قلق من تغلغل التيار الديني المتطرف في صفوف الجيش الإسرائيلي

نسبة الضباط المشاركين في دورة ضباط مشاة ارتفعت من 2.5% عام 1990 الى 31% عام 2007 في حين ارتفعت نسبة الضباط من خريجي التعليم الديني برتبة ملازم فما فوق من 6.9% عام 94 الى 20% عام 2009 (نسبة الضباط من سكان المدن هبطت في نفس الفترة من 50% الى 30%)

قلق من تغلغل التيار الديني المتطرف في صفوف الجيش الإسرائيلي

حذرت صحيفة "هارتس" في افتتاحيتها اليوم الاربعاء مما وصفتها بعملية التطرف الديني المقلقة الاخذة في التغلغل في صفوف الجيش الاسرائيلي، في الاونة الاخيرة معتبرة اياها ظاهرة خطيرة تهدد جوهرالجيش الاسرائيلي وتمس بصورته الموحدة للشعب على حد قولها.

الجيش الإسرائيلي الذي يعتبر واحدا من ثلاثة معاقل ميزت وبلورت هوية الكيان الإسرائيلي الثقافية والإجتماعية وفرن الصهر الذي يعتمد القالب الاشكنازي العلماني كأساس لهوية الدولة العبرية.

المعقلان الأخريان هما القضاء الذي تقف على رأسه النيابة العامة والمخكمة العليا والإعلام اللذان تحكم النخب الاشكنازية العلمانية سيطرتها عليهما، ألا ان الجيش وهو الجسم الاكثر شعبية وقوة من بين الاجسام الثلاثة هو بعكس الأخريان المحتكران تقريبا من النخب التي ذكرت انفا، الجيش الذي تقف في رأسه النخب الاشكنازية يسعى الى تشريب سائر فئات المجتمع بهذه الثقافة وتابيد هيمنتها على المجتمع الإسرائيلي، فهو عوضا عن ان يكون عامل دمج بين الثقافات المتعددة يسعى الى تأكيد فوقية الثقافة الأوروبية الأشكنازية وتعميمها وتشريبها للاخرين.

تذمر الشرقيين والمتدينين ازداد في السنوات الاخيرة من الشعور بالإضطهاد وبدأت العديد من الأصوات ترتفع علانية ضد هذا التمييز والاستعلاء والفوقية التي تعامل بها الثقافات الاخرى، بالمقابل بدأت محاولات اختراق منظمة وغير منظمة لهذه المعاقل وخاصة الجيش، الذي بدأ ابناء الطبقات العليا يعزفون عنه ويغرقون في منعمات الحياة، ناهيك عن الاختراق ذوي الأهداف الأيديولوجية المتمثل باتيار الديني المتطرف الذي يشكل البنية البشرية للإستيطان.

"هارتس" اشارت الى حادثة مغادرة أكثر من مئة مجندة اسرائيلة، يوم الخميس الماضي، احتفال للجيش الاسرائيلي ، في أعقاب محاولة فصلهن عن الرجال وإلزامهن بالإنتقال الى ساحة خاصة للنساء مغلقة ومسيجة، الحادثة وقعت على مرأى ومسمع من قائد كتيبة غزة والحاخام الرئيسي للجيش، اللذان لم يحركا ساكنا.
الحادثة انضمت الى مجموعة حوادث اضاءت الضوء الاحمر لدى "هارتس"، وغيرها من معاقل العلمانية الإسرائيلية التي كان الجيش يعتبر واحدا منها حتى فترة قريبة، من هذه الحوادث تكرار رفض جنود متدينين العمل تحت قيادة مرشدات او ضابطات، فصل النساء عن الرجال في بركة السباحة التابعة لاحد المعسكرات وغيرها ولكن أبرز هذه الحوادث هو انسحاب مجموعة من الضباط والجنود المتدينين، احتجاجا، من احتفال غنت فيه مجندات نساء وهي حادثة اثارت في حينه ردود فعل غاضبة في الاعلام الاسرائيلي ، مما اضطر الجيش الى التعامل معها وتقديم اربعة من الضباط الى المحاكمة وإبعادهم عن دورة الضباط .

الحاخام الرئيسي للجيش الكولونيل رافي بيرتسلم، لم يخف وقوفه الى جانب الضباط الذين انسحبوا خلال الأغنية النسائية ودعا خلال مؤتمر عقد في كلية الحقوق في هود هشارون، بعد اسبوعين من الحادثة، ان يسير الجيش والشريعة اليهودية جنبا الى جنب وهي لهجة جديدة في الجيش الإسرائيلي تعني التسليم ان لم يكن الاستسلام لواقع وجود نسبة عالية من المتدينين المتشددين في الجيش الإسرائيلي.

وكذلك فعل الحاخام الرئيسي لإسرائيل الذي أصدر فتوى تؤيد هذا السلوك، أوضح فيها بشكل قاطع انه يجب احترام حق الجنود المتدينين عدم سماع صوت غناء امرأة لانه عورة، واوصى بأن لايتم استقدام نساء للغناء عندما يكون الكثير من الجنود والضباط المتدينين في مثل هذا الاحتفال.

وكان تقرير أعد بناء على طلب مستشارة قائد الأركان لشؤون النساء، الكولونيل جيلا خليفي أمير، ان تطبيق فلسفة "الدمج المناسب" التي جاءت لتسوية موضوع خدمة المتدينين العسكرية، قد وصلت الى حد المس بخدمة وتقدم النساء في الجيش وانه يفترض الأخذ بالحسبان حاجات النساء المجندات وليس فقط قيم الجنود المتدينين.

التقرير تطرق الى عدة حالات عينية، بضمنها حالة انسحاب الضباط المتدينين من احتفال غنت فيه نساء مجندات.
الخبير العسكري في صحيفة "هارتس" عاموس هارئيل، وصف ما يحدث في الحيش الإسرائيلي بأنها حرب ثقافية ستشغل اهتمام قائد الاركان الجديد بيني غيينتس، طول فترة قيادته، مشيرا الى ان الجيش اصبح بحاجة الى المقاتلين المتدينين بعد أن قفزت اعدادهم بشكل كبير خلال السنوات الفائتة.

هارئيل، اورد استنادا الى المجلة العسكرية "معرخوت"، احصائيات تشير الى ارتفاع هائل فينسبة المتدينين، حيث اشار على ىسبيل المثال ان نسبة الضباط المشاركين في دورة ضباط مشاة  ارتفعت من 2.5% عام 1990 الى 31% عام 2007 في حين ارتفعت نسبة الضباط من خريجي التعليم الديني برتبة ملازم فما فوق من 6.9% عام 94 الى 20% عام 2009 (نسبة الضباط من سكان المدن هبطت في نفس الفترة من 50% الى 30%) ويقول هارئيل ان الإرتباط المتزايد بالمتدينين في ضوء انخفاض الحوافز لدى القطاعات الاخرى للخدمة الزم الجيش بتقديم تنازلات بهدف تقليص التوترات وضمان استمرارية تجنيدهم.


وكان رئيس القوى العاملة المنصرف في الجيش الإسرائيلي، الجنرال افي زمير، قد حذر لدى انهاء مهام منصبه من اشتداد التطرف الديني في صفوف الجيش وتعاظم تأثير دور الحاخامية العسكرية، التي تكاد تأخذ مكان سلاح التربية في الجيش، داعيا الى سحب ما يسسى بموضوع التربية اليهودية وايكاله الى سلاح التربية.

من جهته هاجم الحاخام الرئيسي السابق للجيش، الكولونيل افيحاي رفيتسكي، تصريحات زمير وقال في حديث لموقع "واينت" ان الجيش الاسرائيلي هو المؤسسة التربوية الاكثر والأهم في اسرائيل لذلك فان مجموعات نخبوية تصارع على طبيعته وطابعه وهذا صراع على طبيعة وطابع المجتمع الإسرائيلي، والسؤال هو أن يظهر الجيش بطابع يهودي وقومي وانا لا أقول متدين ام بمظهر جيش دولة كل مواطنيها، كما يقول رفيتسكي.




 

التعليقات