ترامب والاستيطان: إشارة تحذير أم ضوء أخضر؟

هناك من ينظر إلى أن اعتبار الاستيطان ليس عقبة أمام السلام يعني أنه ضوء أخضر لمواصلة الاستيطان في حين ينظر إلى اعتبار أن التوسع الاستيطاني لا يخدم هذا الهدف على أنه إشارة تحذير لنتنياهو قبل لقائه بترامب

ترامب والاستيطان: إشارة تحذير أم ضوء أخضر؟

(أ ف ب)

في أعقاب البيان الذي أصدره البيت الأبيض، بشأن الاستيطان، والذي لا يعتبر المستوطنات عقبة أمام التوصل إلى اتفاق سلام، في حين بناء المستوطنات وتوسيع القائمة قد لا يكون مفيدا لتحقيق هذا الهدف، تباينت النظرة الإسرائيلية من الموقف من النقيض إلى النقيض، فكان هناك من رأى في البيان على أنه إشارة تحذير للحكومة الإسرائيلية، بينما توخى آخرون الحذر أو التزم جانب الصمت، وصولا إلى اعتبار الموقف على أنه ضوء أخضر لمواصلة الاستيطان.

وتبين أن اعتبار المستوطنات ليست عقبة أمام السلام كان مدعاة لاعتبار البيان على أنه بمثابة ضوء أخضر لمواصلة البناء الاستيطاني بحيث لا يتعارض مع السعي المفترض للتوصل لاتفاق سلام.

وفي المقابل، فإن اعتبار التوسع الاستيطاني وبناء مستوطنات على أنه لا يخدم الوصول إلى الهدف، في التوقيت الذي صدر فيها، بعد أسبوعين من دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وقبل اجتماعه بنتنياهو، أتاح المجال لمحللين إسرائيليين لاعتباره على أنه بمثابة إشارة تحذير لرئيس الحكومة الإسرائيلية قبيل اجتماعه بترامب.

وكتب المحلل السياسي في صحيفة 'هآرتس'، باراك رفيد، أن الحكومة الإسرائيلية تقع تحت طائلة التحذير من قبل الإدارة الأميركية، وذلك في أعقاب سيل البيانات الإسرائيلية التي تحدثت عن بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة، والتي جعلت البيت الأبيض يتردد بداية في التعقيب عليها.

وبحسبه فإن البيان الذي صدر عن البيت الأبيض، الليلة الفائتة، والذي اعتبره أول وأهم رد لإدارة الرئيس ترامب بهذا الشأن، ورغم أنه تمت صياغته بأكف من حرير ودبلوماسية، إلا أن السطر الأخير واضح جدا، بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة، وهو أن الحكومة الإسرائيلية تحت التحذير أيضا.

ويضيف أن ترامب في الواقع عاد إلى سياسة الرئيس الأسبق جورج بوش الأبن بشأن المستوطنات، بمعنى أن الهدف النهائي بالنسبة له هو اتفاق سلام إسرائيلي – فلسطيني على أساس حل الدولتين. كما أن الحدود التي وضعها ترامب مماثلة لتلك التي وضعها بوش، وهي معارضة إقامة مستوطنات جديدة وجاهزية للبناء في المستوطنات القائمة فقط ضمن حدود المساحة المبنية، أي البناء داخل الكتل الاستيطانية فقط.

ويأتي توضيح موقف ترامب هذا، بحسب المحلل السياسي، قبل أن تجري الإدارة الأميركية الجديدة أية محادثات مع الفلسطينيين أو مع زعماء دول عربية، باستثناء المحادثة القصيرة مع الملك الأردني عبد الله الثاني يوم أمس.

ويضيف أنه من الواضح أنه بعد أسبوعين من دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وقبل لقائه بـ12 يوما برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، فإن قضية المستوطنات تعود لتلعب الدور المركزي في الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة. ومن هذه النقطة فمن الممكن أن يتصاعد الخلاف بهذا الشأن.

وتابع رفيد أن القرار الأول ببناءء 2500 وحدة سكنية كان بالتنسيق مع البيت الأبيض. أما القرار الثاني ببناء 3 آلاف وحدة سكنية، قبل ثلاثة أيام، فلم يكن منسقا، كما أن إعلان نتنياهو عن نيته إقامة المستوطنة الأولى منذ 20 عاما في عمق الضفة الغربية، لم يجعل البيت الأبيض قادرا على احتوائه، فأوضح أنه إذا كان يستطيع غض النظر عن 'البناء المراقب' فإنه لا يستطيع السكوت على تهور الحكومة الإسرائيلية في البناء الاستيطاني.

وينهي المحلل بالقول إن بيان البيت الأبيض كان إشارة تحذير لنتنياهو، وإن آخر ما يحتاجه الأخير هو أن يغلق ترامب الهاتف في وجهه، أو يكتب تغريدة على تويتر مفادها أنه يتوقع شيئا مقابل الدعم المالي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل.

يذكر في هذا السياق أن عدم مسارعة الإسرائيليين إلى الرد على بيان البيت الأبيض كان أكثر ما يدل على توخي جانب الحذر في الرد، والأمر نفسه دفع مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، داني دانون، اليوم الجمعة، إلى القول، وبحذر، إنه من السابق لأوانه الحديث عن تأثير التصريح الأخير للبيت الأبيض على البناء في المستوطنات مستقبلا.

وفي حديثه مع إذاعة 'صوت إسرائيل'، قال دانون إنه لا يعتبر تصريحات البيت الأبيض كانعطاف للإدارة الأميركية، مضيفا أنه ستتم مناقشة ذلك عندما يجتمع نتنياهو مع ترامب في واشنطن.

وتابع دانون أن إسرائيل هي التي تحدد سياساتها، باعتبار أنها 'دولة سيادية'. وأنه لن يكون هناك توافق تام في كل قضية وكل شيء مع الإدارة الأميركية في السنوات الأربع القريبة، ولكن الاتصالات قائمة ويتم تبادل الرسائل. وبحسبه 'سوف نرى عهدا أفضل بكثير من السنوات الثماني الماضية'.

من جهتها، اعتبرت نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوتوفيلي، اليوم الجمعة، بيان البيت الأبيض على أنه ضوء أخضر لمواصلة الاستيطان، باعتبار أن البيت الأبيض يعتقد أيضا أن المستوطنات ليست عقبة امام السلام، وأنها لم تكن كذلك. ولذلك، بحسبها، فإن النتيجة هي أن التوسع الاستيطاني ليس المشكلة.

وأضافت أن الحكومة الإسرائيلية الحالية قد انتخبت لإحقاق حق الإسرائيليين في البناء في كافة أنحاء البلاد، و'نحن متلزمون باحترام الشعب الذي انتخبنا لمواصلة البناء'.

وتابعت أنه 'خلال 25 عاما الأخيرة سدت كل المحاولات للتوصل إلى أي حل من قبل الفلسطينيين، ولذلك، فمن المهم فتح الأسئلة الأساسية مجددا بشأن جوهر الصراع، وعرض حلول جديدة للوضع، وبضمن ذلك دراسة إمكانية الحل الإقليمي الذي يخرجنا من الارتباط بالفلسطينيين غير القادرين على التوصل إلى تسوية'.

يذكر في هذا السياق أن البيت الأبيض قد أوضح لاحقا، أنه ينوي التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط خلال ولاية ترامب، ولكن الإدارة الأميركية الجديدة 'لا تتخذ أي موقف رسمي بشأن النشاط الاستيطاني'، ويتوقع أن تتواصل المباحثات بهذه المسألة في اللقاء المرتقب مع نتنياهو.

التعليقات