليهودي: من اغتيال رؤساء البلديات إلى إحراق الكنائس والمساجد

عملية إحراق مسجد طوبا زنغرية، ليست العملية الإرهابية الأولى التي تستهدف فلسطينيي الداخل، فقد سبقها محاولة إحراق كنيسة البشارة في الناصرة، ومسجد حسن بك في يافا، وجامع البحر في طبرية، ومسجد في الحليصة، وآخر في إبطن

30 عاما من الإرهاب اليهودي: من اغتيال رؤساء البلديات إلى إحراق الكنائس والمساجد
الفرق بين جيش المستوطنين، الذي يحظى بكثير من الاستلطاف والشرعية في المجتمع والمؤسسة الإسرائيلية وبين إرهاب المستوطنين، موجود في رؤوس رجال "الشاباك" الذين يفترض بهم أن يحددوا متى يتحول عنف المستوطنين إلى إرهاب لا يمكن التساهل معه، ومتى يترك لهم الحبل الذي يمسكون بطرفه.
 
عصابة "جباية الثمن"، التي خرجت على ما يبدو عن الخط الأحمر المسموح به عندما تجاوزت الخط الأخضر وصولا إلى بيت إحدى ناشطات السلام في تل أبيب قبل أن تصل إلى طوبا زنغرية شمالا.
 
البداية كانت في الثاني من حزيران/ يونيو من العام الجاري عندما نقلت وكالات الأنباء عن تعرض 12 مركبة فلسطينية كانت متوقفة على امتداد الشارع الواصل بين جنين ونابلس، لاعتداءات أدت إلى تكسير زجاجها عبر استخدام الحجارة والقضبان الحديدية. العملية الإرهابية جاءت على خلفية إخلاء البؤرة الاستيطانية "معاليه عاين"، حيث جوبهت عملية الإخلاء برفض المستوطنين الذين هاجموا قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية بالحجارة، وسدوا الطرقات المؤدية إلى المستوطنة.
 
بعد ساعات من عملية الإخلاء، ألقيت زجاجة حارقة على سيارة جيب عسكرية، أدت إلى إحراقها بشكل كامل، ولحسن الحظ أو لسوء حظ المنفذين، فإن السيارة كانت خالية من الجنود.
 
الأذرع الأمنية اعتبرت الحادثة بمثابة ارتفاع درجة أخرى في سلم عنف المستوطنين، علما أن مثل هذا الحديث يصدر عن الجهات الأمنية عندما يستهدف هذا العنف قوات الجيش أو المدنيين اليهود، ويتسامحون معه عندما يستهدف الفلسطينيين،إلا أن الحديث بدأ يدور عن "جباية الثمن"، وبدأ استخدام المصطلح المذكور تحديدا "تاج محير" بالعبرية، تعبيرا عن المجموعة التي تقوم بمثل هذه الأعمال، عندما تم إحراق مسجد قرية المغير، قضاء رام الله، ليلة الثلاثاء في السادس من حزيران، أي بعد أيام قليلة من إخلاء البؤرة الاستيطانية المذكورة.
 
 الجناة كسروا نوافذ المسجد، وأشعلوا الإطارات في باحته وهربوا، ليس قبل أن يسجلوا على جدرانه توقيع "جباية الثمن" انتقاما لإخلاء مستوطنة "عاليه عاين"، وإن ذلك هو بداية الانتقام.
 
 الجيش الإسرائيلي نقل للفلسطينيين أنه ينظر للاعتداء على الأماكن المقدسة بخطورة كبيرة، وفي غضون ذلك تم استكمال إخلاء البؤرة الاستيطانية "عاليه عاين" التي كانت تقطن فيها ثلاث عائلات، وأسفرت عملية الإخلاء عن إصابة خمسة من أفراد وحدة شرطية خاصة، واثنين من وحدة حرس الحدود وخمسة مستوطنين.
 
 في الخامس من أيلول/ سبتمبر وبعد ساعات معدودة من إخلاء البؤرة الاستيطانية "مجرون"، جرى إحراق مسجد قرية قصرة، قضاء نابلس، بنفس الطريقة التي تمت فيها عملية إحراق مسجد قرية المغير، قضاء رام الله، ولم يتركوا المكان قبل أن يكتبوا على الجدران كتابات معادية للعرب والمسلمين وشعارات أخرى، تربط بين إخلاء البؤرتين الاستيطانيتين "عاليه عاين" و"مجرون" ليربطوا بشكل غير مباشر بين حرق المسجدين في قريتي المغير والقصرة.
 
في اليوم التالي وتحديدا في السادس من أيلول/ سبتمبر، اقتحم مستوطنون أحد معسكرات الجيش الإسرائيلي، شمالي رام الله وقاموا بعمليات تخريب بـ11 جيبا عسكريا، تاركين توقيع "جباية الثمن"، علما أن مصادر عسكرية إسرائيلية أفادت، أنه من الصعب جدا التسلل إلى المعسكر، وأن جنودا تواطأوا مع المستوطنين وسهلوا لهم الطريق، إن لم يكونوا قد شاركوا بالعملية بأنفسهم.
 
قائد الأركان الإسرائيلي ووزير الأمن، خرجا بتصريحات منددة بالعملية وبمن يقفون وراء شعار "جباية الثمن" وهم يرون النار تقترب من معسكراتهم.
 
 إلا أن القشة التي كسرت ظهر البعير، كانت وصول عمليات جباية الثمن إلى داخل البيت، كما عبرت عن ذلك "يديعوت احرونوت"، التي نقلت يوم 12 أيلول/ سبتمبر، خبر كتابة شعارات تهديد تحمل توقيع "جباية الثمن" على جدران بيت إحدى نشيطات السلام الإسرائيليات المعروفات في قلب تل أبيب، تزامن ذلك أيضا، مع إحراق سيارتين فلسطينيتين في قرية برقة قضاء جنين وسيارات أخرى بينها سيارة جمع قمامة في قرية دبوان المجاورة. 
 
 فورا، في اليوم التالي نطق "الشاباك" الإسرائيلي، الذي سكت طيلة المدة الماضية، ليعلن أن "اليمين المتطرف" في الضفة الغربية، انتقل من العمل العفوي ضد العرب إلى العمل المنظم بهيكلية خلايا إرهابية، بكل ما يعنيه ذلك من الحفاظ على السرية وإنشاء بنك أهداف وجمع معلومات وانتقاء أهداف.
 
الشاباك أفاد أن العمليات التي بدأت كرد فعل عفوي من قبل سكان غاضبين على هدم بيوت في المستوطنات، أو "عمليات إرهابية" من قبل فلسطينيين، تحولت إلى عمل منظم حيث يتم العمل بمجموعات صغيرة وسرية تتشكل من شبان يعرفون بعضهم بعضا ومن الصعب اختراقها أمنيا. وأن هذه المجموعات تجري عمليات رصد للقرى الفلسطينية وتقوم بجولات، وتجمع معلومات حول مداخل ومخارج هذه القرى وأماكن مركزية في داخلها، وتقوم كذلك بجمع معلومات استخبارية عن شخصيات إسرائيلية، ما يعني حسب "الشاباك" أن الحديث يجري عن خلايا إرهابية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن وصف هذه العمليات بـ"جباية الثمن"، كما أطلق عليها مؤخرا، هو ذر للرماد في العيون.
 
جذور الإرهاب اليهودي
 
جذور الارهاب اليهودي المنظم تعود الى عام 1980، كما يقول الصحفي روني شكيد، عند محاولة الاغتيال الشهيرة لرؤساء البلديات في الضفة الغربية والتي أسفرت في حينه عن قطع رجلي بسام الشكعة، رئيس بلدية نابلس، وقدم كريم خلف رئيس بلدية رام الله.
 
أربع سنوات بعد ذلك، وبعد تعاظم أعمال الإرهاب اليهودي المنظم، وتحديدا عام 1984، أعلن "الشاباك" عن اعتقال 29 من المستوطنين وعناصر اليمين، بسبب تورطهم فيما عرف في حينه بالتنظيم الإرهابي اليهودي. من يومها إلى الآن، تطورت وحدة الإرهاب اليهودي في "الشاباك" وتحولت إلى قسم كامل، إلا أنها لم تستطع حتى اليوم إحباط أي عملية إرهابية يقوم بها يهود ضد العرب، يقول الصحفي روني شكيد في مقال نشرته "يديعوت أحرونوت" اليوم الثلاثاء.
 
 ويضيف شكيد، أن عشرات العاملين في الحقل يحظون بتغطية مئات العاملين في مركز القيادة لم يستطيعوا حتى الآن فك لغز عشرات العمليات الإرهابية ضد العرب، تبدأ بالاعتداءات الجسدية على العرب، مرورا باقتلاع أشجار الزيتون، وانتهاء بحرق المدارس والمساجد.
 
فلسطينيو الداخل ضحايا الإرهاب اليهودي:
 
عملية إحراق مسجد طوبا زنغرية، ليست العملية الإرهابية الأولى التي تستهدف فلسطينيي الداخل، فقد سبقها محاولة إحراق كنيسة البشارة في الناصرة، ومسجد حسن بك في يافا، وجامع البحر في طبرية، ومسجد في الحليصة، وآخر في إبطن، وعشرات الاعتداءات الإرهابية على الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية.
 
الاعتداءات الإرهابية طالت الحجر والبشر أيضا، وجاءت في نطاق محاولات الانتقام والنيل من صمود عرب 48. ولعل أبرز الاعتداءات الإرهابية التي تستدعي التوقف عندها هي مجزرة شفاعمرو.
 
في يوم الخميس الرابع من آب/ أغسطس 2005، قام مستوطن يهودي يرتدي زيا عسكريا ويدعى ناتان زاده بإطلاق النار من سلاح أوتوماتيكي كان بحوزته على ركاب الحافلة التي التي استقلها خصيصا، وكانت قد دخلت مدينة شفاعمرو في طريقها من حيفا، ونتيجة لإطلاق النار العشوائي قتل كل من هزار تركي (23 عاما) وشقيقتها دينا (21 عاما)، ونادر حايك (55 عاما) وميشيل بحوث (56 عاما).

الإرهابي اليهودي عيدن نتان زاده (تسوبيري)- (19 عاما) من مستوطنة "تبواح" القريبة من مدينة نابلس في الضفة الغربية، شوهد في اليوم السابق للمجزرة على متن الحافلة ذاتها رقم 165 المسافرة من حيفا إلى شفاعمرو، كما يبدو في إطار تخطيطه للمجزرة.
 
ناتان زادة قتل بأيدي الجماهير الغاضبة، وما تزال النيالة العامة الاسرائيلية تصر عل تقديم سبعة شبان شفاعمريين للمحاكمة بتهمة قتله.

ويتضح أنه لا يكفي اتهام الشاباك بوحداته المختلفة بالتقصير بل بالتواطؤ أيضا، حيث أن الكثير من العمليات التي احتسبها "الشاباك" حوادث فردية مثل مجزرة شفاعمرو وعشرات الاعتداءات على المساجد والأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية تدخل ضمن الإرهاب اليهودي المنظم الذي يتسامح معه "الشاباك".

التعليقات