مجزرة الشجاعية: عملية انتقامية أم "إجراء هنيبعل" أم كلاهما؟

ينص إجراء هينبعل على قصف كامل للموقع الذي يتوقع أن يكون الجندي الأسير متواجدا فيه أو قريبا منه واستخدم الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى في العام 1986 من قبل قائد الجبهة الشمالية في حينه، يوسي بيليد، وقائد فرع العمليّات في حينه، غابي أشكنازي، في جنوب لبنان

مجزرة الشجاعية: عملية انتقامية أم

الشجاعية..

كثيرة هي إجراءات الطوارئ العسكرية، والتي من الممكن أن تستعملها قوات جيش الإحتلال في حالات طوارئ معينة. ولكن، لإجراء "حنيبال" (هنيبعل) العسكري الإسرائيلي خاصية سياسية أكثر ممّا هي عسكرية، فالثمن الذي تدفعه إسرائيل مقابل عمليّات التبادل تعتبره باهظاً على جميع الأصعدة.

ينص الإجراء على قصف كامل للموقع الذي يتوقع أن يكون الجندي الأسير متواجدا فيه أو قريبا منه. وقد استخدم الجيش الإسرائيلي إجراء "هنيبعل" للمرة الأولى في العام 1986 من قبل قائد الجبهة الشمالية في حينه، يوسي بيليد، وقائد فرع العمليّات في حينه، غابي أشكنازي، في جنوب لبنان.

وينص الإجراء على أنه وفي حال خطف أي جندي إسرائيلي يتوجب على الجيش محاولة إحباط عملية الخطف بكل ثمن، ولو كان الثمن حياة الجندي المخطوف. فتم إعلام الجنود، وبأوامر من الضباط بأنه يتوجب عليهم أن يقوموا بقصف كامل للمنطقة لمنع عملية الخطف حتى لو أدّى ذلك لقتل الجندي المخطوف وقصف كامل للمنطقة يشمل كل ما فيها.

وعلى الرغم من أن هذا الإجراء قد استخدم منذ سنوات الثمانينيات إلّا أن الرقابة العسكرية قد حالت دون نشر هذا الإجراء في الرأي العام والإعلام. وفي العام 2000 وعندما هاجمت قوات المقاومة اللبنانية مركبة إسرائيلية وأسرت ثلاثة جنود، استخدم الإجراء بعد مرور 45 دقيقة من العملية، فقصفت دبابات إسرائيلية وبمساعدة طائرات مقاتلة المنطقة ومواقع حزب الله.

وفي العام 2006، وعندما أسرت كتائب القسام الجندي غلعاد شاليط، في حزيران/ يونيو، تم تفعيل الإجراء بعد مرور ساعة من العملية إلّا أن ذلك لم ينجح في إحباط العملية، وبعد 3 أسابيع أسرت المقاومة اللبنانية جنديين آخرين، وعندها تم تفعيل إجراء "هنيبعل" بعد مرور نصف ساعة .

أخذ هذا الإجراء بالخروج للحيز العام على غرار الثمن الذي دفعته إسرائيل لتحرير الجندي الأسير غلعاد شاليط، فأصبح شعار "مقتول أفضل من مخطوف" متداولاً في الأوساط العسكرية والسياسية الإسرائيلية.

الشجاعية

قصف الجيش الإسرائيلي بالمدفعية حي الشجاعية في غزة مما أدّى لمجزرة جماعية. حي كامل قد قُصف بشكل غاية في البشاعة بواسطة مدفعيات الجيش الإسرائيلي شمال غزة منذ ساعات الفجر المبكّرة، وراح ضحيتها ما يزيد عن 80 شهيداً ومئات الجرحى المدنيين، فيما أعلن الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، مساء الأحد، أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون مرفقاً رقمه الشخصي "6092065".

أثارت القصف على الحي المدني تساؤلات عن هدف الجيش الإسرائيلي من هذا القصف المكثف. ففيما رجح البعض بأن القصف الكثيف هدف إلى الانتقام من المدنيين بسبب المعارك الضارية مع المقاومة ومقتل عدد كبير من الجنود، تساءل آخرون إن كان القصف جزء من "إجراء هنيبعل" لإحباط عملية أسر محتملة.

لا يمكن التأكد من أن الجيش الإسرائيلي قصف الشجاعية في إطار "إجراء هنيبعل" في ظل حالة الإرباك التي يعيشها في كل ما يتعلق في التعرف على جنوده القتلى وعددهم، لكن ما يمكن تأكيده أن القصف كان انتقاميًا من مدنيين بموازاة خسائر عسكرية في الميدان.

ومما قد يدل على أن القوات الإسرائيلية قد قامت بتفعيل إجراء "هنيبعل" صباح يوم الأحد بمحاولة منها لإفشال عملية الأسر، وعلى الرغم من أن التقديرات تفيد بأن الجندي قد خُطف من حي التفاح شمال غزة أيضاً، إلا أن تفعيل هذا الإجراء كان بهدف قتل الجندي المخطوف والخاطفين منعاً من عملية أسر قد تدفع إسرائيل ثمنها غالياً في المستقبل، وقد يكون للنقص في المعلومات الاستخبارية حول مكان الجندي، أو الأنفاق المتواجدة في المنطقة السبب الأكبر في أن تفعّل إسرائيل هذا الإجراء بعد مرور وقت قصير من عملية الأسر، فقصفت حي الشجاعية بالكامل، على أمل أن تستطيع قتل الجندي والخاطفين، ومنع عملية تبادل مستقبلية مع فصائل المقاومة الآسرة للجندي.

التعليقات