أولويات نتنياهو لدى ترامب: تغيير الاتفاق النووي والبناء الاستيطاني

نتنياهو معني بالتوصل إلى تفاهم مع الإدارة الأميركية الجديدة يقوم على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران أو إجراء تغييرات فيه على الأقل وفي الوقت نفسه التوصل إلى تفاهمات مماثلة لتلك التي حصل عليها شارون وأولمرت بشأن البناء في الكتل الاستيطانية

أولويات نتنياهو لدى ترامب: تغيير الاتفاق النووي والبناء الاستيطاني

يتضح من حديث رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، والتي عقدت الأربعاء الماضي، أنه سيبذل جهوده مع الإدارة الأميركية لإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، أو إحداث تغيير فيه، في أقل تقدير، وفي الوقت نفسه التوصل إلى تفاهمات مع الإدارة الأميركية بشأن البناء في الكتل الاستيطانية المقامة على أراضي الضفة الغربية، وكذلك الاستفادة من الأجواء الجديدة في العلاقات مع البيت الأبيض.

وفي حين يؤكد نتنياهو على التغيير الكبير في العلاقات مع البيت الأبيض، خلافا لما كانت عليه في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، فإن وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، عاد من واشنطن بانطباع مماثل مؤكدا على التوافق مع الإدارة الأميركية في القضايا الإستراتيجية.

في جلسة الحكومة، الأحد الماضي، وبعد المصادقة على تمديد ولاية رون ديرمر لسنة خامسة في منصب سفير إسرائيل في واشنطن، امتدح نتنياهو عمل ديرمر، وذلك في سياق الحديث عن التغيير الحاد الذي أحدثه دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد أن كان ديرمر 'شخصية غير مرغوب بها' في عهد أوباما.

وبحسب مصدر في مكتب رئيس الحكومة، فإن نتنياهو قال إنه سمع من ترامب مديحا لديرمر، وأن جهات دولية توجهت إليه مؤخرا بالسؤال عما إذا كان سفير إسرائيل في واشنطن يمكنه تقديم المساعدة لهم إزاء البيت الأبيض.

وفي جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، الأربعاء الماضي، قال نتنياهو، بحسب عضو كنيست شارك في الجلسة، إن دولا كثيرة تتوجه لإسرائيل بطلب المساعدة للدفع بشؤونها لدى الإدارة الأميركية الجديدة.

ونقلت صحيفة 'هآرتس'، اليوم الجمعة، عن المصدر نفسه قوله 'إنهم يعرفون أن الحكومة الإسرائيلية مقربة لإدارة ترامب'، كما أن نتنياهو نفسه لا يتوقف عن الحديث عن علاقته مع ترامب منذ سنوات طويلة، وعن التغيير الحاد في الأجواء بين البيت الأبيض وبين مكتب رئيس الحكومة في القدس.

وكان من المتوقع أن يتوجه نتنياهو إلى واشنطن مرة أخرى في نهاية الشهر الجاري، للمشاركة في مؤتمر 'إيباك'، واستغلال الزيارة لإجراء لقاء ثان مع الرئيس الأميركي خلال أكثر من شهر بقليل. بيد أنه حصل تغيير مؤخرا، وأشار مسؤولون في مكتب رئيس الحكومة إلى أن نتنياهو يميل إلى التنازل عن السفر.

وفي جلسة لجنة الخارجية والأمن، الأربعاء، قال نتنياهو إنه قد يحصل تغيير حاد في برنامجه، وبدلا من السفر إلى واشنطن، فمن الممكن أن يقوم الرئيس الأميركي بزيارة لإسرائيل في المستقبل القريب.

ويتضح، بحسب المحلل السياسي للصحيفة، براك رافيد، أن رضى نتنياهو من الإدارة الأميركية في الأساس يتصل بالتغيير في سياسة البيت الأبيض تجاه إيران. وقال في الجلسة ذاتها، الأربعاء، إن ترامب ينشغل لساعات طويلة في المسألة الإيرانية، سواء بالاتفاق النووي أم بنشاط إيران في الشرق الأوسط.

وبحسب نتنياهو فإن ترامب 'يستوعب الخطر، ويدرك أنه يجب النظر إلى إيران كمصدر للمشاكل في الشرق الأوسط، وليس كمصدر للحل'.

ويلفت المحلل السياسي إلى أن نتنياهو، في ولاية أوباما الأولى، لم ينفذ تهديداته ومخططاته بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وفي الولاية الثانية لأوباما شن نتنياهو حربا سياسية ضده لعرقلة الاتفاق، ولكن فشل فشلا ذريعا. ويأمل نتنياهو في ولاية ترامب الأولى أن يحصل تصويب. ورغم أن ترامب تراجع عن تصريحاته، في الحملة الانتخابية، التي قال فيها إنه ينوي تمزيق الاتفاق النووي في حال انتخابه، ورغم أن وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ركس تيلرسون، يدعمان الإبقاء على الاتفاق قائما، إلا أن نتنياهو يعتقد أنه في نهاية المطاف سوف تتخذ الإدارة الأميركية خطوة ما بهذا الشأن. وكان قد صرح في جلسة لجنة الخارجية والأمن أنه يهدف إلى إقناع الإدارة الأميركية بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، أو إجراء تغيير فيه على الأقل.

ويشير الكاتب إلى أن ليبرمان، الذي زار الولايات المتحدة هذا الأسبوع، والتقى كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، عاد إلى البلاد بإحساس أن تغييرا جديا حصل في العلاقات. ونقل عن مسؤول إسرائيلي مطلع على تفاصيل لقاءات ليبرمان في واشنطن قوله 'في القضايا ذات الصلة بإسرائيل والشرق الأوسط، فإن كبار المسؤولين في إدارة ترامب لديهم نفس رؤية إسرائيل حيال غالبية القضايا. وفي حين أنه في عهد أوباما كانت توافقات تكتيكية في بعض القضايا مقابل خلافات إستراتيجية في قضايا مثل الاتفاق النووي مع إيران، والحرب في سورية، والتعامل مع الإخوان المسلمين ونظام السيسي في مصر، ففي عهد ترامب فإن هناك تفاهمات ورؤية مشتركة في القضايا الإستراتيجية، مقابل خلافات معينة في قضايا تكتيكية، مثل البناء في المستوطنات'.

وقال المصدر نفسه إن ليبرمان عاد بانطباع أن الإدارة الأميركية جدية في نواياها بشأن محاولة الدفع بما يسمى 'عملية السلام'، وأنه بالرغم من تصريحات ترامب بشأن إمكانية 'الدولة الواحدة'، إلا أن هدف الإدارة الحالية لا يزال مماثلا لإدارة أوباما، وهو 'حل الدولتين' و'إقامة دولة فلسطينية'، ولكن بفارق الأسلبوب.

وتابع المصدر نفسه إن 'إدارة ترامب تريد التوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل بشأن مسألة البناء في المستوطنات، في حين لا تريد أن تفرض علينا أي شيء في الرؤية العامة والوجهة في الشأن الفلسطيني. ومن الواضح لهم أنه يجب أولا بناء الثقة مجددا، وتحسين الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية'.

ويشير في هذا السياق إلى أن من سيتابع مسألة العلاقات مع إسرائيل هو صهر ترامب، جاريد كوشنر، والسفير الأميركي الجديد ديفيد فريدمان، والمبعوث الخاص جيسون غرينبلت الذي يتوقع أن يزور إسرائيل الأسبوع القادم.

ويضيف أن غرينبلت يعكف الآن على دراسة 'المشروع الاستيطاني'، وبضمن ذلك 'الكتل الاستيطانية والمستوطنات المعزولة والبؤر الاستيطانية غير القانونية، والبناء في القدس وإجراءات البناء و التخطيط في الضفة الغربية'.

ونقل عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إنه في كل المحادثات مع الإدارة الأميركية الجديدة لم تذكر كلمة 'تجميد' (الاستيطان) أبدا، وإنما يستخدم الأميركيون 'لجم'.

ورغم أن نتنياهو يعتقد أن العلاقات مع ترامب تنطوي على فرص كبيرة في الشأن الإيراني، إلا أنه معني بالتوصل إلى تفاهمات بشأن البناء في المستوطنات. وقد أشار إلى ذلك في جلسة لجنة الخارجية والأمن، وإلى أنه معني بالتوصل إلى تفاهمات مماثلة لتلك التي توصل إليها أرئيل شارون وإيهود أولمرت، مع جورج بوش، بشأن البناء داخل الكتل الاستيطانية.

وبحسب المحلل السياسي، رافيد، فإن رغبة نتنياهو بتجنب التصادم مع الإدارة الأميركية هي السبب في محاولته التهرب من التعهد لمستوطني 'عمونا' بإقامة مستوطنة جديدة لهم، وهي السبب في عدم طرح قانون ضم 'معاليه أدوميم' للتصويت عليه حاليا، وهي السبب في تجميد المصادقات على البناء في المستوطنات، والتي أصدرتها الحكومة قبل شهرين، بيد أنه سيواجه مشكلة مع ائتلافه الحكومي، في المقابل، وخاصة مع نفتالي بينيت وأييليت شاكيد.

التعليقات