زيارات نتنياهو لموسكو وانحسار النفوذ الأميركي

​في الوقت الذي تقضي فيه إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، شهورها الأخيرة في السلطة، قام رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بزيارات متكررة إلى موسكو، حيث استقبل بحفاوة، أكثر من زياراته إلى واشنطن، واضعا نصب عينيه تحول نفوذ القوى الكبرى في الشرق الأوسط.

زيارات نتنياهو لموسكو وانحسار النفوذ الأميركي

بوتين يستقبل نتنياهو للمرة الثالثة خلال العام (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تقضي فيه إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، شهورها الأخيرة في السلطة، قام رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بزيارات متكررة إلى موسكو، حيث استقبل بحفاوة، أكثر من زياراته إلى واشنطن، واضعا نصب عينيه تحول نفوذ القوى الكبرى في الشرق الأوسط.

ولا يتوقع أحد من نتنياهو، الذي استقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الثلاثاء للمرة الثالثة خلال العام الحالي، أن يفك عرى تحالف إسرائيل الأساسي مع الولايات المتحدة، لكنه يدرك حجم نفوذ بوتين في الحرب الأهلية السورية وغيرها من الأزمات بالشرق الأوسط في وقت ينحسر فيه التأثير الأمريكي بالمنطقة.

وقال سفير إسرائيل السابق لدى موسكو، زئيفي ماجين، والذي يعمل حاليا بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن "نتنياهو لا يبدل ولاءه... لكن ما نراه هنا هو محاولة للمناورة بشكل مستقل لدعم مصالح إسرائيل".

ومع قتال القوات الروسية إلى جانب مقاتلين من إيران ومن حزب الله اللبناني ومقاتلين مرتزقة من مختلف دول العالم كالشيشان وأفغانستان وغيرها، في محاولة لإبقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في السلطة، فإن بوتين هو أقرب ضامن لعدم تعرض إسرائيل لهجوم من الشمال مِن مَن يعتبرهم نتنياهو أعداء إسرائيل الثلاثة الأقوى.

وهو أيضا أول من يستمع إلى ادعاء نتنياهو بأن فقد الأسد للسيطرة المركزية يبرر ضم إسرائيل فعليا لمرتفعات الجولان في 1981 وهي خطوة لم تلق اعترافا دوليا، واحتلت إسرائيل الجولان عام 1967.

ويمكن لنتنياهو أيضا أن يعرض على بوتين في المقابل ضبطا للنفس من جانب إسرائيل في سورية، حيث تحتفظ روسيا بقاعدة استراتيجية في البحر المتوسط، وفرصة للقيام بدور أكبر في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين لإعادة المفاوضات، التي طالما هيمنت عليها الولايات المتحدة.

ومع تلميح إدارة أوباما وفرنسا إلى أنهما قد تؤيدان قرارا في المستقبل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مناهضا للمستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن نتنياهو مهتم أيضا باستطلاع وجهات نظر روسيا التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في المجلس، وتشير قائمة ضيوف موسكو إلى أن الوساطة قد تكون جارية.

وعندما زار نتنياهو روسيا آخر مرة وكانت في نيسان/ أبريل جاء ذلك بعد ثلاثة أيام من زيارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويوم الأربعاء عندما يغادر نتنياهو من المقرر أن يستضيف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف نظيره الفلسطيني رياض المالكي.

نيران صديقة

وهون ياكوف أميدرور، أحد المستشارين الأمنيين السابقين لنتنياهو، من شأن مدى العلاقات الروسية الإسرائيلية، وقال إن تلك العلاقات تركز على منع وقوع تبادل عرضي لإطلاق النار بين الجانبين فوق سورية وإنها مدعومة بالصلات الوثيقة لنتنياهو مع بوتين، وبالتالي يجتمعان كل بضعة أشهر.

وقال أميدرور إنه على النقيض من ذلك فبينما يختلف نتنياهو مع أوباما بشأن إيران والفلسطينيين ويختلفان أيضا بشأن مذكرة تفاهم تتعلق بالمساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل في المستقبل، فإن الشراكة بين البلدين تمضي بسلاسة بفضل شبكة من القنوات العسكرية والدبلوماسية والبرلمانية.

وتابع أميدرور، الذي يعمل حاليا مع مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، ومع مؤسسة جينسا البحثية الأمريكية، يقول إن "في سورية ... من الممكن أن يحدث صباح يوم غد صدام لا نريده نحن ولا الروس" مشيرا إلى مخاطر النيران الصديقة.

وأضاف "هذا ليس مثل مذكرة التفاهم التي يمكننا أن نمضي شهورا في مناقشتها مع الأمريكيين ونكون على يقين بأنه سيتم التوصل إلى حل".

وتلتزم روسيا الصمت بشأن أي مبادرات سياسية أوسع ربما تكون في جعبتها بالنسبة لإسرائيل، وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن البلدين "يعبران عن مواقفهما بشكل بناء للغاية وكل هذا يساهم في دعم تلك الاتصالات المتكررة والمكثفة".

وأضاف "لكن بالطبع... لا يمكن القول بأي حال إن كثافة تلك الاتصالات تعكس أي نوع من الخصومة مع أي أحد" في إشارة إلى واشنطن حيث استضاف أوباما نتنياهو آخر مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر. وألغيت زيارة كانت متوقعة في آذار/ مارس في ضوء صعوبة المحادثات حول مذكرة التفاهم.

ويختلف هذا عن الهدايا الثمينة التي يمكن أن يضمن نتنياهو الحصول عليها في روسيا، فهو سيغادر هذه المرة ومعه هدايا رسمية من المرجح أن تدعم الرأي العام الإسرائيلي: دبابة إسرائيلية أسرتها القوات السورية خلال معركة السلطان يعقوب في لبنان في عام 1982، واستعادتها روسيا بموافقة رئيس النظام السوري، فضلا عن اتفاق موسكو على سداد معاشات التقاعد لعشرات الآلاف من المهاجرين الروس إلى إسرائيل.

التعليقات