إسرائيل أجرت تجربة نووية مع نظام الأبرتهايد عام 79

يتضح بشكل رسمي اليوم أنه يوجد لدى الاستخبارات الأميركية أدلة تشير إلى أن الحديث عن تجربة نووية مشتركة بين إسرائيل وبين نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا في حينه

إسرائيل أجرت تجربة نووية مع نظام الأبرتهايد عام 79

بينت وثائق سرية وشهادات مجددا أن إسرائيل ونظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا أجريا تجربة نووية في فجر الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر عام 1979 في جنوب المحيط الأطلسي، وهو ما تؤكده الاستخبارات الأميركية استنادا إلى الإشعاعات المزدوجة التي التقطها قمر تجسس أميركي، وأثار حالة من الذعر في أروقة البيت الأبيض، وتم إبلاغ الرئيس الأميركي في حينه، جيمي كارتر، بداعي أن هناك من يجري تجربة نووية سرية.

ويتضح أن الولايات المتحدة تراجعت في حينه عن الاعتقاد باحتمال إجراء تجربة نووية من قبل الاتحاد السوفييتي أو إسرائيل أو جنوب أفريقيا، وقالت إن الحديث عن خلل في القمر الاصطناعي.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، اليوم الخميس، يتضح بشكل رسمي أنه يوجد لدى الاستخبارات الأميركية أدلة تشير إلى أن الحديث عن تجربة نووية مشتركة بين إسرائيل وبين نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، في حينه.

وتبين أن مجموعة من الوثائق السرية والشهادات، التي كشف النقاب عنها في موقع  'المتحف للأمن القومي' في جامعة جورج تاون وموقع 'يديعوت أحرونوت' أن الاستخبارات الأميركية تعتقد أنه حصل تعاون بين إسرائيل ونظام الأبرتهايد في التجربة النووية، وأن التقديرات تشير إلى أن الحديث عن تجربة أولى للتأكد من أن ما تعتبره إسرائيل 'بوليصة أمن' ستكون فعاليتها مضمونة.

ويتضح من التقرير أن الكشف الجديد يتضمن معلومات مفاجئة عن مصدر التسريب بشأن التجربة النووية، فالوثائق والشهادات تشمل اسمي مسؤولين إسرائيليين اثنين قاما بالتسريب. وتنشر الوثائق إلى جانب  تحليلات موسعة كتبها البروفيسور أفنير كوهين من معهد 'ميدلبري للدراسات الدولية' في مونتيري في كاليفورنيا، والباحث د. ويليام بئير.

وفور وقوع الانفجار في جنوب المحيط الأطلسي، سارعت الولايات المتحدة إلى توجيه إصبع الاتهام لإسرائيل وجنوب أفريقيا، حيث أن ثلاثة علماء قامت وكالة المخابرات المركزية بتجنيدهم قالوا إن الإشارات التي وردت من القمر الاصطناعي تلائم انفجارا نوويا. كما أن هذه النتائج كانت تعتمد على معلومات استخبارية متراكمة، بضمنها قياس إشارات في منطقة أستراليا، حيث اكتشفت مواد مشعة مميزة للانفجار النووي في دماء بقرة نفقت. ورغم أن هذه الإشارات ظلت سرية حتى اليوم، إلا أن البروفيسور كوهين يقتبس عن رئيس الاستخبارات المركزية في حينه، ستانسفيلد تيرنر، قوله إنه كان على ثقة بأن إسرائيل وجنوب أفريقيا مسؤولتان عن الانفجار.

ويتضح أيضا أن الرئيس الأميركي، كارتر، كان على قناعة بذلك أيضا، حيث كتب في يومياته في يوم الانفجار أن 'هناك أدلة على انفجار نووي في منطقة جنوب أفريقيا، أو أن جنوب أفريقيا وإسرائيل استخدمتا السفن أو لا شيء'. وكان كارتر، قبل الانفجار بعدة سنوات، يشتبه بتعاون إسرائيل مع جنوب أفريقيا، وطلب توضيحات من رئيس الحكومة مناحيم بيغين، إلا أن الأخير تهرب من الإجابة، وادعى أن إسرائيل لا تساعد جنوب أفريقيا على تطوير أسلحة نووية. ومع ذلك لم يجب بيغين على السؤال بشأن التعاون النووي مع نظام الأبرتهايد الذي بات معزولا من قبل دول العالم في تلك السنوات.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1979 أصدر البيت الأبيض تعليمات بتشكيل لجنة خبراء للتحقيق في القضية. ولدى نشر النتائج التي توصلت إليها قررت اللجنة بشكل مفاجئ أنه 'ليس الحديث عن تجربة نووية، وإنما على ما يبدو حصل خلل في القمر الاصطناعي'.

ولفتت الصحيفة في هذا السياق إلى أن الإعلان عن إسرائيل كمن أجرت تجربة نووية، بعد ستة شهور فقط من التوقيع على اتفاقية 'كامب ديفيد' كان سيلزم الولايات المتحدة في حينه بفرض عقوبات اقتصادية عليها.

وبناء عليه، فقد توصلت اللجنة إلى النتائج التي كانت مريحة للجميع. وفي المقابل، فقد اعتبر تقرير سري لاستخبارات وزارة الدفاع الأميركية أن الحديث عن تجربة نووية. وأقر عالم فيزيائي كبير كان ضمن أعضاء اللجنة، لاحقا، في وثيقة سرية أن عمل اللجنة لم يكن جديا.

ويشير التقرير إلى أن رئيس اللجنة، البروفيسور جاك روينا، سمع من أحد طلابه الإسرائيليين في جامعة 'MIT' في العام 1980 عن التفاصيل الحقيقية لما حصل في المحيط الأطلسي. وبحسب الوثائق فإن المصدر الإسرائيلي كان د. انسلم يارون، وهو أحد المسؤولين في مشروع 'يريحو' وأحد كبار الخبراء في مجال الصناعات الجوية.

في المقابل، ادعى رئيس اللجنة للطاقة الذرية، في حينه، عوزي عيلام، أنه كان على معرفة بـ د. يارون، وأن الأخير لم يكن لها علاقة بالذرة. وادعى أن الحديث عن خلل في القمر الاصطناعي، وليس تجربة نووية.

ويضيف التقرير أيضا أنه بعد فترة قصيرة، كتب مراسل شبكة 'سي بي أس' في إسرائيل، دان رفيف، بعد أن سافر إلى خارج البلاد لتجنب الرقابة العسكرية، أن إسرائيل وجنوب أفريقيا تقفان خلف التجربة النووية.

واتضح لاحقا، بحسب الوثائق الجديدة، أن مصدر رفيف هو عضو  الكنيست سابقا من حزب العمل إلياهو شبايزر، والذي كان مقربا من شمعون بيرس.

وكتبت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' أنه إلى حين فتح أرشيف اللجنة للطاقة الذرية في إسرائيل فإن هذه المعلومات الجديدة ستبقى 'شهادة أجنبية أخرى' على حيازة إسرائيل لأسلحة نووية، وأنها تعاونت مع نظام الأبرتهايد من أجل الحصول على السلاح النووي.

وختم التقرير بالقول إنه لو سعت إسرائيل في حينه إلى إجراء تجربة نووية فإنها ستكون بحاجة إلى موقع جغرافي مناسب، وجنوب أفريقيا كانت الشريك الأنسب، حيث أنها معزولة بسبب نظام الأبرتهايد العنصري وبحاجة إلى مساعدة عسكرية وتكنولوجيا حديثة لم تتردد إسرائيل بتزويدها بها.

التعليقات