"هآرتس": الحرب الحالية على غزة هي حرب براك وقد تكون الأخيرة

تضع هذه الحملة على المحك كل المفهوم الأمني والعسكري لبراك رجل الوحدات الخاصة ، الذي يفضل عمليات عينية خاطفة ، يستحسن أن تصاحبها عمليات تضليل وخداع على المعارك البرية الكبيرة التي قد تتدهور في ميادين القتال، كما يقول بن الذي يضيف، انه يسهل فهم هذا المفهوم إذا نظرنا إلى رصيد الرجل وقيمته العسكرية وأوسمته العسكرية التي نالها في الوحدة الخاصة لقيادة الأركان، مقارنة بأدائه العسكري كقائد فرقة برية في حرب تشرين، وفي حرب لبنان الأولى التي كانت أقل مهارة.


اعتبر المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" ألوف بن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المسمى "عامود السحاب" بمثابة :" حرب وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود براك. فقد ترك له رئيس الحكومة المنصة العلنية مفتوحة ، وأفسح له المجال للحديث وراء الميكروفونات والقيام بالجولات الميدانية، وبطبيعة الحال ترك له الرهان السياسي. فإذا انتهى العدوان بنوع من الانتصار الإسرائيلي فسيعرف نتنياهو كيف يجير ذلك لصالحه، ولكن إذا تورطت إسرائيل وبدى تورطها سيئا في نظر الرأي العام الإسرائيلي ، أو في نظر المجتمع الدولي فسيكون براك كبش الفداء...فهذا هو الدور التقليدي لوزراء الأمن في إسرائيل"يقول بن.


ويضيف بن، أن براك يدرك ذلك جيدا، فقد عاد من منفاه السياسي إلى وزارة الأمن بفضل كونه "الرجل الذي لم يكن هناك" خلال الحرب الثانية على لبنان.صحيح أن براك تنبأ يومها بأن الحرب ستطول في الوقت الذي اعتقد فيه المجلس الوزاري السياسي الأمني أن المسالة ستحسم مع حزب الله خلال وقت قصير. ولكن الفشل الإسرائيلي في لبنان هو الذي  أعاد براك إلى مقدمة القيادة الأمنية. وقد ظهر براك منذ ذلك الوقت بمظهر العامل المعتدل: فقد سعى لتأجيل ضرب المفاعل السوري (في العام 2007، وفقا للمصادر الأجنبية)، وخلال حملة الرصاص المصبوب سعى إلى التوصل سريعا إلى وقف لإطلاق النار، وفي كلتا الحالتين خاض براك مواجهة مع رئيس الحكومة، في حينه، إيهود أولمرت الذي رغب بضرب المفاعل السوري وإطالة فترة الحرب على غزة".


"والآن "يقول ألوف بن : فإن أولمرت وخصم براك الثاني جابي أشكنازي، يتربصان لبراك خارج مبنى الحكومة. فإذا فشلت حملة "عامود السحاب" فسيبدوان بمثابة المخلِّصَيْن لإسرائيل ويطرحا نفسيهما بديلا للقيادة الحالية، إما إذا نجحت الحملة فيضطران إلى تأجيل تحقيق تطلعاتهما السياسية إلى موعد المواجهة القادمة أو الولاية القادمة للحكم.


تضع هذه الحملة على المحك  كل المفهوم الأمني والعسكري لبراك رجل الوحدات الخاصة ، الذي يفضل عمليات عينية خاطفة ، يستحسن أن تصاحبها عمليات تضليل وخداع على المعارك البرية الكبيرة التي قد تتدهور في ميادين القتال، كما يقول بن الذي يضيف، انه يسهل فهم هذا المفهوم إذا نظرنا إلى رصيد الرجل وقيمته العسكرية وأوسمته العسكرية التي نالها في الوحدة الخاصة لقيادة الأركان، مقارنة بأدائه العسكري كقائد فرقة برية في حرب تشرين، وفي حرب لبنان الأولى التي كانت أقل مهارة.


فبراك يؤمن بأسلوب "الضغوط والمكافآت" الذي طبق لأول مرة في عدوان "عناقيد الغضب" في لبنان في صيف 1993. يستعمل براك هذا الأسلوب ليعرض مستعينا بكفيه وبالجداول الزمنية أهداف الحرب التي حددها بوقف إطلاق النار بين إسرائيل والمنظمة التي تحاربها- حزب الله أو حماس، وهو أسلوب يقوم على ممارسة  ضغط على  "الراعي السياسي" للخصم, وتهدف كثافة النيران الإسرائيلية أو التهديد بتكثيفها للتلويح – عبر استدعاء قوات الاحتياط- لذلك الراعي السياسي أن من شأنه أنصاره أن يتلقوا ضربة حاسمة، ولذلك يتعين عليه أن يتدخل ويهدئ الأوضاع.


وبحسب بن، تشكل مصر في الجولة الحالية في القطاع، الدولة الراعية لحركة حماس، وتهدف التحركات الإسرائيلية إلى جذب الحكام الجدد في القاهرة لوقف القتال وكفالة وقف إطلاق النار المستقبلي. هذا هو الدور الذي لعبته سوريا وإيران راعيتا حزب الله خلال جولات القتال في لبنان. فقد قال براك يوم ألأحد الماضي: "  ألان يتضح جليا أن نظام الأخوان المسلمين في القاهرة يساند حرب حماس ويدعمها، إلى جانب التمويل القطري". وحذر براك في نفس المحاضرة من أن إسرائيل لن تتردد عن القيام بأي تحرك عسكري لاستعادة الهدوء والأمن لسكان البلدات الإسرائيلية المحيطة بغزة".


وبحسب تصريحات مختلفة لبراك، فإن ذريعة الخروج لهذه الحملة كانت قيام حماس بخرق قواعد اللعبة عبر العمليات التي قامت بها مؤخرا بدءا "بإطلاق صاروخ ضد جيب عسكري ومن ثم تفجير النفق المفخخ، الذي كان قسم منه داخل "أراضينا"، وبالتالي فإن إسرائيل لن تسمح بقواعد جديدة يكون للفلسطينيين عبرها "حزام أمني" في الجانب الإسرائيلي يعرض حياة كل من يتحرك فيه. فهذا ما تقوم به إسرائيل في الجانب الفلسطيني حيث تفرض بقاء شريط أمني يتم فيه إطلاق النار على كل من يقترب من هذا "الشريط الأمني الخاص" وراء الحدود. ما يحق لإسرائيل ممنوع على حماس.


ويرى ألوف بن أن الواقع لم يتغير جوهريا منذ أيام ديان وروتبيرغ والعمليات الحدودية المتبادلة ، فهو يقول إن "الشرق الأوسط حي صعب المراس، لا مجال فيه لرحمة الضعفاء، ولا توجد فرصة ثانية لمن لا يستطيعون حماية أنفسهم. سبق وأن وصفت ذلك بتعبير "الفيلا وسط الغابة ". براك يعتقد أن إسرائيل ملزمة بالخروج كل عدة سنوات لجولة عسكرية تستعرض فيها قوتها "لتعزيز الردع" وفرض وقف لإطلاق النار مع جيرانها. .


ويختم ألوف بن بالقول: " والآن سيكون امتحانه بقدرته على إقناع المصريين بأنه من الأفضل لهم أن يحثوا الخطى نحو وقف سريع لإطلاق النار، وتحديد قواعد سلوك متفق عليها على امتداد حدود غزة- إسرائيل، وإلا سيعود نمط جولات القتال الأخيرة في الشمال والجنوب: وعندها ستنتهي أهداف سلاح الجو فيما يتواصل إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وسيجر الجيش الإسرائيلي لعملية برية- فيما سيقلب الرأي العام موقفه ويدير ظهره للحملة والمبادرين إليها". 
 

التعليقات