المخزن البيومتري يضع أبرياء في دائرة الإدانة

بصمة على حقيبة مفخخة في مدريد قادت لاعتقال محام أميركي متزوج من مصرية ومعتنق للإسلام وتبين لاحقا أن البصمة تعود لمهاجر جزائري كما تبين لاحقا أن هناك أكثر من 20 بصمة تبدو ملائمة لتلك البصمة التي عثر عليها في أعقاب تفجيرات مدريد عام 2004

المخزن البيومتري يضع أبرياء في دائرة الإدانة

في الأول من الشهر المقبل حزيران/ يوينو، سيبدأ العمل بموجب النظام البيومتري، في إصدار بطاقات هوية شخصية وجوازات سفر بيومترية.

ومن المقرر أن تطلب مكاتب تسجيل السكان التابعة لوزارة الداخلية من كل من يتوجه لإصدار بطاقة شخصية أو جواز سفر التقاط صورة وجه بجودة عالية للاحتفاظ بها في المخزن البيومتري.

كما ستقترح مكاتب التسجيل السكاني على المتوجهين تخزين بصمتي السبابتين في المخزن البيومتري مقابل الحصول على بطاقة سارية المفعول لـ10 سنوات، وفي حال رفض تكون سارية المفعول لمدة 5 سنوات فقط.

وقد أثار هذا الموضوع جملة من الانتقادات، وصلت إلى تقديم التماس للمحكمة العليا بداعي أنه لا يلبي هدفا ضروريا يناسب قيما ديمقراطية، ويمس بخصوصية الأفراد ويعرض أمنهم الشخصي للخطر.

علاوة على ذلك، فإن الهدف من إقامة المخزن البيومتري هو منع إنسان من انتحال شخصية أخرى، وحيازة عدة بطاقات شخصية بأسماء مختلفة، ويتضح أن المخزن البيومتري لا يساعد في منع تزييف بطاقات شخصية.

وتبين أيضا أنه حصلت حوادث تسريب معلومات من مخازن معلومات حساسة في البلاد والعالم، الأمر الذي يشير إلى الخطر الكبير في تسرب معلومات من هذه المخازن.

ويشير مطلعون إلى أن الخطر الأمني من إقامة مخزن بيومتري، وخطر التسرب، وخطر استخدامه للإساءة من قبل منظمة إرهابية أو موظفين فاسدين، كل هذه الأخطار قائمة مقابل مشكلة نظرية واحدة يمكن حلها بعدة حلول فعالة تمس بالخصوصية بدرجة أقل.

وفي هذا الإطار تكفي الإشارة إلى أمثلة ناصعة، أوردتها صحيفة 'هآرتس' على لسان طالب في الجامعة العبرية مختص بدراسة الدماغ، بما يستوجب أن يؤخذ بالحسبان، لكونه يثير القلق العميق بشأن ما هو متوقع مستقبلا في عصر المخزن البيومتري.

المثال الأول يتصل بنشر علمي في مجال علوم الدماغ، من العام 2009، حيث وجهت انتقادات لعشرات الدراسات تتصل بالعلاقة بين الصفات الشخصية والنشاط الدماغي. وتحدثت تلك الدراسات عن مناطق معنية في الدماغ يتيح طابع النشاط العصبي فيها توقع صفات شخصية، بدقة عالية، كتلك المذوتة أو بتأثيرات خارجية.

وادعى الناقدون أن مستوى الدقة العالي الذي تشير إليه الدراسات تصل إلى حد غير الممكن من الناحية النظرية، بحيث تتجاوز موثوقية المقاييس الشخصية التي حاول الباحثون التنبؤ بها.

ولدى فحص عشرات آلاف الملاءمات المحتملة، تبين أن العلاقة الأفضل تشكل معيارا مبالغا به ومشوها للملاءمة الحقيقية، وذلك نابع من أن القياسات ليست دقيقة مطلقا، ويتم انتقاء أقصى ملاءمة، كما يتم انتقاء أخطاء القياس التي تدعم أكثر من غيرها الملاءمة التي يجري البحث عنها.

أما المثال الثاني وهو الأكثر وضوحا فهو يعود إلى تفجيرات مدريد عام 2004، والتي قتل فيها 192 شخصا. وفي حينه قادت البصمة التي عثر عليها على حقيبة مفخخة في موقع الانفجار، من قبل الإنتربول والـ'FBI' إلى محام أميركي يدعى برندون مايفليد، والتي كانت ضمن مخزن بيومتري من أيام خدمته العسكرية. وتبين أن المحامي متزوج من مصرية، واعتنق الإسلام، كما مثّل مواطنا أميركيا حاول الانضمام إلى حركة 'طالبان' في أفغانستان.

وبعد أسبوعين، وبعد أن اعتقل المحامي عثرت سلطات الأمن الإسبانية على ملاءمة أفضل للبصمة التي عثر عليها، تربط بين الحقيبة المفخخة وبين مهاجر من الجزائر. واعتذر الـ'FBI' رسميا، ولكن مايفليد قدم دعوى ضد الدولة.

وتبين في حينه أن بصمة الإصبع كانت ملائمة لـ20 بصمة أخرى عثر عليها الـ'FBI' في المخزن البيومتري، ولكن خلفية المحامي جعلته المشتبه به الأول. ما يعني أن المحققون أخطأوا عندما اعتمدوا بشكل غير حذر على ملاءمة بدت لهم معقولة من بين عشرات آلاف الملاءمات المحتملة.

ولفت الكاتب إلى مثال آخر لشقيقين من كفر سابا، كانت بصمة أحدهما ملائمة لبصمة إصبع على كيس 'بمبا'، الأمر الذي تسبب لهما باعتقالات وتحقيقات لعدة سنوات بشبهة القتل، وتبددت الشكوك بعد أن كشفت زوجة القاتل سر زوجها.

وتشير هذه الأمثلة إلى أن أبرياء يتحولون إلى مشتبه بهم بسبب وجود بصماتهم في المخزن البيومتري الذي تبحث فيه الشرطة ليلا ونهارا. ويصبح بالتالي من شبه المستحيل منع إدانة هؤلاء الأبرياء.

يجدر تذكر هذه الأمثلة عندما يطلب من المواطن أن يختار بين إدخال بصمته إلى المخزن البيومتري، وبين خفض مدة جواز السفر أو البطاقة الشخصية من 10 سنوات إلى 5 سنوات.

التعليقات