نتنياهو وترامب: السيادة الإسرائيلية على المستوطنات والدولة الناقصة

نتنياهو لن يفوت فرصة قدوم إدارة يمينية إلى سدة الحكم في واشنطن، إدارة متساهلة وقد تكون مؤيدة للاستيطان وقادرة، ربما، على قلب طاولة قرارات ومسارات المجتمع الدولي المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي

نتنياهو وترامب: السيادة الإسرائيلية على المستوطنات والدولة الناقصة

مستوطنة إفرات (رويترز)

اعتبر مراقبون تصريح نتنياهو المتعلق بإبقاء جميع المستوطنات القائمة في الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية، بمثابة انسحاب واضح من حل الدولتين. التصريح الذي جاء، الأحد، خلال اجتماع الطاقم الوزاري المصغر لشؤون الأمن الذي ناقش اقتراحات فرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنة "معاليه أدوميم" الواقعة في محيط القدس، والذي أعلن نتنياهو خلاله عن رفع القيود عن دفع خطط بناء استيطانية أمام لجان التخطيط المحلية والقطرية في شرقي القدس وهو إعلان مهد الطريق أمام بلدية الاحتلال للمصادقة على بناء 580 وحدة استيطانية جديدة في المدينة المحتلة.

إعلان نتنياهو، الذي أعرب فيه عن عزمه الدفع بخطط بناء جديدة أيضا في سائر الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، هو ما أقنع وزراء البيت اليهودي بالموافقة على تأجيل تقديم اقتراح قانون فرض السيادة الإسرائيلية على "معاليه أدوميم"، نزولا عند رغبة الأخير بعدم مفاجأة إدارة ترامب بخطوات أحادية الجانب خلال الأيام الأولى من تسلمها لمهامها السياسية، وتأجيل هذه الخطوات إلى ما بعد زيارة نتنياهو لواشنطن ولقاء ترامب، وهي زيارة يتوقع أن تجري في الأسبوع الأول من شباط/فبراير القادم.

وكان نتنياهو قد تلقى دعوة رسمية بهذا الخصوص من الرئيس ترامب خلال محادثة هاتفية جرت بينهما، الأحد، أكد خلالها الرئيس الأميركي الجديد التزام بلاده بالمفاوضات المباشرة كطريق وحيد للتوصل إلى سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وجاء في إعلان البيت الأبيض الذي أعقب المحادثة، أن الرئيس ترامب أبلغ نتنياهو مدى الأهمية التي توليها بلاده للعلاقات الأمنية والعسكرية والاستخبارية مع إسرائيل، والتي تعكس الشراكة العميقة والملزمة للدولتين، كما أعرب عن التزامه غير المسبوق بأمن إسرائيل..

يشار أن البيت الأبيض قد استبق محادثة ترامب نتنياهو بالإعلان عن التزام إدارة ترامب بنقل السفارة الأميركية للقدس، مشيرة إلى أن الموضوع ما زال في مراحله الأولى.

وفيما تسعى حكومة اليمين التي يقودها نتنياهو، إلى الاستفادة من عهد ترامب لتمرير مخططاتها السياسية الهادفة إلى تصفية كامل الحقوق الفلسطينية والانقلاب على قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، يتنافس أطرافها على تحقيق السبق الحزبي وتجيير المغنم لمصالحه الانتخابية، بينما يحاول نتنياهو فرملة الاندفاع وإدارة الأمور أمام إدارة ترامب بحنكة وهدوء لجني الحد الأقصى من المكاسب السياسية لإسرائيل أولا دون إغفال الأرباح الشخصية والحزبية.

وفي هذا السياق، يعرف الجميع أن "التزام" نتنياهو بحل الدولتين محدود الضمان، وهو لا يتجاوز إعلان تصريحي عبر عنه في خطاب "بار إيلان" الشهير عام 2009، وعاد ولحسه عشية انتخابات 2015 عندما قال إنه في حال انتخابه لن تقوم دولة فلسطينية، ثم عاود تأكيده بعد أيام من انتخابه وهكذا دواليك، هو إعلان نفذ نتنياهو تحت غطائه جميع عمليات الاستيطان، من بناء وشرعنة السطو على الأرض الفلسطينية، مرورا بتوفير الغطاء لجرائم المستوطنين وجرائم جيش الاحتلال في الضفة الغربية.

نتنياهو، وهو الدبلوماسي السابق، أدرك مدى حاجته لمثل هذا الغطاء للتحرك تحته، ودائما تحين الفرصة للإفلات من قيوده، وهو لن يفوت فرصة قدوم إدارة يمينية إلى سدة الحكم في واشنطن، إدارة متساهلة وقد تكون مؤيدة للاستيطان وقادرة، ربما، على قلب طاولة قرارات ومسارات المجتمع الدولي المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولذلك بدأ يجهر بتصريحات تعبر عن نواياه الحقيقية، مثل فرض السيادة الإسرائيلية على جميع المستوطنات في الضفة الغربية، وتصريحه حول منح الفلسطينيين دولة ناقصة، فنتنياهو الذي لم يعط فرصة لبينيت للمزاودة عليه، بالتأكيد لن يعط هذه الفرصة لترامب.  

التعليقات