واضع خارطة تقسيم فلسطين منحاز للصهيونية ومتعاطف مع اليهود

رغم أن النظر للخريطة التي أعدها موهان يكفي لاكتشاف انحيازه "غير المهني" لليهود، إذ منح الأقلية اليهودية الصغيرة جدا في فلسطين نحو 62% من مجمل مساحة فلسطين التاريخية، والتي تتضمن معظم مناطق الساحل بالإضافة إلى المساحات الشاسعة لصحراء النقب.

واضع خارطة تقسيم فلسطين منحاز للصهيونية ومتعاطف مع اليهود

خلال جلسة للجنة "يونسكوب" أكتوبر 1947 (أرشيفية)

كشفت مذكرات الديبلوماسي السويدي، باول موهان، واضع الخارطة التي شكلت أساس قرار تقسيم فلسطين، الذي صدر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، تعاطفه الواضح مع الصهيونية وانحيازه لليهود، وازدرائه للبدو العرب في منطقة النقب.

باول موهان

وخلال دراسة أعدها د. إلعاد بن درور، من قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، تناولتها صحيفة "هآرتس"، اليوم، تم العثور لأول مرة على مذكرات موهان، ممثل السويد في لجنة "يونسكوب"، التي شكلتها الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة لدراسة المسألة الفلسطينية وطرح مقترحات لحل مشكلة فلسطين، ومهدت الخريطة التي أعدها لإقامة إسرائيل. 

ورغم أن النظر للخريطة التي أعدها موهان يكفي لاكتشاف انحيازه غير المهني لليهود، إذ منح الأقلية اليهودية الصغيرة جدا نحو 62% من مجمل مساحة فلسطين التاريخية، والتي تتضمن معظم مناطق الساحل بالإضافة إلى المساحات الشاسعة لصحراء النقب، التي قطنتها العشائر العربية البدوية، أكدت المذكرات حرص موهان على حماية المصالح الصهيونية خلال عمل اللجنة.

وكشفت الدراسة أن الديبلوماسي السويدي، ولد لقس بروتستانتي تعاطف مع اليهود في أعقاب "قضية درايفوس" التي أثارت ضجة في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر، فتشكل وعي موهان على "التاريخ المأساوي للشعب اليهودي" حسبما ذكر في مذكراته.

في المقابل، لم تظهر مذكرات موهان الكثير من التعاطف مع التطلعات القومية العربية، والتي انكشف عليها خلال عمله الديبلوماسي في الشرق الأوسط، خلال الحرب العالمية الثانية.

كما كشفت المذكرات أن موهان اعتاد على تسمية أرض فلسطين بـ"الأرض المقدسة"، وأنه عكف، في وقت فراغه، على مراجعة قوائم الحائزين على جائزة نوبل من اليهود، وخاض في العديد من الأبحاث التي عالجت ما يسمى "العقل اليهودي"، وأعرب عن إعجابه أيضا بزيارته لمخيمات الحزب الديمقراطي في أوروبا، حيث التقى بناجين من "المحرقة، الذين ترقبوا بشدة قرار إقامة دولة يهودية" على حد زعمه.

وكتب موهان في مذكراته، أنه في نهاية آب/ أغسطس عام 1947، قبل أسابيع من الموعد المحدد للجنة "اليونسكوب" لتقدم توصياتها بشأن مستقبل أرض فلسطين، "علمت أنه ينبغي إرفاق ترسيم حدود وخرائط"، وهكذا وفي اللحظات الأخيرة، توجه موهان لمهمة تخطيط خارطة تقسيم فلسطين.

وبتحيز شديد للصهيونية، كما توضح مذكراته، أضاف موهان أنه "لقد كنت هناك لإنقاذ الوضع"، ووصف كيف سهر وحده حتى ساعات متأخرة لإتمام الخريطة ونقلها من مسودة إلى أخرى ليتوصل إلى نسخة أكثر قابلية للقراءة.

وفي هذا السياق يقول بن درور، استنادًا إلى أقوال مسؤولين في تلك الفترة، منهم مبعوث الوكالة اليهودية للأمم المتحدة، دافيد هوروفيتس، إنه "لقد قرر موهان وحده مصير القرى والبلدات"، وأضاف أن موهان "أكثر من أي رجل آخر "رسم حدود الدولة اليهودية المستقبلية".

ظهر موقف موهان المؤيد للصهيونية جليًا على خريطة تقسيم فلسطين التي وضعها. وهكذا، سعى، من بين أمور أخرى، إلى تحويل النقب بأسره إلى أرض يهودية، بعد أن عبّر، في مذكراته، عن إعجابه بالاستيطان اليهودي الذي أظهر "نجاحا استثنائيا".

في حين قال موهن في مذكراته بوضوح وصراحة إن البدو العرب "حتى إن عاشوا هناك (في منطقة النقب) نحو الألف سنة، لن يتركوا خلفهم أي أثر".

وبعد نكبة فلسطين عام 1948، استمر موهان في لعب دور دبلوماسي مهم في المنطقة، وشارك في محادثات رودوس عام 1949 بين دولة إسرائيل المقامة حديثًا، وبين كل من مصر، لبنان، الأردن وسورية.

وقسم قرار 181 فلسطين إلى 3 كيانات جديدة، دولة عربية تقوم على نحو 42% من مساحة فلسطين وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود حتى رفح جنوبًا، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.

بالإضافة إلى دولة يهودية تقع على 58% من مساحة فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا حتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبرية وأصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشرش أو ما يعرف بإيلات حاليًا، على أن تقع مدينة القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.

التعليقات