مشروع قناة البحار الضخم تقلص إلى اتفاق تبادل مياه

البحر الميت يفقد سنويا 1.6 مليار متر مكعب من المياه والمشروع يتضمن تزويده بـ100 مليون متر مكعب سنويا

مشروع قناة البحار الضخم تقلص إلى اتفاق تبادل مياه

الوزراء، الإسرائيلي سيلفان شالوم، والأردني حازم الناصر وشداد العتيلي وزير المياه الفلسطيني (أ ف ب)

* المشروع بداية تضمن نقل كميات كبيرة من المياه لإنقاذ البحر الميت من الجفاف وتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر

* رجل الأعمال الإسرائيلي يتسحاك تشوفا عرض بناء 200 ألف غرفة فندق (أربعة أضعاف عدد غرف الفنادق في إسرائيل) بين إيلات والبحر الميت وإقامة بحيرات وقنوات مفتوحة

* البحر الميت يفقد سنويا 1.6 مليار متر مكعب من المياه والمشروع يتضمن تزويده بـ100 مليون متر مكعب سنويا

* هرتسل تحدث عن قناة تربط بين البحر المتوسط و'بحر الموت' لإنتاج الطاقة والصناعة


مر 13 عاما منذ أن بدأ الحديث عن قناة 'البحار'، التي تربط بين البحر الأحمر والبحر الميت، وجرى الحديث عن مشاريع ضخمة جدا، تشارك فيها إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية، بيد أنه يتضح أن المشاريع الضخمة قد تقلصت إلى مشروع صغير جدا يقتصر على 'تبادل مياه' بين إسرائيل والأردن من خلال مشروع تحلية قد يقام بعد 5 سنوات في أقل تقدير.

كما تبين أن المشروع، والذي كان يهدف أساسا إلى منع جفاف البحر الميت، لن يحقق الهدف، حيث أنه سيزود البحر الميت بنحو 100 مليون متر مكعب من المياه سنويا، في حين تتراجع كمية المياه في البحر الميت بمعدل 1.6 مليار متر مكعب سنويا.

وكان الوزيران، الإسرائيلي سيلفان شالوم، والأردني حازم الناصر قد وقعا، قبل نحو شهر، على اتفاق يحمل اسم 'قناة البحار'، على نحو أثار الاعتقاد بأن الحديث عن اتفاق تاريخي ينقذ البحر الميت، بيد أنه تبين أنه لم يبق من المشروع سوى اسمه الضخم.

وأشار تقرير نشرته صحيفة 'معاريف' اليوم، الأربعاء، إلى أن منظمات البيئة التي عارضت المشروع لم تتأثر بالاتفاق، كما توقعت الوزارة لحماية البيئة أن المشروع لن ينقذ البحر الميت، وأن كمية المياه التي يتوقع أن تتدفق إلى البحر الميت لن تتجاوز 100 مليون متر مكعب من المياه سنويا، وهي أقل بكثير من الكمية المطلوبة للحفاظ على مستوى المياه فيه.

وقال المدير العام لمنظمة 'إكوبيس'، التي تعارض المشروع منذ سنوات، غدعون برومبيرغ،  إن الاتفاق الجديد ليس أكثر من اتفاق 'تبادل مياه' بين إسرائيل والأردن، كما أنه لم يتضح بعد مصادر تمويل المشروع.

وأشار التقرير إلى أن مشروع قناة البحار لم يطرح في السنوات الأخيرة، وأنما سبق وأن تحدث عنه بنيامين زئيف هرتسل في القرن التاسع عشر، حيث كتب عن 'الحاجة إلى إقامة قناة لنقل المياه من البحر المتوسط إلى البحر الميت لإنتاج الطاقة وللصناعة، وأنه يمكن إقامة صناعات كبيرة للمواد الكيماوية على شواطئ البحر الميت'. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هرتسل استخدم اسم 'بحر الموت' (القريب من التسمية العربية للبحر الميت، وليس 'بحر الملح' كما يسمى باللغة العبرية اليوم.

ولاحقا بات اسم 'قناة البحار' يطلق على كل الاقتراحات بشأن قنوات المياه بين البحار في البلاد: وتشمل البحر المتوسط أو البحر الأحمر، سواء كانت قناة مفتوحة أم أنابيب مغلقة.

وكان الهدف من المشروع تثبيت مستوى المياه في البحر الميت الذي يواصل الانخفاض بشكل مقلق، وتوفير مياه الشرب والكهرباء للأردن والفلسطينيين، والدفع بما يسمى بـ'السلام الإقليمي'.

كما سبق وأن طلب رجل الأعمال الإسرائيلي يتسحاك تشوفا بناء 200 ألف غرفة فندق، في إطار المشروع، وهو ما يشكل أربعة أضعاف عدد غرف الفنادق في إسرائيل، توفر العمل لنحو مليون عامل. كما خطط لإقامة بحيرات وقنوات مياه مفتوحة بين إيلات والبحر الميت، لتحويل المنطقة إلى منطقة جذب سياحية.

ولم يتبق من كل الاقتراحات، اليوم، سوى اتفاق متواضع جرى التوقيع عليه في السادس والعشرين من شباط (فبراير) الماضي، بين إسرائيل والأردن، ويهدف أساسا إلى إقامة مشروع لتحلية مياه البحر في العقبة، وتبادل مياه بين إسرائيل والأردن.

يذكر أن غالبية المنظمات والجمعيات التي تعنى بالبيئة أعلنت معارضتها للمشروع، وشاركوا في عشرات المباحثات المفتوحة التي نظمها البنك الدولي منذ العام 2007، وقدموا شروحات عن المخاطر الكامنة في إقامة مثل هذا المشروع.

وبعد توقيع الاتفاق مع الأردن، توقف نشاط منظمات البيئة، باعتبار أن الحديث عن 'تبادل مياه بين إسرائيل والأردن، وأن ذلك سيكون بعد سنوات طويلة'.

وكانت هذه المنظمات قد تناولت مخاطر المشروع البيئية، وبضمنها أن خلط مياه البحر الأحمر بمياه البحر الميت قد يؤدي إلى تغيير كبير في البحر الميت، وأن هناك مخاوف من تسرب المياه المالحة إلى أحواض المياه الجوفية على طول القنوات المفتوحة، كما أن هناك إمكانية لتشكل كتل من الجبص في البحر الميت.

وخلال السنوات 2007 – 2013 جرى فحص كافة الادعاءات، وبحسب خبراء من البنك الدولي فإن المشروع لن يؤدي إلى تغييرات حادة في البحر الميت من خلال تدفق 400 مليون متر مكعب من المياه سنويا إليه.

يشار إلى أنه بموجب الاتفاق، بين إسرائيل والأدن، سيتم وضع أنبوب بطول 200 كيلومتر، لنقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت، ويمر في الأراضي الأردنية، ويفترض أن يستمر العمل به مدة 3 سنوات. كما سينقل الأنبوب المياه الناتجة عن مشروع التحلية الذي سيقام في العقبة.

ومن المخطط أن تقوم إسرائيل بشراء المياه من الأردن لتزويد منطقة الجنوب بالمياه، مقابل تزويد إسرائيل لشمال الأردن بالمياه من بحيرة طبرية.

وتضمن الاتفاق أن تقام منشأة تحلية المياه شمال العقبة. ويتم تمويل المشروع من خلال بيع المياه المحلاة، إضافة إلى تبرعات دولية. ويتوقع أن تصل تكلفة مد الأنبوب إلى 400 مليون دولار. وبحسب مصادر إسرائيلية فإن التقديرات تشير إلى أنه سيتم تجنيد هذه الأموال من خلال التبرعات، وخاصة من فرنسا واليابان، باعتبار أن المحفز هو إنقاذ البحر الميت.

وإزاء ذلك، يستبعد برومبيرغ، من منظمة 'إكوبيس' أن تساهم دول أجنبية في تمويل مشروع ليس من المؤكد أن يستمر، خاصة وأن الحديث عن نقل 100 مليون متر مكعب من المياه إلى بحر يتراجع بنحو 1.6 مليار متر مكعب سنويا. 

التعليقات