"اللجنة لفحص قانونية الاغتيالات الموضعية: شكلها الاحتلال بدأت معلنة وتبدلت وباتت سرية"

"هآرتس" تنشر تقريرا يشكك في حقيقة وجود مثل هذه اللجنة.. النيابة العسكرية تضع "وصايا عشر" بشأن الاغتيالات الموضعية توصف بأنها فارغة من أي مضمون كما يتضح من إخفاء عمل أو "لا عمل" اللجنة..

منزل الشهيد صلاح شحادة في أعقاب اغتياله عام 2002

شكلت وزارة الأمن الإسرائيلية، مؤخرا، لجنة لفحص شكاوى تتصل بارتكاب جرائم حرب، وذلك في أعقاب الغارات الجوية التي شنها الجيش الإسرائيلي والتي يطلق عليها "الاغتيال الموضعي"، بيد أن الوزارة ترفض نشر أسماء أعضاء اللجنة. ويترأس اللجنة قاض متقاعد، وبحسب الجيش فإنه قاضي مركزية، بينما تقول وزارة الأمن إنه رئيس سابق لمحكمة الصلح. وتضم في عضويتها جنرال احتياط، ورئيس شعبة في الشاباك، وخبير في القانون الدولي. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، يوم أمس الخميس، أن اللجنة حققت في "عدة غارات جوية، ولم يكن هناك هجمات غير قانونية".

ومع الإشارة إلى أنه بالنتيجة فإن جيش الاحتلال يحقق مع نفسه بزعم أن إسرائيل دولة سوية، فإن الكاتب أمير أورن يشير في صحيفة "هآرتس" إلى أن النيابة العسكرية كانت قد تفاخرت علانية في آذار/ مارس الماضي، في أعقاب إقامة "جهاز من خارج الجيش لفحص قانونية الاغتيالات الموضعية". ولكن المدعي العسكري الجنرال داني عفروني تهرب من الرد الموضوعي على سؤال بشأن تركيبة اللجنة، كما رفض الإجابة على سؤال حول ما إذا كانت اللجنة قد اجتمعت للتداول في ادعاءات بشأن المس بالمدنيين، والتي تصل إلى مستوى جرائم حرب، وما إذا اتخذت إجراءات جنائية في أعقاب التداولات.

وأشار الكاتب إلى أن هذه اللجنة هي "تناسخ ثالث" للجنة أقيمت بناء على قرار المحكمة العليا بشأن التماس حول اغتيال القيادي في حركة حماس صلاح شحادة في العام 2002، في قصف جوي أسفر عن مقتل 14 مدنيا، بينهم نساء وأطفال، وأصيب أكثر من مائة. وفي حينه شكلت لجنة برئاسة المدعي العسكري السابق تسفي عنبار. وبعد وفاة عنبار عينت القاضية المتقاعدة طوفا شطراسربيرغ – كوهين من المحكمة العليا، ولكنها رفضت ترؤس اللجنة لفحص قانونية الاغتيالات الموضعية من الجو، وفي أعقاب ذلك طلب من القاضي المتقاعد زئيف هامار، وإلى جانبه جنرال الاحتياط غابي أوفير، ولكنهما استقالا من اللجنة قبل أن تتوفر أية مضامين في إطار عملها. وفي العام الماضي أعيد تعيين أعضاء اللجنة خطيا بتوقيع وزير الأمن، بيد أن الأجهزة الأمنية لا تزال تخفي تركيبتها.

ويلفت الكاتب إلى أن هذه الحقيقة تتناقض مع امتداح النيابة العسكرية لذاتها، حين تفاخرت بالرقابة على التلاؤم ما بين عمليات الجيش الإسرائيلي وبين القانون الدولي. وفي شباط/ فبراير من العام الماضي، وعلى خلفية الحملة العسكرية العدوانية على قطاع غزة، والتي أطلق عليها "عامود السحاب"، في خريف العام 2012، ونشر تقرير "تيركل" بشأن التحقيق في الجوانب الجنائية لاستخدام القوة، قال عفروني إن رئيس أركان الجيش، بني غنتس، أصدر تعليمات بتشكيل "هيئة تحقيق من أركان الجيش مستقلة". وفي حينه قال عفروني إن الشرطة العسكرية تحقق في كل عملية يقتل فيها مواطن في الضفة الغربية ليس له دور في نشاط عملاني يصنف على أنه قتالي.

كما يشير الكاتب إلى أنه خلافا لعمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، ولا تتضمن اغتيالات من الجو، فإنه في قطاع غزة والدول العربية المحاذية لإسرائيل "تسري قواعد الاغتيال الموضعي ضد أهداف إرهابية تنشط بحماية وفي وسط بيئة مدنية، ضد أهداف مدنية في إسرائيل بما يشكل خرقا خطيرا لقوانين القتال".

كما يشير الكاتب إلى أن النشر الرسمي للنيابة العسكرية لا يتضمن أية طائرات يستخدمها سلاح الجو في عمليات الاغتيال.

ويتناول الكاتب أيضا ما أطلق عليه "الوصايا العشر" التي أعدت من قبل "قسم القانون الدولي في النيابة العسكرية" بشأن الاغتيال الموضعي من الجو. ويعقب عليها بالقول إنها كلمات جميلة ولكن بعضها، على الأقل، فارغ من أي مضمون، كما يتضح من خلال إخفاء عمل، أو "لا عمل"، لجنة فحص قانونية الاغتيالات الموضعية.

وبحسب هذه "الوصايا" فإن إسرائيل تهاجم فقط أهدافا مشروعة للهجوم، وتشدد على مبدأ التناسب، بحيث لا تكون الأضرار الجانبية للمدنيين مبالغا بها مقارنة بـ"المكسب" العسكري المتوقع. كما تزعم الوصايا أن إسرائيل تفرض قواعد صارمة أكثر مما هو مطلوب بحسب القانون الدولي.

ومن جملة مزاعم هذه "الوصايا" أيضا، فإن الجيش الإسرائيلي يفرض على نفسه قيودا إضافية لدرجة إلغاء عمليات لتقليص المس بالمدنيين، وأنه بسبب التعقيدات والحساسية والأبعاد المحتملة لأي عملية اغتيال من الجو فإن القرارات تتخذ في إطار إجراءات عملانية منظمة، يحدد بموجبها المراحل المختلفة لتخطيط الهجمات الجوية، كما تتضمن استشارة قضائية مسبقة.

وبحسب "الوصايا" أيضا فإن ضباط الاستخبارات وسلاح الجو والشاباك وهيئة أركان تقدم لهم دورات في القانون الدولي، ويدرسون تقييم "الفائدة العسكرية المتوقعة من الهجوم مقارنة بالأضرار الجانبية المتوقعة".

إلى ذلك، يختم الكاتب تقريره بالقول إن رفض وزارة الأمن والجيش، يوم أمس، الكشف عن تفاصيل عمل اللجنة لفحص قانونية الاغتيالات الموضعية يثير الشكوك حول ما إذا كانت اللجنة تعمل فعلا. وردت وزارة الأمن، في أعقاب عدة توجهات، على ذلك بالقول إن لجنة شكلت ويترأسها رئيس محكمة الصلح، وتضم في عضويتها حقوقي مختص بالقانون الدولي، وممثل عن الشاباك متقاعد، وجنرال احتياط. وأنه نظرا لحساسية عمل اللجنة فإن الوزارة تمتنع عن نشر أسماء أعضائها.

التعليقات