اعتبارات دبلوماسية جمدت حافلات الأبرتهايد مؤقتا

عملية إلغاء حافلات الأبرتهايد لم تكن نابعة من أساس قيمي أو أخلاقي، وإنما كانت ذات صلة بالدبلوماسية وصورة إسرائيل والاستيطان، والتوقيت أيضا

اعتبارات دبلوماسية جمدت حافلات الأبرتهايد مؤقتا

عمال فلسطينيون على الحاجز

بعد أن سارع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى تجميد خطة الفصل العنصري في المواصلات العامة بين الفلسطينيين والمستوطنين، بعد يوم واحد فقط من الإعلان عن بدء العمل بخطة الفصل بعد مصادقة وزير الأمن موشي يعالون، تبين أن عملية إلغاء حافلات الأبرتهايد لم تكن نابعة بدافع قيمي أو أخلاقي، وإنما كانت ذات صلة بالدبلوماسية وصورة إسرائيل والاستيطان، والتوقيت أيضا.

ورغم ما أطلق، إسرائيليا، من أوصاف على الخطة، واعتبارها 'انحطاطا أخلاقيا' و'خطوة مخزية' و'خطوة عنصرية'، إلا أن التحركات الأساسية لتجميدها نبعت أساسا من تجنب أزمات دبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، خاصة وأن حافلات الأبرتهايد قد احتلت العناوين في وسائل الإعلام في أوروبا.

كما تبين أن تجميدها كان بهدف تجنب إيقاع المزيد من الأضرار بالاستيطان في الضفة الغربية، وما تعكسه الخطة على صورة إسرائيل في العالم.

ويبدو أن مسارعة نتنياهو إلى تجميدها، صباح اليوم وقبل الغد، نابع من اعتبارات التوقيت المرتبطة بتحركات دبلوماسية في المنطقة، وبالنتيجة تخفيف أزمة دبلوماسية لا بد أن تحصل إن آجلا أم عاجلا.

وتبين أن قرار نتنياهو كان لهدف تجنب أزمة دبلوماسية، خاصة في اليوم الذي تصل فيه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، الأمر الذي أكده مسؤولون في الخارجية الإسرائيلية باعتقاد أن تدخل نتنياهو، وإعلانه السريع عن التحفظ على خطة الفصل قد ينجح في تقليص حجم الأضرار.

وقال دبلوماسيون من أربع سفارات أوروبية مهمة في تل أبيب أن سفاراتهم استعدت في ساعات الصباح لإجراء مباحثات بهذا الشأن، كما ناقشوا كيفية الرد على مشروع حافلات الأبرتهايد.

وقال أحد الدبلوماسيين إن الاتجاه كان الاحتجاج بشكل حاد من قبل السفارات في البلاد، ومن قبل الحكومات أيضا، ولكن الرد الإسرائيلي بتغيير السياسة وصل قبل الرد على النشر الأولي.

ينضاف إلى ذلك، أن وزيرة حارجية الاتحاد الأوروبي، فيديركا موغيريني، وصلت، صباح اليوم، إلى البلاد، والتي كان يفترض أن تجتمع مع نتنياهو في ساعات المساء في مكتبه، بهدف محاولة الدفع باتجاه تحريك المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية مجددا، الأمر الذي كان من المحتمل أن تعرقله خطة الفصل العنصري، وبالتالي فإن تجميدها منع المبادرة إلى فرض عقوبات على إسرائيل من قبل الاتحاد الأوروبي.

واتضح أن التغيير السريع في الاتجاه الذي بادر إليه نتنياهو قد يؤدي إلى تخفيف الانتقادات الأوروبية، ولكن الاتحاد الأوروبي ينوي متابعة سلوك إسرائيل في قضية الحافلات عن كثب، خشية أن يتحول الإعلان عن التجميد إلى تنفيذ فعلي بطيء وحذر، وفقما أعلن ذلك أحد الدبلوماسيين الأوروبيين.

كما تبين أن ما يقلق نتنياهو أساسا هو الساحة الأميركية، حيث أن الفصل العنصري في الحافلات يذكر بالفصل العنصري بين البيض والسود، خاصة في ظل الأزمة القائمة بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن الاتفاق النووي مع إيران.

وكان قد أثار تطبيق هذه الخطة انتقادات إسرائيلية واسعة، نبعت أساسا من الخشية على وقوع أضرار للاستيطان في الضفة الغربية، والحرص على صورة إسرائيل في العالم، الأمر الذي أكده وزير الداخلية السابق، غدعون ساعار، حيث صرح أن قرار الفصل خاطئ، ويسبب أضرارا خطيرة للاستيطان في الضفة الغربية، ولصورة إسرائيل في العالم. ودعا إلى إلغاء الخطة من أجل تقليص حجم الأضرار.

وقال رئيس 'المعسكر الصهيوني'، يتسحاك هرتسوغ، إن 'الفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين في المواصلات العامة هو إذلال لا داعي له، ووصمة عار على الدولة ومواطنيها، ويصب الزيت على نيران كراهية إسرائيل في العالم'.

وكانت قد وصفت منظمة 'سلام الآن'، خطة الفصل بأنها 'سياسة قبيحة وعنصرية' وأضافت أن الاعتبارات الأمنية هي غطاء لرغبة المستوطنين التنكيل بالفلسطينيين وعدم رؤيتهم في طريق العودة للمستوطنات.

وقالت منظمة 'ييش دين': 'إذا بدأت وزارة الأمن بتطبيق خطة الفصل في الحافلات في الضفة الغربية، وعدا عن أن ذلك يجري سرا خشية القيام بإجراءات لمنع تفعيلها، فإن الحديث عن خطوة مخجلة وعنصرية تدهور إسرائيل إلى انحطاط أخلاقي'.

التعليقات